رئيس الجمعية الوطنية 8 ماي 45 عبد الحميد صلاقجي للنصر فرنسا توهمنا بالاعتراف بجرائمها للحصول على امتيازات نطالب بإعطاء ضحايا مجازر 8 ماي 45 صفة الشهيد اعتبر عبد الحميد صلاقجي، رئيس مؤسسة 8 ماي 45 الوطنية، أن فرنسا لن تعترف بجرائمها المرتكبة خلال فترة احتلالها للجزائر، خاصة مجازر 8 ماي 45، مؤكدا أنها من أبشع الجرائم المرتكبة ضد الإنسانية، بشهادة المؤرخين الفرنسيين أنفسهم، و قال " توهمنا فرنسا بالاعتراف في كل مرة بعد إدلاء مسؤوليها بتصريحات مغالطة عقب زيارات رسمية، لنعتقد أنها ستبادر بالاعتذار عن جرائمها، لكنها لم ولن تعتذر، بدليل إصدار قانون تمجيد الاستعمار في 2005". و أشار عبد الحميد صلاقجي إلى أن الفرنسيين يهدفون الحصول على المزيد من الامتيازات والعقود، لأن الجزائر تعتبر ثاني سوق استهلاكية بعد فرنسا. وذكر رئيس الجمعية الوطنية 8 ماي 45، في حديث خص به النصر بمنزله، بأن الأسرة الثورية قاطعت الزيارة الأخيرة لكاتب الدولة الفرنسي لشؤون قدامى المحاربين والذاكرة جون مارك تودتشيني خلال الإحتفال بالذكرى ال 70 لمجازر 08 ماي 45 بسطيف ، مضيفا "لن تقف الأسرة الثورية جنبا إلى جنب مع مسؤول فرنسي خاصة خلال الزيارات الاستعراضية". و تابع "يجب على الفرنسيين تقديم الاعتراف الرسمي و الإنحناء أمام شهداء 8 ماي 45 والثورة التحريرية بالمقابر ". وتساءل محدثنا من جهة أخرى، عن مصير مشروع مركز مرصد 8 ماي 45، لأنه لم ينج بعد، رغم وضع رئيس الجمهورية حجر أساسه سنة 2012 بجامعة محمد الأمين دباغين سطيف 2، و قال في هذا الخصوص "لا يزال المشروع حبيس الأدراج بسبب عراقيل إدارية وبيروقراطية" رغم رصد قيمة مالية تقارب 70 مليار سنتيم لتجسيده، و يفترض أن يسخّر حسب المتحدث، للباحثين والطلبة والمؤرخين للإسهام في كتابة تاريخ 8 ماي 45 للحفاظ على الذاكرة الجماعية. كما طالب عبد الحميد صلاقجي وزارة المجاهدين، بإدخال تعديلات على قانون الشهيد والمجاهد لإعادة الاعتبار لشهداء 8 ماي وإعطائهم رسميا صفة الشهيد، و قال "لن نطالب بالتعويضات أو رصد مبالغ مالية، لكن من أجل رمزية تخليد شهداء سقطوا في 8 ماي 45، لا يجب أن ينظر إليهم بدرجة أقل عن شهداء ثورة التحرير، ونطالب في هذا الشأن بتقديم مشروع للحكومة والبرلمان، مع إنشاء هيئة وطنية مستقلة لحماية الذاكرة الوطنية وفق ما نص عليه قانون الشهيد". وحول مطالبة جمعية 8 ماي 45 بتجريم المجازر قال المتحدث "الجرائم ثابتة ونحن نطالب بالاعتراف بها، ذلك أن فرنسا استعملت الوسائل الحربية الثقيلة، بما فيها القصف البحري أو الجوي، ضد شعب أعزل لم يكن يحمل سلاحا للدفاع عن نفسه، لقد تنقل الإستدمار لعموشة وبوعنداس و قصفهما بواسطة بالبوارج الحربية من ميناء مالبو، كما قصف واد أفتيس بالطائرات و امتدت المجازر إلى قالمة، ورُمي بالجزائريين من مرتفعات خراطة". وتطرق صلاقجي للأحداث التاريخية التي وقعت خلال مسيرة 8 ماي 45 وتحولت بعدها إلى مجازر، مشيرا إلى أن الجزائريين شاهدوا لأول مرة العلم الجزائري و قال "تمت خياطته في سرية كأول علم جزائري بمدينة سطيف بأمر من الحركة الوطنية وقد أنجزه المناضل المدعو الشيخ بشير عمرون وكان برفقة مناضلين آخرين يدعيان فتاش وبابايا". و ذكّر صلاقجي بأن الجزائريين أرادوا الاحتفال مثل بقية العالم، بانتهاء الحرب وعودة الحرية بعد الإطاحة بألمانيا النازية، وقد حضّرت جمعية أحباب البيان والحرية برئاسة فرحات عباس، مسيرة سلمية للاحتفال بالانتصار وحث فرنسا على الوفاء بوعودها بمنحنا الاستقلال، و قال "كلّفت ثلاث شخصيات: قنيفي محمود، محمد فتاش و عبد القادر يحلي، للتفاوض مع الإدارة الفرنسية للحصول على رخصة وأقنعوهم بسلمية المسيرة". مضيفا بأنها عرفت حضور الكشافة لوضع باقة من الزهور أمام نصب الجندي المجهول والانحناء أمام ضحايا الحرب العالمية الثانية. وواصل عبد الحميد صلاقجي سرده للأحداث التاريخية، ملفتا إلى أن حزب الشعب، أمر سريا بتحضير حمل العلم الجزائري وأربع لافتات كتب عليها "تحيا الجزائر حرة"، "الجزائر مسلمة"، "أطلقوا سراح المساجين"، "أطلقوا سراح مصالي الحاج"، وترديد أغاني وطنية منها "حيوا الشمال"، والشروع في تطبيق الخطة بالاقتراب من مناطق تمركز المعمرين بوسط مدينة سطيف، وتحديدا بالقرب من مقهى فرنسا ومقهى كاربونال. و تابع "لكن بعد أن تأكدت السلطات الأمنية الفرنسية بأن المسيرة أخذت منحى سياسيا، تدخل أربعة ضباط من البوليس الفرنسي واسقطوا حامل العلم الجزائري المدعو عيسى شراقة والتقطه سعال بوزيد، الذي قتل على أيدي ضباط البوليس الفرنسي". وذكر محدثنا بأن المؤرخين الفرنسيين والعالميين، أشاروا إلى سقوط من 30 إلى 45 ألف شهيد "وهناك من المؤرخين من يشير إلى سقوط 70 ألف شهيد. أما الأمريكيون، فذكروا رقم 80 ألف شهيد، غير أن فرنسا تريد تقزيم عدد الضحايا". وأشار رئيس جمعية 8 ماي 45 الوطنية، إلى أن الجزائريين دفعوا