التغيير العشوائي لمخططات الشقق و تحويل المحلات و السطوح إلى مساكن يعمد كثير من الجزائريين، إلى إجراء تغييرات في شققهم غير آبهين بالمخاطر التي قد تنجم عن ذلك ، حيث يتحجج معظمهم بضيق الغرف و المرافق و بحاجتهم لاستغلال أمثل للمساحات المتوفرة، فيقومون بهدم الجدران و إلغاء بعض الدعامات الأساسية و تغييرات عديدة أخرى ،دون أية اعتبارات لتبعات ذلك، بالرغم من أنها تفاصيل هندسية تدخل ضمن تصميم هيكل و مخطط العمارة أو المنزل ، فضلا عن كون بعض التعديلات قد تؤدي إلى كوارث خصوصا عندما يتعلق الأمر بإعادة التوصيل العشوائي للكهرباء و الغاز. الظاهرة عرفت في السنوات الأخيرة منحنيات تصاعدية ، ولم تعد تقتصر على أصحاب المنازل التي تصنف ضمن الملكية الخاصة، بل باتت رائجة بشكل بارز في الأحياء السكنية خاصة بالنسبة للمرحلين الجدد، بالرغم من أنها عمارات يملكها ديوان الترقية و التسيير العقاري، فالملاحظ أن الكثير من المستأجرين لا يجدون حرجا في إدخال تعديلات جذرية على المنازل، ولعل التعديل الأكثر رواجا، هو ذلك الخاص بإلغاء الشرفة، و تحويلها إلى مطبخ، و بالمقابل تحويل المطبخ إلى غرفة نوم، أو هدم الجدار الفاصل بين غرفة المعيشة و غرفة النوم للحصول على مساحة أكبر، لكن يتعدى الأمر حدود المعقول، إذا تحدثنا عن حالة سجلت بقسنطينة تتمثل في حفر أرضية شقة ،و إحداث ثقب كبير يكفي لبناء سلالم تؤدي إلى مرآب العمارة الذي يتم تحويله إلى شقة، لتكون النتيجة منزل من طابقين أو فيلا داخل عمارة من أربعة طوابق. تحويل الشرفة إلى مطبخ و المحل التجاري إلى سكن الواقع أكده العديد من المهندسين المعمارين بقسنطينة، مشيرين إلى تجاوزات أخرى يقوم بها العديد من ملاك الشقق و المستأجرين، عادة ما تتم دون استشارة تقني أو مهندس أو خبير معماري، وهو ما يرفع من مستوى خطر هذه التعديلات، حسب ما أكدته المهندسة المعمارية لامية جرادي ، التي تحدثت عن تجاوزات معمارية تمس الملكية العمومية أحيانا، و تشوه المظهر العام للعمارات، كإلغاء البعض لشرفات الشقق و إعادة بنائها بواسطة مواد غير مناسبة و لا تتماشى مع تلك المستخدمة أصلا في بناء العمارة، وهي ،كما قالت، ممارسة جد شائعة بقسنطينة، على اعتبار أن الكثير من الناس يعمدون إلى تحويل الشرفة إلى مطبخ أو دمجها مع غرفة لتصبح أوسع . كما تحدثت المهندسة عن نوع آخر من التعديلات، قالت بأنه غير قانوني لأنه يمس أعمدة العمارات و روافدها، وهو ما يهدد هياكل المباني، فضلا عن تغيير واجهات العمارات و بناء غرف أو شقق فوق أسطح العمارات، ما يؤدي إلى الإخلال بالدراسة الأصلية للبناية التي تكون في البداية مطابقة للمعايير السارية المفعول لدى تسليمها، لكنها تتحول بسبب هذه الممارسات إلى خطر على ساكنيها، لأن وزنها يختل ،و لا يصبح متماشيا بالشكل السليم مع هيكلها العام، فبعض المواطنين ،كما قالت ،حولوا عمارات مكونة أصلا من خمس طوابق إلى عمارات من ستة و سبعة طوابق، دون مراعاة لأية شروط، كما حولوا المحلات التجارية أسفل العمارات إلى شقق سكنية. و شددت محدثتنا بأن نتيجة هذه التعديلات غالبا ما تكون سلبية، لأنها تنتهي بتغيير توصيلات الشبكات الرئيسية للماء و