أسماء المواليد الجدد لم تعد جزائرية "أسماء المواليد الجدد لم تعد جزائرية" كما قال أحد الآباء متأسفا على اختفاء الكثير من الأسماء المرتبطة بمجتمعنا ، كخديجة و عائشة و فطيمة و مسعود و مبروك و غيرها ، حيث يتساءل البعض عما إذا كان تقليد الموضة الغربية و الحداثة يعني أيضا إلغاء الأسماء التي تكون في الكثير من الأحيان دليلا على هويتنا في عصر العولمة ، كما كانت في وقت مضى تبرز الأصول العربية و الأمازيغية للمهاجرين الجزائريين في الغربة ، فيما تتمسك الأمهات الشابات وأزواجهن في السنوات الأخيرة باختيار أسماء جميلة لأطفالهن ، غالبا ما تكون حديثة وغريبة عن السمع ، ومأخوذة من أبطال التلفزيون وعلى رأسهم نجوم المسلسلات التركية . ورغم أن المعجم الوطني لأسماء المواليد ببلادنا لم يتغير منذ سنة 1981 إلا أن الشارع الجزائري و سجلات الأسماء بالمؤسسات التربوية تحمل معها كل سنة عشرات الأسماء الجديدة و الغريبة التي تفرض نفسها مواكبة للموضة و انفتاح الآباء حول البلدان الأخرى، خاصة من خلال التلفزيون و الانترنت، التي توحي للسيدات الحوامل اللاتي يقضين أوقاتا طويلة أمام التلفزيون بخيارات كبيرة من الأسماء غير المعروفة، حيث تجتهد أغلبهن منذ الشهور الأولى في البحث عن أجمل الأسماء على الموضة لتمييز ابنها أو ابنتها عن باقي الأطفال . كما قالت لنا السيدة منية 28 سنة، التي بدأت في البحث عن أجمل أسماء الذكور والبنات منذ تأكدها من حملها، حيث تكونت لديها تدريجيا قائمة طويلة تضم أسماء عربية غير منتشرة في الوطن ، و أسماء أخرى جميلة و لكنها لا تعرف معناها كما قالت لنا أعجبت بها لأن وقعها الموسيقي جميل و خاصة منها أسماء البنات : ريناد ، أسيل، كندة ، راما ، و اسم هانزادا الذي ظهر به أحد أبطال المسلسلات التركية المعروضة بالفضائيات العربية ، والذي وقع عليه اختيارها في نهاية المطاف رغم معارضة زوجها له .مصلحة تسجيل المواليد بالحالة المدنية ببلدية قسنطينة من جهتها أكدت أنها تتلقى صعوبات يومية في إقناع بعض الآباء الذين يصرون على أسماء غريبة بالنسبة للثقافة الجزائرية كما قال رئيس المصلحة : " الكثير من الآباء يسعون لتسجيل أبنائهم بأسماء لا تمت للمجتمع الجزائري بصلة " حيث يضطرون أمام عناد بعض الحالات إلى اللجوء إلى المعجم العربي للتأكد من أصل الاسم الذي يجب أن يكون "عربيا و ليس مسيحيا" كما أكد لأنه " في حال ما إذا اختار أحد الأبوين اسما مسيحيا كدانيال أو بنيامين آو غيرهم لابنهم ، فهم مطالبون عندها بتقديم وثيقة تثبت بأنهم مسيحيين ليتم قبول تسجيل مولودهم بهذا الاسم ". مؤكدا أن المادة 28 من القانون المدني و المادة 64 من قانون الحالة المدنية، ينص على أن تكون الأسماء المختارة للمواليد الجدد أسماء متداولة على الساحة ، أو في حالة ما إذا لم تكن متداولة أو معروفة فيجب أن يكون لها معنى في المعجم العربي ، أو تكون لها دلالة آو معنى تاريخي أو أمازيغي باعتبار أن اللغة الامازيغية تدخل في مقومات الهوية الوطنية. أما الأسماء المقلدة بطريقة آلية من المسلسلات و الأفلام كاسم " أنور بيك" و " ما شاء الله" و " أسيلات" اليهودي المقتبس من مسلسل " يوسف الصديق" و الذي كان اسم زوجة النبي يوسف ، فيجب أن تخضع للتدقيق اللغوي من حيث المعنى و الدلالات التي توحي بها، لأن أغلبية الآباء يعجبون فقط بجمال الاسم من الناحية الموسيقية غير مبالين بالمعنى الذي يعطيه كاسم أسيلات اليهودي، و اسم انو ربيك الذي يشير إلى رتبة طبقية في الأرستقراطية التركية و التي لا تمت للمجتمع الجزائري بصلة. و تبقى المسلسلات العربية و التركية أكثر المصادر ترويجا للأسماء الحديثة و التي بمجرد بثها على الفضائيات العربية بما فيها التلفزيون الجزائري تلقى استحسانا من قبل الآباء والأمهات ، و يتمسكون بإطلاقها على أبنائهم عند تسجيل المواليد الجدد ، و التي تكون في كثير من الحالات سبب صراع بين المصالح البلدية و الآباء .كما يكون اختيار اسم المولود سببا للخلاف بين الزوجين اللذين يحب كل واحد منهما أن يحمل صغيرهما الاسم الذي اختاره له ، مما يؤدي في الكثير من الحالات في محاولة للبحث عن حل وسط ، خاصة في حالة ترضية الجد والجدة ، إلى إعطاء الطفل أسماء مربكة من اسمين أو ثلاثة ، أحدهم قديم نوعا ما و الآخر جديد و غير معروف ، مما يشكل صعوبة فيما بعد للطفل في بداية مشواره الدراسي ، حيث اعترف عدد من المعلمين بأنهم يجدون صعوبة في كتابة أسمائهم المركبة والمعقدة.ومن الملاحظات المسجلة أيضا في السنوات الأخيرة، تراجع أسماء العلماء و الشخصيات الدينية التي كانت العائلات تتسابق من أجل إطلاقها على مواليدها، والتي حلت محلها أسماء مشاهير الفن والسياسة و لاعبي كرة القدم الذين تصدروا قائمة أسماء المواليد خلال تصفيات المونديال ، حيث سارع الكثير من الآباء إلى تسمية مواليدهم الجدد على أسماء نجوم المنتخب الوطني ، وعلى رأسهم عنتر و زياني ، كما عاد اسم " عمار " الذي اختفى لسنوات مع " عمار الكوسوفي" بطل المسلسل التركي " دموع الورد" . وستواصل الفضائيات و المسلسلات في إلهام الأمهات بأسماء جديدة ، بعضها سيكون غريبا والآخر يعيد تداول أسماء عربية اختفت لعدة سنوات من بيوتنا ، لأن أبطالا ونجوما ظهروا بها على التلفزيون وافتتن بهم مشاهدون ، بعد أن أصبحت هذه الوسيلة الترفيهية من أكثر الوسائل التكنولوجية تأثيرا في المجتمعات.