قال أن التجربة الجزائرية في مجال مكافحة العنف ضد المرأة يمكن أن تشكل مرجعا مفيدا سلال يؤكد أن الدفاع عن حقوق المرأة من أولويات عمل الحكومة أكد الوزير الأول، عبد المالك سلال، أمس الإثنين بالعاصمة، أن التجربة الجزائرية في مجال مكافحة العنف ضد المرأة يمكنها أن تشكل «مرجعا مفيدا»، مضيفا أن الدفاع عن حقوق المرأة من بين أولويات عمل الحكومة. و في كلمة له في افتتاح أشغال الجمعية العامة الخامسة لإعلان كيغالي، قال سلال أن التجربة الجزائرية «يمكنها أن تشكل مرجعا مفيدا كون الدفاع عن حقوق المرأة ومكافحة كل أشكال العنف الممارس ضدها يشكل أولوية العمل الذي تقوم به الحكومة الجزائرية في ضوء توجيهات رئيس الجمهورية الذي يؤكد دوما أنه حان الوقت لإعطاء النصف الأخر من مجتمعنا المكانة التي يكرسها لها الدستور». وذكّر باعتماد الجزائر عام 2007 لإستراتيجية وطنية لمكافحة العنف ضد النساء، التي ترتكز - مثلما أوضح - «على محاور الحماية والإدماج الإجتماعي والإقتصادي وكذا الإصلاحات القانونية والمؤسساتية التي جاءت على ضوئها المصادقة في ديسمبر الماضي على قانون جديد لمكافحة العنف ضد النساء لتجسيد إرادة الدولة في ترقية المرأة وتعزيز الترسانة المجرمة للعنف والحامية لمصالحها وكرامتها». و في ذات السياق، ذكر سلال بتأسيس جائزة وطنية لمكافحة العنف ضد النساء «دعما لجهود التحسيس والوقاية و التربية»، مضيفا أن هذه العناصر من شأنها المساهمة في تصحيح الأفكار المسبقة التي تقوم عليها الفوارق وأشكال العنف. وأكد الوزير الأول عزم الحكومة على مواصلة العمل على مختلف المستويات من خلال مبادرات تضمن إحترام حقوق المرأة في كل المجالات و الظروف. من جهة أخرى، قال سلال أن هذا الإجتماع يمثل «إستجابة القارة الإفريقية لنداء الأمين العام الأممي الذي أطلقه في فيفري 2008 من أجل وضع حد لجميع أشكال العنف ضد النساء و البنات». وأبرز أن هذه الآفة تعتبر من «أخطر إنتهاكات حقوق الإنسان وأقدمها»، لافتا إلى أنه برغم الجهود المعتبرة في مجال مكافحة هذه الآفة لازالت علينا مسؤولية مواصلة العمل لوضع حدّ لجميع أشكال هذا العنف المقيت». كما اعتبر الوزير الأول أن «ما تم تحقيقه في بضع سنوات معتبر ومشجع»، لكن الهدف السامي - كما قال- «لا يزال بعيد المنال». وأشار في ذات السياق إلى أهمية هذا اللقاء «لتقييم أعمال المنظومة الأممية والجهود القارية وبالخصوص الأجهزة الأمنية». وأكد على أهمية التعاون بين الأجهزة الأمنية الإفريقية وأفريبول في تشخيص أفضل الممارسات»، ومنح العمل الإفريقي المشترك دفعا جديدا لمواجهة تحدي العنف ضد النساء. ق و الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون يؤكد من الجزائر لا يجب التسامح بتاتا مع الذين يمارسون العنف ضد المرأة علن الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، أمس الإثنين بالعاصمة، عن إنعقاد قمة للشرطة يومي 2 و3 جوان المقبل في نيويورك، داعيا الجميع للمشاركة في هذا اللقاء لتبادل الآراء حول التكفل بالتحديات الأمنية، و كذا دور الشرطة في ذلك. و جاء الاعلان عن هذه القمة في كلمة ألقاها بان كي مون في إفتتاح أشغال الجمعية العامة الخامسة لبيان المؤتمرالدولي لكيغالي والمخصصة لدور أجهزة الأمن في وضع حد للعنف الممارس ضد النساء والفتيات. وأكد بالمناسبة أنه «لا بد من رفع التحديات الأمنية التي تواجهنا ومنها ظاهرة العنف ضد المرأة» ، داعيا الجميع إلى «التضامن أكثر وعدم التسامح بتاتا» مع أولئك الذين يمارسون العنف ضد المرأة والفتيات. وقال الأمين الأممي في هذا السياق، «عملنا يشمل كافة إجراءات الوقاية والإجراءات الردعية خاصة فيما يتعلق بقضايا العنف ضد النساء للقضاء على اللاعقاب نهائيا». وأعرب بان كي مون عن إنشغاله الكبير إزاء ما يجري في إفريقيا الوسطى من عنف جنسي الذي تتعرض له الفتيات وتورطت فيه بعثة «المينوسكا» (قوات حفظ السلام في إفريقيا الوسطى). وأشار إلى الإجراءات التي إتخذتها الهيئة الأممية و التي شملت طرد المفوض الأممي التابع للأمم المتحدة ، متأسفا لكون العديد من القضايا المشابهة «لا تصلنا ومنها سوء المعاملة». وأشار المسؤول الأممي إلى تنصيب لجنة تحقيق في هذا الإطار ودعوة رئيس الشرطة الكندية للتكفل بمثل هذه التقارير. وخلص بان كي مون قائلا «بصفتي أمين عام للأمم المتحدة أدعو للقضاء على هذه الممارسات غير المقبولة المتعلقة بالعنف الجنسي وعلينا أن نعطي الفرص للنساء لنضمن لهن مستقبلا أفضل». من جهة أخرى، قام الأمين العام لمنظمة الأممالمتحدة بان كي مون في اليوم الثاني و الأخير من زيارته الرسمية إلى الجزائر بالتوجه أمس للمدرسة الابتدائية محمد معزوزي بزرالدة بغرب العاصمة. وقد حضر بان كي مون الذي كان مرفوقا خلال هذه الزيارة بوزير الدولة وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي رمطان لعمامرة ووزيرة التربية الوطنية نورية بن غبريط وممثلة البرنامج الأممي للتنمية بالجزائر كريستينا آمارال جزءً من درس حول التعبير الشفهي. وفي تصريح للصحافة أكد بان كي مون استعداد الوكالات الأممية للتعاون مع وزارة التربية الوطنية لضمان «تعليم ذي نوعية». وقال الأمين العام الأممي أن «التربية تعد من أولويات الأممالمتحدة لبلوغ اهداف التنمية المستدامة» مشيرا الى اهمية توفير وسائل التعليم للأطفال ليصبحوا مواطنين «منتجين ومبدعين وقادرين على تغيير الأمور». ق و وزيرة التضامن أشارت إلى تضمنه لقاءات وندوات بالجامعات والمؤسسات العمومية والخاصة إطلاق برنامج تحسيسي لتعزيز مكانة المرأة في المجال السياسي أعلنت وزيرة التضامن الوطني والأسرة وقضايا المرأة، مونية مسلم، أمس الاثنين، عن اطلاق برنامج تحسيسي يهدف إلى تعزيز مكانة المرأة وتواجدها في المجال السياسي. وأوضحت مسلم أن هذا البرنامج الذي بادرت به الوزارة بالتنسيق مع الجمعيات يتضمن تنظيم لقاءات وندوات بالجامعات والمؤسسات العمومية والخاصة لحث المرأة على أهمية الالتحاق بالنضال السياسي والتألق فيه. وأكدت الوزيرة في تصريح إذاعي أن هذا البرنامج يرمي إلى تزويد المرأة بمختلف آليات التحاقها بالعمل السياسي، مشيرة إلى أن عددا كبيرا من النساء أثبتن جدارتهن وحققن نجاحات في مختلف المجالات بما يسمح لهن من ولوج عالم السياسة. في سياق متصل، أشارت إلى بعض مواد الدستور من بينها تلك الرامية إلى ضمان المساواة بين المواطنين في الحقوق