يواصل داء البوحمرون زحفه المخيف عبر عدة مناطق من الوطن، لتتسع دائرة الانتشار إلى تسع ولايات في ظرف قياسي من بينها العاصمة، وذلك بعد أن انتشر في كل من ورڤلة والوادي التي وصلت على مستواها عدد الإصابات إلى 2000 حالة، ورغم أن هذا الداء معروف منذ زمن، إلا انه تحول اليوم إلى وباء يفتك بالمواطنين، الوضع الذي يطرح العديد من التساؤلات عن مدى قدرة الجزائر في مواجهة هذا المرض. وحسب المعطيات الأخيرة، فقد امتد وباء البوحمرون إلى كل من الجلفة، تبسة، المدية، إيليزي، البليدة والعاصمة أين تم تسجيل حالة مشتبه فيها على مستوى بلدية الابيار، وقد وصل هذا الداء أيضا إلى ولاية بسكرة التي استقبلت بدورها عدة حالات ببلديتي أولاد جلال ورأس المعاد، بأقصى غرب الولاية، حسب ما أدلى به مدير الصحة على مستوى الولاية، الذي أكد تسجيل حالات مشتبه إصابتها بداء الحصبة، من بينها تسع حالات مؤكدة و80 حالة مشتبه بإصابتها ينتظر التأكد منها بمعهد باستور ، حيث تم الاشتباه في 64 حالة في مستشفى أولاد جلال أغلبها في بلدية رأس الميعاد، أما مستشفى سيدي عقبة، فقد سجل فيه 25 حالة أغلبها من صحراء الميتة، جنوبخنشلة، وتتراوح أعمار الأشخاص المشتبه بإصابتهم من 5 أشهر إلى 55 سنة. وفي ذات السياق، رجح مختصون أن يكون هذا المرض الذي انتشر عبر تسع ولايات ليس داء الحصبة، وإنما فيروس آخر انتقل عبر الحدود الجنوبية للجزائر خاصة أنه من بين المصابين أطفال وكبار تلقوا اللقاح ضد الحصبة والحصبة الألمانية وكانوا عرضة للإصابة، وهو ما طرح عدة تساؤلات حول فعالية اللقاح واحتمال فساده سواء من الجهة المستوردة أو خلل في سلسلة التبريد خاصة أن هذا اللقاح، حسب المختصين، يستعمل لأول مرة خلال السنتين الماضيتين وقد عرف بدوره مقاطعة كبيرة وسط الأولياء تخوفا من مضاعفات قد تصيب أبناءهم، وفي ظل تضارب الآراء، تبقى وزارة الصحة تلتزم الصمت حول حقيقة هذا الفيروس الذي حصد 11 شخصا بولايات الجنوب وإصابة ما يقارب ال2000 شخص يشتبه في إصابتهم وذلك حسب المعطيات الأخيرة للمصالح الطبية. هذه أسباب انتشار البوحمرون وأكد مصطفى خياطي، رئيس مصلحة طب الأطفال ببلفور، في تصريح ل السياسي ، أن الجزائر لا زالت بعيدة عن الوباء، رغم وجود بؤر للمرض عبر مختلف مناطق الوطن، مشيرا إلى أن أسباب انتشار المرض راجع لندرة اللقاح خلال السنتين الماضيتين حيث تم ترك بعض البؤر دون تلقيح وفيروس الحصبة شديد الانتشار وهو ما يبرر انتشاره في الأوساط التي لم تتلق اللقاح، يضيف المتحدث، مضيفا انه للوصول إلى مناعة سكانية، لابد من تلقيح 90 بالمائة من عدد السكان عبر الولايات، مؤكدا تلقي 50 إلى 60 بالمائة فقط للقاح. وأشار خياطي إلى أن الأشخاص الذين أصيبوا بمرض الحصبة الطبيعية لن يظهر لديهم المرض مرة ثانية، أما الشباب ما بين السن 20 و25 سنة الذين لقحوا في سن الأولى والثانية، فاحتمال إصابتهم بالمرض ممكنة، مرجعا الأمر لكون اللقاح يجب أن يدعم بلقاح آخر خلال فترة التمدرس وأيضا بالنسبة للأطفال الذين لم يتلقوا لقاحا ثانيا معرضون بدورهم للمرض في سن 20 و25 سنة. كما أرجع رئيس مصلحة طب الأطفال إمكانية انتشار اللقاح في ولايات الجنوب إلى ضعف اللقاح وعدم احترام سلسلة التبريد وهو ما يفسر إصابة أطفال بالمرض رغم تلقيهم اللقاح، مشددا على ضرورة إطلاق حملة تلقيح للذين لم يتلقوا اللقاح مع ضرورة إخضاعهم للتحليل المخبري للتأكد من فعاليته.