شيعت أمس الطفلة نهال سي محند إلى مثواها الأخير بمقبرة العين البيضاء بوهران، حيث دفنت إلى جوار جدها الذي توفي قبل شهرين في المربع 34 في ترتيب المقبرة، حيث سار في موكبها الجنائزي مئات المواطنين يتقدمهم أطفال، نساء ورجال ساروا لعدة كيلومترات مشيا على الأقدام. ودّع الوهرانيون أمس الطفلة نهال للمرة الأخيرة، وتركوها تنام بمثواها الأخير إلى جانب جدها بمقبرة العين البيضاء، الجنازة بدأت أمس على الساعة العاشرة صباحا وكان المنزل العائلي للفقيدة بحي الكميل قد إكتظ بالمعزين الذين قدموا من مختلف ربوع الوطن خاصة من تيزي وزو. وارتسمت صور المأساة وخيم الحزن عند بداية خروج سيارة الإسعاف التي كانت ترقد بداخلها نهال، خرجت الوالدة دون أن تدري، إلى الشارع تريد مرة أخرى معانقة فلذة كبدها لتوديعها، ولكن أغمي عليها وأعادها بعض أفراد العائلة للمنزل في حالة يرثى لها، ولم يتمالك أحد نفسه عندما سار الموكب نحو المقبرة، كل المعزين فضلوا ترك سياراتهم والسير مشيا من حي الكميل مرورا بحي اللوز ثم مدخل حي العين البيضاء أين توجد المقبرة، مسيرة حاشدة شارك فيها الجميع، أطفال نساء ورجال للتنديد بالفعل الشنيع الذي ذهبت ضحيته نهال، وطالبوا بتسليط أشد العقوبات في هذه المأساة، و ذلك في هتافات رافقتها تكبيرات على طول المسار لعدة كيلومترات.وقد لعب أبناء الحي وبعض ممثلي المجتمع المدني دورا هاما في تنظيم المسيرة ومساعدة أعوان الشرطة في ذلك، حيث تصدرها بعض الشباب على متن دراجات نارية ثم أطفال يحملون شعارات التنديد ، ليليهم حشد من الشباب والشيوخ والكهول يرددون «الله أكبر»، ثم نساء قدمن من مختلف الأحياء اطلقن الزغاريد، ورغم الحشود الكبيرة التي إلتقت بالمقبرة إلا أن دعوات التعقل والتهدئة ساهمت في السير الحسن لمراسيم الدفن، حيث أقيمت صلاة الجنازة بمسجد المقبرة، وألقى إمام مسجد ابن باديس و مسجد أبو بكر الصديق، خطبتين ذكرا من خلالها بأن الطفلة تسير للجنة، وأطلقا رسائل مواساة وصبر للوالد والعائلة التي كانت بالمقبرة، لينتقلا للتنديد بهذا الفعل الإجرامي الذي قتل نفسا بريئة بغير حق، وأدخلت نهال لمثواها الأخير وسط تكبيرات وحزن كبير. وكانت نهال قد عادت مساء أول أمس على الساعة العاشرة مساءا إلى بيتها بوهران بعد أن غابت عنه حوالي شهر، وطافت روحها 11 ساعة في أرجاء البيت تعانق ألعابها وخاصة دراجتها التي لم تكن تفارقها مثلما قالت زوجة عمها، وودعت نهال الجميع لتسكن غير بعيد في مقبرة العين البيضاء. للتذكير، فإنه منذ 21 جويلية الماضي إنتشر خبر إختفاء الطفلة نهال من بيت أخوال أمها بقرية آث علي بدائرة واسيف بتيزي وزو، حيث بمجرد وصولها رفقة والدتها إنقطعت أخبارها ولم تفلح عمليات البحث التي قادها أفراد العائلة في العثور عليها مما إضطرهم للإتصال بمصالح الدرك الوطني الذين باشروا بدورهم عمليات مكثفة للبحث عن نهال دامت حوالي أسبوعين، ليتم العثور على أشلاء متناثرة على بعد كيلومترات عن البيت الذي إختفت منه، وبعد عمليات التحليل الجنائي، ثبت أن تلك الأشلاء هي لنهال لتفجع عائلة سي محند في إبنتها الصغيرة ذات 4 سنوات فقط. وعلى هامش مراسيم الدفن بمقبرة العين البيضاء، نفى أحد أعمام الضحية أن يكون الشخص الذي نشرت صورته في الفايس بوك مساء أول أمس، هو القاتل، مؤكدا أن التحقيقات متواصلة وأنه لا يوجد أي خبر رسمي حول القضية، وعبر رفقة بعض أفراد عائلته الذين قدموا من تيزي وزو لحضور مراسيم التشييع، في دردشة مع النصر، عن إستيائهم مما ينشر عبر الشبكات الإجتماعية من أخبار مغلوطة حيث أوضح أحد المتحدثين إلينا أنه مباشرة بعد نشر الصورة والخبر عبر الفايس بوك، كاد ينشب شجار كبير بين العائلتين يعني عائلة أخوال نهال وعائلة صاحب الصورة التي تسكن غير بعيد، ولو لا تدخل العقلاء مثلما أضاف لتهدئة الوضع وتوضيح الأمر لكانت الأمور ستتحول لما لا يحمد عقباه. وطالب الجميع بضرورة الحذر وتوخي المصادر الرسمية في مثل هذه القضايا لأن المغالطات قد تؤدي للأسوأ. الوالي يقدم واجب العزاء قام صباح أمس والي وهران عبد الغني زعلان بتقديم التعازي والمواساة لعائلة نهال، حيث إنتقل للمنزل العائلي وتمنى للوالدين الصبر والسلوان، مشيرا إلى أن السلطات والشعب الجزائري كله فجع في فقدان الطفلة البريئة نهال، علما أن الوالي يوجد حاليا في فترة نقاهة طبية بعد إجرائه لعملية جراحية، ولكن هذا لم يمنعه من تقديم واجب العزاء لعائلة سي محند، بإسم السلطات وبإسمه الشخصي. ومن جانب آخر، حضر مراسيم التشييع بمقبرة العين البيضاء، مدير الشؤون الدينية والأوقاف بوهران، ورئيس الأمن الولائي الذي أشرف شخصيا على التنظيم الأمني لمراسيم التشييع إنطلاقا من منزل الفقيدة لغاية المقبرة، إلى جانب رئيس البلدية التي فقدت بها نهال بواسيف في تيزي وزو، وأحد المنتخبين، والعديد من الجمعيات خاصة المختصة في الطفولة.