والواجبات وترقية التناصف بين الرجال والنساء في سوق العمل، وكذا تلك الرامية إلى ترقية المرأة في مناصب المسؤولية في الهيئات والإدارات العمومية وعلى مستوى المؤسسات. من جهة أخرى، ذكّرت الوزيرة بالآليات التى تمنحها الدولة في مجال أجهزة دعم التشغيل والتى تفتح فرص التحاق المرأة بسوق العمل أو بانشاء مشاريع عن طريق العمل المقاولاتي. ولدى تطرقها إلى بعض مؤشرات تواجد المرأة في سوق العمل أكدت الوزيرة أن عدد النساء العاملات في الفترة الممتدة ما بين 1962 إلى سنة 2015 انتقل من 90.500 امرأة الى 1.934.000 حسب معطيات الديوان الوطني للاحصاء، أي ما يمثل أزيد من 18 بالمائة من مجموع القوى العاملة في نفس الفترة. وفي سياق آخر أكدت الوزيرة أنه تم اتخاذ عدة إجراءات لمرافقة المرأة العاملة، مشيرة إلى أن مشروع ميثاق المرأة العاملة الذي بادرت به الوزارة يتضمن عدة مقترحات من بينها تمديد عطلة الأمومة وفترات الرضاعة والتكثيف من مراكز للحضانة. وأوضحت الوزيرة أن هذا المشروع يهدف إلى مرافقة المرأة العاملة لمساعدتها على أن توفق بين دورها المهني من جهة وبين مهامها داخل الأسرة من جهة أخرى. وأكدت في نفس السياق، أن عدة دراسات أثبتت أن تمديد عطلة الأمومة وأوقات الرضاعة لفائدة المرأة العاملة له «مردود ايجابي على المدى المتوسط وفي عدة مجالات. ق و في الجمعية العامة ال 5 لبيان المؤتمر الدولي لكيغالي المنعقدة بالعاصمة تكريم الرئيس بوتفليقة عرفانا بجهوده في ترقية المرأة تم تكريم رئيس الجمهورية، السيد عبد العزيز بوتفليقة، أمس الإثنين بالعاصمة، «عرفانا وتقديرا لمجهوداته الهادفة الى ترقية وحماية المرأة الجزائرية» بمناسبة إنعقاد الجمعية العامة لبيان المؤتمر الدولي لكيغالي حول دور الأجهزة الأمنية في وضع حد للعنف ضد النساء والفتيات. و تسلم هذا التكريم الوزير الأول عبد المالك سلال، من أيدي المدير العام للأمن الوطني اللواء عبد الغني هامل. كما تم بالمناسبة أيضا تكريم كل من السيد سلال والأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون والمفتش العام للشرطة الرواندية، إيموانيل كزانا، و كذا اللواء هامل. وكانت أشغال هذا الندوة، التي تنظمها المديرية العامة للأمن الوطني، قد انطلقت صبيحة أمس بإقامة جنان الميثاق، بحضور السيد سلال والأمين العام الأممي وعدد من أعضاء الحكومة. و يشارك في هذا اللقاء، الذي يندرج في إطار مواصلة تعزيز علاقات التعاون بين مصالح الشرطة على مستوى القارة الإفريقية، ممثلو مصالح الشرطة الإفريقية ووكالات الأممالمتحدة المتواجدة بالجزائر. ويعكف المشاركون على مدى يومين، على تبادل التجارب والخبرات فيما يخص مكافحة العنف ضد المرأة وعرض الإصلاحات التي باشرتها أجهزة الشرطة بالقارة الإفريقية فيما يخص مكافحة العنف ضد النساء والوقاية منه. ق و المدير العام للأمن الوطني اللواء عبد الغني هامل 20 ألف موظفة تعملن بأجهزة الأمن الوطني بينهن 427 يشغلن مناصب قيادية أكد المدير العام للأمن الوطني، اللواء عبد الغني هامل، أمس الإثنين بالعاصمة، أن الجزائر مستمرة في تدعيم ترقية حقوق المرأة لاسيما من خلال تطبيق مبدأ المساواة بين الرجل و المرأة المكرس دستوريا. و في كلمة له في إفتتاح أشغال الجمعية العامة الخامسة لإعلان كيغالي، قال اللواء هامل «إن الجزائر مستمرة في سياق الإصلاحات التي يقوم بها السيد رئيس الجمهورية الرامية في تدعيم الضمانات المتعلقة بترقية حقوق المرأة لا سيما تطبيق مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة المكرس دستوريا». وأشار إلى أن احتضان الجزائر لهذه الندوة وبرمجتها عن قصد مع اليوم العالمي للمرأة، هو تحية للمرأة الإفريقية و الجزائرية على التضحيات التي قدمتها والكفاح الذي خاضته خلال مختلف مراحل تاريخ بلادنا. وأشاد اللواء هامل بدور رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة، في ترقية حقوق المرأة و في تثمين دورها في بناء الجزائر. وأوضح أن المقاربة المعتمدة من طرف الشرطة الجزائرية في مكافحة كل أشكال المساس بحق النساء والقصر بشكل عام «ترتكز أساسا على تنمية الوسائل و القدرات المهنية وتوطيد علاقة الثقة مع المواطنين وكذا ترقية المجتمع المدني و الشراكة المؤسساتية». بالمناسبة، أبرز اللواء هامل أن مصالح الشرطة الجزائرية تتوفر على قوى من العناصر النسوية تقدر ب 20 ألف موظفة من بينهن 427 يشغلن مناصب قيادية. من جهة أخرى، ذكر المدير العام للأمن الوطني بالحملة التي أطلقها سنة 2008، الأمين العام الأممي، بان كي مون، حول مكافحة العنف ضد النساء والفتيات و كذا بتلك التي أعقبتها سنة 2010 و المسماة «افريقيا متحدة». وأكد أن هذه المبادرات «مكنت من إرساء أسس للتعاون الإقليمي الثري والمثمر في هذا المجال» و «تهدف إلى تعميم عمل المنظومة الأممية وتبادل الخبرات والتجارب المكتسبة من طرف الأجهزة المكلفة بتطبيق القانون وأيضا الممارسات الجيدة في التكفل بهذه المسائل ذات الأولوية». ويرى اللواء هامل أن المعالجة المثلى لظاهرة العنف ضد المرأة تستحق مشاركة واسعة وتعبئة كبيرة للمجتمع برمته، مشيرا إلى أن إنماء التعاون الدولي «يبقى أمرا بالغ الأهمية»، لافتا في هذا الإطار إلى أهمية آلية التعاون الشرطي الإفريقي «افريبول». ق و قوانين صارمة في مواجهة مظاهر العنف اللفظي ضد المرأة ملاحقات و تحرشات في الشوارع و الأماكن العامة خرج التحرش ضد النساء عن دائرته الضيقة و صرنا نراه كل يوم في الشوارع و داخل وسائل النقل و حتى في الفضاءات المغلقة، غير أن الجهات الأمنية سجلت نقصا في الظاهرة منذ إقرار قانون تجريم العنف ضد المرأة، و بدأت في تلقي شكاوى الضحايا، لكن الكثير من النساء اللواتي تحدثنا إليهن، لازلن يخشين من خطوة التبليغ و دخول أروقة المحاكم، بسبب الخوف من نظرة المجتمع. استطلاع: ياسمين بوالجدري لأول مرة في تاريخ الجزائر و بعد جدل حرّك الساحة السياسية لأشهر، دخل القانون المعدل و المتمم لقانون العقوبات الجزائري المتضمن إجراءات جديدة لحماية المرأة، حيز التنفيذ شهر فيفري الماضي، ليسلط عقوبات صارمة تصل إلى 6 أشهر حبسا في حالات التحرش اللفظي، و أقصاها 20 سنة سجنا بالنسبة للعنف الجسدي، و هي إجراءات يرى المختصون أن من شأنها حماية المرأة من جميع أشكال العنف التي قد تتعرض له من الزوج و الأقارب داخل الأسرة، أو في الشارع و مقار العمل، سواء كان العنف جسديا أو جنسيا