شيّع أمس جثمان الفقيد المجاهد حسين آيت أحمد إلى مثواه الأخير بمسقط رأسه قرية آيث أحمد بلدية آيت يحيى بعين الحمام ولاية تيزي وزو في جنازة شعبية وطنية مهيبة تحت زغاريد النسوة و حضور قوي للشعارات التقليدية لحزب جبهة القوى الاشتراكية الذي أسسه المرحوم وأعطاه أكثر من نصف عمره. ودّع مئات الآلاف من المواطنين ومن مختلف جهات القطر الوطني أمس في يوم ربيعي الفقيد القائد حسين آيت أحمد إلى مثواه الأخير بقرية آيت أحمد بعين الحمام مسقط رأسه في جنازة شعبية ووطنية كبيرة تليق بمقام هذا المناضل الوطني الكبير الذي أعطى أكثر من 70 سنة من عمره للنضال من اجل الجزائر قبيل وبعد الاستقلال، و لم يكن الأمر سهلا على منظمي الجنازة من أجل التحكم في العشرات بل مئات الآلاف من المواطنين والمواطنات والنساء والأطفال من مختلف الأعمار ومن جهات الوطن الأربع الذين أبوا إلا أن يرافقوا الراحل حسين آيت احمد إلى مثواه الأخير في اليوم الأول من السنة الجديدة 2016. وعلى الرغم من العدد الكبير من المنظمين الذين جندتهم جبهة القوى الاشتراكية للمساهمة في تنظيم الجنازة إلا أن هؤلاء فشلوا في الحفاظ على التنظيم الذي أظهروه قبل وصول الجثمان. ففي الحادية عشر وعشرين دقيقة وصل الموكب الجنائزي إلى أعالي قرية آيت أحمد وبالضبط الى ساحة «تيسيرت الشيخ» حيث أعدت أرضية خصيصا لهذا الغرض و نصبت خيمة كبيرة لاستقبال المودعين وأخرى اصغر منها خصصت لوضع جثمان الراحل من أجل الترحم وإلقاء النظرة الأخيرة عليه من قبل المواطنين والزوار والضيوف الذين جاؤوا من مختلف جهات الوطن.وعلى هذا المنوال وتحت زغاريد النسوة وهتافات» أسا ازكا سي الحوسين يلا يلا» أي «اليوم وغدا سي الحسين موجود موجود»، وهتافات أخرى مثل «سي الحسين مازلنا معارضين» وصل جثمان الراحل حسين آيت أحمد الى قريته في حدود الحادية عشرة وعشرين دقيقة، وكان صعبا على سيارة الإسعاف التابعة للحماية المدنية الوصول إلى عين المكان بالنظر للعدد الهائل من المواطنين الذين اصطفوا لرؤية المشهد واخذ آخر الصور التذكارية لابن المنطقة. وبعد جهد جهيد حمل انعش وهو ملفوف بالعلم الوطني على أكتاف رجال الحماية المدنية ووضع في المكان المخصص له لإلقاء النظرة الأخيرة عليه، وفي هذه اللحظة بالذات فلتت الأمور ولم يتمكن المنظمون من ايقاف الآلاف من المواطنين الذين خرقوا الطوق وراحوا يريدون الوصول الى النعش ولمسه والترحم على من بداخله. وهكذا في هذا الخضم، بين المد والجذب أقيمت الدعوات ثم صلاة الجمعة التي عدد فيها الإمام خصال الراحل حسين آيت احمد وحبه الدائم لوطنه وتعلقه به ونضاله من أجل حرية الجزائر منذ نعومة أظافره إلى آخر أيامه، وقبل اتمام الصلاة حمل الجثمان لينقل بعد ذلك على متن سيارة الحماية المدنية الى زاوية الولي الصالح الشيخ محند أو الحسين حيث يوجد قبر جد حسين آيت أحمد وقبور العديد من أفراد عائلته، وقد تعلق العشرات من الشباب بسيارة الحماية المدنية