عامان حبسا لمحمد مزيان وعام لفغولي وبقية الإطارات أصدرت أمس قاضية القطب الجزائي المتخصص بوهران، حكما يقضي بتسليط عقوبة عامين حبسا ضد الرئيس المدير العام السابق لسوناطراك محمد مزيان، منها عام حبس نافذ، وقضت بعام حبسا أربعة أشهر منه نافذة في حق عبد الحفيظ فغولي والإطارات الباقية ، وبهذا يتمكن فغولي والإطارات الثلاثة لسوناطراك من مغادرة السجن بعد استنفاذهم مدة الحكم الصادر وقضائهم أكثر من 4 أشهر في الحبس المؤقت ليكملوا ال8 اشهر القادمة في إطار الحبس غير النافذ . للإشارة فإن وكيل الجمهورية لدى القطب الجزائي المتخصص بوهران كان قد التمس في حق المتهمين خلال جلسة الأربعاء 27 أفريل أحكاما تتراوح بين 6 سنوات سجنا نافذا ضد محمد مزيان وفغولي ومدير شركة «كوجيز» و 4 سنوات نافذة ضد باقي المتهمين ، وذلك بتهمة تبديد أموال عمومية وإبرام صفقة مخالفة للتشريع . وكانت أمس ثالث جلسة لثالث قضية لسوناطراك بوهران حيث خصصت للنطق بالأحكام، وفي غياب محمد مزيان عن الجلسة تلقى دفاعه الحكم بإنزعاج، وصرح محاموه في قاعة الجلسات أنه حكم سياسي وليس قضائي، أما الحكم المتعلق ببقية المتهمين فتطلب عدة شروحات ليفهمه أهالي المتهمين الذين انتفضوا بمجرد نطق القاضية بكلمة عام حبسا، إلا أنها تدخلت لإرجاع الهدوء للقاعة وإكمال نص الحكم الذي توقف نفاذه عند 4 أشهر بالنسبة للمدير العام لمقر نشاط المصب لسوناطراك بوهران سابقا، والذي شغل أيضا منصب الرئيس المدير العام لسوناطراك بالنيابة سابقا عبد الحفيظ فغولي ونفس الحكم لبن عمرو تواتي المدير العام لشركة «كوجيز» وهي فرع من سوناطراك وصاحبة المشروع الذي أثار الجدل و المتعلق ببناء 10 خزانات للآزوت ونشنيش تيجيني المدير العام لشركة «سفير» الجزائرية الفرنسية التي ظفرت بالصفقة في إطار التراضي البسيط، وكذا هنّي مكي مدير مصلحة الدراسات بالمقر الإداري لسوناطراك بوهران، وبصدور هذه الأحكام تمكّن هؤلاء الإطارات من مغادرة المؤسسة العقابية التي دخلوها في 20 ديسمبر 2010 أي قضوا فيها أكثر من 4 اشهر وسيكملون مدة الحكم المتمثلة في 8 أشهر حبسا غير نافذ خارج الأسوار، وقد أرضى الحكم عائلات المتهمين خاصة وأنهم كانوا يعانون من أمراض منها السكري وضغط الدم . وللإشارة فإن جلسة المحاكمة التي عقدت الأسبوع الماضي استغرقت حوالي 10 ساعات تخللت فترتها الصباحية فوضى واحتجاج لهيئة المحامين ومقاطعتهم للجلسة لمدة 20 دقيقة، ولم تستعد المحاكمة أطوارها بشكل عادي إلا بعد جلسة الصلح التي أشرفت عليها القاضية السيدة غربي في قاعة القضاة حيث جمعت المحامين ووكيل الجمهورية الذي سببت مرافعته احتجاج المحامين، خاصة عندما انتقد مرافعة الطرف المدني الممثل لسوناطراك والذي دافع عن المتهمين وأكد أن سوناطراك لم ترفع شكوى ولم تتضرر من القضية وقال في مرافعته أنه «ضد أخلاق المرافعات أن يدافع الطرف المدني عن المتهمين «، وهي الجملة التي أغضبت المحامين الذين طالبوا وكيل الجمهورية بتقديم اعتذار لكن إجابته كانت بالرفض معتبرا أنه لم يخطئ وهو ما زادهم انفعالا وقاطعوا الجلسة التي كادت أن تتوقف لولا تدخل القاضية التي أنهت الخلاف ليعود الجميع للقاعة وينطق وكيل الجمهورية بالتماساته السابقة . وفي الفترة المسائية حيث رافع المحامون وركزوا على أن موكليهم لم يخالفوا التشريع في الصفقة المتمثلة في إنجاز 10 خزانات لتخزين الآزوت، وهو مشروع لشركة «كوجيز» التابعة لسوناطراك حيث قسم المشروع إلى القسم الأول المتمثل في جلب الخزانات والذي تم عن طريق