دماءهم من أجل تحرير فرنسا لكنها قابلتهم بالعنف والجرائم، لقد توفي أكثر من 25 ألف جزائري خلال الحرب العالمية الثانية وأصيب 260 ألف دفاعا عن فرنسا أمام ألمانيا النازية. و ألحالمتحدث على أن فرنسا لم تجلب الحضارة للجزائر، بل أدخلت التطور من أجل المعمرين، لقد كان الجزائريون ينامون في الأكواخ قبل دخولها وبقوا كذلك، لكن التاريخ يحتفظ بأنها دمّرت 8000 قرية وسرقت 80 ألف طن من الأرشيف و24 مليون قطعة ذهبية. وثمّن محدثنا في الأخير، مساعي وزارة المجاهدين في كتابة التاريخ، ملحّا على أهمية تسجيل الذاكرة وفتح المراكز والمخابر وأرشيف التلفزيون والجرائد أمام الباحثين والطلبة، متسائلا في نفس الوقت عن مصير فيلم طويل برمجته الوزارة يروي مجازر 8 ماي 45 من إخراج أحمد راشدي، بعنوان "من 8 ماي 45 إلى انفجار ثورة التحرير". رمزي تيوري المؤرخ الباحث عامر رخيلة للنصر فرنسا لن تعتذر عن جرائمها وهي تحرص في علاقاتها مع الجزائر على الملف الاقتصادي فقط * مجازر 8 ماي كانت بداية النهاية للوجود الاستعماري في الجزائر أكد المؤرخ و الباحث الدكتور عامر رخيلة، أمس السبت، أن مجازر 8 ماي 1945 كانت بداية النهاية للوجود الاستعماري في الجزائر، وقال أن فرنسا لم تميز في قمعها للجزائريين بين معتدل ومتطرف، وقامت بتشغيل الأفران لحرق الجزائريين وحفر الخنادق لرمي المئات من الأشخاص ودفنهم أحياء. وأضاف في السياق ذاته، أن فرنسا ارتكبت هذه الجريمة مع سبق الإصرار. وأكد من جهة أخرى، أن الدولة الفرنسية تتمسك بالأرشيف وتتحفظ في تسليمه إلى الجزائر كونه يعريها ويدينها ويثبت جرائمها في حق الشعب الجزائري، ملفتا إلى أن فرنسا تحرص في علاقاتها مع الجزائر على الملف الاقتصادي فقط وتريد ترك الملفات التاريخية والسياسية جانبا . وأفاد رخيلة، في حديث للنصر، أن ما ارتكبته فرنسا من مجازر في حق الشعب الجزائري، يعد حقائق دولية مكرسة في وثائق أو في الأرشيف سواء المتعلق بالقوات العسكرية الأمريكية أو الإنجليزية التي كانت موجودة، مضيفا أن أول فيلم عن مجازر 8 ماي 1945 كان من طرف الإنجليز ، معتبرا أن مجازر 8 ماي ورغم حجم الضحايا واليتامى، فإنها كانت بداية النهاية للوجود الاستعماري في الجزائر، كون فرنسا - كما أضاف- لم تميز في قمعها للجزائريين بين معتدل ومتطرف ومن بين النتائج المترتبة عنها إدراك الشعب الجزائري أن ما أخد بالقوة لا يسترد إلا بالقوة. وأضاف في السياق ذاته، أن المعادلات الدولية المنبثقة عن الحرب العالمية الثانية كانت لصالح حركات التحرر الوطني لذلك فقد هيأت الحركة الوطنية الجزائرية أسباب اندلاع ثورة أول توفمبر. و ذكر المؤرخ أنه بحلول ذكرى هذه المجازر يستوجب علينا تبليغ الشباب بأنه يوجد من المعتقلين والذين أوقفتهم السلطات الاستعمارية في عام 1945 من ظلوا يقبعون في السجون إلى غاية استقلال الجزائر في سنة 1962. وأضاف أن فرنسا لم تكتف في 8 ماي 1945 بالقمع الجماعي و أنها قامت بتشغيل الأفران لحرق الجزائريين وحفر الخنادق لرمي المئات من الضحايا ودفنهم أحياء، موضحا في النفس الصدد أن هذه الجرائم المرتكبة لم تكن في قالمة وخراطة وسطيف فقط، بل شملت الشرق الجزائري وبعض المدن في الوسط وفي الغرب الجزائري، حيث استعملت خلالها القوات البرية والبحرية والجوية لقمع وابادة الجزائريين . وأكد الباحث في تاريخ الحركة الوطنية، أن هذه الجريمة ارتكبتها فرنسا مع سبق الإصرار كونها سعت إلى إرسال مالا يقل عن 80 ألف جندي في ربيع 1945 إلى الجزائر ومعناه أنها كانت تبيت لارتكاب المجزرة، مضيفا أنها لم تكتف بارتكاب المجزرة بل أقدمت على اعتقال الجزائريين أثناء الأحداث ومحاكمة العديد منهم و نفذت حكم الإعدام ضد 99 شخصا، بالإضافة إلى قيامها بإبعاد أشخاص آخرين خارج الجزائر. و لفت إلى أن السلطات الاستعمارية لم تسجل العديد من الضحايا في سجلات الحالة المدنية وظل الآلاف منهم أحياء في هذه السجلات بعد سنة 1962 بالرغم من أنهم كانوا ضحايا . وذكر رخيلة من جهة أخرى، أن الفرنسيين يلجأون عند حلول مثل هذه المناسبات إلى التوظيف السياسي لها في إطار الصراع الداخلي السياسي للمنظومة السياسية الحزبية الفرنسية، مؤكدا في السياق ذاته، أن الفرنسيين يدركون أن اعتذارهم عن الجرائم الاستعمارية المرتكبة في حق الشعب الجزائري يعني اقرارهم بتلك الجرائم وهو ما يترتب عنه على الصعيد المادي، الحق في مطالبة الدولة الجزائرية أو الضحايا الجزائريين بالتعويضات، كما يحق للدولة الجزائرية المطالبة بالمحاكمة القضائية الدولية لفرنسا باعتبار أن الجرائم التي ارتكبها الاستعمار هي جرائم ضد الإنسانية . و يرى المؤرخ، أن فرنسا لن تعتذر عن جرائمها وستبقى توظف هذه الورقة التاريخية، مشيرا في هذا السياق إلى الاستغلال السياسي لمناسبة 19 مارس من طرف اليمين الفرنسي من خلال إعادة طرح مسألة "حقوق وممتلكات الأقدام السوداء" و"تعرض الحركى للتعذيب". من جانب