وهم يودعون الدا الحسين الى مقامه الأخير وهبت جماهير غفيرة وراء النعش الى حيث مكان الدفن الذي يبعد عن مكان إقامة العزاء بحوالي ثلاثة كيلومترات، بعدها أقيمت صلاة الجنازة على المرحوم. وعاد حسين آيت أحمد بعد عقود من الطيران في السماء لينام إلى جانب والدته، فقد فتح قبر والدته منتصف ليلة الخميس ودفن الراجل بجانب أمه وأهله كما أوصى بذلك وكما كان يتمنى دائما.. دفن بين الأهل والاقارب والآلاف الآلاف من المواطنين الذين يحبونه و يقدرون نضاله. وسجلت شخصيات رسمية مثل الوزير الأول عبد المالك سلال ورئيس المجلس الشعبي الوطني محمد العربي ولد خليفة وكذا وزير الشؤون الدينية والأوقاف محمد عيسى حضورها في الجنازة ، كما حضرت شخصيات وطنية وأبت إلا أن تتنقل إلى قرية آيت أحمد من اجل الوداع الاخير لهذا المناضل الكبير، منهم رئيس الحكومة الأسبق علي بن فليس الذي كان أول الحضور وكان مرفوقا بوزير الخارجية الاسبق أحمد عطاف، والأمين العام لحركة الإصلاح الوطني فيلالي غويني، أمين عام حركة النهضة محمد ذويبي، المحامي مقران آيت العربي وغيرهم، وحضر في موكب الجنازة عبر حافلات خاصة مولود حمروش، وقيادات جبهة القوى الاشتراكية و بعثة من شخصيات سويسرية من أصدقاء الفقيد فضلا عن أفراد عائلته وزوجته و أبنائه ، كما جمع الراحل حسين ايت أحمد كل فرقاء الأففاس و أجيال وأجيال من مناضليه من القدماء إلى الجدد، ووحدت جنازته بين كل هذه الشرائح كما كان يرغب في ذلك عندما كان حيا.بعد عشرة أيام عن وفاته بمدينة لوزان السويسرية يرقد حسين آيت أحمد المناضل الوطني والمجاهد وأحد قادة الثورة التحريرية اليوم في مسقط رأسه هنيئا إلى جانب والدته وجده وأقاربه وبين أهله في قرية آيت أحمد بعين الحمام بمنطقة القبائل الكبرى بعد 89 سنة في خدمة الحياة. مبعوث النصر إلى عين الحمام: محمد عدنان هولاند في برقية تعزية إلى الرئيس بوتفليقة الجزائر فقدت أحد أبرز صناع استقلالها أكد الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند في برقية بعث بها إلى رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة اثر وفاة المجاهد والزعيم السياسي حسين آيت احمد، أن الجزائر «فقدت أحد أبرز الوجوه التاريخية وأحد صناع استقلالها وطرفا فاعلا و ملتزما في الحياة السياسية». وقال الرئيس هولاند في برقيته «تلقيت بتأثر خبر وفاة حسين آيت أحمد، لقد فقدت الجزائر أحد أبرز الوجوه التاريخية و أحد صناع استقلالها و طرفا فاعلا وملتزما في الحياة السياسية في بلدكم»، وأضاف أن «حسين آيت أحمد كان شخصية بارزة و رجل مبادئ كرس حياته لخدمة بلده». وتابع الرئيس هولاند «ارجو سيادة الرئيس أن تنقلوا تعازي الخالصة لعائلة الفقيد وإلى الشعب الجزائري». وخلص الرئيس الفرنسي إلى القول "لقد كان رجلا محبا لبلده و حظي منكم بتكريم متميز". ق و/ وأج الباجي قايد السبسي آيت أحمد يمثل أبرز رموز النضال الجزائري من أجل التحرر بعث رئيس