بينت المؤتمرات الاخيرة للأحزاب الناشطة في الجزائر حقيقة لا يمكن تغطيتها في الساحة السياسية و هي أن بعض التشكيلات تلعب على وتر رؤساءها من وزراء سابقين و شخصيات وازنة لضمان الإستمرار و التموقع في الرهانات الإنتخابية، بدليل غياب او تغييب منافسين حقيقيين لهم على الزعامة، ما جعل مؤتمراتهم محسومة سلفا لصالح تجديد الثقة في العراب الواحد و حتى في أعضاء المكاتب و مجالس الشورى ، ما يطرح علامات استفهام حول مدى تطبيق مفهوم التداول على السلطة في الاحزاب الجزائرية. البداية كانت مع المؤتمر الخامس للتحالف الوطني الجمهوري لزعيمه الوزير السابق بلقاسم ساحلي أين زكى المؤتمرون قبل حوالي شهر من الزمن نفس القيادة السابقة لعهدة جديدة فيما جرى التكتم حول ما إذا كان له منافسون على القيادة. نفس الواقع تجلى في المؤتمر الإستثنائي لحركة الإصلاح الوطني أين تم تجديد الثقة في الرئيس فيلالي غويني و الذي يشغل ايضا منصب نائب في البرلمان لصالح التكتل الاخضر،كما زكى المؤتمرون قبل يومين في فندق الهيلتون وزير التجارة السابق عمارة بن يونس لعهدة ثانية على راس الحركة الشعبية و هو الذي مكن الامبيا من تبوء الرتبة الثالثة في الإنتخابات السابقة بعد الحزبين التقليديين الأفلان و الارندي . من جانب آخر يتوقع مراقبون أن يزكي حزب الحرية و العدالة زعيمه وزير الإتصال السابق محمد السعيد خلال مؤتمر مرتقب بداية السنة المقبلة ، و نفس الشيئ ينطبق على قطب العدالة و التنمية للشيخ عبد الله جاب الله . و في نظرة على بقية التشكيلات السياسية الناشطة في الجزائر لا نجد اثرا للتداول على السلطة خلال السنوات الماضية ماعدا في جبهة التحرير الوطني و التي تداول على رآستها كل من عبد العزيز بلخادم، عمار سعداني و اخيرا جمال ولد عباس ، بينما قاد دفة التجمع الوطني الديمقراطي عبد القادر بن صالح و أحمد أويحيى، و بالنسبة للمعارضة تبقى تجربة حركة النهضة في التداول على السلطة مشهودة ، في وقت يأتمر فيه منتسبو حزب العمال بتوجيهات الزعيمة لويزة حنون منذ ما يقارب ربع قرن . من جهة أخرى عرفت عديد التشكيلات السياسية في صورة تاج لعمار غول مؤخرا موجة من الإنسحابات بفعل ما وصفه المنسحبون ب دكتاتورية القيادة و التضييق الممارس على الإطارات الشابة و المثقفين ، و هو ما يعري واقع التسيير الاحادي الذي تحول إلى سنة يتبعها بعض الامناء الذين ينادي بعضهم في الخطابات السياسية بضرورة التغيير و التشبيب و تقدير الكفاءات . و يعتبر مراقبون أن الإفلاس السياسي لبعض الاحزاب سبب رئيسي في غياب أو ندرة المنافسين للامناء العامين على الزعامة، بينما يرى آخرون أن عديد الرؤساء يطبقون شعار هنا يموت قاسي أين حولوا تشكيلاتهم إلى شركات ذات شخص واحد مع التضييق على الكفاءات و الإطارات الشابة، فهل يستمر هذا المسلسل عقب تشريعيات ربيع 2017 التي يؤكد مختصون انها ستفرز خارطة سياسية جديدة في الجزائر لأنها تعتبر الاولى في ظل الدستور الجديد ؟.