آخر، تحدث رخيلة عن الملفات التي لا تزال عالقة بين الجزائروفرنسا، موضحا أن ملف الأرشيف إرث مشترك بين الشعبين والدولتين. و أكد أن فرنسا تتمسك بالأرشيف لأنه يعريها ويدينها ويثبت جرائمها في حق الشعب الجزائري، لذلك فهي تتحفظ في تسليم الأرشيف للجزائر، مضيفا أن السلوك الفرنسي فيما يخص الأرشيف يتنافى مع القانون الفرنسي نفسه. واعتبر العضو السابق في المجلس الدستوري ، بأن فرنسا تحرص في علاقاتها مع الجزائر على الملف الاقتصادي فقط وتريد ترك الملفات التاريخية والسياسية جانبا، حيث تبحث عن مصالحها البراغماتية الاقتصادية فقط. وقال إننا لا نتوقع اعتذارا لا من اليمين الفرنسي أو من اليسار. وذكر بأنه في ظل تعذر المحاكمة القضائية الدولية لفرنسا على جرائمها المرتكبة فلابد من الاستمرار في محاكمة تاريخية بتحويل المناسبات التاريخية ومنها مجازر 8 ماي 1945 لإبراز جرائم فرنسا في الجزائر وإشعار الرأي العام الدولي بالجرائم التي ارتكبتها فرنسا خلال الحقبة الاستعمارية. كما دعا رخيلة إلى ضرورة إيلاء العناية لكتابة تاريخ الجزائر وتبليغه للأجيال الصاعدة. و حول تداعيات الزيارة الأخيرة للوزير الأول الفرنسي مانويل فالس إلى الجزائر، أوضح نفس المتحدث أن العلاقات الجزائرية الفرنسية أقوى من أي تطرف أو خلل يقوم به وزير أو مسؤول فرنسي فالعلاقات في المجال الاقتصادي - كما أضاف- تحكمها المصالح المشتركة . مراد - ح توراش محمد شاهد عيان على مجازر 8 ماي 45 يروي للنصر أبناء المعمرين كانوا يتعلمون الرماية على أجساد الجزائريين بكاف البومبة و جسر سيبوس مازال يحتفظ بجسد قوي و ذاكرة حية متقدة تختزن مآسي و أحزان ماي الأسود بقالمة ، كان عمره يوم الواقعة الدامية 18 سنة، رأى كل شيء بسهل سيبوس الكبير الذي تحول إلى مقبرة جماعية قبل 71 عاما. يحتفظ بأجزاء من تاريخ أمة جريحة مستضعفة تكالبت عليها قوى الاستعمار البغيض و سلبتها حريتها و كرامتها الإنسانية، في واحدة من أبشع الجرائم ضد الإنسانية بعد الحرب العالمية الثانية التي تغذت من لحم و دم الجزائريين، لكنها لم تنصفهم عندما وضعت أوزارها و عم السلام ربوع المعمورة. توراش محمد المدعو حميدة الساكن ببلدية بلخير التي كان يسميها المعمرون «ميلي زيمو» شاهد عيان، من الشهود القلائل الذين بقوا على قيد الحياة بقالمة ، يتحدث للنصر في شهادة مثيرة عن جرائم المعمرين الذين عاثوا فسادا في المدن و القرى و المداشر و المزارع، التي كان يأتيها رزقها رغدا قبل أن تدنسها أقدام المعمرين القادمين من الضفة الأخرى للمتوسط، و تحولها إلى معتقل كبير أفقد الجزائري كرامته و إنسانيته، و صار عبدا في مزارع المعمرين، يقتله الجوع و تفتك به الأوبئة و يسيطر عليه الجهل و يتعرض لأبشع أساليب القهر و مسخ الهوية. كان لقاؤنا معه بجسر سيبوس قرب بلدية بومهرة أحمد، و هو موقع من مواقع الإعدامات الجماعية التي نفذتها مليشيا السفاح آشياري رئيس دائرة قالمة آنذاك بعد مظاهرات 8 ماي 45 المطالبة بالحرية، مازال الرجل يتذكر صور القتل و تعليق الأجساد على جانبي الجسر لترهيب السكان و إظهار قوة فرنسا، الخارجة للتو من الحرب العالمية منهكة القوى. يقول محمد توراش «كان عمري في ذلك الوقت 18 سنة و هو عمر يسمح لي بالعمل في مزارع المعمرين المنتشرة بسهل سيبوس، اخترت مزرعة المعمر أنطوان سيقان، و هو مزارع مالطي جاء مع الفرنسيين الغزاة و سيطر على أراض واسعة بسهل سيبوس الخصب، كان هذا المزارع ماكرا شديد البأس يكره العرب ويستعبدهم في مزارعه الواسعة، عندما اندلعت انتفاضة 8 ماي 45 قرر أحرار قالمة الثائرين تصفيته و كان لهم ذلك بجسر سيبوس. انتشر خبر سقوط المزارع المالطي بسرعة و اشتعلت نار الحقد و الانتقام بين المعمرين الذين أخرجوا السلاح من المخازن و شكلوا مليشيا القتل و الاختطاف و التعذيب و تم اعتقال عدد كبير من سكان المنطقة بينهم مثقفون و أعيان، مازلت أتذكر الضحايا الذين سقطوا هنا بجسر سيبوس قرب مزرعة أنطوان سيقان بعد 6 أيام من بداية المظاهرات، جمعوا الناس في السجون و مراكز الشرطة، عذبوهم ثم قرروا إعدامهم بلا محاكمة، كانت الإعدامات جماعية، هنا بجسر سيبوس و كاف البومبة و الكاريار و الثكنة القديمة، و في أفران الجير بحمام برادع أحرقوا جثث الضحايا لطمس معالم الجريمة بعد سماعهم بقدوم لجان تحقيق من منظمات حقوق الإنسان». أبناء المعمرين كانوا يقتلون الرعاة وسط الحقول بالرصاصمن مسافات بعيدة ينظر حميدة كما يسميه سكان المنطقة بتأثر و حزن كبيرين، إلى الجسر الممتد فوق نهر سيبوس الكبير، و يواصل حديثه «هنا أعدموا 15 جزائريا رميا بالرصاص و تمكن واحد من الهرب بعد أن تظاهر بالسقوط عقب إطلاق نار كثيف من بنادق المعمرين، الذين انتقموا لمقتل ابن المعمر المالطي سيقان المسمى انطوان قاوشي». يسرد محدثنا بتأثر ما حدث بعدها «نجا الرجل بعد انسحاب المليشيا المسلحة و قد كان محاطا بالجثث و الدماء