الجمهورية التونسية الباجي قايد السبسي برقية تعزية لرئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة اثر وفاة المجاهد حسين آيت أحمد، «أبرز رموز النضال الجزائري من أجل التحرر والاستقلال». وكتب الرئيس التونسي «تلقيت ببالغ التأثر نبأ وفاة المجاهد الجزائري الكبير حسين آيت أحمد، أحد أبرز رموز النضال الجزائري من أجل التحرر والاستقلال وبناء الدولة الجزائرية الحديثة» وبهذه المناسبة الأليمة- يقول الرئيس الباجي قايد السبسي، «أتقدم إلى فخامتكم وإلى الشعب الجزائري الشقيق ولأسرة الفقيد بأحر التعازي وصادق عبارات المواساة في وفاة هذا المناضل الذي فقدت الجزائر الشقيقة برحيله، رمزا من رموز تاريخها المعاصر، داعيا الله عز وجل أن يتغمده بواسع رحمته وأن يرزق في وفاته الجزائر وكل المناضلين والسياسيين بها جميل الصبر والسلوان». ق و/ وأج رئيس البنين آيت أحمد قائد تاريخي فذ تلقى رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، أول أمس الخميس، برقية تعزية من رئيس البنين بوني يايي إثر وفاة المجاهد حسين آيت أحمد معتبرا أن الجزائر فقدت «قائدا تاريخيا فذا». وقال الرئيس البنيني « تلقيت بكثير من التأثر والأسى خبر وفاة السيد حسين آيت أحمد يوم الأربعاء 23 ديسمبر 2015 بلوزان بسويسرا عن عمر يناهز 89 سنة، وهو القائد التاريخي لحرب تحرير وطنكم الجميل والمرموق الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية»، مضيفا « أحيي ذكرى رجل دولة فذّ ورئيس حزب جبهة القوى الاشتراكية وآخر ممن تبقى من مفجري ثورة تحرير الجزائر، وأطلب منكم بكل امتنان أن تبلغوا لعائلته وكافة الشعب الجزائري عبارات التعاطف والتضامن الخالصة». ق و وزراء ومسؤولون في المطار وتأبينية شعبية في مقر الأفافاس استقبال رئاسي لجثمان الزعيم خٌص جثمان حسين آيت أحمد باستقبال رسمي وجماهيري، سواء في المطار عند وصول نعش الفقيد على متن الطائرة التي أقلته رفقة أفراد عائلته من سويسرا، أو في مقر «الأفافاس» أين أقيمت أمسية تأبينية، الذي تحول إلى قبلة للمعزين الذين توافدوا بالآلاف لإلقاء النظرة الأخيرة على الجثمان وتلاوة فاتحة الكتاب على روحه الطاهرة. منذ الساعات الأولى لصباح يوم الخميس توافد العشرات من المواطنين إلى مطار هواري بومدين لاستقبال جثمان الفقيد، إلا أنهم منعوا لأسباب أمنية وتنظيمية من دخول القاعة الشرفية أين كانت تجري المراسيم الرسمية، وفي حدود الساعة الرابعة زوالا حطت بأرضية المطار الطائرة التي كانت تحمل جثمان الراحل «الدا الحسين»، لينزل بعدها نعش الفقيد محمولا على أكتاف أعوان الحماية المدنية متبوعا بأفراد عائلته ومقربيه. وسجي نعش حسين آيت أحمد بالعلم الوطني، وأدت له فرقة من الحرس الجمهوري التحية الشرفية، و تم وضع نعش الزعيم الراحل المسجى بالعلم الوطني وسط القاعة الشرفية للمطار الدولي هواري بومدين. حيث ألقى إمام كلمة تأبينية قبل أن يتلو سورة الفاتحة على روح