شدد السيد طيب لوح، وزير العدل حافظ الأختام، على ضرورة عصرنة قطاع العدالة الذي يعد شرطا أساسيا لتجسيد دولة القانون والاستجابة لانشغالات المواطن، بالقضاء على البيروقراطية والتخفيف من الإجراءات الإدارية التي ظلت تشكل عبئا كبيرا على المواطن وتكلفه عناء التنقل لاستخراج الوثائق القضائية، أو حضور جلسات المحاكمة. مؤكدا أن مشروع القانون المتعلق بعصرنة العدالة سيضع حدا لهذه المعاناة كونه يعتمد على التكنولوجيات الحديثة والأنترنت في التصديق على هذه الوثائق، ويمنح إمكانية محاكمة المتهمين عندما يتعلق الأمر بالجنح. وأضاف السيد لوح، لدى عرضه مشروع قانون عصرنة العدالة ورده على تدخلات أعضاء مجلس الأمة أمس، أن المشروع يتضمن عصرنة الإجراءات القضائية لمواصلة التدابير المتخذة في مجال إصلاح العدالة. معترفا بأن الجزائر تأخرت في إدخال التكنولوجيات الحديثة للإعلام والاتصال في مجال القضاء مقارنة بالعديد من الدول بما فيها الدول العربية. حيث تساءل الوزير عن الجدوى من فوائد الأنترنت ومن هذه التكنولوجيات إذا لم تنعكس ايجابا على الحياة اليومية للمواطن لتسهيل الإجراءات وتحسين الخدمات. وفي هذا السياق ذكر المتحدث بأن مشروع القانون الذي عرضه للمناقشة ثم المصادقة يهدف إلى تكييف قطاع العدالة مع عصر التكنولوجيات وتيسير لجوء المواطن والمتقاضي لمرفق القضاء، فقد نصت المادة 2 منه على إحداث نظام معلوماتي مركزي لوزارة العدل خاص بنشاط الوزارة والمؤسسات التابعة لها، وكذا الجهات القضائية التابعة للنظامين القضائيين العادي والإداري ومحكمة التنازع. كما نصّت أحكام المادة 4 و8 منه على التصديق الإلكتروني وحددت الشروط القانونية والتقنية التي تضمن موثوقية التوقيع الإلكتروني، وصحة المحررات المتصلة به. حيث يمكن للمواطن الحصول على الوثائق القضائية من شهادة السوابق العدلية وغيرها عبر الأنترنت. وسعيا لتخفيف عبء انتقال المواطن للحصول على الوثائق والمحررات القضائية والمستندات تضمنت أحكام المادتين 9 و10 من القانون إمكانية تبليغ وإرسال الوثائق والمحررات القضائية بالطريق الإلكتروني، كما حددت الشروط اللازمة لتأمين صحة وموثوقية إرسال العقود والوثائق بالطريق الإلكتروني. وينص مشروع القانون أيضا على استخدام تقنية المحادثة المرئية عن بعد في الإجراءات القضائية، وهي وسيلة جديدة تدخل المنظومة القضائية الجزائرية تسمح باستجواب وسماع الأطراف عن بعد عندما يتعلق الأمر بالجنح البسيطة وليس الجنايات الخطيرة التي يحكم فيها بالمؤبد والإعدام، ويتم اللجوء للمحاكمة المرئية عن بعد في حالة بعد المسافة أو من أجل حسن سير العدالة، مع مراعاة احترام الحقوق والقواعد المنصوص عليها في قانون الإجراءات الجزائية والأحكام المنصوص عليها في نص هذا القانون، كما يجب أن تضمن الوسيلة المستخدمة في المحادثة سرية الإرسال وأمانته. علما أن المحادثات المرئية يمكن استعمالها أيضا للاستماع للشهود في الجنايات لأنهم مجرد شهود وليسوا متهمين لربح الوقت إذا استدعى أمر تنقلهم مدة طويلة لتفادي تأجيل المحاكمة. وبهدف تجنب الاستعمال غير القانوني للتوقيع الإلكتروني نصّت المادتان 17 و18 من القانون على تسليط عقوبات جزائية في حالة الاستعمال غير القانوني للعناصر الشخصية المتصلة بإنشاء توقيع إلكتروني يتعلق بتوقيع شخص آخر، كما نصت على عقوبات في حالة استمرار استعمال شهادة إلكترونية رغم علم الشخص بانتهاء مدة صلاحيتها أو إلغائها. وفي رده على تدخلات النواب التي تمحورت حول تكوين القائمين على هذه الإجراءات من قضاة وموظفي المحاكم، ذكر وزير العدل، بوجود برنامج مكثف للتكوين، حيث تم لحد الآن تنظيم ثلاث ورشات تكوينية في هذا المجال لمرافقة تطبيق القانون الجديد عند دخوله حيز التنفيذ. كما برمجت وزارة العدل، عدة لقاءات مع المهنيين لتمكينهم من الاندماج تدريجيا مع هذه التحولات وتحقيق الفعالية في تطبيق هذه الإجراءات. أما فيما يتعلق بتأمين المنظومة التقنية وتفادي قرصنة المعلومات الشخصية الخاصة بالأفراد والمتقاضين والمحكوم عليهم عبر الوسائل الإلكترونية فطمأن الوزير، باعتماد معايير عالمية في هذا المجال من خلال تنصيب فريق عمل يترأسه المدير العام للعصرنة بوزارة العدل، حظي بتكوين عالي المستوى في هذا المجال للحفاظ على سرية المعلومات وتأمينها. وفي معرض حديثه عن التكوين لمسايرة الإصلاحات والعصرنة ألح الوزير، على أهمية الاستثمار في الموارد البشرية ”وإصلاح” المدرسة العليا للقضاء، بما يمكّنها من الدخول في الشبكة العالمية لمدارس القضاء، وذلك بالاستعانة بمكونين أجانب إذا اقتضى الأمر للاستفادة من خبرتهم. وتوقف السيد لوح، عند الهياكل الجديدة التي سيستقبلها قطاعه مستقبلا والمتمثلة في محاكم ومجالس قضاء جديدة، مؤكدا أهميتها لتجسيد الإصلاح بتحسين نوعية معالجة القضايا المطروحة عليها عن طريق تخفيف الضغط عن المحاكم الحالية، بحيث ستكون غرفتا جلسات على مستوى هذه المحاكم من شأنهما تقليص الضغط على القاضي الذي يجد نفسه مجبرا على النظر في أكثر من 100 قضية أحيانا خلال الجلسة الواحدة بالمحاكم التي تتوفر على قاعة واحدة للجلسات. وفي حديثه عن إدخال التكنولوجيات الحديثة في قطاع القضاء، ذكر المتحدث بأن الجالية الجزائرية بالخارج ستستفيد كغيرها من المواطنين من هذه الإجراءات، حيث سيكون بإمكانها في الأيام القادمة الحصول على شهادة الجنسية وبطاقة السوابق العدلية عبر الأنترنيت مع منح صلاحية وضع ختم التصديق للمصالح القنصلية بأماكن تواجد الجالية – يضيف المتحدث – الذي توقف أيضا عند مشروع إدخال التكنولوجيات الحديثة أيضا لاستخراج وثائق الحالة المدنية بالتنسيق مع وزارة الداخلية على أن يشرف القضاء على مراقبة سجلات الحالة المدنية بطريقة إلكترونية. وتتواصل أشغال مجلس الأمة اليوم، في جلسة علنية لعرض ومناقشة مشروع القانون المتعلق بالتأمينات الاجتماعية.