المتناثرة فوق الجسر و تحته، علقوا بعض الجثث في الجسر لزرع الرعب و الخوف وسط السكان، كان المنظر رهيبا، رأيت الجثث و عرفت بعض الضحايا بينهم عبد الله ماضي المدعو الطبيب، السبتي لكحل، لخضر بلمي و دراجي. كانت أجسادهم ممزقة بالرصاص، و عرفت أن الرجل الذي نجا من المجزرة هو دراجي بوفلفل، كان الحزن يخيم على منطقة سيبوس لا شيء غير القتل و الحرق و رصاص القنص يصطاد الرجال في الحقول و المزارع و الأودية و الشعاب، لقد تحولت قالمة إلى ميدان للإعدام بعد 8 ماي 45». يتحدث الشاهد على مجازر ماي الأسود بقالمة و عن مليشيا القتل و انتهاكات فظيعة لحقوق الإنسان شارك فيها أبناء المعمرين الذين تعلموا فنون الرماية و القنص على أجساد الجزائريين بمنحدرات كاف البومبة على ضفاف نهر سيبوس قرب مدينة هليوبوليس. يواصل محدثنا «كانوا يخرجون المساجين من مراكز التعذيب منهكين، ينقلونهم في شاحنات إلى كاف البومبة و يتظاهرون بإطلاق سراحهم و يطلبون منهم عبور منحدر صعب، للوصول إلى قمة كاف البومبة ثم يطلقون عليهم الرصاص و يسقطون قبل الوصول، كان أبناؤهم يتعلمون الرماية و القنص على الأجساد المنهكة، قتلوا الكثير من الجزائريين العزل بكاف البومبة كانت الدماء و كانت الجثث في كل مكان و كانوا هم يتلذذون بالقتل و يعودون إلى مزارعهم منتشين». يتذكر حميدة توراش التفاصيل و يؤكد هوية القتلة : «كان من بين المجرمين 5 من أبناء المعمر قاوشي و المالطي تيتلو و كاليسطا ابن المعمر شمول، الذي كان يركب سيارة و يجوب الحقول الزراعية و المراعي و الأودية و الشعاب و يطلق النار على الفلاحين و الرعاة من مسافات بعيدة و قد قتل الكثير من الجزائريين العزل». المزارع المالطي «لافي» حول كوشة الجير إلى محرقة حوّلت العظام إلى رماد كان المعمر المالطي «لافي» أكبر مزارع بقالمة في ذلك الوقت، يسيطر على مساحات واسعة من الأراضي الخصبة على امتداد الضفة الشمالية لنهر سيبوس و يحتكر زراعة الحبوب و تصديرها إلى أوروبا و بنى مطاحن عملاقة مازالت تعمل إلى اليوم بمدينة هليوبوليس، كان جزائريون كثيرون يعملون في مزارعه الواسعة و مطاحن القمح و أفران الجير التي بناها قرب قرية حمام برادع. بعد اندلاع انتفاضة 8 ماي 45 انخرط «لافي» في مليشيا القتل التي زرعت الرعب بالمنطقة، و عاثت قتلا و دمارا في محاولة يائسة لقهر الانتفاضة، التي بدأت سلمية ثم تحولت إلى ثورة جرفت الاستعمار و طهرت الأرض و أعادت الكرامة لشعب تعرض لأبشع أنواع العذاب و القهر و التجويع. كان الشاهد على المأساة محمد توراش عاملا بمزرعة المالطي «أنطوان سيقان» قرب هليوبوليس و يعرف أيضا المُزارع الكبير «لافي» و الخماسة الجزائريين الذين كانوا يعملون لديه، و تحولوا بعد يوم 08 ماي 1945 إلى هدف للقتل و الحرق داخل أفران الجير الرهيبة التي تبقى وصمة عار في جبين الاستعمار الفرنسي، و لا تختلف في شيء عن المحرقة النازية. يتذكر توراش أحمد: «كان عمري 18 سنة في ذلك الوقت، و كنت أعمل بمزرعة سيقان و نجوت من الموت في تلك الأيام، لم يقتلوني ربما لأنهم كانوا بحاجة إلى عرقي و جهدي بمزرعتهم، كنت أحرس ممتلكاتهم و ربما لم يجدوا عاملا آخر يقوم بالمهمة، و لذا لم يقتلوني لكنهم قتلوا الكثير من العمال الآخرين الذين كانوا يأتون من المناطق الجبلية للعمل خماسة بعد أن أحكم الفقر و الجوع قبضته على السكان. بالأسماء يقدم الشاهد ما رآه من فضائع في قالمة وقتها قائلا «قتلوا الراعي صويلح القبايلي و ناصري و إبنه و ولد العماري و شخصا آخر من عرش الدواودة ، قتلوهم بمزرعة لافي مع عمال آخرين انتقاما لضحاياهم الذين سقطوا في الهجومات التي شنّها المنتفضون على المدن و القرى و مزارع المالطيين، قتلوا الكثير من الناس بدوار الشطاح بينهم رجل من بلاد الشاوية، دفنوا الضحايا في مقابر جماعية ثم أخرجوا الجثث و نقلوها إلى أفران الجير قرب هليوبوليس و أحرقوها هناك بعد أن سمعوا بقدوم لجان تحقيق». و يواصل: «ربما كانوا يريدون إخفاء الحقيقة و التهرب من الجريمة، لافي المزارع الكبير شارك في القتل و فتح معمل الجير لحرق العظام البشرية و تحويلها إلى رماد، كنا نراهم بين حين و آخر و هم ينقلون الجثث إلى المحرقة ، كانوا حاقدين علينا يقتلون و يعذبون و يحرقون بلا رحمة و بلا شفقة» يتذكر محدثنا «طلبوا مني استدراج براهمية عزيز لقتله و كان يحصد بحقل للقمح قرب هليوبوليس، و لما وصلت إليه و هو من أعيان المنطقة أخبرته بالحقيقة فهرب و نجا من الموت، كانوا أربعة معمرين شرطيين و معهما إثنان من إخوة القتيل أنطوان قاوشي». قصفوا القرى بالطائرات السوداء و قتلوا السكان و أحرقوا منازلهم انتقلنا رفقة حميدة توراش من جسر سيبوس في بومهرة أحمد إلى منطقة بريحان أو ما يعرف بسهل المطار قرب بلدية بلخير، أين وقعت مجازر فظيعة و انتهاكات لحقوق الانسان و قوانين الحرب خلال انتفاضة 8 ماي 45 صار الرجل أكثر تأثرا و هو يروي قصة الطائرات