تتحرك هذه الأيام وبقوة، فرق خاصة بدواوين الترقية والتسيير العقاري، عبر مختلف الولايات لمعاينة الأحياء السكنية والأملاك التابعة لها، بعد أن تلقت شكاوى من المواطنين، متضررين من التعديلات التي أدخلها السكان على الشقق، وضم الأجزاء المشتركة وبنائها وإلحاقها بالسكنات، كالأرصفة والممرات والمساحات الخضراء، التي تحول الى حديقة خاصة بالمستأجر، ثم يعرضها للبيع مع شقته عبر الوكالات العقارية. في جولة الى أحياء باب الزواروبراقي وعين النعجة والكاليتوس والرغاية، كل العمارات التابعة لديوان الترقية والتسيير العقاري، أدخلت عليها تعديلات عشوائية، وتغيير في واجهة المباني، فشاهدنا في عمارة واحدة شرفات مغلقة بالآجر الاحمر، وأخرى بالأسمنت، وأخرى بالألمنيوم، وفتح نوافذ من واجهات خلفية وجانبية، وإحداث كارثة عمرانية داخل الشقق ببناء جدران إضافية، حيث اكتشفت فرق الرقابة شققا في براقي شرقي العاصمة، مكونة من 4 غرف في الأساس، تم تقسيمها وإعادة تهيئتها الى شقتين منفصلتين بكامل اللواحق تقطنها عائلتان، وفتح باب جديد في وسط العمارة، وفي نفس الحي أحدث المستأجرون عن ديوان الترقية والتسيير العقاري، تحويلات جذرية داخل السكنات، من خلال إعادة تغيير مجاري المياه القذرة، وتغيير الحمامات ودورات المياه، ما تسبب في الإضرار بباقي السكان بسبب التسربات الناجمة عن التعديلات، ففي إحدى الشقق تتسرب المياه القذرة إلى سقف مطبخ الشقة في الطابق الأسفل، بسبب تغيير دورة المياه من مكانها الاصلي، أما سكان الطوابق الارضية، فتحولت إلى شبه محميات، حيث يتم ضم المساحات الخضراء بواسطة "زرب" كثيف من الاشجار أو سياج، وأحيانا جدران بالآجر والإسمنت، وتغطى بالصفائح المعدنية، وتفتح أبواب تربط الشقق بهذه الحديقة الخاصة، والتي تستغل في زرع بعض الخضراوات والأزهار، وتربية الحيوانات كالدجاج والأرانب... وتعرض الوكالات العقارية المئات من الشقق للبيع بأسعار باهظة، مع حدائق "البايلك"، ومن يشتري الشقة يمتلك الحديقة عن طريق "الاستغلال"، ثم يتوسع ويحدث فيها مشاريع، وهناك من يبني هذه الأجزاء الخلفية للعمارة كغرف إضافية بالنسبة للعائلات الكبيرة. ولاحظنا الكثير من عيينات لشقق تابعة لأملاك الدولة، معدلة ومعروضة للبيع كشقة من ثلاث غرف معدلة إلى أربع غرف، وشقة من غرفتين معدلة إلى ثلاث غرف، وفتح شقتين في الطابق الأخير على بعضهما البعض، وتحويل الطابق إلى شقة واحدة من ستة غرف. وبناء على شكاوى المواطنين المتضررين من هذه الأعمال ومحاضر المعاينة التي توكل الى المحضرين القضائيين، رفعت دواوين الترقية والتسيير العقاري مئات الدعاوى القضائية أمام المحاكم، لإلزام المستأجرين بإعادة الأماكن لحالتها الطبيعية ،لكن المواطنين لم يمتثلوا للأحكام القضائية، ما أدى بنفس الجهة إلى رفع دعاوى ثانية، تحت طائلة الغرامة التهديدية عن كل يوم يتأخر فيه المواطنون من إزالة الاشغال والتعديلات التي أحدثوها على أملاك الدولة، وقد تولت دواوين الترقية والتسيير العقاري، في عدة أحياء بالعاصمة وولايات أخرى، إلى إعادة الأماكن إلى حالها بالقوة العمومية. وحفاظا على النمط العمراني الذي تحول إلى "مزبلة" على حد قول المهندسين المعماريين، أدرج المرقين العقاريين بندا في دفتر الشروط والعقد، يلزم المستفيد من السكن الترقوي عدم إدخال أي تعديل على الواجهة.