دعت وزيرة التربية الوطنية، نورية بن غبريط، أمس السبت، نقابات القطاع للجلوس إلى طاولة الحوار و إلى التحلي بروح المسؤولية والحفاظ على تمدرس التلاميذ، لاسيما وأن موضوع الحركة الإحتجاجية التي دعا إليها تكتل النقابات المستقلة لا يتعلق بالمسائل البيداغوجية، و إنما بملف إلغاء التقاعد المسبق الذي سيعرض على البرلمان للفصل فيه، قائلة في لقاء جمعها بوزير العمل وقاطعته مجموعة من نقابات القطاع، إن القرار لا يخص عمال التربية فحسب، في حين برّر وزير العمل الإجراء بالوضعية المالية الصعبة التي يعيشها صندوق التقاعد. وأفادت الوزيرة في لقاء مغلق جمعها أمس بممثلي عدد من التنظيمات النقابية التابعة للقطاع، وحضره وزير العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي محمد الغازي لشرح مضمون مشروع القانون الذي يلغي التقاعد المسبق، أن التفاوض مع النقابات التي أودعت إشعارا بالإضراب يفرض تغليب روح المسؤولية والحفاظ على تمدرس التلاميذ الذين شرعوا في الدراسة منذ وقت قصير، كما أن أبواب الوزارة مفتوحة لمناقشة كل ما يتعلق بقطاع التربية الوطنية، خاصة فيما يتعلق بإلغاء التقاعد النسبي، الذي اعتبرته بعض النقابات في غير صالح العمال، مهددة بشلّ القطاع يومي 17 و18 من الشهر الجاري، وأصرت على مقاطعة لقاء في اجتماع نظمته صبيحة أمس بمقر «إينباف»، من بينها الاتحاد الوطني لعمال التربية والتكوين و السنابست والكنابست والكلا والساتاف، في حين شاركت الاتحادية الوطنية لعمال التربية التابعة لاتحاد العمال الجزائريين، وكذا النقابة الوطنية لعمال التربية، إلى جانب نقابة التربية التابعة للسناباب، فضلا عن نقابة الأسلاك المشتركة، التي أبدت استعدادها للتفاوض بشأن إلغاء التقاعد المسبق.وناشدت الوزيرة النقابات التحلي بالحكمة و المسؤولية والحرص على مصلحة تمدرس التلاميذ و قطاع التربية الوطنية ككل، الذي يعد المتضرر الأكبر من الحركة الاحتجاجية التي تهدد بشنها مجموعة من النقابات، ودعت الوزيرة النقابات إلى التواصل الدائم مع هيئتها، لإيفادها بكل المستجدات و الشروحات المتعلقة بملف التقاعد المسبق، مع العدول عن قرار الإضراب، الذي تراجعت عنه نقابة الأسلاك المشتركة، فضلا عن النقابة التابعة للمركزية النقابية وكذا السناباب، في ظل تمسك النقابة الوطنية لعمال التربية بالقرار، واقترحت هذه التنظيمات في المقابل وضع خارطة طريق لتجاوز هذا الإشكال من خلال تحسين ظروف العمل والأجور. وقال من جانبه وزير العمل وفق ما تسرب من الاجتماع، إن ملف إلغاء التقاعد المسبق أضحى يتجاوز الحكومة وهو الآن بين أيدي البرلمان، مبررا اللجوء إلى هذا القرار بالوضعية المالية الصعبة التي يعيشها الصندوق الوطني للتقاعد، مؤكدا أنه يعرف عجزا كبيرا، وهو ما أكده مدير الصندوق الذي كان حاضرا بدوره في اللقاء. واقترح الوزير في ذات السياق، أن تنشط نقابات التربية الوطنية على مستوى البرلمان، الذي يمكنه وحده إدخال تعديلات على نص المشروع، واستغل محمد الغازي الفرصة ليقدم توضيحات شاملة حول النص الجديد، موضحا أن الأمر يتعلق في الواقع بالعودة إلى وضعية سابقة، أي المرحلة ما قبل إقرار التقاعد النسبي، قبل أن تفرض الظروف الاقتصادية التي مرت بها البلاد سنوات التسعينات على الحكومة إقرار التقاعد المسبق، جراء غلق العشرات من المؤسسات، وتسريح الآلاف من العمال، تجنبا لإحالتهم على البطالة. وأفاد في ذات السياق، المفتش العام بوزارة العمل بأن تحسن المستوى المعيشي للفرد، وارتفاع معدل العمر إلى أزيد من 85 عاما فرض إلغاء التقاعد النسبي، وأن الإجراءات الجديدة التي يتضمنها قانون العمل الجديد، تمنح امتيازات حتى لمن يريد أن يعمل ما بعد سن التقاعد، كالتغطية الاجتماعية بنسبة 100 في المائة، فضلا عن تحسين ظروف العمل، كما تعهدت وزيرة التربية نورية بن غبريط بمنح جملة من التسهيلات للموظفين الذين يستمرون في العمل إلى غاية 60 عاما، من بينها تحسين ظروف العمل، وتخفيف عدد التلاميذ داخل القسم، وكذا تخفيف جدول التوقيت، مع ضمان الرعاية الصحية للعامل، وتقريب العامل من مقر السكن، مصرة على التأكيد أن إلغاء التقاعد المسبق لا يخص قطاع التربية الوطنية وحده، وأضاف وزير العمل أن قطاع التربية الوطنية وحده شهد مؤخرا مغادرة 60 ألف موظف، مما كبد صندوق التقاعد عجزا فادحا. وفضلت بن غبريط استضافة وزير العمل والتشغيل بمقر هيئتها، بحضور الشركاء الاجتماعيين، لتمكينهم من تلقي شروحات وافية بخصوص هذا الملف، حرصا منها على استقرار القطاع، الذي يحصي أكبر عدد من عمال الوظيف العمومي، في وقت حذرت النقابات التي شاركت في الاجتماع من استغلال نقابات القطاع لتحقيق أهداف مشبوهة، داعية كافة التنظيمات النقابية الممثلة لعمال التربية إلى ضرورة التكتل، لاقتراح حلول ناجعة من أجل تحسين ظروف العمل والأجور، بدل التركيز على ملف التقاعد المسبق، الذي أضحى وفقها ضرورة ملحة يفرضها الوضع الاقتصادي للبلاد.