الكهرباء و الغاز، ما قد ينجر عنه مشكل التسرب الذي يؤثر سلبا على سلامة الشقق الأخرى في العمارة، و يؤدي إلى انسداد قناة الصرف الصحي، أو مضخة الدخان، كما قد يصل لدرجة التسبب في اندلاع حريق أو حتى انفجار البناية ككل، مستشهدة بحادثة شهدها العام الماضية حي باب القنطرة بقسنطينة، تتمثل في اندلاع حريق مهول داخل شقة في عمارة ذات طوابق، نتيجة شرارة كهربائية سببها توصيل عشوائي لشبكة الكهرباء داخل شرفة منزل تم تحويلها إلى مطبخ. و أضافت المهندسة لامية جرادي بأن المشكل الأساسي المتعلق بهذه التعديلات، يكمن في كونها تتم دون أية استشارة مسبقة، مشيرة إلى أن الموطنين مطالبون بالتحلي بوعي أكبر و التخلي عن مثل هذه الممارسات، التي قد يتحمل صاحبها مسؤولية كبيرة في حالة تسجيل حوادث، كما دعت شرطة العمران و مصالح السكن إلى التدخل لمحاربة هذه الظواهر و تطبيق عقوبات ضد المخالفين. هدم المدخنة الجماعية خطر يهدد صحة السكان من جهتها، تحدثت مصالح مديرية توزيع الكهرباء و الغاز بالمدينة الجديدة علي منجلي ، بأن حملاتها التحسيسية السنوية، سمحت لها بالوقوف على واقع يستحق المتابعة، يتعلق باستفحال ظاهرة التغييرات العشوائية داخل الشقق بالأخص، المساكن ذات الطابع الاجتماعي، إذ انتهت الخرجات المدينة إلى التأكيد على أن 40 بالمائة من هذه التعديلات يتم دون العودة لرأي التقنيين أو المهندسين المعماريين، و قد شكلت سببا رئيسيا لحوالي 5 بالمائة من حوادث اختناق المواطنين. إن أغلب هذه التغييرات تمس المدخنة الجماعية، و تلغيها في العديد من الأحيان، وهو التعديل الذي يعد مرفوضا، كونه يشكل خطرا حقيقيا على صحة سكان العمارة، إذ تعد عمارات « السوسيال»، بعلي منجلي و الخروب ،و مشاريع السكنات التساهمية من بين أكثر المواقع تضررا من مثل هذه الممارسات ،حسب ذات المصالح. للاستفسار أكثر حول الظاهرة تقربنا من ديوان الترقية و التسيير العقاري بقسنطينة، على اعتبار أن الظاهرة تمس في الغالب العمارات التابعة لمصالحه، ، فأوضح مديره عبد الغاني ديب ،بأن مصالح الديوان باشرت منذ حوالي سنة تقريبا حملات رقابة على الشقق ذات الطابع الإيجاري العمومي للوقوف على التجاوزات، مشيرا إلى أن تدخلات الديوان لا تتم إلا بعد تلقي شكاوى من قبل الجيران، و أضاف بأن غالبية الحالات التي يتم الوقوف عليها تتعلق بتغيير واجهات العمارات، وهنا يتم توجيه إعذارات للمخالفين و إجبارهم على إعادة الشقة إلى حالتها الأصلية، وفي حال تجاوز الأمر يتم طردهم نهائيا من السكن، وهو ما لم يتم تسجيله إلى غاية الآن ، كما أكد. ذات المسؤول نفى أن تكون الظاهرة في تنامي، مؤكدا بأنها تراجعت بشكل ملحوظ، مقارنة بالسنوات الماضية بسبب حملات الرقابة الشهرية التي دفعت،حسبه، بالكثيرين إلى التراجع عن إجراء تعديلات على الشقق بسبب الخوف من التعرض للطرد. مع ذلك تبقى الظاهرة موجودة و بكثرة، لدرجة أنها قد تحولت إلى ثقافة تبناها الجميع، بالرغم من أخطارها و ما ينجر عنها من إزعاج للجيران ناجم عن ضجيج الهدم و البناء، كثيرا ما ينتهي إلى نشوب شجارات مستمرة في الأحياء السكنية بمختلف أنواعها و خاصة بالنسبة للمرحلين الجدد. نور الهدى طابي