فرق تفتيش لكشف البنوك التي تتواطأ مع المستوردين المتحايلين حاول محافظ بنك الجزائر، محمد لكصاسي، أمس، التخفيف من تداعيات الصدمة الخارجية على الجزائر، من خلال تأكيده بأن الجزائر قادرة على مواجهة الصدمة بالنظر لمدخراتها المالية، وضعف مديونيتها الخارجية، ورغم ذلك لم يخف قلقه من تدهور أغلب المؤشرات المالية، بداية بتراجع احتياطي الصرف، وضعف مستوى الصادرات، وتراجع الجباية النفطية، وتفاقم عجز الميزانية، ما دفع السلطات المالية إلى الاستعانة بصندوق ضبط الميزانية لسد العجز في الموازنة العمومية أظهرت الأرقام التي قدمها محافظ بنك الجزائر، تدهورا في المؤشرات الاقتصادية، سواء تعلق الأمر بالإيرادات التي انخفضت بأكثر من 50 بالمائة، ما ساهم في تفاقم عجز الموازنة، مع تراجع صادرات المحروقات. كما سجل التقرير تراجعا لافتا في احتياطي الصرف، واضطرت السلطات المالية إلى اللجوء لصندوق ضبط الإيرادات لتغطية العجز في الميزانية بسبب تراجع الإيرادات الجبائية النفطية خسرت الجزائر أزيد من 34 مليار دولار من احتياطها المالي خلال سنة، حيث بلغت 159 مليار دولار نهاية جوان الماضي، مقابل 193 مليار دولار مع نهاية جوان 2014، وقال محافظ بنك الجزائر، محمد لكصاسي، أمس، خلال عرضه للتوجهات المالية والنقدية للجزائر خلال السداسي الأول من 2015 أن النتائج المسجلة توضح «تقلصا كبيرا» لاحتياطات الصرف الرسمية ما بين نهاية جوان 2014 إلى نهاية جوان 2015 بسبب «تأثير الصدمة الخارجية على ميزان المدفوعات الخارجية منذ الثلاثي الأخير من 2014». وفي المقابل لفت محافظ بنك الجزائر إلى أن مستوى احتياطات الصرف «يبقى ملائما لمواجهة الصدمة الخارجية، وقال بأن الجزائر لديها احتياطي مالي معتبر مقارنة مع بعض الدول الأخرى، وهو ما يمكنها من مواجهة تداعيات تراجع المداخيل بسبب انخفاض أسعار النفط، مشيرا بأن المديونية الخارجية تبقى في مستويات جد متدنية وتقدر ب 3.3 مليار دولار إلى نهاية جوان 2015. وبحسب محافظ بنك الجزائر، فان الحساب الجاري للمدفوعات سجل خلال النصف الأول من السنة الجارية عجزا كبيرا بلغ 13.17 مليار دولار، تحت تأثير انخفاض أسعار المحروقات من جهة، والتحويلات المهمة لأرباح المؤسسات إلى الخارج من جهة أخرى، موضحا بأن العجز المسجل منذ بداية السنة تفاقم بسبب استمرار أسعار النفط في التراجع، كما سجل ميزان المدفوعات عجزا يقدر ب 14.39 مليار دولار مع توقعات أن يستمر العجز خلال السداسي الحالي بتسجيل 4.56 مليار دولار. وأشار التقرير إلى تراجع مداخيل الجباية البترولية، ما أدى إلى تقليص مستوى تمويل الخزينة الذي انخفض ب 747,4 مليار دينار خلال السداسي الثاني من العام الماضي، حيث انتقل من 5235 مليار دينار في جوان 2014 إلى حوالي 4488 مليار دينار في نهاية ديسمبر الماضي، الأمر الذي استدعى اللجوء إلى صندوق ضبط الإيرادات لتغطية العجز. واضطرت السلطات المالية إلى استعمال موارد صندوق ضبط الإيرادات طيلة الستة أشهر الأولى من السنة الجارية، لتغطية العجز، بسبب تراجع إيرادات الجبائية البترولية التي بلغت 1245 مليار دينار خلال الستة أشهر الأولى من العام الجاري، مقابل 1870 مليار دينار في السداسي الأول 2014 و1518 مليار دينار في النصف الثاني من نفس السنة. هذا التراجع في المؤشرات