أو لفظيا. و يعلق الحقوقيون على هذا القانون آمالا كثيرة، خصوصا و أن الجزائر أحصت العام الماضي فقط، قرابة 7 آلاف حالة ضد المرأة، و هو رقم، و على ضخامته، لا يعكس حقيقة ما تتعرض له النساء يوميا من تعنيف، حيث تؤكد أرقام رسمية أن قرابة 90 بالمائة منهن يخشين التبليغ عن المعتدين، لأسباب عديدة أهمها الخوف من نظرة المجتمع، فيما تسجل كل يوم المئات من حالات التحرش اللفظي في الشوارع، ضد نساء تفضل الكثير منهن التزام الصمت لصعوبة إثبات الجرم، لأن مرتكبه عادة ما يكون غير معروف و يسهل عليه التواري عن الأنظار خوفا من المتابعة. و تكشف آخر الأرقام التي عرضتها المديرية العامة للأمن الوطني، أن ولاية قسنطينة تحتل المرتبة الثالثة من حيث عدد النساء المعنفات، بعد الجزائر و وهران، و قد أجرت "النصر" استطلاعا في أهم شوارع وسط مدينة قسنطينة و تحدثت إلى فتيات و نساء و شباب لمعرفة رأيهم في ظاهرة التحرش و الإجراءات الصارمة التي حملها قانون العقوبات، كما رصدت بعض مظاهر التحرش في الشارع و نقلت بعض صوره. شيوخ يعاكسون متزوجات و حوامل! وقفنا في استطلاع أجريناه بمناطق مختلفة من قسنطينة، على حقيقة أن مظاهر التحرش اللفظي قلّت بشكل ملحوظ، رغم استمرار تسجيل حالات لشباب يجلسون بحواف الطرقات و قرب بعض المؤسسات التعليمية، من أجل اصطياد الفتيات، كما لا تخلو الشوارع الرئيسية من متحرشين بينهم حتى شيوخ تنبز شفاههم التي يحركونها بصعوبة، بكلمات خادشة للحياء توجه لكل امرأة تمر بالقرب منهم، و لا يهمهم إن كانت تلك المرأة متزوجة أو حتى حاملا، و قد شاهدنا في ساحة "لابريش» رجلا يبدو في الأربعينات من العمر و تظهر هيئته عادية، لكن تصرفاته كانت غريبة، فبالرغم من الحركة الكثيفة التي تشهدها هذه الطريق، إلا أن هذا الشخص لم يتردد في الوقوف وسط المكان و توجيه عبارات "تغزل" و أحيانا "إهانة" للنساء اللواتي كن يسرن بجانبه، و كل على ذلك على مرأى و مسمع المارة الذين لم يحرك أحدهم ساكنا. و على اعتبار أنهن أول معني بقانون تجريم المرأة، اقتربت "النصر" من نساء و فتيات وجدناهن في وسط المدينة، و قد تفاجأنا بأن بعضهن و من بينهن طالبات، لم يسمعن أصلا بالإجراءات الجديدة التي وضعها المشرع الجزائري لصالحهن، فيما أبدت أخريات اطلاعا سطحيا على مضمونه، لكننا لمسنا وعيا بمحتواه عند مجموعة من النساء، حيث قالت لنا إحداهن و هي موظفة بمؤسسة تربوية، أنها سعيدة جدا بالعقوبات الجديدة التي تم إقرارها ضد من يعنف المرأة، غير أنها لم تفكر بعد في التبليغ عمن يتحرش بها في الشارع أو العمل، رغم أنها سردت لنا قصة تعرضها لمحاولة اعتداء في الطريق من طرف متحرش رفضت الانسياق له. فتيات يسكتن عن المضايقات خوفا من الأهل و في كل مرة كنا نطرح فيها سؤالا على السيدات أو الفتيات بشأن احتمال إيداع شكوى ضد المتحرش في الشارع، يستغربن أو يبتسمن و كأن الفكرة لم ترد يوما في أذهانهن، حيث ذكرت تلميذة في الطور الثانوي، أنها تخشى كثيرا من هذه الخطوة لأن ردة فعل والدها المتحفظ غير متوقعة و قد تنقلب الأمور لغير صالحها داخل الأسرة، إلى درجة أنها لم تعلم عائلتها بأن شخصا تحرش بها عبر موقع التواصل الاجتماعي «فايسبوك» و حاول ابتزازها، فيما قالت زميلتها بأنها أصبحت تضطر للسكوت عن المعاكسين، لأن الرد عليهم سيقابل بتحرش أعنف يمكن أن يصل إلى حد الاعتداء عليها. و لا يسلم من المعاكسات التي تحمل عبارات السب و الشتم و القذف، أي امرأة مهما كان مظهرها ، بحيث قالت طالبة جامعية كانت ترتدي جلبابا أسودا فضفاضا و لا تضع مساحيق زينة على وجهها، أنها توقعت بأنها ستكون بمنأى عن التحرشات في الشارع بعد التزامها أكثر في اللباس، لكنها تفاجأت بأن الأمر تعقد بتعرضها لمضايقات أكثر، و هو أمر تقول بأنها لم تجد له أي تفسير، معلقة "صدقيني، حتى لو ارتديت كيسا من الخيش، ستستمر هذه المظاهر". و إن ذكرت بعضن أنهن لاحظن نقصا في التحرش اللفظي بالشوارع في الفترة الأخيرة، تجمع النساء و الفتيات اللواتي تحدثنا إليهن، على أن المضايقات تلازمهن منذ الخروج من باب المنزل و حتى الوصول إلى مكان العمل، و غالبا ما يكون الاعتداء اللفظي من طرف أشخاص غرباء يمكن أن تصادفهم المرأة في الشارع أو في الحافلة أو على متن سيارة الأجرة، إلى درجة أن الوقوف لبضع دقائق في الشارع لانتظار وسيلة نقل أو أي شخص، يمكن أن يتحول إلى مصدر إزعاج للمرأة، التي ستضطر لسماع مختلف أنواع الكلمات النابية و الخادشة للحياء و عبارات القذف من طرف رجال و حتى مراهقين لم يعد الوازع الديني و لا الآداب العامة رادعا لهم. بلاغات التحرش تزيد في المدن و تقل في المناطق المحافظة و تحجج بعض الشباب الذين تحدثنا إليهم في استطلاعنا، بأنهم يعاكسون الفتيات لأن بعضهن «يلفتن الانتباه» بسبب لباسهن، و قالوا بأنهم لا ينظرون للمتحجبات اللواتي ترتدين "لباسا محتشما"، و قد ذهب بعضهم إلى حد تحميل المرأة "الجزء الأكبر من المسؤولية" في المعاكسات، لكنهم عجزوا عن إيجاد تفسير لحالات المتجلببات اللواتي يتعرضن للمعاكسة، و قال بعضهم أن المتسببين فيها هم أشخاص لا يطبقون تعاليم الدين الإسلامي التي تحرم مثل هذه السلوكيات، و لم يتربوا على القيم الأخلاقية و احترام الآخر داخل أسرهم. و قد أكد مصدر أمني للنصر، أن مصالح الأمن بقسنطينة و على مستوى المدينة الجديدة علي منجلي مثلا، سجلت في الأسابيع القليلة الماضية التي تلت البدء بالعمل بقانون تجريم العنف ضد المرأة، نقصا "كبيرا" في حالات التحرش اللفظي و الجسدي في الشارع أو داخل الأسرة، كما بدأت الشكاوى تتهاطل على مقرات الأمن من طرف النسوة المعنفات، و من بينها بلاغات تخص نساء تعرضن لمعاكسات خطيرة في الشارع، و هي شكاوى تم على إثرها تعقب المتورطين فيها و القبض على عدد منهم، فيما تمكن كثيرون من الفرار، خصوصا و أن الضحايا لا تعرفن هوية هؤلاء الأشخاص الغرباء. الوضع نفسه يسجل تقريبا بوسط مدينة قسنطينة، بعدم تردد الكثير من النساء في التبليغ عن التحرشات، بعدما صرن على ثقة أن القانون في صفهن، لكن مقابل ذلك، كما يؤكد مصدر أمني آخر للنصر، سُجل نقص في حالات التحرش التي تصل لمصالح الأمن، بسبب تراجع الظاهرة بشكل ملحوظ مع إقرار التعديلات الجديدة في قانون العقوبات. من جهة أخرى، تشير إحصائيات حصلت عليها النصر من القيادة الجهوية للدرك الوطني بقسنطينة، التي تغطي مناطق ريفية تغلُب عليها البيئة المحافظة، إلى معالجة 52 قضية تحرش ضد المرأة بجميع أشكاله في 15 ولاية بالشرق، حيث سجلت في جانفي 2015، 6 قضايا تحرش، مقابل قضية واحدة هذا العام، و أحصت في فيفري من العام الماضي 6 حالات أيضا، تقابلها حالة تحرش وحيدة تم التبليغ عنها لمصالح الدرك الوطني، و هي أرقام تعكس، حسب مصدر من القيادة الجهوية، استمرار خشية النساء في المناطق الريفية و المحافظة من التبليغ، لاعتبارات اجتماعية عديدة. ي.