تستعد العائلات الجزائرية، خلال هذه الأيام، لاستقبال عيد الأضحى المبارك حيث تتنوع مظاهر الاستعداد لهذه المناسبة الدينية من منطقة لأخرى تبعا للعادات والتقاليد، إلا أنها تشترك في التحضيرات المنزلية التي تتمثل أساسا في تنظيف البيت وتجديد ديكوره، بالإضافة إلى اقتناء مختلف الأدوات التي تستعمل في عملية النحر والسلخ وتقطيع اللحم، الأمر الذي يدفع بالكثيرين للتوجه إلى الأسواق التي تعج بعربات الشحذ وبائعي أكياس الفحم وآلات الشواء. يشكل عيد الأضحى المبارك في الدول الإسلامية عامة والجزائر خاصة مناسبة لإحياء العديد من الطقوس العريقة، بدءا من توفير سعر الأضحية شهور قبل العيد ليتحقق حلم الصغار وسنة إبراهيم الخليل للكبار لتمضي الغالبية في اقتناء مستلزمات عملية النحر وغيرها من الأشياء الضرورية. ولمعرفة استعدادات الجزائريين لهذه المناسبة الدينية السعيدة، استطلعت السياسي آراء بعض المواطنين عن أجواء تحضيراتهم لعيد الأضحى بالعاصمة وضواحيها، حيث اقتربنا من بعض ربات البيوت اللواتي تتأهبن بدورهن للتحضير لهذا اليوم السعيد، ومن بينهن عائشة التي أطلعتنا عن بعض العادات التي تقوم بها في مثل هذه مناسبة بمجرد اقتراب الموعد إذ تحرص مباشرة بعد شراء كبش العيد على حد قولها، على طلاء الحنة على جبين الكبش، كما تقوم بالأعمال المنزلية التي تكثر قبيل كل مناسبة كتنظيف المنزل وتزيينه وتغيير ديكوره، أما عن الحلوى تفضل ذات المتحدثة تحضير نوع واحد من الحلوى تستقبل بها ضيوفها كون هذا العيد عيد كبش وليس للحلويات. حركة غير مسبوقة بالأسواق تعرف الأسواق والمحلات التجارية حركة غير مسبوقة، إذ شرعت هذه الأخيرة في عرض مختلف السلع الخاصة بالمناسبة، والتي يحتاجها المواطنين أثناء العيد، والمتمثلة في الأواني والتي تشهد إقبالا منقطع النظير من طرف المواطنين، إذ تتنافس ربات البيوت على اقتناء أجود أنواع الأواني ومعدات الطهي، وذلك لغرض استعمالها أثناء عمليات الذبح وتنظيف الأضحية والطبخ وما إلى غير ذلك من الأمور المتعلقة بالعيد المبارك، وهو ما لاحظناه أثناء جولة استطلاعية قادتنا إلى بعض الأسواق والتي تشهد حركية غير مسبوقة من ناحية الإقبال والعرض، أين يتوافد المئات يوميا من المواطنين لغرض الاقتناء والحصول على المستلزمات الخاصة بالعيد المبارك، وهو ما أطلعتنا عليه فاطمة والتي التقيناها في سوق باب الواد بالعاصمة والتي كانت بصدد اقتناء لوازم الذبح، حيث أطلعتنا أنها تقوم بالأمر تحسبا للعيد المبارك. وقد عرفت بعض اللوازم انتعاشا كبيرا من ناحية المبيعات على غرار الخضر والتي فضل أغلب المواطنين اقتنائها في وقت مبكر خوفا من الندرة مستقبلا والتي طالما لازمت الأعياد والمناسبات، حيث دفع الأمر بالكثيرين إلى ذلك لتفادي الاصطدام بغلق المحلات او ارتفاع الأسعار، وهو ما أطلعتنا عليه راضية لتقول في هذا الصدد أنها قامت باقتناء واختيار الخضار الخاصة بالعيد، لتضيف بأنها قامت بالأمر خوفا من ارتفاع أسعارها مستقبلا او ندرتها بسبب غلق اغلب المحلات، ولم يقتصر الأمر على الخضر فقط، ليمتد إلى المشروبات ولوازم تحضير الحلويات واللذان يعرفان إقبالا أيضا، إذ تفضل أغلب ربات البيوت تحضير كمية من الحلويات لتمضية العيد، وبما ان العيد مناسبة مفرحة فالكثيرات من النساء لا تفوتن تحضير أنواع مختلفة من الحلويات لتقديمها للضيوف، كذلك الحال بالنسبة للمشروبات بمختلف أنواعها والتي تشهد الإقبال، حيث أنه وبعد تناول وجبات دسمة خلال العيد والتي تكون أغلبها محضرة باللحوم يرغب الأغلبية في تناول المشروبات، إذ يتفق الكثير على الامر، ما جعل اقتناء هذه الأخيرة موسعا خلال الفترة الأخيرة بمناسبة العيد المبارك. محلات بيع التوابل تنتعش وغير بعيد عن الأسواق والمحلات التجارية، تعرف محلات بيع التوابل بمختلف أنواعها وأنماطها إقبالا كبيرا من طرف ربات البيوت واللواتي تتفنن في اختيار التوابل بعناية تامة، وذلك باعتبارهن من يشرفن على المطبخ وتحضير الأطباق والقيام بشؤون المطبخ ، فالاختيار للتوابل يكون من دائما من نصيبهن، وهو ما يدفع بهن لتولي الأمر حيث توجهت أغلب النساء إلى الأسواق خلال هذه الأيام التي