كشف وزير العدل حافظ الأختام الطيب لوح، أمس الأحد، بأن عصرنة قطاع العدالة سيسمح بتقليص التوظيف في الوظيفية العمومية، مقابل فتح مناصب عمل في القطاع الاقتصادي، وتشجيع الاستثمار في العصرنة وتكوين الموارد البشرية، رافضا اتهام السلطة التنفيذية بالهيمنة على القضاء، في حين أن لا أحد يتحدث عن سطوة المال وتدخلات أخرى. ولمح الطيب لوح خلال عرضه لمشروع قانون عصرنة العدالة إلى استعداد وزارته لانتهاج سياسة جديدة في التشغيل، بعد عصرنة قطاعه، بما سيمكن من تخفيف الاعتماد على الوظيفة العمومية في التشغيل، وتتناسب هذه النظرة مع سياسة التقشف التي أعلن عنها الوزير الأول عبد المالك سلال، وأظهر لوح انزعاجا من إثارة في كل مرة سيطرة الجهاز التنفيذي على العدالة، قائلا بأن آلاف القضايا تحال يوميا على المحاكمة، دون أن يكون لديه أي علم بها، منتقدا من لا يثيرون أبدا سيطرة سلطة المال وتدخلات أخرى على القطاع الذي يديره، في حين يتحدثون عن سيطرة الجهاز التنفيذي. ودافع لوح في رده على انشغالات أعضاء مجلس الأمة عن مشروع القانون، داعيا إلى ضرورة التفريق بين عصرنة الإدارة وعصرنة العدالة، لأن الأمر في العدالة يتعلق وفق تقديره بالإجراءات المدنية والإدارية والجزائية، التي لا يمكن عصرنتها دون سند قانوني، لأن ذلك سيؤدي إلى المساس بحقوق الأشخاص، قائلا بأن استحداث مركز خاص بالمعلومات حول الأشخاص يتطلب إطارا قانونيا، معترفا بأخطاء وقعت في السابق، غير أن تكريس دولة القانون أضحى يتطلب إصدار قانون خاص بعصرنة العدالة، بغرض السماح بإدراج تقنيات جديدة، معتبرا بأن النص الجديد يتطرق أيضا إلى التوقيع والتصديق الإلكترونيين، معلنا عن إطلاق برنامج موسّع للتكوين يستهدف أولا القضاة ثم موظفي هذا السلك، قصد مرافقة تطبيق القانون الجديد، فضلا عن تنظيم لقاءات مع المعنيين بالأمر، خاصة المحضرين القضائيين والموثقين لتمكينهم من الدخول التدريجي إلى مجال تطبيق التكنولوجيات الحديثة المرتبطة بالإجراءات القضائية. وبدَّد وزير العدل مخاوف بعض أعضاء مجلس الأمة بخصوص احتمال تعرض الوثائق إلى التزوير بعد إدراج التصديق الالكتروني عليها، معلنا عن تخصيص فريق من الجزائريين يقودهم رئيس تكوَّن في الخارج لتولي أمر تأمين المنظومة التقنية الجديدة، داعيا إلى ضرورة تغيير الذهنيات وقبول التغييرات من أجل التماشي مع التقنيات التكنولوجية الحديثة، مضيفا بأن إدراج المحادثات المرئية في قطاع العدالة، سيتم حصرها في الجنح كمرحلة أولى، بغرض تفادي نقل المحبوسين إلى مناطق بعيدة لحضور جلسة المحاكمة، قائلا بأن الجنايات تتطلب إجراءات معقدة، وهي خطيرة جدا، «لذلك تفادينا كمرحلة أولى أن تشملها هذه التقنية»، معترفا بتأخر وزارته في اعتماد التقنيات الحديثة، بهدف تسهيل الحياة اليومية للمواطنين. وأعلن طيب لوح عن التحضير لاستخراج شهادتي الجنسية والسوابق العدلية عن بعد، موضحا بأن التوقيع الإلكتروني سيمكن من منع التزوير إذا وقع في حينه، كما سيتمكّن أفراد الجالية في الأيام القليلة المقبلة من استخراج الوثيقتين عن طريق الأنترنيت، في حين سيعمل القضاء على مراقبة السجلات مباشرة. وأثار من جانبهم أعضاء الغرفة العليا تأخر الحكومة في عصرنة العدالة، ودعوا إلى تكريس الإدارة الإلكترونية باعتبارها أداة أساسية لإصلاح الدولة، وتأسفوا لعدم انسجام كافة الوزارات في مسار الاعتماد على التكنولوجيات الحديثة، وأعطوا على سبيل المثال وزارة البريد التي ينبغي أن تكون مرجعا في ذلك، مؤكدين بأن العصرنة تعني أيضا تأهيل العنصر البشري، ودعا بعضهم إلى ضرورة أن يلتزم كافة الأطراف المعنيين بتحصين المعلومات الخاصة بالأشخاص، وهو الانشغال الذي ردّ عليه الوزير في إطار الرد على انشغالات أعضاء مجلس الأمة.