الفقيد. بحضور كبار المسؤولين في الدولة يتقدمهم رئيس مجلس الأمة عبد القادر بن صالح و رئيس المجلس الشعبي الوطني محمد العربي ولد خليفة و الوزير الأول عبد المالك سلال و نائب وزير الدفاع الوطني قائد أركان الجيش الوطني الشعبي الفريق احمد قايد صالح و رئيس المجلس الدستوري مراد مدلسي و عدد من أعضاء الحكومة إلى جانب عائلة الفقيد و أصدقائه و مجاهدين و شخصيات وطنية كانوا حاضرين بالقاعة الشرفية للمطار حيث ترحموا على روح الفقيد. و بدت عقيلة الفقيد جميلة آيت أحمد في غاية الحزن والأسى في هذا الظرف العصيب و أبناؤها يوغرطة و صلاح الدين و بشرى يحاولون مواساتها. وأمام بوابة القاعة الشرفية تلقت عقيلة الفقيد تعازي بعض الحاضرين، ولم تدم مراسم الترحم سوى بضعة دقائق قبل أن يتوجه الموكب الجنائزي نحو المقر الوطني لحزب جبهة القوى الاشتراكية. وواجه الموكب الجنائزي صعوبة في الخروج من القاعة الشرفية بالنظر إلى الحشد الكبير من المواطنين الذين قدموا لإلقاء النظرة الأخيرة على جثمان الفقيد. وشهد محيط مطار الجزائر الدولي طوقاً أمنياً مكثفاً، ومنعت مصالح الأمن المئات من المواطنين من الاقتراب من القاعة الشرفية، وأمام البوابة الخارجية للمبنى احتج بعض المواطنين على منعهم من الولوج إلى القاعة الشرفية، وعبروا عن غضبهم بعد حرمانهم من إلقاء نظرة على جثمان الفقيد، وقال احد المواطنين بان العشرات قدموا من قرى ومداشر ولاية تيزي وزو إلا أن قوات الأمن منعتهم من الاقتراب. وغبر بعيد كان رجال دين وشيوخ زوايا من جبال القبائل ودائرة عين الحمام يرثون فقيد الجزائر «الدا لحسين مازلنا معارضين» في حدود الخامسة مساء، وصل الموكب الجنائزي إلى مقر «الافافاس» وتقدمت الموكب الدراجات النارية للدرك الوطني وسيارات رباعية لفرق البحث والتدخل التابعة للشرطة، وعدة حافلات فيما كان جثمان فقيد الجزائر على متن سيارة إسعاف للحماية المدنية. وبمجرد وصول الموكب حتى تعالت الزغاريد من النسوة داخل المقر، فيما شرع المناضلون والمتعاطفون في التصفيق، قبل أن يشرعوا في ترديد عبارات الله اكبر. ومباشرة بعد إخراج نعش الراحل من سيارة الإسعاف للحماية المدنية، شرع الحاضرون في ترديد شعارات دأب المناضلون على التغني بها في حياة «الدا الحسين» وهتف الحاضرون ب»أسا أزكا الدا الحسين يلا يلا» و»الدا الحسين، الدا لحسين مازلنا معارضين» وامتزجت الشعارات بزغاريد النسوة، لتقوم فرقة خاصة للحماية المدنية بإدخال النعش إلى مقر الحزب ووضعه داخل المقر. ووجد الجثمان في استقباله جموعا غفيرة أبرزها رئيس الحكومة الأسبق مولود حمروش الذي كان أول من قبّل النعش، قبل أن يقوم وزير الحكومة الأسبق سعيد شيبان بتلاوة فاتحة الكتاب، تلاها دعاء بالرحمة والمغفرة لروح الفقيد. كما تواجد مئات الأشخاص الذين قدموا من مختلف ربوع الوطن منذ الصباح بمقر جبهة القوى الاشتراكية للترحم على روح الفقيد. وكان وزير الشؤون الخارجية رمطان لعمامرة الوزير الوحيد من الطاقم الحكومي الذي تنقل إلى مقر «الافافاس» لإلقاء النظرة الأخيرة على جثمان الفقيد، وتدخل منظمون لتهدئة النفوس الغاضبة من تواجد بعض الرسميين، خاصة بعد تعالي عبارات الاستهجان والتصفير فور دخول والي العاصمة، وقال قيادي في «الافافاس» أن الجنازة مفتوحة أمام الجميع وكل من يدخل المقر فهو مرحب به، داعيا الجميع لاحترام المناسبة وتخليد روح الفقيد.