أحدث تفشي داء الحصبة "البوحمرون" في المناطق الجنوبية، وبالأخص الوادي وتسببه في 12 وفاة، حالة من الطوارئ والذعر لدى العائلات في مختلف ولايات الوطن، دفعهم للتقرب من مؤسسات الصحة الجوارية للاستفسار عن اللقاح والطرق الوقائية للحماية من المرض، خصوصا عند المتمدرسين ودور الحضانة، في حين فتحت وزارة الصحة تحقيقا عاجلا لمعرفة سبب انتشار المرض في الجنوب.. أكد رئيس مصلحة طب الأطفال بمستشفى الحراش، البروفيسور مصطفى خياطي، عدم تسجيل المصالح الطبية لأي حالة إصابة ب"البوحمرون" في العاصمة إلى حد الآن، معترفا بأنه فيروس سريع التكاثر ومقاومته تكون باللقاح وعلى عكس الفيروسات الأخرى التي تكفي تلقيح نحو 60 إلى 65 بالمائة من المواطنين لمنع انتشاره، فإن داء الحصبة يستدعي نسبة تلقيح عالية ما بين 80 إلى 90 بالمائة للقضاء عليه نهائيا حتى لا يظهر مرة ثانية. وأرجع البروفيسور في اتصال ب"الشروق"، أسباب عودة المرض بقوة في الولايات الجنوبية للانقطاع عن الحصول على اللقاح خلال العامين الماضيين، وهو ما خلق أزمة ولذا سارعت الوزارة للقيام بحملات مكثفة لتغطية العجز لكنها لم تنجح لغياب الحملات التحسيسية المرافقة له، لذا كانت نسبة الاستجابة ضئيلة جدا، ويعتقد المتحدث أن سلسلة التبريد التي يخضع اللقاح لها وظروف نقله فيها نحو الجنوب والمحددة ب 4 درجات لم يتم احترامها أو أخرج من مكانه فلم يكن ناجعا ولم يعط نتيجة فعالة. وحذر المختص من تفشي المرض في المناطق التي تقل فيها نسبة الملقحين خصوصا الأطفال الذين تقل أعمارهم عن ثلاث سنوات، أو الذين تلقوا التلقيح في سن الطفولة ولم يجددوه عندما وصلوا سن 18 و20 سنة، خصوصا أن منظمة الصحة العالمية كانت قد حددت مدة حياة اللقاح ب10 إلى 12 سنة ولابد من تجديده أو تأكيده بعدها. ونوه خياطي بأهمية الاستمرار في عملية التلقيح مع ضرورة توعية الأولياء بها وتشجيعهم على الاقتراب من مصالح الصحة الجوارية للاستفسار عنه لكونه مستمرا دوما وليس مرتبطا بمدة زمنية محددة. من جهته، اعتبر المختص في الصحة العمومية، الدكتور فتحي بن أشنهو، داء "البوحمرون" إنذارا، فالمرض قديم يحدثه فيروس، وفي كل جسم هناك جهاز مناعي بمثابة الجيش لمقاومة الفيروسات، فانتشار المرض حسبه- دليل على ضعف المناعة لدى المواطنين نتيجة غياب تغذية صحية وسليمة وكذا غياب نظافة المحيط واليدين، لكنه يظل مرضا خطيرا خصوصا إذا بلغ تأثيره خلايا المخ. ويرى بن أشنهو في اتصال ب"الشروق"، أن الأماكن التي انتشر فيها المرض يعيش سكانها في ظروف صعبة ونوعية التغذية سيئة جدا، فضلا عن انعدام النظافة، ضف إلى ذلك انعدام الثقة في التلقيح الذي أصبح شبحا يرعب المواطنين، وشدد المتحدث على وضع الدولة نظاما صحيا وطنيا وهياكل مختصة مثل مصلحة الوباء والطب الوقائي الموجودة منذ عشرات السنين في كل القطر الوطني، لكنها تحولت إلى إدارة فقط تعدّ التقارير والأمر ذاته بالنسبة لمكتب النظافة البلدي، لذا صار من الضروري - برأيه- على هاتين المصلحتين النزول للميدان وأداء مهامهما. ودق بن أشنهو ناقوس الخطر، محذرا من الأمراض والأوبئة التي يمكن تسجيلها خلال فصل الصيف المقبل، حيث يكثر الباعوض "الناموس" والحشرات ونوعية المياه السيئة، ما من شأنه أن يفاقم ويولد أمراضا خطيرة.