ارتفعت حدة الجدل عشية عيد الفطر المبارك بين وزارة الشؤون الدينية وبعض الأئمة المحسوبين على التيار السلفي والذين يسيطرون على العديد من المساجد في مختلف أرجاء الوطن، بسبب سقوط أو إلزامية أداء صلاة العيد في حال تزامنت مع يوم الجمعة، الأمر الذي أدخل الجزائريين في حيرة من أمرهم بسبب ما وصفه نشطاء بتواصل فوضى الإفتاء في الجزائر في ظل تأخر تنصيب دار الافتاء. وأعلنت وزارة الشؤون الدينية والاوقاف أنّها أبلغت أئمة المساجد بإلزامية أداء صلاة الجمعة، إذا تزامن ذلك مع يوم العيد، في خطوة لإغلاق باب الاجتهاد الديني في مسألة فقهية. وجاء ذلك، عقب شكاوى قدمها المجلس الإسلامي الأعلى، وهو أعلى هيئة دينية، من أن ضغوطا شديدة يمارسها سلفيون على الأئمة الموظفين بالقطاع الديني، بهدف إسقاط صلاة الجمعة حال تزامنها مع يوم العيد. وأطلق المجلس الإسلامي الأعلى تحذيرات من محاولات تمرّد بعض المساجد الواقعة تحت مسؤولية سلفيين يدعون إلى إسقاط صلاة الجمعة، في حال تزامنها مع يوم العيد والاكتفاء بصلاة العيد. ودعا الأمين العام للمجلس الإسلامي الأعلى، بومدين بوزيد، الحكومة إلى الانتباه لخطورة الوضع، عبر تحمّل مسؤولياتها في حماية المصلين من هذه الاعتقادات التي تتنافى مع المذهب الذي يتبعه الجزائريون، وهو المذهب المالكي. وانتقد بوزيد تنامي تيارات دينية، وتحوّلها إلى مصدر تشويش على الهيئات الرسمية للدولة الجزائرية في الإفتاء، وفي مقدمتها وزارة الشؤون الدينية، والمجلس الإسلامي الأعلى، وتخرق قاعدة طاعة ولي الأمر، بحسب موقفه. وأصدرت وزارة محمد عيسى تعليمة للأئمة ومسؤولي الشؤون الدينية على مستوى 48 ولاية، تقول فيه: إنّه إذا صادف عيد الفطر المبارك يوم الجمعة، فعلى الأئمة الالتزام بإقامة صلاة الجمعة، باعتبارها فرضًا لا تسقطه سنّة، وهو ما جرى به العمل في بلدنا . بالمقابل، يقول أئمة محسوبون على التيار السلفي بإلزامية الصلاة الواحدة بدل الصلاتين يوم الجمعة والعيد، عملاً بتعاليم المذهب الحنبلي وبعض القناعات الفقهية المتقاطعة معه. ودفع هذا الجدل الديني المتكرر ناشطين في المجال إلى توجيه انتقادات لاذعة للحكومة بسبب تأخر إنشاء دار الإفتاء، رغم تعهدها قبل سنوات باستحداث منصب مفتي الجمهورية . وأردف هؤلاء أن أهمية وجود مفتي الجمهورية، كمؤسسة فقهية تعتمد مرجعية الفقه المالكي أمر في غاية الأهمية، لأن فوضى الفتوى التي يعيشها المجتمع الجزائري، سبب من أسباب بقاء جذور الفتنة قائمة ومتوقدة، وليس مفيدا على الإطلاق إدخال الجزائريين في حيرة دينية. وفي غياب المفتي، يتولّى المجلس الإسلامي الأعلى مهمة الاجتهاد في الأمور التي تخص الأمة، ويوميات مواطنيها، وتطوراتها، وارتباطاتها بالشريعة الإسلامية. وبحسب وزير الشؤون الدينية، محمد عيسى، فإنّ أكاديمية الإفتاء التي يجري التخطيط لإطلاقها، من شأنها أن تُنهي جدل أحقية علاّمة على آخر، أو شيخ على آخر، كونها ستضع حدًا لوصاية رجال دين غير نزهاء نصّبوا أنفسهم عنوانًا للفتوى.