ب الحقوقية فتيحة بغدادي قانون العقوبات الجديد شجّع المُعنّفات على الخروج عن صمتهن تؤكد الناشطة و الحقوقية فتيحة بغدادي، أن التعديلات التي حملها قانون العقوبات لصالح النساء المُعنفات، ساعدت المرأة على كسر حاجز الخوف بالتقدم بالشكاوى ضد المُعتدين، لكنها كثيرا ما تصطدم بذهنيات بعض أفراد المجتمع، الذين يرفضون تقديم الشهادات لصالحها بأروقة المحاكم، خاصة في حالات العنف اللفظي. و ترى الأستاذة بغدادي رئيسة جمعية حماية و ترقية حقوق الأسرة، أن النصوص الجديدة التي تضمنها قانون العقوبات، في الشق المتعلق بمكافحة العنف ضد المرأة، جاءت لتشديد العقوبات على كل من يمارس العنف الجسدي أو اللفظي على النساء، باعتبارهن "فئة مستضعفة" يجب حمايتها، كونها تشغل دورا مهما داخل الأسر و تشكل عمودها الفقري، مستغربة «التهويل» الذي صاحب هذه التعديلات، خاصة أن قانون العقوبات الموضوع منذ سنة 1996 يعاقب كل شخص يعنف شخصا آخرا، حتى أنها عالجت قضايا كثيرة لرجال تعرضوا للتعنيف من زوجاتهم و لجأوا للعدالة. و ذكرت الحقوقية في اتصال ب "النصر"، أنها لاحظت تسجيل ارتفاع في عدد القضايا التي تصل أروقة المحاكم من طرف النساء المعنفات، بعد حوالي شهر من دخول قانون العقوبات الجديد حيز التنفيذ، مرجعة ذلك إلى تحسس المرأة لحقوقها و اطلاعها بشكل أكبر على القوانين، حيث سجلت عدة شكاوى تخص اعتداءات لفظية و جسدية داخل و خارج الأسرة، تتعلق بتحرشات في مؤسسات عمومية كبرى تعرضت لها موظفات، و حالات تعنيف لفظي خطير ضد نساء من طرف أزواجهن، لكن في ما يخص قضايا التحرش بالأماكن العمومية، أكدت بغدادي بأنها لم تقف على أية حالة بعد، لأن الكثير من النساء "تعودن" على ذلك، كما أن إثبات واقعة التحرش غالبا ما يكون صعبا، لامتناع المارة عن الإدلاء بشهادة ضد المعتدي. و بالرغم من النصوص التي تضمنها قانون العقوبات لصالح المرأة و التي تصل حد الحبس لعشرين سنة في حالة الاعتداءات الجسدية الخطيرة، إلا أن تنفيذ هذه النصوص يصطدم، برأي الحقوقية بغدادي، بذهنيات المجتمع و جموده، بحيث أكدت أنها وقفت على حالات رفض الجيران لتقديم شهادة ضد جارهم الذي يعنف زوجته، رغم أنهم يسمعون صراخها كل يوم، كما قدمت مثالا عن موظفة في شركة وطنية كبرى تعرضت للتحرش من مديرها، لكن زملاءها رفضوا الإدلاء بشهادة ضد مديرهم. و تضيف الحقوقية أن كل هذه الحالات تعكس نظرة المجتمع «الدونية» تجاه المرأة و التي يجب أن تتغير بشكل جذري، حتى أن البعض يلقي عليها اللوم في قضايا التحرش و قد تفقد منصب عملها في المستقبل، بعدما صار يُنظر إليها بعين الريبة، و كثيرا ما تسجل، بحسب بغدادي، حالات تعنيف لفظي يصعب إثباتها، خصوصا داخل الأسرة، بحيث غالبا ما يرفض الأبناء تجريم الأب حتى لو اعتدى على والدتهم. ياسمين.ب فاروق قسنطيني للنصر لسنا بعيدين عن التجربة التونسية في مجال حماية المرأة يرى الأستاذ فاروق قسنطيني، رئيس اللجنة الوطنية الاستشارية لترقية و حماية حقوق الإنسان، أن العقوبات «الصارمة» التي جاءت في تعديلات قانون العقوبات، من شأنها ردع تعنيف المرأة، لكن آثارها سوف تظهر بشكل أكبر خلال سنة أو سنتين، مثلما حصل في بداية التجربة التونسية. و يؤكد الأستاذ قسنطيني أن التعديلات الجديدة ستساهم بشكل تدريجي في التقليل من مظاهر العنف اللفظي و الجسدي المرتبكة ضد المرأة بالجزائر، مضيفا أن هيئته ترحب بهذه الإجراءات لأنها ستسمح للنساء بالعيش في ظروف عادية عوض أن يكن في موقع الضحية، داخل مجتمع يرى قسنطيني أن ثقافة العنف انتشرت فيه بشكل كبير في السنوات الأخيرة، خصوصا لدى فئة الشباب، لأسباب عديدة يقول أن من بينها ترسبات العشرية السوداء. و رغم كل ذلك اعتبر رئيس اللجنة الاستشارية لحماية حقوق الإنسان، أن «العقدة» ستزول تدريجيا، و بأن آثار التعديلات القانونية لصالح المرأة سوف تظهر بعد سنة أو سنتين على الأكثر، بشروع النساء في إيداع الشكاوى الرسمية لدى الجهات الأمنية، متجاوزات المعتقدات التي ترسخت في أذهان الكثير من أفراد المجتمع، و الأمر نفسه بالنسبة للمواطنين الذين سيتشجعون على الإدلاء بشهاداتهم لصالح المرأة. و تُعدّ الجارة تونس، بحسب الأستاذ فاروق قسنطيني، أبسط مثال عن التحولات التي تعرفها المجتمعات مع سن قوانين تجرم العنف ضد المرأة، حيث تابع قائلا في اتصال ب «النصر»، بأن التعديلات القانونية التي عرفها هذا البلد بدأت مع نفس الظروف التي تعيشها الجزائر اليوم، غير أن موقع المرأة في تونس تحسن بشكل ملحوظ مع مرور السنوات، لتصل شريحة النساء إلى مستوى الاحترام الذي تحظى به حاليا، ليؤكد أن هيئته ترى بأن التعديلات التي تضمنها قانون العقوبات "كافية"، لكن نجاحها يتوقف على مدى التنفيذ الفعلي، ما يتطلب لعب كل الجهات المسؤولة عن ذلك للأدوار المنوطة بها. ياسمين.ب امرأة برتبة مفتشة رئيسية مسؤولة الأمانة الخاصة فلاحي شهيناز الصندوق الأسود للمفتشية الجهوية لشرطة الشرق يصفها زملاؤها، بالخلوقة المثابرة تتميز بالمهنية و النشاط، أمومتها لطفل دون السنتين ، لم تقف يوما عائقا أمام مهامها كشرطية برتبة مفتشة رئيسية تتميز عن غيرها، بأنها صندوق أسرار الأمانة الخاصة للمفتشية الجهوية للأمن الوطني بالشرق، مصلحة حساسة لا تتحمل الخطأ، ثقل مسؤوليتها يعجز عن حمله بعض الرجال، هي فلاحي شهيناز، ابنة مدينة قسنطينة التي اختارت البذلة الزرقاء زيا لها و جهاز الشرطة أسرة ثانية تعهدت بالولاء لها و خدمتها. شهيناز من مواليد 17 ماي 1977 بعاصمة الشرق قسنطينة، خريجة جامعة منتوري تخصص علوم قانونية دفعة 2002، واحدة من أبناء جهاز الأمن الوطني الأكفاء، التحقت بصفوفه بعد تخرجها من الجامعة مباشرة، عن طريق المشاركة في مسابقة خاصة لتوظيف مفتشي الشرطة أعلنت عنها المديرية العامة للأمن الوطني خلال شهر مارس من نفس السنة، استفادت من تكوين نوعي متخصص على مستوى مدرسة الشرطة بقسنطينة، البوابة التي خرجت منها إلى حياة الشرطية