السوداء التي عاثت فسادا بالمنطقة الواقعة شرق بلخير. «كنا نرى طائرات سوداء تستعمل رشاشات، و تقصف منازل السكان بسهل المطار، أحرقوا مساكن عائلة ريشي و دوار أولاد دراج، قتلوا و جرحوا الكثير و ساد الحزن المكان، و انتشر الدخان بالمنطقة. كان المنظر رهيبا و كان القتل و الحرق بلا رحمة هنا بسهل المطار و بدوار الشطاح قرب هليوبوليس، أين نفذ المعمرون مجزرة في حق السكان و أحرقوا المنازل و حولوا المشتى الهادئة إلى خراب، كان ذلك في ساعة قبل فجر اليوم السادس بعد المسيرة، كنا نسمع صوت الرشاشات بدوار الشطاح و عرفنا بأن المليشيا تنفذ إعدامات في حق السكان». و حسب الشاهد على المأساة حميدة توراش، فإن السكان قد شنوا هجومات متفرقة على مزارع المعمرين و قراهم للانتقام و الثأر لأرواح الضحايا الذين سقطوا بالثكنة القديمة، كاف البومبة، جسر سيبوس، جسر بلخير، الكاريار، جسر السكة الحديدية و سهل المطار و المعهد الفلاحي و مراكز التعذيب و الاستنطاق و نادي الكشافة الإسلامية. و يؤكد : «كادت حصيلة القتلى أن تكون أثقل يوم الانتفاضة لولا تدخل بعض العقلاء الذين نصحوا المهاجمين بالتراجع و عدم التعرض للرصاص، الذي كان يطلقه المعمرون ضد كل كائن حي يتحرك قرب مساكنهم و مزارعهم». و خلص المتحدث إلى القول بأن ما جرى في ماي 1945 لا يمكن نسيانه أبدا لقد كانت جريمة ضد شعب فقير خرج للاحتفال بنهاية الحرب العالمية الثانية، و تذكير فرنسا بوعود الاستقلال، فانقلبت عليه و استعبدته و جردته من الكرامة الإنسانية، و دفعته إلى الثورة من جديد في نوفمبر 54، لكن هذه المرة كانت ثورة منظمة و ليست انتفاضة و مظاهرات سلمية، حولها الحقد الفرنسي المقيت إلى نهر من الدماء جرف آلاف الضحايا، لكن ذلك عبّد الطريق إلى الحرية و تبديد ليل الاستعمار الطويل. فريد.غ عمار بوحفص عضو جمعية 8 ماي 45 بقالمة فرق سنغالية مدعومة بالمعمرين زرعت الرعب و الدمار بمدن و قرى سهل الجنوب كان طفلا عمره 10 سنوات يوم الانتفاضة التاريخية و الزحف الكبير على أوكار المعمرين بقالمة في الثامن ماي 1945 ، كان صغيرا لكنه كان مدركا لكل ما كان يدور حوله من أحداث مأساوية، ذات يوم من أيام ماي الأسود هنا بقالمة أرض التضحية و البطولة و الرجال الصادقين. رأى صور الحرق و الاعتقال بموطنه الريفي قرب سلاوة عنونة جنوبي قالمة، كانت عائلته أول من يدفع ثمن الحقد الفرنسي المقيت في تلك البلدة الريفية الصغيرة، التي تشتهر بزراعة القمح و المياه العذبة و آثار الحضارات القديمة. عمار بوحفص البالغ من العمر 81 سنة معلم متقاعد و إمام خطيب إلى اليوم و أحد مؤسسي جمعية 8 ماي 45 و واحد من الشهود القلائل الذين مازالوا يحتفظون بذكريات 8 ماي 45 الأليمة بقالمة و قراها و مداشرها التي هبت لنجدة المحاصرين في الشوارع و النوادي و مراكز الاعتقال بعد مظاهرة سلمية مطالبة بالحرية و الاستقلال. استقبلنا في بيته بحي باب سكيكدة وسط مدينة قالمة دون موعد مسبق و تحدث إلينا بتأثر كبير عن تلك الأيام الحزينة التي عاشها الشعب الجزائريبقالمة و سطيف و خراطة و سعيدة و قسنطينة، و غيرها من المناطق الأخرى التي شارك أبناؤها في المظاهرات السلمية التي تحولت إلى انتفاضة كبرى رسمت معالم ثورة نوفمبر الخالدة. كل سكان قالمة يعرفون ذلك الرجل المتواضع الشجاع ذي الصوت القوي الذي يصدح كل 8 ماي بشارع رئيسي في مدينة قالمة سقط فيه أول شهيد في ذلك اليوم هو بومعزة عبد الله المدعو حامد. كل سنة يقرأ بوحفص بيانات جمعية 8 ماي 45 التي انخرط فيها منذ سنوات نشأتها الأولى بعد أن أسسها قادة كبار صنعوا ملحمة ماي الأسود قبل 71 سنة، من بينهم الراحل الساسي بن حملة و عبد الرحمان بارة و عبد العزيز بارة الذي يرقد حاليا بالمستشفى و عبد الله يلس الذي أصيب في رجله بإطلاق نار من بنادق المعمرين بقيادة السفاح آشياري في ذلك اليوم الحزين. حدثنا الرجل عن جرائم المعمرين في تلك الأيام بسلاوة عنونة و مدينة قالمة قائلا « أحرقوا مزارعنا بسلاوة عنونة و اعتقلوا الرجال و ألقوا بهم في مراكز التعذيب بمدينة قالمة، كان من بينهم أبي و عمي، وضعوهم في نادي الكشافة المتواجد اليوم بحي باب سكيكدة رفقة عدد كبير من المعتقلين الآخرين، الذين جاؤوا بهم من المدن و القرى و المداشر، حشروهم في مكان ضيق و بقوا هناك 21 يوما و كل ليلة تأتي المليشيا لأخذ عدد من الرجال لإعدامهم، منعوا عنهم الطعام و الشراب و أجبروهم على قضاء الحاجة بالمكان الذي ينامون فيه، فانتشرت الروائح و تفشى مرض التيفوئيد أو «السليمة» كما يسميها الأهالي آنذاك، مات الكثير من المعتقلين بهذا المرض بعد إطلاق سراحهم، جردوا الإنسان من آدميته بنادي الكشافة الإسلامية و سلبوه كرامته، خرج أبي و عمي من المعتقل لكننا لم نعرفهما، بسبب التعذيب الجسدي و النفسي الفظيع الذي تعرضا له و أيضا بسبب مرض السليمة الذي تفشى بعد ذلك وسط السكان منتقلا بواسطة المعتقلين». قال