أكد مجاهدون و باحثون أن رسالة الشهداء تقتضي الحفاظ على البلاد واستقرارها ، وأمنها الذي بات مهددا بفعل مخططات خارجية تسعى إلى ضرب استقرارها، هذه الأخيرة لا تقل خطورة بحسبهم عن مخططات فرنسا خلال الحقبة الاستعمارية. و أطلق المتحف المركزي للجيش الأربعاء الماضي برنامجه الخاص بالاحتفالات المخلدة للذكرى ال56 لاسترجاع السيادة الوطنية تحت شعار الاستقلال ثمرة كفاح وتضحيات شعب ، والمتضمن العديد من النشاطات التاريخية والثقافية، وذلك بحضور الأسرة الثورية وجموع من المواطنين يتقدمهم الأطفال. العقيد شوشان: رسالة الشهداء أمانة يجب الحفاظ عليها و قال مدير متحف الجيش العقيد مراد شوشان في يوم دراسي حول يوم الاستقلال،أن، أهمية إحياء ذكرى الإستقلال تكمن في ترسيخ رسالة الشهداء لدى الأجيال الصاعدة، وهي أمانة لابد على الجميع الحفاظ عليها، وأشار العقيد شوشان في كلمته إلى أن مؤسسة الجيش تولي عناية كبيرة لإحياء المناسبة بإشراك جميع فئات المجتمع لترسيخ تاريخنا الناصع بالإنجازات، مبرزا أهمية الاحتفال بعيد الاستقلال و الوقوف على التضحيات الكبيرة للشهداء و مجاهدي ثورة التحرير. العقيد مراد شوشان أشار في كلمته الترحيبية إلى أنّ هذه الاحتفالات يحتضنها صرح تاريخي يحافظ على التراث وذاكرة الجزائر، ليذكّر بالمناسبة ببطولات الأجيال ونضالها، ويتوقف عند الثورة التحريرية التي كسرت ليل الاستعمار وكلّلت بالنصر بعد صفحات ناصعة يخلدها اليوم المتحف المركزي بالجيش لتبقى رمزا من رموز الهوية الجزائرية. بعدها تم عرض فيلم وثائقي قدمت فيه مسيرة الثورة بكل أحداثها، ، وتدخل فيه بعض الأساتذة والمجاهدين منهم جمال يحياوي ومحيي الدين عميمور ونور الدين جودي، مع تقديم نبذة عن تكوين القواعد الحربية لجيش التحرير وكذا هيئة الأركان ابتداء من سنة 1960 وبذلك انتقل جيش التحرير إلى جيش نظامي كلاسيكي. و نظّمت في إطار هذا البرنامج ندوة تاريخية، شارك فيها كلّ من مديني بشير وعيسى الباي ومدان معمر. مقتطفات أكاديمية من تاريخ الثورة بدوره قدم أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر بجامعة البليدة مديني بشير، مداخلة تطرق خلالها إلى مفهوم الاستقلال لدى الوفد المفاوض إبان الثورة التحريرية، وأوضح أن الحرب التي كان يقوم بها المجاهدون هي حرب عصابات لم تتمكن فرنسا من مقاومتها، وذكر الباحث مفهوم الدولة لدى الحكومة الجزائرية المؤقتة التي اختلفت عن كل ثورات العالم في الحرية، حيث تجلى هذا في أنشطة عدة أحزاب على غرار رابطة أحباب الحرية والبيان التي تجلت فيها مقدمات إنشاء الدولة بمفهومها الحالي، ثم ظهور حركة أنصار الحريات الديمقراطية التي وضعت مؤسسات بشكل جلي. و أشار الأستاذ مديني بشير الى ظهور مؤسسات سياسية في الانتخابات وظهور المؤسسات العسكرية، حيث أن هذا التنظيم كان نواة للثورة التحريرية، مشيرا إلى أن الإحتلال لم يكن يعترف بالتفاوض مطلقا في البداية، وأشار إلى الظروف الداخلية والخارجية للجزائر التي سبقت الإستقلال وربط بعضا من المظاهر بوقتها الحالي من تحديات ، داعيا الشباب إلى التحلي بروح اليقظة والحفاظ على رسالة الشهداء. مجاهدون : تضحيات الشهداء تقودنا للافتخار و الانتماء للجزائر و دعا المجاهد محمود عيسى الباي الشباب، إلى رفع التحدي بتحصيل العلم ومحاربة الجهل الذي يعد السبب الأول لتخلف الدول، محذرا من التحديات التي تواجه الجزائر في أمنها واستقرارها التي لا تختلف في جوهرها عن مخططات المستعمر الفرنسي. وذكر المجاهد جزءا من حياة النضال والمعاناة أثناء الإستعمار الفرنسي، قائلا معاناة الشعب لم يكن يتصورها عقل، مضيفا اليوم الجزائر تزخر بمؤسسات قوية لابد من الحفاظ عليها ، داعيا في نفس الوقت إلى دراسة بطولات وسير الأوائل ليكونوا قدوة، مؤكدا أن الجزائر خالدة لا تزول مهما أراد الأعداء. في هذا الصدد تطرق المجاهد مدان معمر، إلى التضحيات الجسام قائلا تقودنا للافتخار و الانتماء للجزائر ، مضيفا أن الاستقلال ليس للعيش فقط ولكن الحياة بشرف وهو ما نسجله اليوم في ظل دولة مستقرة مزدهرة. و أسهب المجاهد المحكوم عليه بالإعدام معمر مدان في الحديث عن هذا التاريخ الحافل، مركزا على الشباب الذين عليهم أن يدركوا هذا التاريخ لأنهم لم يعيشوه كآبائهم وأجدادهم، ليستعرض جانبا من الطفولة التي شهدت أقصى التمييز العنصري بين الجزائريين وأبناء المعمرين الفرنسيس، مما ولّد التحدي والإصرار على النجاح على رفع الذل. وتوجّه في حديثه للأطفال الحاضرين ليسرد عليهم بعضا مما عاشه في مدرسته بمدينة البليدة، وكيف كان مع زملائه يحققون النتائج رغم فقرهم ويتفوّقون على النصارى . و في ختام اليوم الدراسي كرم المتحف المركزي للجيش مجاهدين، وعائلات الشهداء عرفانا لما قدموه لهذا الوطن، في حين تم تنظيم عدة أنشطة ثقافية موجهة للصغار والكبار تذكيرا بيوم الإستقلال، وتستمر نشاطات المتحف إلى غاية الأسبوع القادم إحتفالا بعيد الإستقلال.