وأقام المنظمون خيمة صغيرة في ساحة المقر الوطني للأفافاس، وضعت تحتها طاولة لتحتضن جثمان الفقيد، تحسبا لإلقاء النظرة الأخيرة عليه من طرف المواطنين والمناضلين، وتمت إحاطتها بالحواجز المعدنية لتفادي الازدحام أثناء مراسيم تنظيم العزاء، وبمرور الوقت، تزايدت أعداد المتوافدين، بينهم سياسيون ورؤساء أحزاب ومجاهدون، كان من بين المعزين وزير الداخلية السابق يزيد نور الدين زرهوني، الذي تنقل إلى مقر الأفافاس رفقة زوجته، لإلقاء النظرة الأخيرة على جثمان الراحل آيت أحمد. ووصل زرهوني إلى المقر في السادسة مساءً، وإلى جانبه سيدة قال منظمو الاستقبال إنها زوجته. كما أظهرت صورة متداولة، الجنرال توفيق وهو يلقي النظرة الأخيرة على الراحل آيت أحمد، وتنقل المدير السابق «للدياراس» في ساعة متأخرة لمقر الأفافاس لتقديم واجب العزاء، بعد تراجع عدد الوافدين على المقر. ومن جهتها قالت الأمينة العامة لحزب العمال لويزة حنون أن التكريم الذي حظى به الفقيد من قبل الجزائريين «لم يشهد له مثيل وهو شهادة عظيمة من الشعب إلى المجاهد الكبير حسين آيت أحمد الذي هو تراث وطني.» من جانبه قال رئيس حزب حركة مجتمع السلم عبد الرزاق مقري ان الفقيد جاهد جهادين «الأول تحقق وهو الاستقلال أما الجهاد الثاني فهو كان من أجل تحقيق الديموقراطية وتكريس حقوق الإنسان». وقال المحامي والنائب السابق لجبهة القوى الاشتراكية مصطفى بوشاشي أن «انصاف المجاهد الراحل آيت أحمد يجب أن يكون بتكريس المبادئ التي ناضل من أجلها طيلة حياته, متمنيا أن تكون وفاته هي تكملة لنضاله من اجل تجسيد الديموقراطية» وأضاف في هذا السياق أن الحضور المكثف للوفود الأجنبية لتوديع أحد زعماء الثورة التحريرية «دليل على مكانته الكبيرة على الصعيد الدولي», مشيرا إلى أن «تنقل الجزائريين من كل ربوع الوطن للترحم على المجاهد اكبر دليل على أنهم يستطيعون التمييز بين الذين ناضلوا بدون أي خلفيات من أجل إرساء الديموقراطية وبين أولئك الذين فضلوا الاستقالة من النضال» . ولم يقتصر الحضور على الجزائريين، بل حضرت إلى مقر الأفافاس شخصيات سياسية أجنبية يتقدمها رئيس حركة النهضة التونسية راشد الغنوشي، الذي قال بان الفقيد «رمز من رموز الثورة بالعالم» مضيفا أنه كان ينظر إليه هو و الرئيس الأسبق الراحل أحمد بن بلة في سنوات الخمسينيات كقدوة «وقال أن الراحل كان رمزا من رموز الثورة ومناهضة الاستعمار وهو»خسارة للجزائر وللمغرب العربي الكبير ككل». كما حضر رئيس الجمعية التأسيسية بن جعفر، وعدد