عمار بوحفص الذي مازال يحتفظ بذاكرة قوية و صوت جهوري و لسان فصيح بأن انتفاضة 8 ماي 45 عمت كل ولاية قالمة تقريبا، و لم يتخلف عنها سكان المشاتي، الذين هبوا كرجل واحد لنجدة المحاصرين بالمدن و المعتقلات و سقط منهم الكثير قتلى و جرحى و معتقلين. عمليات حرق و قتل بمنطقة سلاوة عنونة و وادي الزناتي يؤكد الشاهد بأن عمليات القتل و الحرق و التخريب التي طالت سلاوة عنونة و وادي الزناتي بسهل الجنوب الكبير بقالمة قامت بها فرق سنيغالية مدعومة بكبار المعمرين المالطيين، الذين كانوا يسيطرون على الأراضي الزراعية بالمنطقة بعد أن طردوا الأهالي إلى رؤوس الجبال و الأودية و الشعاب. و أضاف في حديثه لنا « كان السنغاليون يقتلون و ينهبون يحرقون المنازل بلا رحمة و بلا شفقة لأيام طويلة بعد 8 ماي 45، زرعوا الرعب بين السكان و عاثوا فسادا يدعهم كبار المعمرين المسيطرين على الأراضي الزراعية، كانوا يخشون من توسع الانتفاضة و تحولها إلى ثورة كبرى، تهدد تواجدهم فقرروا إخماد الانتفاضة في المهد بكل الوسائل المتاحة، بالقتل و الحرق و النهب و التهجير القسري و انتهاك الأعراض و الاعتقال». و يضيف محدثنا «لقد دمروا سلاوة عن آخرها و لم يتوقفوا حتى جاءت طائرات و أطلقت مناشير تدعو المعمرين و السنغاليين إلى وقف أعمال الحرق و القتل و النهب و الاعتقال، فتوقفت المجزرة، ربما بسبب تحرك منظمات دولية لحقوق الإنسان، بلغتها أنباء عن جرائم ضد الإنسانية ارتكبتها فرنسا الاستعمارية في حق الشعب الجزائري». شعارنا «لكي لا ننسى» كانت مجازر 8 ماي 45 من بين الأسباب التي عجّلت باندلاع ثورة نوفمبر الكبرى و كان صناع ملحمة ماي الأسود في مقدمة المخططين لها و الملتحقين بها عبر مختلف مناطق ولاية قالمة، و من بينهم أفراد من عائلة محدثنا عمار بوحفص الذي عاش الثورة كما عايش الأحداث الأليمة و صار بعد ذلك عضوا نشطا بجمعية 8 ماي 45 التي تتخذ شعار «لكي لا ننسى» منهجا للنضال المتواصل لإحياء الذكرى السنوية للمجازر و تذكير فرنسا بجرائمها ضد الشعب الجزائري و مطالبتها بالاعتذار. يواصل المتحدث : «جمعيتنا ذات بعد وطني و تاريخي، مهمتها مواصلة إحياء الذكرى الأليمة و مطالبة فرنسا بتقديم اعتذار رسمي صريح للشعب الجزائري، لا نريد تعويضا ماديا للضحايا و عائلاتهم نريد فقط الإعتذار و الإعتراف بالذنب و هذا هو مطلبنا و مطلب الأجيال القادمة التي ستحمل المشعل بعدنا». و يعد عمار بوحفص واحدا من بين الأعضاء النشطين بجمعية 8 ماي 45 بقالمة، يقرأ فاتحة الكتاب ترحما على أراوح الضحايا صباح 8 ماي من كل سنة بمقبرة الشهداء بمدينة قالمة، و في المساء يشارك في المسيرة الصامتة التي تنظم في كل ذكرى و تنطلق من ساحة الكرمات إلى المكان الذي سقط فيه أول شهيد في ذلك اليوم، و هناك يقرأ بيان الجمعية الذي تحول إلى تقليد سنوي يصدح وسط المدينة بعد صفارة الإنذار التي تنطلق في نفس التوقيت الذي سقط فيه الشهيد بومعزة عبد الله. « أقرأ بيان الجمعية منذ 25 سنة و هو رسالة قوية لفرنسا نذكرها بجرائمها البشعة و نذكرها أيضا بأننا لا ننسى الضحايا و نظل نذكرهم و نطالب بالاعتذار للشعب الجزائري، و في نفس الوقت نطلب صناع القرار في الجزائر بإنصاف الضحايا و تصنيفهم كشهداء و إيجاد مخرج قانوني لوضعيتهم الحالية، حيث اعتبرتهم فرنسا مفقودين، و مازالت أسماؤهم في سجلات الحالة المدنية إلى اليوم مسجلة تحمل عبارة على قيد الحياة». لم تتوقف جمعية 8 ماي 45 بقالمة عن المطالبة بإنصاف الضحايا و إنزالهم منزلة الشهداء و جاء في بياناتها الأخيرة التي سلمها لنا عمار بوحفص و الموجهة للرأي العام الوطني و الدولي «إن فرنسا الاستعمارية تنكرت للقضية و اعتبرتهم مفقودين، و تنصلت من مسؤوليتها من أجل محو و عدم ترك أي أثر يدينها أمام الهيئات الدولية. لقد طال الأمد من أجل تسوية قانونية مشرفة لضحايا 8 ماي 1945 و تدوينهم كأموات في سجلات الحالة المدنية، إن جمعية 8 ماي 1945 لولاية قالمة منذ نشأتها سنة 1995 سعت و تسعى دائما للحفاظ على هذه الذاكرة من خلال شعار لكي لا ننسى و تتشبث بمطلبها الشرعي و هو الاعتراف الرسمي للشعب الجزائري عن الجرائم المقترفة في حقه إثر مجازر 8 ماي 1945 و هو المطلب الأساسي الذي لا يمكن التنازل عنه، و إن التسامح لا يكون إلا في الذاكرتين و أن اللاحقد لا يعني النسيان». قارئ دائم للنصر منذ 44 سنة لم نكن نتوقع و نحن نزور الشيخ عمار بوحفص في منزله المتواضع بحي باب سكيكدة التاريخي الشهير بأن الرجل من القراء الأوفياء لجريدة النصر منذ تعريبها في جانفي سنة 1972. بعد أن أنهينا حوارنا معه حول مجازر 8 ماي 45، طلب منا الانتظار قليلا قبل المغادرة، ذهب إلى غرفة مجاورة ثم عاد و معه جريدة النصر قائلا «هذه جريدتي المفضلة التي لا تغيب عن بيتي منذ 44 سنة، اشتريها كل يوم و أحيانا أطالعها على الرابعة صباحا، عندما لا يكون لدي متسع من الوقت، هي جريدة محترمة و نظيفة و مفيدة لا استطيع التخلي عنها ما دمت قادرا على القراءة، إنني اليوم سعيد لأن النصر دخلت بيتي في ذكرى تاريخية عزيزة على كل جزائري غيور على وطنه و هويته و تاريخه الحافل بالثورات و البطولات. وختم حديثه معنا قائلا : «كل ما أتمناه هو اهتمام الأجيال القادمة بتاريخ الجزائر و المحافظة على الذاكرة الوطنية و جعلها مرجعا تعود إليه الأمة عندما تشتد عليها المحن». فريد.