المتفانية، بعدما قررت التخلي عن حياتها المدنية البسيطة، وهي تجربة حدثتنا المفتش الرئيسي شهيناز عنها، غداة زيارتنا لمكتبها بالمفتشية الجهوية لشرطة الشرق بقسنطينة، مؤكدة بأنها لم تندم يوما على خوض غمارها، لأن الأمن الوطني احتواها و سمح لها بتحقيق ذاتها و التميز كجزائرية قادرة على خدمة الوطن و ضمان سلامة أفراده. بالنسبة لمحدثتنا، كانت سنة 2003 محطة مفصلية في حياتها المهنية، حيث تم نقلها من الأمانة العامة للمفتشية إلى مكتب الأمانة الخاصة، وهي مصلحة جد هامة يتطلب الالتحاق بها التمتع بالكفاءة و القدرة على العطاء و الاستعداد للتضحية على الصعيد الشخصي، كونها تتطلب التزاما مطلقا، وهو ما أثبتته المفتشة عن جدارة، حيث تمكنت من فرض نفسها كعصب رئيسي في الأمانة لقرابة 12 سنة، تعاقب خلالها على رئاستها 8 مسؤولين، كانت الشرطية تنجح في كل مرة في كسب ثقتهم و افتكاك احترامهم، رغم صعوبة العمل بالمكتب الذي يعتبر بمثابة الصندوق الأسود لأسرار و خبايا أهم قضايا ناحية الشرق. بعد عشر سنوات من العطاء، استحقت شهيناز الترقية في العمل، نظير جهودها في خدمة الجهاز، حيث حظيت برتبة مفتش رئيسي، وهو ما زادها عزيمة و رفع حجم مسؤوليتها، فرغم ارتباطها سنة 2007 بمحافظ شرطة زميل لها في العمل و إنجابها لطفل عمره حاليا 15 شهرا، إلا أن مهنيتها لم تتأثر بفضل ما وصفته بتفهم إدارة الجهاز، التي تولي عناية خاصة للمرأة الشرطية. التحاقها بجهاز الأمن في البداية، كان الغرض منه الفوز بوظيفة، كما أخبرتنا، لكن فترة تكوينها بمدرسة الشرطة، جعلتها تقتنع بالأهمية الإنسانية و المسؤولية الوطنية للجهاز، وهو ما ساعدها على المضي قدما في مهامها، و تحدي المجتمع الذي كان ينظر إلى المرأة الشرطية نظرة ضيقة في السابق، وقد تسلحت في معركتها ضد أحكام المجتمع بدعم عائلتها الكبيرة و زوجها الذي كان سندا لها. كشرطية تقول المفتشة، بأنها واجهت الكثير من التحديات، فعلى الصعيد الشخصي كان محيطها الاجتماعي الخاص يجد صعوبة في التعامل معها دون تحفظ أو حسابات، بعد التحاقها بجهاز الأمن، فكان المحيطون بها من أقارب و معارف و غيرهم يعجزون عن الفصل بين شهيناز الشرطية و القريبة و الصديقة، أما على المستوى المهني، فالعمل في مجال يسيطر عليه الرجال، فرض عليها مواجهة العقليات التي ترفض أن تكون المرأة مسؤولة على رجال و دفعها إلى التحلي بالصبر و الاجتهاد ، كما أن التوفيق بين الحياة الخاصة و متطلبات المهنة التي تستدعي التواجد بالمكتب لأزيد من 10 ساعات أحيانا، أمر مرهق. و تواجه من جهة أخرى، صعوبات في التوفيق بين مسؤوليتها المنزلية وعملها، خصوصا خلال الفترة التي كان فيها زوجها بعيدا عن المنزل، بحكم عمله على مستوى مديرية أمن ولاية تبسة. عملها كشرطية صقل شخصيتها، فبالرغم من طبعها اللطيف و الهادئ، إلا أن احتكاكها بمختلف شرائح المجتمع و اضطلاعها على تفاصيل الجرائم و القضايا، سمح لها بتعلم ضبط النفس و التزام الموضوعية و تنمية ذكائها و قدرتها على فهم الأمور و حمل زمام المبادرة، وهو ما يشهد به زملاؤها في العمل، و على رأسهم المفتش الجهوي لشرطة الشرق مصطفى بن عيني، الذي أكد على جديتها و مهنيتها و أخلاقها و ذكائها، مشيرا إلى أنه يحترم فيها تحفظها و يقظتها و كفاءتها في العمل. نور الهدى طابي المرأة والسياسة في الجزائر مكانة معتبرة في التشريعات.. خطوات خجولة في الواقع قطعت المرأة الجزائرية أشواطا معتبرة في العديد من المجالات وحققت نجاحات باهرة في ميادين شتى وسيطرت على قطاعات مثل التعليم والصحة و القضاء متجاوزة بذلك الرجل، وصارت الإناث أكثر تفوقا في الدراسة، و الأكثر نجاحا في امتحان البكالوريا وشهادة التعليم المتوسط، لكن لم يكن اقتحامها للمجال السياسي موازيا لما حققته في الميادين سالفة الذكر.لقد شكلت المادة 31 مكرر التي أدرجها رئيس الجمهورية في التعديل الدستوري لسنة 2008 دفعا قويا للمرأة كي ترتقي في مجال المشاركة السياسية والتمثيل في المجالس المنتخبة، وشكلت بحق هذه المادة ثورة في هذا المجال حتى صارت الجزائر في المرتبة الأولى عربيا و رائدة على مستويات أخرى في هذا المجال، لكن على المرأة بالدرجة الأولى أن لا تضع الرجل على الرجل كما يقال وتنتظر أن تمنح في كل مرة المزيد من المكاسب، عليها أن تدرك أن هذه المكاسب على مر التاريخ تنتزع ولا تعطى على طبق من ذهب.يبقى التأكيد على أن ترقية المشاركة السياسية للمرأة والوصول بها إلى أعلى المراتب هي في الحقيقة ظاهرة مجتمعية معقدة تتداخل فيها عوامل عديدة، اجتماعية ثقافية مرتبطة بتطور الوعي المجتمعي، بالتحول المجتمعي أو «الطفرة المجتمعية» في صورتها الكبرى، وهو ليس بالأمر السهل في مجتمعات تقليدية مثل مجتمعاتنا، لكنه في نفس الوقت ليس مستحيلا في ظل التسارع الحاصل على المستوى الدولي في مختلف مناحي التطور، وفي عالم أصبح نقطة صغيرة مكشوفة الجوانب كلها. سعيدة بوناب نائب بالبرلمان ورئيسة بلدية سابقة كل الظروف مواتية كي تثبت المرأة قدرتها في المجال السياسي سعيدة إبراهيم بوناب امرأة من حديد، هي اليوم نائب في البرلمان عن حزب جبهة التحرير الوطني ومقررة لجنة المالية والميزانية بالمجلس، خاضت في المجال السياسي منذ الصغر وعرفت كيف تتمكن منه بفضل ثقتها في نفسها وحسن معاملتها للجميع.. كانت أول رئيسة بلدية في تاريخ الآفلان وأمينة قسمة، تعتقد السيدة بوناب أن كل الظروف مواتية اليوم للمرأة كي تثبت قدرتها في المجال السياسي على غرار ما فعلته في كل المجالات.. وعليها أن تدرك جيدا أن ذلك لا يمنح على طبق بل ينتزع بالنضال والمقاومة المستمرة فقط. ما هو الدافع الذي جعلك تقتحمين عالم السياسة؟ سعيدة بوناب: كنت طالبة ومناضلة في نفس الوقت في صفوف الاتحاد الوطني للشبيبة الجزائرية ودخلت في ذلك الوقت الجو السياسي إن صح التعبير من باب التطوع والتنقل للولايات، في زمن الرئيس الراحل هواري بومدين كانت السياسة متشبعة بالروح الوطنية، وهي الروح التي كسبتها من العائلة الثورية التي انتمي إليها بحكم أن الوالد مجاهد والأم بنت شهيد ومجاهدة. وخلال دراستي في الجامعة واصلت النضال في صفوف الاتحاد الوطني للشبيبة الجزائرية وبعدما دخلت الحياة العملية ولم أكن انتمي لأي حزب، لكن بعد سنوات قررت دخول الحياة السياسية وتزامن ذلك مع وقت كان فيه حزب جبهة التحرير الوطني قد قدم تشجيعا كبيرا للنساء للانخراط في صفوفه، وانا التي تربيت في البيئة التي ذكرتها آنفا لا يمكنني الانخراط في حزب آخر غير الآفلان، وهكذا في سنة 1999 انخرطت في الآفلان وكان ذلك في وقت عرفت فيه البلاد مرحلة جديدة مع مجيء الرئيس عبد العزيز بوتفليقة الذي شجع المرأة كثيرا. في سنة 2002 كلفني الحزب بأن أترأس اللجنة المكلفة باختيار المرشحين للانتخابات المحلية( بلدية وولائية) ببلدية القبة وقد حققنا فوزا ساحقا في تلك الانتخابات، بعدها عينت كعضو في محافظة حسين داي بالعاصمة وكنت المرأة الوحيدة في مكتب المحافظة. في سنة 2005 وخلال الجمعية العامة لمكتب قسمة القبة ترشحت واصبحت أمينة قسمة، وبعدها بسنتين ترشحت وانتخبت رئيسة لبلدية القبة، وكنت اول امرأة تتبوأ هذا المنصب في تاريخ الآفلان وهذا بفضل إخواني وأخواتي وكذا بفضل الفرصة التي كان يمنحها الآفلان للمرأة قبل قرار الكوطة. وقبل نهاية العهدة جاءت الانتخابات التشريعية فشاركت فيها في قائمة الحزب بالعاصمة وكنت المرأة الثانية على صدر القائمة وهكذا انتخبت نائبا في المجلس الشعبي الوطني. هل المرأة اقتحمت المجال السياسي كما يجب أم لا يزال ذلك محتشما؟ لا لم تقتحم مجال السياسة كما يجب.. المرأة الجزائرية نجحت في كل المجالات وفي تربية أولادها لكن لما نأتي للمجال السياسي نجده أنه ميدان غير سهل بالنسبة لها، لأن النشاط السياسي عندنا يبدأ عادة بعد نهاية العمل، أي بعد الخامسة مساء وهذا لا يساعد المرأة بوجه عام. وبهذا الخصوص على المرأة الجزائرية أن تدرك جيدا ان ما يشاع عن العمل السياسي عادة ليس دائما حقيقة، فهناك احترام للمرأة وتقدير لها من قبل إخوانها الرجال في الأحزاب السياسية وفي العمل السياسي عموما، نعم في الكثير من الأحيان كانت المرأة توضع في ذيل القوائم الانتخابية قبل التعديل الصادر في 2008، وصحيح أيضا ان بعض الظروف لا تشجع المرأة على ممارسة السياسة لكن هذا لا يعني أن ترفع يديها وتستسلم بل عليها النضال والكفاح. انطلاقا من تجربتك الشخصية هل هناك عوائق تحول دون اقتحام المرأة المجال السياسي بقوة؟ في اعتقادي لا توجد عوائق، المرأة التي تريد الانخراط في العمل السياسي لن تجد أي صعوبات، واليوم مكانة المرأة مضمونة على راس القائمة بحكم المادة 31 مكرر من الدستور التي تخص ترقية المشاركة السياسية للمرأة، وهي المادة التي خصصت ما نسبته 31 بالمائة من المقاعد في المجالس المنتخبة للنساء، وعليه فإن مكانة المرأة في المجال السياسي مضمونة حاليا، لكن المرأة لابد أن لا تنتظر من يطرق عليها الباب ليمنحها هذه المكانة، عليها أن تناضل وتقتحم المجال السياسي وتكافح، والمرأة التي تمنح مناصب سياسية عليا على طبق من ذهب لن تعرف معنى النضال. في حزب جبهة التحرير الوطني مكانة المرأة كانت دائما مضمونة، وليس لدينا أي مشكل حتى في المناطق المحافظة، بل هناك تواصل بين أجيال المناضلين، وقد كنا في الآفلان أول من نادى بهذا ثم كرس ذلك الدستور، واليوم بعد التعديل الأخير كرس أيضا المساواة في العمل، وهذا في رأيي جاء بفضل نضال المرأة منذ الثورة التحريرية. من يتحمل مسؤولية عدم دخول المرأة المجال السياسي كما ينبغي؟ المسؤولية تتحملها المرأة نفسها بالدرجة الأولى لأن حقها السياسي مكرس في الدستور، وبناء على ذلك على المرأة وجميع النساء النضال والكفاح من أجل انتزاع هذا الحق وأخذه. هل هناك عوائق ثقافية أو تقاليد مجتمعية تحول دون تمكن المرأة من المجال السياسي جيدا؟ لا أعتقد، الصعوبات موجودة في كل المجالات، والتحرش مثلا موجود في كل القطاعات، لكن على المرأة أن تعي جيدا أنها في نضال دائم ومقاومة مستمرة، الحقوق والمكاسب تنتزع ولا تمنح على طبق من ذهب، وعليها عدم الانتظار. هناك من ينتقد نظام «الكوطة» في كونه لا يمنح الفرصة للاتي يستحققنها؟ في اعتقادي المسؤولية في هذا الباب تقع بالدرجة الأولى على الأحزاب السياسية لأنها هي من تختار، فعلى قيادات الأحزاب اختيار النساء اللاتي يستحققن الترشيح للمناصب ولغيرها، في الآفلان مثلا هناك شروط موضوعة تخص هذه الإشكالية، وهي تفرض وجود كفاءات علمية وتكوين سياسي ونضال وشعبية، ولا ترشح المرأة من أجل الترشح فقط. وأظن أن هذه الإشكالية موجودة في بعض الأحزاب الصغيرة التي لا تملك مناضلات بالعدد الكافي، وهذا يحدث أيضا مع الرجال. لماذا مازال عدد المنخرطات في الأحزاب السياسية ضئيلا مقارنة بعدد المنخرطين من الرجال؟ الانخراط قرار فردي واختياري، في الواقع هناك فعلا نقص في عدد المنخرطات في الأحزاب السياسية، لكننا في الآفلان تجاوزنا هذه الإشكالية، وانخراط النساء والشابات في الحزب أصبح كبيرا ومعتبرا، والمرأة لما تعمل أكثر تفرض نفسها وتنجح في نهاية المطاف وتأتي بنساء أخريات، لابد أن تحل أبواب الأحزاب وأن تنجح المرأة في هذا المجال. وماذا بشأن المناصب السياسية العليا كالحكومة وغيرها؟ بعد مكسب 2008 المتمثل في المادة 31 مكرر، جاء مكسب آخر في التعديل الدستوري الأخير وهو المساواة بين الرجل والمرأة في المناصب وفي العمل، واليوم والمرأة كسبت كفاءات عليا لماذا لا تكون في منصب الوالي مثلا، حيث لا توجد اليوم سوى امرأة واحدة والي، وفي هذا الصدد نتمنى من رئيس الجمهورية -وثقتنا فيه كبيرة لأن بفضله حصلت المرأة على مكاسب عديدة- أن يعطي المرأة حقائب وزارية إضافية في الطاقم الحكومي وفي كل الميادين، والمرأة الجزائرية قادرة ومتمكنة. ومن الجانب الثاني على المرأة أن تعمل وتجتهد أكثر وتنتزع المناصب والمكاسب وأن لا تنتظر خاصة و أن كل الظروف مواتية اليوم ولم يبق عليها سوى العمل. حوار محمد عدنان منتخبات بمجالس محلية بقسنطينة دخلنا السياسة عن قناعة و لسنا مجرد كوطة عبرت الكثير من النساء اللائي خضن تجربة الانتخابات المحلية بولاية قسنطينة عن مواجهتهن لصعوبات للوصول إلى المجالس و يرفضن اعتبار دخولهن البلديات أو الولاية مجرد تحقيق لمنطق الكوطة، لكنهن يعترفن بأن العروشية والسيطرة الذكورية لا يزالان يهيمنان على المجتمع وحتى السياسة ويبعدان المنتخبة عن مراكز القرار الفعلية. جمعتها : هدى طابي وأسماء بوقرن نادية نجار مهندسة الإعلام الآلي المرأة في مواجهة عروش و أغلبية ذكورية نادية نجار مهندسة في الإعلام الآلي من مواليد 8 مارس 1966 بقسنطينة، خريجة جامعة قسنطينة، من بين الدفعات الأولى للمهندسات الجزائريات في هدا المجال، أضافت لتحديها الأكاديمي تحديا آخر، بعدما دخلت المنافسة على مقاعد المجلس الشعبي