من السياسيين الأجانب. أنيس نواري الإفتتاحية آيت أحمد .. المثل الديمقراطي ودّعت الجزائر أمس، الزعيم التاريخي و المعارض السياسي حسين آيت أحمد في جنازة شعبية غير مسبوقة، و هذا أعلى تكريم و أكبر عرفان يمكن أن يحظى به مناضل سياسي بحجمه بعد مماته. هذا الرجل الذي دخل التاريخ و هو حيّ، ابتداء من نضالات الحركة الوطنية إلى المنظمة السرية، إلى الثورة التحريرية ، إلى غاية معركة الديموقراطية و حقوق الإنسان بعد الإستقلال، ربّما يكون اليوم قد حققّ أمنيته السياسية الغالية أخيرا دون عناء، و هي ربح ثقة فئات واسعة من الشعب الجزائري دون موعد انتخابي و دون وعود سياسية. ثقة الشعب التي مصدرها الصندوق قد تهتز مع العواصف السياسية، لكن آيت أحمد الذي كان يقود أقدم حزب سياسي معارض منذ الإستقلال و دخلت تشكيلته الحزبية معركة الصناديق، استطاع أن يوفق بين أطراف معادلة صعبة ، و هو الإبقاء على وهجه الثوري كزعيم تاريخي من الطراز الأول من جهة ، و من جهة أخرى ممارسة المعارضة السياسية لرفقاء السلاح بالأمس. و يبدو أن الزعيم قد حفظ الدرس جيدا غداة الإستقلال و رفض المغامرة بالمنطقة، وانتصر في نهاية المطاف للجزائر الواحدة و للقيم الوطنية السامية و التي من بينها قيمة السلم التي ظل يردّدها إلى آخر أيامه. آيت أحمد ليس فقط قلعة في الجهاد ضد المستعمر الفرنسي، بل أيضا مدرسة في الوطنية و الممارسة السياسية النزيهة، فلم يحدث أن شتم خصومه السياسيين أو حطّ من قيمتهم أثناء الفترات العصيبة التي مرت بها الجزائر سنوات التسعينات، و يقال أنه رفض تولي منصب رئاسة الجمهورية عقب استقالة الرئيس الشاذلي بن جديد ، و إن صحّ ذلك ، فإنه من النادر أن تجد حالة من هذا النوع السياسي. آيت أحمد السياسي حافظ على استقلاليته طوال سنوات الأزمة ، فقد كان خلافه مع النظام السياسي ككتلة ، و ليس مع الأشخاص الطبيعيين، حتى في الأوقات الحاسمة كان يتمتع برباطة جأش كبيرة و ينتصر أخيرا للجزائر و المصالح العليا للأمة ، ولمّا كان يتحدث عن منطقة القبائل و حقها في التنمية، كان يفضل «الجهوية المليحة" ، و هو المرشح الرئاسي الذي جمع الناس من حوله و أقام تجمعات انتخابية في الشرق و الغرب و الصحراء، فاجأت المتتبعين الأكثر متابعة للشأن العام الجزائري. آيت أحمد، المجاهد و الدبلوماسي و المناضل السياسي، ليس صفحة تاريخ طويت و انتهى الأمر ، بل هو مثل يقتدي به المناضلون الوطنيون الشرفاء الذين لا يبيعون و لا يشترون لمّا يتعلق الأمر بالجزائر، و هو أيضا مدرسة للأجيال الناشئة في تعلم النضال دون مقابل إلى غاية الموت ، أما أولئك التائهون و المغرر بهم من الذين يحتكرون الديمقراطية وحقوق الإنسان، فإن ابنه يوغورطة قد تكفل أحسن تكفل بتبليغ وصية أبيه عندما رفض أن يمدّ يده ليصافح أحدهم . و يبدو أن رسالة " الدا الحوسين» قد وصلت إلى الجميع و هو يرقد في قبره هنيا، و عزاؤنا الوحيد فيه أنه ترك للجزائر ابنا يدعى يوغورطة.