امتد إلى سعر صرف العملة الوطنية التي عرفت انخفاضا حادا مقابل العملات الأجنبية وخاصة الدولار الأمريكي، وكان وضع الدينار اقل حدة بالمقارنة مع العملة الأوروبية الموحدة «اليورو»، وأظهرت المؤشرات التي عرضها محافظ بنك الجزائر، بان العملة الوطنية سجلت تراجعا بنسبة 22 بالمائة مقابل الدولار الأمريكي، فيما سجلت ارتفاعا طفيفا مقابل اليورو بنسبة 0,6 بالمائة خلال السداسي الأول من العام الحالي، إذ يقابل 1 دولار 95.81 دينار، بينما يساوي 1 أورو 106.85 دينار حسب التعاملات الرسمية ما بين البنوك كما أعلن محمد لكصاسي بالجزائر عن دخول مركزية المخاطر الجديدة الخدمة منتصف سبتمبر الجاري ما سيمسح ببعث القروض الاستهلاكية. وأكد محافظ بنك الجزائر أن مركزية المخاطر الجديدة التي ستشكل «آداة هامة للمساعدة على تسيير مخاطر القروض» من طرف البنوك ستساهم كذلك في العودة الفعلية للقروض الاستهلاكية. مشيرا بان استحداث مركزية المخاطر، ستمكن البنوك من تسيير أفضل للمخاطر المرتبطة بالقروض وعدم القدرة على السداد. وسيسمح إنشاء مركزية المخاطر الجديدة، الشروع في منح القروض الاستهلاكية، وتنفيذ القرار الذي اتخذته الحكومة وظل معلقا بسبب تحفظ بنك الجزائر إلى حين إنشاء الآلية المالية التي تسمح بمراقبة مستوى دخل الأسر الجزائرية ومديونيتها لدى البنوك. تراجع السيولة المالية يهدد المنظومة المصرفية واللافت في تقرير محافظ بنك الجزائر، حديثه عن تراجع السيولة المالية لدى البنوك، ما قد يهدد البنوك التي تعد مصدرا أساسيا لتمويل الاقتصاد، وتشير معطيات بنك الجزائر، بأن السيولة المصرفية تراجعت من 2730 مليار دينار مسجلة في ديسمبر الماضي إلى 2104 مليار دينار فقط في جوان من السنة الحالية، أي تراجعت موارد البنوك بقرابة 600 مليار دينار خلال ستة أشهر، ما يحتم على السلطات المالية التدخل لإعادة رسملة البنوك العمومية لمنعها من الانهيار.وقال محافظ بنك الجزائر، انه بعد فترة من «الفائض في السيولة» ستشرع السلطات المالية ابتداء من أكتوبر المقبل في ضخ أموال إضافية لتلبية حاجيات الاقتصاد الوطني، مضيفا بأن هذا القرار مشروط بمدى قدرة البنوك على تصحيح أوضاعها، وتوفرها على محافظ سلمية وذات نوعية، وقال بأن الأموال الإضافية التي ستضخ مستقبلا لن تكون عاملا يفاقم التراجع المسجل في احتياطي الصرف وأشار لكصاسي إلى أن القروض البنكية الموجهة لتمويل الاقتصاد حافظت على استقرار نمو نسبي على الرغم من تراجع طفيف مسجل، منتقلة من نمو بلغ 11.13 في المائة إلى 8.7 في المائة، واعتبره دليلا على سعي البنوك على منح القروض الموجهة للاقتصاد بالرغم من وقع الصدمة الخارجية. وأوضح لكصاسي بأن مصالحه ستوفد فرق للمعاينة والتحقيق على مستوى البنوك للتأكد من مدى التزامها بالتعليمات التي اتخذتها الحكومة في مجال التجارة الخارجية والمطبقة على المستوردين.وفي رده على نتائج حملة استرجاع الأموال المتداولة في السوق الموازية، المستفيدة من امتيازات جبائية قدرتها الحكومة ب تحمل ضريبة جزافية تبلغ 7 في المائة فقط، قال محافظ بنك الجزائر أن العملية لا تزال في بدايتها، وأن التطرق إلى نتائجها أو تقييمها سابق لأوانه، على اعتبار أن التدبير المنصوص عليه في قانون المالية التكميلي 2015 لم ينطلق سوى في أوت الماضي.