لبلدية عين سمارة بولاية قسنطينة، ضمن قائمة حزب التحالف الوطني الجمهوري، في إطار محليات 2012، و قد استطاعت التفوق و التواجد من بين الفائزين بالسباق الانتخابي. نادية تشغل كذلك منصب أمينة عامة لجمعية ذات طابع اجتماعي خيري، وهي ابنة لأسرة أفلانية، تربت على حب السياسة و النضال الحزبي، منذ التحاقها بصفوف الحزب العتيد كمناضلة سنة 1999، ترى محدثتنا بأن الشباب الجزائري مطالب بخوض التجربة السياسية لحمل المشعل و تقلد المسؤولية مستقبلا، بما في ذلك المرأة، حتى و إن كانت تجربتها الشخصية أصعب مما تبدو عليه، لأنها واجهت نوعا من الصعوبة في البداية، حيث همشت ضمن قائمة حزبها وعانت من بعض «التمييز»، في ما يتعلق بالترتيب في المقاعد الرئيسية، لكنها و بفضل شعبيتها المستمدة من ثقة أبناء البلدية فيها، استطاعت العودة بقوة و النجاح في الانتخابات، تحت لواء التحالف الوطني الجمهوري، قبل أن تعود مجددا إلى انتمائها الحزبي الأول بسبب قناعتها الراسخة بشرعية الحزب. و تعد تجربتها السياسية كما قالت، مثالا لتحدي المرأة لمجتمع ذكوري، خصوصا و أن المجالس البلدية تعد من أصعب الهيئات المحلية و من يخوض غمار العمل على مستواها، سيكون في مواجهة مباشرة و دائمة مع منتخبيه، أي أنه أمام مسؤولية الوفاء بوعوده و تطبيق برنامجه بكل جدية، فضلا عن ذلك فإن المحيط الاجتماعي في البلديات ضيق و صعب المراس، فالمرأة المنتخبة محليا ستضطر لمواجهة عقليات منغلقة تفرضها طبيعة المجتمع « العرايشي» الذي لا يتقبل ببساطة ممارسة المرأة للسياسة و خروجها للشارع و تعبئته و اتخاذها للقرار نيابة عن الجماعة. إضافة إلى ذلك، فإن نسبة النساء المنتخبات ضئيلة مقارنة بالرجال، الذين يشكلون الأغلبية في المجال، و يفضلون منح الثقة في تقلد مسؤولية اللجان، خصوصا التقنية، للرجال ، وهو ما يعكس نوعا من السلبية في الحكم على كفاءة المنتخبات المحليات، حيث تشغل نادية حاليا منصب عضو في اللجنة الثقافية و الاجتماعية و لجنة المالية بالمجلس، وهي لجان سبق اقتراحها لترؤسها، لكنها فشلت في كسب رهان التصويت بسبب هيمنة الرجال على المجلس و تفضيلهم التصويت لرجل آخر، بدلا من سيدة، ما أشارت إلى أنه شكل صدمة لها. رغم ذلك تؤكد المتحدثة، بأن التواجد ضمن المجلس الشعبي لثالث أكبر بلديات قسنطينة من حيث المساحة و عدد السكان، لم يكن بالصعوبة المتوقعة، بفضل تفهم الزملاء الرجال و احترامهم لدور المرأة كعنصر اجتماعي فاعل. نادية نجار مهندسة الإعلام الآلي المرأة في مواجهة عروش و أغلبية ذكورية نادية نجار مهندسة في الإعلام الآلي من مواليد 8 مارس 1966 بقسنطينة، خريجة جامعة قسنطينة، من بين الدفعات الأولى للمهندسات الجزائريات في هدا المجال، أضافت لتحديها الأكاديمي تحديا آخر، بعدما دخلت المنافسة على مقاعد المجلس الشعبي لبلدية عين سمارة بولاية قسنطينة، ضمن قائمة حزب التحالف الوطني الجمهوري، في إطار محليات 2012، و قد استطاعت التفوق و التواجد من بين الفائزين بالسباق الانتخابي. نادية تشغل كذلك منصب أمينة عامة لجمعية ذات طابع اجتماعي خيري، وهي ابنة لأسرة أفلانية، تربت على حب السياسة و النضال الحزبي، منذ التحاقها بصفوف الحزب العتيد كمناضلة سنة 1999، ترى محدثتنا بأن الشباب الجزائري مطالب بخوض التجربة السياسية لحمل المشعل و تقلد المسؤولية مستقبلا، بما في ذلك المرأة، حتى و إن كانت تجربتها الشخصية أصعب مما تبدو عليه، لأنها واجهت نوعا من الصعوبة في البداية، حيث همشت ضمن قائمة حزبها وعانت من بعض «التمييز»، في ما يتعلق بالترتيب في المقاعد الرئيسية، لكنها و بفضل شعبيتها المستمدة من ثقة أبناء البلدية فيها، استطاعت العودة بقوة و النجاح في الانتخابات، تحت لواء التحالف الوطني الجمهوري، قبل أن تعود مجددا إلى انتمائها الحزبي الأول بسبب قناعتها الراسخة بشرعية الحزب. و تعد تجربتها السياسية كما قالت، مثالا لتحدي المرأة لمجتمع ذكوري، خصوصا و أن المجالس البلدية تعد من أصعب الهيئات المحلية و من يخوض غمار العمل على مستواها، سيكون في مواجهة مباشرة و دائمة مع منتخبيه، أي أنه أمام مسؤولية الوفاء بوعوده و تطبيق برنامجه بكل جدية، فضلا عن ذلك فإن المحيط الاجتماعي في البلديات ضيق و صعب المراس، فالمرأة المنتخبة محليا ستضطر لمواجهة عقليات منغلقة تفرضها طبيعة المجتمع « العرايشي» الذي لا يتقبل ببساطة ممارسة المرأة للسياسة و خروجها للشارع و تعبئته و اتخاذها للقرار نيابة عن الجماعة. إضافة إلى ذلك، فإن نسبة النساء المنتخبات ضئيلة مقارنة بالرجال، الذين يشكلون الأغلبية في المجال، و يفضلون منح الثقة في تقلد مسؤولية اللجان، خصوصا التقنية، للرجال ، وهو ما يعكس نوعا من السلبية في الحكم على كفاءة المنتخبات المحليات، حيث تشغل نادية حاليا منصب عضو في اللجنة الثقافية و الاجتماعية و لجنة المالية بالمجلس، وهي لجان سبق اقتراحها لترؤسها، لكنها فشلت في كسب رهان التصويت بسبب هيمنة الرجال على المجلس و تفضيلهم التصويت لرجل آخر، بدلا من سيدة، ما أشارت إلى أنه شكل صدمة لها. رغم ذلك تؤكد المتحدثة، بأن التواجد ضمن المجلس الشعبي لثالث أكبر بلديات قسنطينة من حيث المساحة و عدد السكان، لم يكن بالصعوبة المتوقعة، بفضل تفهم الزملاء الرجال و احترامهم لدور المرأة كعنصر اجتماعي فاعل. عوادي فتيحة من التعليم إلى السياسة زوجي تحفظ وأبنائي رحبوا بالفكرة تعد أستاذة اللغة الفرنسية المتقاعدة عوادي فتيحة 61 سنة، أول سيدة تترشح لعضوية المجلس المحلي لبلدية عين سمارة خلال تشريعيات 2002، حيث تعتبر تجربتها رائدة، على اعتبار أن تلك المرحلة لم تعرف مشاركة كبيرة للمرأة سياسيا، وكانت بمثابة تحدي حقيقي لمجتمع لطالما اعتبر السياسة حكرا على الرجال. توضح محدثنا بأنها ترشحت لمحليات 2002 بطلب من حزب التجمع الوطني الديمقراطي، الذي جندها ضمن قائمة مرشحيه و منحها الأولوية في التواجد ضمن المراتب الأولى، وهو ما اعتبرته فرصة لخدمة الوطن كما عبرت، خصوصا و أن علاقتها بسكان بلدية عين سمارة جد ممتازة بحكم وظيفتها السابقة كمدرسة لغة فرنسية بواحدة من متوسطات البلدية، وتعد تلك التجربة الأولى التي استغلتها كفرصة للتعلم و ربط مجموعة من العلاقات التي من شأنها تسهيل ممارستها لمهامها كعضو في اللجنة الثقافية و الاجتماعية و الرياضية. سنة 2012 أعادت الكرة مجددا، وتمكنت من افتكاك أحد مقاعد المجلس الشعبي البلدي، حيث تشغل