مبان آيلة للسقوط و فضاءات غير مهيّأة بقلب مدينة قسنطينة على بعد أمتار قليلة من وسط مدينة قسنطينة، الذي يعج بالحركة و المحلات التجارية، تجتمع المتناقضات بمنطقة بلوزداد السفلي التي يعاني سكانها من إهمال يحيط ببنايتها الاستعمارية القديمة، التي تحولت بمرور السنوات إلى فضاءات بائسة و موحشة، تفتقر إلى أدنى شروط التهيئة و مظاهر المدينة. خلف العمارت المطلة على شارع بلوزداد الرئيسي، و التي استفادت من عملية تحسين للواجهات في إطار برنامج قسنطينة عاصمة الثقافة العربية، يوجد عالم آخر و صورة متناقضة لوسط المدينة، تتجسد ملامحها في بنايات شيدت منذ أزيد من 100 سنة، يقطن بها المئات من العائلات التي تؤكد بأنها تعيش حياة كئيبة و بائسة في عمارات قديمة هشة آيلة للزوال و مهددة بالإنهيار في أية لحظة، ما جعلها تدق ناقوس الخطر نتيجة الإحساس بعدم الآمان على أرواحها وممتلكاتها و التخوف من مستقبل مجهول. و لاحظنا في زيارة للمكان أكواما من القمامة المنتشرة في كل ركن، ردوم لبقايا البنايات طبعت على المنظر العام، و مساكن مهجورة و أخرى لم يتبق منها سوى الأعمدة الحديدية، التي أكلها الصدأ و تكاد أن تهوي هي الأخرى، كما تدهورت قنوات الصرف الصحي و اهترأت شبكة طرقات، لتتحول إلى برك للأوحال كلما تساقطت قطرات من المطر، وسط أسلاك كهربائية معلقة بشكل عشوائي على طول واجهات البنايات. و دق السكان و أعضاء المجتمع المدني في حديثنا إليهم ناقوس الخطر، و قالوا بأن الوضعية تعقدت وتزداد سوء يوما بعد يوم، نتيجة الإهمال و «إقصاء» جميع الأحياء من برامج التهيئة، مطالبين السلطات الولائية بضرورة معالجة ملف البنايات القديمة و إصلاح ما يمكن إصلاحه قبل حدوث «الكارثة»، باعتبار أن العديد من البنايات لم تعد صالحة للسكن، و أصبح هدمها حسبهم ضرورة ملحة، كما تحدثوا عن هجر العشرات من المنازل من طرف من الملاك، مشيرين إلى أنهم لطالما سلكوا نهج الحوار و المطالبة السلمية بحقوقهم مع السلطات المحلية و مختلف الإدارت العمومية، لكن جميع انشغالاتهم لم تلق إلى حد الآن آذانا صاغية رغم محاولاتهم المتكررة و العديدة، على حد قولهم. و طالب محدثونا بضرورة تسجيل وبرمجة مشروع من أجل ترميم بنايات شوارع مسعود بوجريو وبلعكرون محمد الأعلى، بالإضافة إلى بن بوعلي محمد و ساحة شادي، حيث ذكروا بأن الملف الذي قدموه لقي الموافقة من طرف المصالح التقنية للبلدية و تم إيداعه لدى ديوان أوبيجي منذ سنوات، حيث كانوا ينتظرون تفعليه قبل انطلاق تظاهرة قسنطينة عاصمة الثقافة العربية، كما شددوا على ضرورة إجراء دراسة تقنية و وضع حد لإنجراف المنحدر الجبلي المطل على حي قيطوني عبد المالك أسفل المدينة، و كذا تجديد قنوات الصرف الصحي ومياه الشرب، و إنشاء ملاعب جوارية بالمساحات الشاغرة التي تحولت إلى مأوى للمنحرفين و الممارسات المشبوهة، بالإضافة إلى إعادة الإعتبار لجميع الأرصفة والطرقات التي اهترئت و تحولت إلى ممرات ترابية، مشيرين إلى أن جميع الشوارع تفتقر إلى النظافة و شددوا على ضرورة العناية بها بصفة يومية. وكان بعض المنتخبين ببلدية قسنطينة، قد طالبوا في إحدى دورات المجلس الشعبي البلدي، بضرورة فتح ملف الأحياء و البنايات القديمة من أجل برمجة عمليات لترميمها، كما حذروا من أخطار انهيارها فوق رؤوس السكان في أية لحظة.