غ في ندوة نظمتها جامعة قالمة مؤرخون و مجاهدون يتذكرون بشاعة مجازر الاستعمار نظمت جامعة قالمة أمس السبت ندوة تاريخية حول مجازر 8 ماي 45 شارك فيها مؤرخون و باحثون من جامعتي قالمة و سكيكدة قدموا مداخلات حول المجازر الرهيبة التي تعرض لها الشعب الجزائري و الظروف السياسية و الاجتماعية التي ساعدت على اندلاع الانتفاضة الشعبية المطالبة بالحرية و الكرامة الإنسانية. و حضر الندوة مجاهدان إثنان من سطيف و خراطة هما سعال مسعود أحد أقارب بوزيد سعال أول شهيد يسقط في تلك الانتفاضة التي شملت عدة مناطق من الوطن و المجاهد الثاني لحسن بخوش المحكوم عليه بالإعدام سنة 1945 و بقي في السجون الفرنسية حتى استقلال البلاد سنة 1962. و قدم الشاهد على مجازر ماي الأسود بمنطقة خراطة لحسن بخوش نبذة عن المظاهرة التاريخية و كيف ألقي عليه القبض، و حكم عليه بالإعدام بعد أن قتل يهوديا و عمره لم يتجاوز 17 سنة و تم بعد ذلك تخفيف حكم الإعدام إلى السجن المؤبد قضى منه 16 سنة بسجن الحراش و سنة بسجن لامباز و أطلق صراحه بعد إعلان استقلال البلاد في 5 جويلية 1962. و استرجع الشاهد الثاني مسعود سعال بعض صور الانتفاضة التي جرت بمدينة سطيف و كيف تم حرق المنازل و نهب المواشي و كيف قتلت أسرته التي كانت في مقدمة الثائرين على الوجود الاستعماري بالجزائر، و قد أعدم والده و قتل قريبه بوزيد سعال برصاص المعمرين و سجن هو بعد أن ألقي عليه القبض و أطلق سراحه بعد ذلك، نظرا لصغر سنه لكنه قرر الالتحاق بالثورة عندما اندلعت في الفاتح من نوفمبر سنة 1954. و كرم رئيس جامعة 8 ماي 45 بقالمة الدكتور محمد نمامشة المجاهدين الشاهدين على مجازر ماي الأسود و قلدهما وسام الجامعة تكريما لهما و اعترافا لما قدماه من تضحيات في سبيل الوطن و الأمة. و قال الدكتور محمد شرقي من جامعة قالمة في مداخلة بعنوان "حزب الشعب الجزائري يضع حجر الأساس لذكرى شهداء 8 ماي 45" بأن أول احتفال بذكرى مجازر 8 ماي 45 كان بقالمة بعد سنة واحدة من تلك الأحداث الأليمة و كان قادة حزب الشعب الجزائري في مقدمة الحاضرين و المنشطين للذكرى الأولى بينهم بوقادوم مسعود و عمار بوجريدة عضو اللجنة المركزية مع مصالي الحاج. و حسب المحاضر، فإن إحياء الذكرى الأولى لمجازر 8 ماي 45 بقالمة كان تحديا قويا للاستعمار الفرنسي و رسالة قوية من الشعب الجزائري بأنه لن ينس الضحايا و أن الانتفاضة القادمة ستكون جارفة و محررة للوطن و الشعب الذي مر بمرحلة صعبة بعد مجازر 8 ماي 45. و قدم المحاضر وثائق من أرشيف حزب الشعب الجزائري تتحدث عن إحياء الذكرى الأولى للمجازر الرهيبة و كيف بدأت التحضيرات لاندلاع الثورة التحريرية الكبرى. و تحدث الأستاذ أحمد منغور من جامعة سكيكدة،عن الدور السلبي للحزب الشيوعي الجزائري خلال انتفاضة 8 ماي 45 و كيف كان بعض قادة الحزب يعارضون تلك الانتفاضة الشعبية التاريخية و يدعمون الموقف الفرنسي منها. فريد.غ قالت أن مشروع قانون العمل الجديد لا يتناسب مع المكاسب الاجتماعية المحققة حنون تطالب بترسيم 8 ماي كيوم عطلة مدفوعة الأجر اعتبرت الأمينة العامة لحزب العمال، لويزة حنون، أمس السبت، بأن مشروع قانون العمل يتضمن العديد من النقاط التي يجب مراجعتها، لأنها ستؤثر بشكل سلبي على العمّال والطبقة الشغيلة، موضحة بأنه سيضيق على الحق النقابي، كما أنه لايتناسب مع المكاسب الاجتماعية المحققة. و طالبت من جهة أخرى، بضرورة ترسيم 8 ماي كيوم عطلة مدفوعة الأجر للعمال، لكونه يوم مهم بالنسبة للتاريخ الجزائري. ورافعت لوزيرة حنون خلال تجمع جمعها بمناضلي حزبها، احتضنه قاعة الحفلات بحديقة التسلية ببلدية سطيف، عن دعم الفئات الاجتماعية الهشة وطالبت بتعزيز دور الدولة للحد من الفقر وتعزيز التلاحم الاجتماعي، ملحّة على أهمية إيقاف الشراكة مع الإتحاد الأوروبي «لأن الجزائر لم تستفد منه اقتصاديا»، مع ضرورة تحصيل كل الرسوم والحقوق الجمركية، إضافة إلى توقيف العمل بمنطقة التبادل العربي الحر مؤكدة «عدم جدواها» وأشارت المتحدثة إلى ضرورة إيجاد آليات لتحصيل الضرائب مع كل المتعاملين الاقتصاديين المتزايدة يوما بعد يوم، داعية السلطات العمومية إلى تحصيل القروض البنكية الموزعة. كما حذرت من تعاظم الأخطار القادمة من الخارج و التي قالت أنها «تهدف إلى إسقاط الجزائر في مستنقع لن تتمكن الخروج منه» حسبها. كما أن ذات الأطراف – تضيف حنون- تسعى للزج بالجيش الوطني الشعبي في حروب خارجية «. ودعت حنون إلى تكريس