كشف، خبراء اقتصاديون أن التعديلات التي اتخذتها الحكومات المتعاقبة عدلت 6 قوانين بخصوص قوانين الاستثمار ولم تساهم هذه الأخيرة في دفع عجلة التنمية بشكل يخرج البلاد من الأزمة الاقتصادية. وبخصوص قرار الحكومة الخاص بتعديل قانون النقد والقرض، دعوا إلى فتح نقاش وطني بشأن القرارات التي تنوي الحكومة اتخاذها بمراجعة هذا القانون والتوجه صوب التمويلات غير التقليدية. وأشار مبتول في حديثه ل"البلاد" إلى أن مشروع تعديل قانون النقد والقرض المقترح أمس غيب الخبراء الاقتصاديين لمناقشة هذه القرارات التي تمس بالأمن القومي والاقتصاد الوطني محذرا من قرارات عشوائية. وقال مبتول إن هذه الإجراءات هي بمثابة تجميل لعمليات طبع النقود المحفوفة بالمخاطر على غرار زيادة كبيرة لنسبة التضخم بسبب تراجع القدرة الشرائية للدينار. وأضاف "إن الحكومة ستؤثر بقرارتها على البنك المركزي الذي من المفروض أن يسير نفسه وسيفتح هذا الإجراء المجال إلى طبع النقود من غير أن يقابله أي إنتاج وهو ما يعتبر تضخيما للكتلة النقدية في الاقتصاد الوطني ويعد معادلة تؤدي حتما إلى الزيادة في نسبة التضخم"، موضحا "تواصل انهيار قيمة الدينار التي شهدت تدهورا منذ منتصف سنة 2014 حين كانت تعادل 79 دينارا مقابل دولار واحد ثم تقهقرت في ثلاث سنوات لتصبح العملة الأمريكية حاليا تعادل 111 دينارا". وكما هو معروف تتمثل أسمى مهام بنك الجزائر مثله مثل باقي البنوك المركزية في التحكم في نسبة التضخم والعمل على استقرار قيمة العملة الوطنية، ومن خلال تعديل قانون النقد والقرض سيتم دفع هذه الهيئة المالية إلى الإخلال بإحدى أهم وظائفها. وتحدث مبتول عن هذه الإجراءات التي تدخل الحكومة في السياسة النقدية لبنك الجزائر التي تقع دستوريا تحت سلطة رئيس الجمهورية، وما يتعلق بضخ مزيد من الأموال عبر التمويل غير التقليدي (عن طريق طباعة النقود فيما يتعلق بالدينار) والتي لن تذهب إلى القطاعات التي تخلق قيمة مضافة. وقال مبتول إن هذه السياسة ستؤدي إلى الإفلاس ضاربا مثالا بفنزويلا. وأشار مبتول إلى أن مجلس الوزراء المنعقد في 14 جويلية الماضي لجأ الى خيار التمويل غير التقليدي، وهو تطبيق لنظرية كينز ينطبق على اقتصاد سوق تنافسي ومنظم عن طريق الضخ النقدي، لمواجهة عامل الخمول في الإنتاج، في حين تعاني الجزائر من الجمود الهيكلي مع هشاشة النسيج الإنتاجي والاعتماد على سعر البترول الذي يعاني التذبذب وعدم الاستقرار، وبالتالي قد يؤدي طبع مزيد من النقود لبروز مشاكل تضخمية. وحسب الخبير الاقتصادي عبد الرحمان مبتول، فإن هذا الأسلوب الجديد من التمويل، يستند إلى النظرية الكينزية الجديدة التي تتوقع زيادة الطلب مع مرور الوقت (الاستثمار والاستهلاك)، ولكن في ضعف الإنتاج فإنه يسرع عملية التضخم. ويري مبتول أن التدابير غير التقليدية هي تدابير مؤقتة للسياسة النقدية تهدف إلى إعادة تفعيل قنوات نقل السياسة النقدية، وفي نهاية المطاف دعم الائتمان المصرفي والسيولة في السوق النقدية. ويحذر عبد الرحمان مبتول، من تطبيق النموذج "الكينزي" في الجزائر لكونه صعب التنفيذ، بالنظر إلى عدة عوامل، حيث إن 98 بالمائة من الإيرادات تأتي بشكل مباشر أو غير مباشر من قطاع المحروقات، كما أن حوالي 83 بالمائة من النسيج الإنتاجي يتكون من صغار التجار أو الخدمات. بالمقابل فإن القطاع الإنتاجي يبقي هامشيا، ويمثل أقل من 5 بالمائة من الناتج الداخلي الخام، خاصة أن 95 بالمائة من النسيج الصناعي عبارة عن شركات صغيرة غير مبتكرة، وهو ما يصعب من مهمة خفض الواردات لتلبية الحاجيات الاستهلاكية للمواطنين وتشغيل الأداة الإنتاجية، طالما أن 70 بالمائة من المؤسسات العامة والخاصة، تستعمل المدخلات المستوردة مع نسبة اندماج أقل من 15 بالمائة. وقال مبتول إن الحكومة ينبغي لها أن تنظر إلى الآفاق المستقبلية وأنه ليس عيبا تصحيح الغلطات السابقة للوصول الى نتائج مرضية تخرج البلاد من الأزمة الاقتصادية، مشيرا إلى أنه إذا لم يتم تعزيز القطاع الإنتاجي بين 2017/2020، بالاعتماد على الحد من التمويل الداخلي بوسائلنا الخاصة، فإن ذلك سيؤدي بالضرورة إلى استنزاف احتياطيات النقد الأجنبي، بالنظر إلى ارتفاع سعر الصرف الرسمي الذي انتقل إلى أكثر من 130 دينارا مقابل اليورو وأكثر من 190 دينارا في السوق الموازية، مع احتمال ارتفاع سعر الصرف إلى حدود 200 دينار لليورو.