مناقصة دولية استفادت منها شركة «إينوكس إنديا» الهندية، أما القسم الثاني فظفرت به شركة «سفير» وهي شركة مختلطة جزائرية فرنسية تضم سوناطراك و سونالغاز وشركة «ماري» العائلية الفرنسية، و تمت الصفقة عن طريق التراضي البسيط رغم أن غلاف الصفقة فاق 66 مليار سنتيم. الدفاع توافق مع تصريحات المتهمين كون الصفقة منحت لشركة فيها إطارات جزائرية وتابعة لسوناطراك ولها الخبرة الكافية دون سواها من شركات المحروقات إلى جانب أن التعليمة الوزارية رقم «ر15 أ 408» التي أصدرها الوزير السابق شكيب خليل تنص على أن الصفقات تمنح بالتراضي البسيط في حالات الاستعجال والذي برّر ببرمجة مشاريع تتطلب الكثير من كميات الآزوت والنقطة الثانية هي الأمن حيث أن الآزوت ضروري لمنع انفجار المركبات في حالة الصيانة أو الغلق، ولكن القاضية تساءلت عن الاستعجال مادام أن المشروع تأخر عن موعده ب 6 أشهر وان بعض الخزانات لا تستغل لحد الآن وتاريخ الاستلام النهائي للمشروع سيكون في جويلية 2011، ولكن المحامين أجمعوا على أن التأخير سببه الشركة الهندية التي تأثرت بما جاء في قانون المالية التكميلي 2009 كما انتقد الدفاع مسألة تركيز الأسئلة على الصفقة وعدم الاهتمام بتهمة تبديد الأموال العمومية خاصة، وأن الطرف المدني قال أنه غير متضرّر لم يخسر أموال، مع الملاحظة أن الشريك الفرنسي لشركة «سفير» أرسل محاميا من فرنسا رافع إلى جانب محام جزائري، بينما مرافعة دفاع محمد مزيان فقد ركزت على أن سوناطراك لا تخضع لقانون الصفقات وإنما لقوانين خاصة بها منها ما جاء في التعليمة والذي طبّقه جميع المتهمون، وأن ثقة الرئيس المدير العام السابق لسوناطراك في نائبه آنذاك فغولي جعلته يوافق على التراضي البسيط دون الإطلاع بعمق على تفاصيل الملف وكما صرّح هو في الجلسة السابقة أنه يعالج 11 ألف ملف ورسالة سنويا وانه لا يتمكن من التدقيق في كل الملفات. وتعود القضية لنهاية السنة الماضية حين كشفت التقارير الأمنية أن هناك تبديدا للمال العام ومخالفة للتشريع في صفقة إنجاز 10 خزانات للآزوت بالمنطقة الصناعية آرزيو بوهران من طرف شركة «كوجيز» التابعة لسوناطراك، والمختصة في تسويق الغازات حيث يعود تاريخ الصفقة لنهاية 2006 و بداية 2007، و بعدما قامت «كوجيز» بدراسة المشروع قرّرت تقسيمه لشقيين الأول جلب الخزانات عن طريق مناقصة دولية رست على شركة هندية «إنديانا إينوكس» وهي الثانية بعد الشركة الأمريكية «جينيرال موتورز» في العالم التي تقدم هذه الخدمات، أما الشق الثاني فقررت «كوجيز» إنجازه لكن تبيّن أنه يفوق إمكانياتها المالية وقدراتها البشرية فطلب مديرها من مدير شركة سفير إعداد دراسة أولية للمشروع ثم عرض إقتراحين على المدير العام لمقر نشاط المصب بوهران فغولي، الأول يقول باللجوء للإعلان عن مناقصة دولية لهذا الشق والاقتراح الثاني يتعلق بمنح الصفقة لسفير بالتراضي البسيط وبعد عدة مراسلات بين فغولي ومزيان محمد الرئيس المدير العام لسوناطراك آنذاك وافق هذا الأخير على الطرح الثاني ومنحت الصفقة لسفير التي لجأت بدورها لمناولين من أجل إتمام المشروع خاصة وأن «كوجيز» و «سفير» سبق لهما التعامل في مشروع ترميم مركب الغاز الأول في الجزائر «لاكامال» . لكن التجارب الأولية أثبتت أن خزانيْن فقط يعملان بصورة عادية أما الثمانية خزانات الباقية ففيها خلل على مستوى الصمامات، خاصة وأنه قد تم استدعاء الشركة الهندية لإصلاح الأعطاب قبل التسليم النهائي للمشروع في جويلية 2011 بعد تأخر لأكثر من 6 أشهر عن موعده.