الحريات والديمقراطية الفعلية من خلال تفعيل دور المجالس المنتخبة «وتعزيز دورها في مراقبة المال العام» وقالت بأن البعض يهدف إلى «خدمة مصالح ضيفة على حساب الشعب» وطالبت بمحاربتهم، كما نوّهت بالدور الذي تلعبه وسائل الإعلام وطالبت بتكريس حرية التعبير والتصدي للشمولية، مع إعطاء العدالة كل الصلاحيات. وطالبت الأمينة العامة لحزب العمال، بضرورة ترسيم 8 ماي كيوم عطلة مدفوعة الأجر للعمال، لكونه يوم مهم بالنسبة للتاريخ الجزائري «ولا يقل أهمية عن 1 نوفمبر 54 و5 جويلة 62». جدير بالذكر في الأخير أن لويزة حنون، تطرقت إلى قضية بيع يومية الخبر وأشارت بأنه صرح إعلامي هام، وعرجت أيضا لقضية عودة شكيب خليل، مؤكدة بأنها كانت تعارض سياسته خاصة طريقة استغلال ثروة المحروقات بشكل مفرط ومنح الأفضلية للشركات الأجنبية، ووجهت رسالة لمنضالي حزبها وطالبتهم بالانتشار في البلديات ونقل انشغالات المواطنين. رمزي تيوري موسى تواتي من البليدة نرفض وجود صداقة مع فرنسا ومصالح الجزائريين في الجزائر صرح رئيس الجبهة الوطنية الجزائرية، موسى تواتي، أمس السبت، بأنه يرفض وجود أي صداقة بين الجزائروفرنسا التي قتلت الجزائريين وشردتهم واستغلت خيراتهم. واعتبر بأن مصلحة الجزائريين في الجزائر وليست في فرنسا قائلا بأن الذي لا يبكي على أمته ووطنه لا خير فيه، ومن يبكي على مصالح الآخرين أيضا لا خير فيه.وأضاف تواتي في تجمع شعبي نشطه ببلدية الأربعاء بولاية البليدة بمناسبة ذكرى مجاز 08 ماي1945 بأن «فرنسا سبب مآسي ومشاكل الجزائريين وعدو الأمس و عدو اليوم»، داعيا إلى جعل مصالح الجزائريين في الجزائر دون ربطها بعلاقة الصداقة مع فرنسا. وأشار في هذا الإطار، إلى أن ممثل الأفانا بفرنسا رفضت السلطات الفرنسية تجديد إقامته بسبب انتمائه للجبهة الوطنية الجزائرية التي اعتبروها خطرا على فرنسا. ودعا بالمقابل إلى معاملة فرنسا بالمثل، متسائلا كيف يتحول من يدافع عن بلده ووطنه إلى خطر على بلد آخر .كما دعا تواتي إلى جعل المناسبات التاريخية التي يحتفل بها الشعب الجزائري محطات لإعادة بناء هذا الوطن، من خلال مراجعة أنفسنا والاستفادة من هذه المحطات التاريخية في بناء وطن قوي، داعيا في نفس الإطار إلى زوال الوصاية التي فرضت على الشعب بعد الاستقلال. وقال يجب أن يكون الشعب سيدا في كل القرارات التي تتخذ .وفي سياق متصل، دعا تواتي إلى خلق صحوة وطنية جديدة لإعادة بناء هذا الوطن وبأن تكون الجزائر لكل الجزائريين، ويبنى هذا الوطن بعقول جزائرية لا بأفكار تملى من الخارج على حد تعبيره.وفي تصريح صحفي على هامش التجمع الذي نشطه، استبعد تواتي أن يكون شكيب خليل يهدف من وراء هذه الزايات للزوايا الترشح للرئاسيات القادمة، وقال بأن شكيب خليل بعيد عن كرسي الرئاسة ويستعبد ترشحه.من جانب آخر هنأ موسى تواتي أحمد أويحيى بعد انتخابه على رأس الأرندي الخميس الماضي، وقال بأن العملية تمت في ظروف عادية. ودعا تواتي الأمين العام للأرندي إلى العودة إلى الواقع الذي يعيشه الشعب وأن يعمل على تغيير منظور الأرندي من القضايا التي تخص الشعب . نورالدين-ع عبد الله جاب الله من قالمة فرنسا خرجت ذليلة من الحرب العالمية الثانية و حاولت استعراض قوتها على الشعب الجزائري قال عبد الله جاب الله رئيس جبهة العدالة و التنمية، أمس السبت بقالمة، بأن انتفاضة 8 ماي 45 كانت منعرجا حاسما في تاريخ الجزائر و مهدت لقيام الثورة التحريرية بعد المجازر الرهيبة التي ارتكبتها فرنسا الخارجة من الحرب العالمية الثانية ذليلة ممرغة الأنف، لكنها أرادت أن تستعرض قوتها على حساب الشعب الجزائري الأعزل الذي خرج في مظاهرات سلمية مطالبا بالحرية و الاستقلال، مضيفا في لقاء مع مناضليه بالمسرح الجهوي محمود تريكي بأن عدد ضحايا تلك المجازر الرهيبة يتجاوز 45 ألف ضحية. و وذكر المتحدث، أن انتفاضة 8 ماي 45 بعثت برسائل قوية مفادها أن الشعب الجزائري شعب مضحي بروحه و عرضه و ماله طلبا للحرية و الاستقلال، و مضحي من أجل القيم العليا للوطن و الأمة. و تساءل عبد الله جاب الله عن الوفاء لشهداء 8 ماي 45 و شهداء ثورة التحرير، و بيان أول نوفمبر الذي وضع أسس الدولة الجزائرية، مؤكدا بأن الثورات التي سبقت انتفاضة ماي 45 و ثورة نوفمبر 54 قد فشلت لأنها لم تكن شاملة و منظمة و متجذرة وسط الشعب كما كانت ثورة نوفمبر التي وفرت أسباب النجاح و النصر من خلال التنظيم و الانتشار الاجتماعي و الجغرافي. و دعا زعيم جبهة العدالة و التنمية إلى الوفاء للشهداء و مبادئ أول نوفمبر، و تمكين الشعب من مواجهة ما وصفه بمشروع ديغول في الجزائر، و بسط الحريات و تمكين الشعب من فرض الرقابة على السلطة. و وجه عبد الله جاب الله انتقادات حادة لما وصفه بأحزاب الموالاة و فضائيات الموالاة، مجددا موقفه الرافض للتعديلات التي مست قوانين الأسرة و الجنسية، و حذّر من علمنة المجتمع و التراجع عن مبادئ أول نوفمبر.