نفس العضوية ضمن نفس اللجنة، التي قالت بأن العنصر النسوي يطغى عليها نظرا لطبيعتها الاجتماعية، التي تتطلب سلاسة في التعامل مع مختلف الشرائح الاجتماعية. وحسب المتحدثة فإن محيطها الأسري كان متضاربا من حيث الرأي فيما يخص ترشحها للانتخابات ففي وقت أيد أبنائها موقفها، أبدى زوجها نوعا من التحفظ خصوصا فيما يتعلق بنشر صورها ضمن قوائم الترشح، لكنه تفهم الأمر و دعمها في النهاية. وحسبها فإن تواجد المرأة في المجالس المحلية حتمية لا بد منها كونها عنصر فاعل و من شأنه تقديم إضافة نوعية ومساهمة حقيقية، لا تقتصر فقط على المقترحات بل التدخل لحل المشاكل و اتخاذ القرارات. طريفي مفيدة عضو بالمجلس الشعبي الولائي مبادرات النساء الشابات لم تلق التشجيع اللازم تؤكد طريفي مفيدة عضو بالمجلس الشعبي الولائي بقسنطينة عن حزب «الأرندي»، أن تجربتها الفتية في الساحة السياسية، لم تخل من صعوبات واجهتها منذ البداية، بسبب حالة القطيعة التي لاحظتها بين الجيلين القديم و الجديد و عدم تشجيع مبادراتها من طرف بعض زملائها الرجال بالمجلس. و ترى الآنسة طريفي و هي شابة في الثلاثينات من العمر خاضت تجربتها السياسية مع حزب التجمع الوطني الديمقراطي، أن المرأة اليوم أثبتت وجودها في الساحة السياسية مثل زميلها الرجل و أصبحت تشارك في اتخاذ القرار، بل أنها استطاعت تغيير تلك «النظرة الدونية» اتجاهها، حيث قالت في حديث للنصر أنها، مثلا، تفوقت على الرجل في كثير من الأحيان، بالإصرار على فرض موقفها و الإبداع في عملها و إتقانه. وتقول مفيدة التي تعمل صحفية في جريدة «الشعب»، أن ميولها للسياسة كان منذ الصغر، حيث كانت تتابع القضايا الراهنة و دورات البرلمان و تطالع الكتب المتخصصة في السياسة، كما أن محيطها الأسري منحها، كما أضافت، ثقة بالنفس و ساهم بشكل كبير في تنمية طموحاتها السياسية و هو اهتمام بدأت معالمه تتضح بعد تحصلها على شهادة ليسانس في الإعلام و الاتصال، حيث عملت بجريدة «البلاد» ثم «الشعب»، و قد فتح العمل الصحفي لطريفي الأبواب لولوج عالم السياسة، التي تقول أنها دخلتها بالصدفة خلال تغطية زيارة وزير التربية الأسبق بن بوزيد، حين طرحت سؤالا ذو خلفية سياسية، جعل أحد قياديي «الأرندي» يعرضون عليها فكرة الانخراط في الحزب، و هو عرض قبلته بعد تردد. الصحفية و السياسية الشابة مفيدة طريفي قالت بأن تجربتها كعضو منتخب بالمجلس الشعبي الولائي عن حزب «الأرندي» منذ 4 سنوات، لم تكن كما كانت تطمح إليه، حيث اكتشفت أن واقع العمل السياسي يختلف تماما عما كانت تتصوره، فهو صعب جدا برأيها، موضحة بأنها لم تجد الدعم و التشجيع الكافيين من أعضاء المجلس، فلم يحدث، حسبها، تفاعل بين الجيلين الجديد و القديم، الذين يُفترض أن يكونا «يد واحدة»، ما منعها من الاستفادة من خبرات الذين سبقوها، لكن ذلك لم يمنعها، كما قالت، من أداء دورها كعضو في المجلس، حيث كانت تقوم بعملها الجواري و تصغي للمشاكل التي تطرح عليها، خاصة من فئة الشباب. ليلة جميل قابلة رئيسية ونقابية تواجد المرأة في المجالس البلدية ليس مجرد نسبة ليلة جميل 44سنة، قابلة رئيسية بعيادة التوليد بعين سمارة، ورئيسة لجنة الخدمات الاجتماعية بالمؤسسة العمومية للصحة الجوارية بالخروب، و ممثلة نقابة قابلات قسنطينة، منتخبة محلية بالمجلس الشعبي لبلدية عين سمارة ، تؤكد بأن الممارسة السياسية للمرأة في المجالس المنتخبة هي ممارسة فعلية خصوصا ما تعلق بالمجالس المحلية، و لا تعد مجرد استثمار حزبي في العنصر النسوي استيفاء لشرط الكوطة. المنتخبة وهي أم لبنتين خريجة جامعة قسنطينة، أوضحت بأنها تتمتع بكامل الصلاحيات التي يخولها لها منصبها كمنتخبة بلدية منذ سنة 2012، عن حزب التحالف الوطني الجمهوري، حيث تحاول في كل مرة لعب دور فاعل في اتخاذ كل القرارات المتعلقة بشؤون البلدية و تسيير اللجان التي تشمل عضويتها على غرار اللجنة التقنية للأشغال و لجنة الصحة التي سبق وأن اقترحت لرئاستها بحكم تخصصها المهني، لكنها اعتذرت بسبب كثرة ارتباطاتها. و ترى المتحدثة بأن المرأة استطاعت أن تفرض نفسها في المجالس البلدية بفضل قدرتها على المبادرة و الالتزام بتطبيق القرارات و تفعيل المقترحات، وهو ما حولها إلى عنصر مؤثر في اتخاذ القرار و ليس مجرد نسبة معينة فرضها القانون على الأحزاب، ما اعتبرته انفتاحا اجتماعيا على دور المرأة و تأكيدا على وجود إرادة سياسية لترقية دورها، وهو ما يشجع النساء على التواجد بقوة في كل مناسبة سياسية، و العمل من أجل التقدم و تقلد مناصب هامة كوزيرات و لما لا رئيسات حكومة. صورية مهلل.. من النشاط الجمعوي إلى العمل السياسي مؤسسة أول جمعية بالقل تريد رئاسة المجلس البلدي تعد صورية مهلل وجها نسائيا معروفا على مستوى مدينة القل بنشاطها الكبير، وتعتبر أول رئيسة جمعية على مستوى منطقة القل، وتعود فكرة تأسيسها لجمعية قبس الثقافية إلى فترة الأزمة الأمنية التي عاشتها الجزائر في بداية التسعينيات من القرن الماضي، رغبة منها في الدفاع عن السلم الاجتماعي الذي كان مهددا وقتها، حيث تحصلت الجمعية على اعتمادها سنة1995 وكانت وقتها تضم شريحة واسعة من الشباب الجامعيين توحدت أهدافهم حول فكرة واحدة وكان منهم حسب رئيسة الجمعية من فقد أفراد عائلته ، إضافة إلى شباب مولع بالشعر والفنون، و سخرت تلك الطاقات بالتنسيق مع السلطات المحلية في إرساء ثقافة السلم والمصالحة تم تحولت لبعث التنمية، وبفضل النجاح الذي حققته الجمعية محليا كبر حلم صورية للدخول إلى معترك السياسة التي قالت عنها أنها فرضت عليها ولم يكن اختيارها الأول، وكان الظفر بمقعد في المجلس الشعبي البلدي في انتخابات 2012 ضمن حزب الحركة الشعبية الجزائرية واليوم تشرف على الفرع البلدي بحي عبد العزيز رامول، والحلم مازال حسب صورية يكبر بداخلها للظفر مستقبلا برئاسة المجلس الشعبي البلدي مستثمرة في خبرتها كناشطة جمعوية تعرف جيدا مشاكل المواطنين. وتبقى جمعية قبس دائمة الحضور في تفعيل الأنشطة التي تحتضنها مدينة القل ، وتستمد الجمعية دعمها المعنوي من أعضائها ومن المتعاطفين معها والدعم المالي من مديرية الشباب والرياضة التي وضعت فيها الثقة واشرفت بمناسبة اليوم العالم لعيد المرأة 8 مارس على المهرجان الولائي للأنشطة النسوية في طبعته الرابعة بتنظيم معارض مختلفة بقاعة سينما شولو و تكريم العديد من النساء العاملات في قطاع الصحة والتربية والبلدية.