تسبق العيد المبارك لاختيار أجود أنواع التوابل وأحسنها، والتي تستعملها في الطهي وتحضير الأطباق اللذيذة والتي تكون عادة ذات نكهات مميزة ورائحة قوية ليكون الطبق أطيب وألذ، وهو الأمر الذي أطلعتنا عليه نصيرة لتقول في هذا الصدد أنها قامت باختيار أجود أنواع التوابل تحسبا لعيد الأضحى المبارك. وقد عرضت الأسواق وأغلب المحلات التجارية أنواعا وألوانا مختلفة من التوابل عبر واجهات محلاتها، والتي تظهر بمظاهر مغرية تشد الانتباه وتجلب الأشخاص لروائحها المنتشرة والتي تعبق في الأجواء، ما يجعل الزبائن يتوقفون ويلتفون حولها ويتفقدونها ومن ثم يشترونها، وهو ما أطلعتنا عليه زهية لتقول في هذا الصدد أن روائح التوابل شدت انتباهها ودفعتها لاقتناء البعض منها لعيد الأضحى المبارك. وقد عرض أغلب أصحاب المحلات أنواعا من التوابل وعمد إلى اختيار الأجود منها للعيد، وهو ما أطلعنا عليه أمين بائع توابل ليطلعنا في هذا الصدد انه عمد للتنويع في التوابل والنكهات الخاصة بطهي اللحوم، ليضيف بأنه اختار أجود الأنواع لعرضها بمناسبة العيد المبارك. مهنة شحذ السكاكين تغزو الأحياء وعلى غرار هذا، يتجه العديد من المواطنين في مثل هذه الفترة الوجيزة التي تفصلنا عن عيد الأضحى إلى إعادة سن السكاكين والسواطير حتى تصير حادة وتسهل عملية النحر، وهذا ما لاحظناه من خلال انتشار هذه الآلات التي من شأنها أن تقوم بهذه العملية، حيث يجتمع عدد من المواطنين في شكل طوابير ينتظرون من خلالها دورهم لسن مستلزمات النحر حتى تسترجع حدتها وبالتالي يكون ذبح الماشية ذبحا شرعيا يتفادى فيه تعذيب الأضحية، حيث يشار في هذا الصدد إلى أن تكون السكاكين المستعملة في الذبح والسلخ جيدة وحادة تسهل عملية النحر. ولرصد الأجواء التي تعيشها العائلات الجزائرية التي تستعد لاستقبال عيد الأضحى بتحضير المستلزمات من فحم وسكاكين ومستلزمات من توابل وغيرها من الأمور، استطعنا جمع بعض الآراء لمن كان ينتظر دوره في تلك السلسلة الكبيرة، ومن بين من تحدثنا إليهم السيدة جميلة التي أجابتنا أن هذه المستلزمات لا يتجدد شراؤها سنويا لذلك فهي تعكف على استعمالها في عيد الأضحى وبعض المناسبات التي تستدعي نحر الأضحية كالأعراس وبعض الولائم، لتعود وتخبئها على أن يعاد استعمالها في عيد الأضحى من السنة المقبلة إن شاء الله لتخرجها قبيل العيد لإعادة شحذها ثانية، حتى تتفادى الاكتظاظ والطوابير وكذا ارتفاع ثمن شحذ السكاكين وكل مستلزمات الذبح. وهذه التحضيرات لا تقتصر على مستلزمات النحر فقط، بل حتى على قارورات غاز البوتان التي تحرص العائلات على اقتنائها خاصة في الأيام القليلة قبل العيد بالنسبة للعائلات التي لا يتوفر لديها الغاز الطبيعي، ولأن مع اقتراب كل مناسبة تعرف الأسواق تحولا كبيرا في الأسعار التي ترهق كاهل المواطن البسيط ليغتنم الفرصة كل صاحب حرفة للربح السريع على حساب هذا المسكين الذي لا حول ولا قوة له إلا الانصياع لطلبات الكل. وبذلك مهما اختلفت التحضيرات فإن أجواء العيد واحدة في الجزائر شمالا وجنوبا شرقا وغربا، يجمعها قاسم مشترك واحد تترجمه الفرحة والابتهاج بين كل أفراد المجتمع حتى وإن اختلفت تلك الأخيرة في الطقوس وبعض العادات. حملات تنظيف المساجد تلقى الإقبال وتحضيرا للمناسبة، تقوم اغلب المساجد بحملات تنظيف واسعة كما جرت العادة وذلك تحسبا لعيد الأضحى المبارك، ولاستقبال جموع المصلين في أجواء مريحة ونظيفة، وهو الامر الذي تحرص عليه المساجد والتي لا تفوت عيدا دون قيامها بتنظيف المساجد وتهيئتها للصلاة. وقد تطوعت بعض الجمعيات الخيرية والأفواج الكشفية الناشطة في تنظيم حملات تنظيف للمساجد استعدادا للمناسبة وتحضيرا لعيد الأضحى المبارك، إذ تطوعت هذه الأخيرة في شكل مجموعات لأجل تنظيف بيوت الرحمان واستقبال المصلين في صبيحة العيد في أحسن الظروف، وهو ما اعتاد عليه المصلون أين تعودوا على المساجد النظيفة صبيحة العيد، إذ تختلف مظاهر تنظيف المساجد بدءا من غسل الزرابي والأسوار وتنظيف الأسقف، إلى مسح الغبار وتنظيف الأرضيات وتطهيرها بالمنظفات، ما يجعل المساجد تبدو في أبهى حلة وذات روائح زكية تبعث بالراحة في النفوس.