تواصلت وتيرة انهيار أسعار الدينار الجزائري في المعاملات الرسمية والموازية، لتصل إلى أرقام غير مسبوقة مقابل العملات الأجنبية الرئيسية. ويأتي هذا الانخفاض في وقت أعلنت فيه الحكومة ضخ بنك الجزائر 2185 مليار دينار من العملة في إطار التمويل غير التقليدي أو ما يعرف بطباعة النقود وهو قرار رآه الكثير من الخبراء خطيرا، لأنه يهدد بإغراق العملة الجزائرية أكثر فأكثر، ويفاقم من التضخم ويهدد القدرة الشرائية. وحدد بنك الجزائر، خلال الفترة الممتدة ما بين 4 الى 10 مارس سعر الدولار ب112.59 دينار عند الشراء و119.47 دج لدى البيع. فيما حددت قيمة العملة الأوروبية الموحدة الأورو ب138 دج عند الشراء و146.66 عند البيع، وهو ما يكشف على تواصل تدحرج قيمة العملة الوطنية نحو مستويات متدنية. من جانب آخر، يعاني الدينار الجزائري من تواصل تراجع قيمته مقابل أهم العملات العالمية، في السوق الموازية التي تسيطر على سوق الصرف في بلادنا، حيث تتراجع قيمة العملة الوطنية لتصل إلى 208 دينار مقابل كل واحد أورو. ويأتي هذا الانخفاض الجديد في قيمة العملة الوطنية، بالموازاة مع طبع الحكومة لأزيد من 2100 مليار دينار من العملة، حتى 30 نوفمبر 2017، في إطار التمويل غير التقليدي أو ما يعرف بطباعة النقود، وفقا لما تضمنته الوضعية المالية لبنك الجزائر التي نشرت مؤخرا في الجريدة الرسمية. وسبق لخبراء اقتصاديين ان توقعوا سيناريو مماثل بعد إعلان الحكومة اللجوء إلى المطابع من أجل طبع مزيد من الأوراق المالية، في إجراء تحاول من خلاله تدارك الأزمة التي تعصف بالبلاد، وتفادي خيار اللجوء إلى الاستدانة الخارجية. ويرى عديد المختصين في الشأن الاقتصادي أن لجوء الحكومة إلى آلية طبع المال لامتصاص حدة الازمة الاقتصادية، ستضرب جيوب الجزائريين وتزيد من تدهور قيمة العملة الوطنية، بحيث توقع الخبير الاقتصادي، عبد الرحمان عية، في حوار سابق مع السياسي حدوث زيادات كبيرة في اسعار المواد الاستهلاكية والخدمات وتراجع قيمة الدينار بفعل لجوء الحكومة إلى التمويل غير التقليدي مع استحالة الزيادة في اجور الموظفين في ظل الوضع المالي الصعب الذي تعيشه بلادنا. بدوره، اعتبر الخبير الاقتصادي، فرحات آيت علي، أن الانعكاسات ستكون وخيمة على الاقتصاد، لأن طبع مزيد من الأموال هو عبارة عن صك من دون رصيد، فالمادة 38 من قانون القرض والنقد تضع شروطا لطبع المزيد من النقود، وهي أن يكون هناك مخزون من الذهب أو احتياط من العملة الصعبة، أو سندات خزينة على المديين المتوسط والبعيد، وهذا غير موجود حاليا، وسياسة طبع النقود لتغطية العجز إذا استمرت خلال سنتين فقط، ستؤدي بالجزائر إلى السيناريو الفنزويلي، أي انهيار قيمة العملة الجزائرية أمام العملات الصعبة، وزيادة حجم التضخم، الأمر الذي يؤثر في القدرة الشرائية بشكل كبير. لكن وزير المالية نفى وجود أي علاقة بين قرار الحكومة اللجوء إلى التمويل غير التقليدي، والزيادة الأخيرة المسجلة في أسعار الخضر والفواكه وبعض المواد الاستهلاكية، وقال في تصريحات إعلامية حديثة أن الزيادات الأخيرة في الأسعار سببها المضاربون والمعاملات التجارية غير النزيهة.