موزعون يبيعون الحليب على حواف الطرقات لا تزال أزمة نقص و تذبذب توزيع حليب الأكياس، تلقي بظلالها على العديد من الأحياء و البلديات بولاية قسنطينة، في الوقت الذي يُباع فيه بكميات كبيرة على حواف الطرقات من طرف موزعين، تحت مبرر عدم تحديد نقاط البيع، في مشاهد متناقضة و غريبة تثير استياء المواطنين، الذين طالما اصطفوا في طوابير للظفر بكيس واحد. ففي جولة ميدانية قامت بها النصر إلى العديد من المواقع، اشتكى أصحاب محلات من نقص في توزيع حليب الأكياس، حيث أكدوا بأن الندرة باتت من الأمور المألوفة، بسبب التذبذب في التوزيع و التقليص من الحصص الممنوحة للمحلات، و هو ما أدى بهم إلى اللجوء إلى تحديد سقف عدد الأكياس التي يمكن للمواطنين اقتناؤها إرضاء لغالبية الزبائن، الذين يضطر العديد منهم إلى اقتناء حليب البودرة. و استغل بعض التجار هذه الأزمة من أجل المضاربة، حيث يصل سعر الكيس الواحد في بعض الأحياء بالمدينة الجديدة علي منجلي، مثلا، إلى 30 دينارا، مع إرغام الزبائن على اقتناء كيس حليب بقرة مقابل منحهم كيسين من الحليب العادي، ناهيك عن المحاباة و التمييز في البيع. و أكد أصحاب محلات تجارية، بأن الموزعين يقومون بإحضار الطلبيات مرة واحدة كل يومين، ناهيك عن قدومهم متأخرين، مشيرين إلى أن الكميات المتوفرة لا تلبي احتياجات المستهلكين اليومية، لاسيما بالمدينة الجديدة علي منجلي، التي تمنحها الملبنة العمومية نوميديا 25 ألف كيس فقط يوميا، و هي كمية ضئيلة، حسبهم، إذا قورنت بالكثافة السكانية المرتفعة التي تجاوزت 250 ألف نسمة، كما ذكر عدد من التجار بأنهم تخلوا عن بيع الحليب تفاديا للإحراج اليومي مع الزبائن. و أمام هذا الوضع، لاحظت النصر بأن مجموعة من موزعي الحليب يجتمعون في كل صبيحة على مستوى حي بن تليس، أين يركنون شاحنتهم المملوءة بأكياس الحليب و يعرضونها للبيع بالجملة، حيث ترتاد على المكان يوميا شاحنات من مختلف البلديات و أحياء الولاية، من أجل اقتناء هذه المادة ابتداء من الساعة الحادية عشرة صباحا. و في حديثنا إلى بعض الموزعين بالمكان و بعد أن تظاهرنا أننا تجار نريد شراء كمية من الحليب، أكد لنا أحد الموزعين أن بإمكانه أن يوفر لنا الكمية التي نطلبها يوميا و بسعر لا يتجاوز 24 دينارا للكيس، فيما كشفت لنا مصادر عليمة، بأن بعض الموزعين و بدل أن يقوموا بتوزيع الكميات الممنوحة لهم في المصنع، على الأحياء المخصصة لهم، يلجأون إلى بيعها في بن تليس تفاديا للتعب و التنقل و اقتصادا للوقت و الوقود طلبا للربح السريع، كما أشار مصدرنا إلى أن بعضهم يقلص من الحصة الممنوحة لكل محل و من ثم يقوم بإعادة بيعها في ما أسماه «السوق السوداء للحليب»، لاسيما بالمناطق البعيدة و الأحياء الجديدة، بمبالغ متفاوتة، بحسب تأكيده. في المقابل، ينفي موزعون تسجيل اختلالات في ممارسة نشاطهم، حيث أكدوا بأن الملبنة لم تحدد لهم مناطق التوزيع، و هو ما دفعهم إلى تسويق الكميات التي يتحصلون عليها بذلك المكان، لتجار القرى القادمين من المناطق البعيدة، على غرار بني حميدان و زيغود يوسف، و حتى بعض الأحياء الجديدة بمدينة علي منجلي، كما أكدوا بأنهم يبيعون الكيس وفقا لسعره القانوني، بحسب قولهم. و في استفسارنا عن أسباب عدم تنقلهم إلى تلك المناطق لتوزيعه بأنفسهم، لم يجد محدثونا أي مبرر للرد عن تساؤلنا، لكنهم أكدوا بأن الحليب الذي يبيعونه ما هو إلا فائض من المنتوج لم يجد مكانا يوزع فيه، بحسب تعبيرهم. 500 طن من الحليب شهريا لتلبية احتياجات المستهلكين من جهته، أوضح مدير ملبنة نوميديا العمومية التي تعتبر المموّن الأساسي بحليب الأكياس، بأنه لا يوجد أي فائض في الإنتاج و أن الملبنة لا تمنح للموزعين أي حصة دون أن توفر لهم مجالا أو حيزا للنشاط أو توزيع المادة، مشيرا إلى وجود لجان دورية تعنى بمراقبة نشاطهم و معاقبتهم في حال عدم قيامهم بتوزيع الحصص الممنوحة لهم، كما أوضح بأن حصة المصنع من البودرة تصل إلى 500 طن شهريا، و هو رقم بإمكانه تغطية احتياجات الولاية، بحسب تأكيده. و أشار محدثنا، إلى أن إنتاج المصنع يغطي جميع الأحياء و البلديات و حتى المناطق النائية، و أن الحديث عن نقص أو تذبذب في التوزيع لا تتحمله الملبنة التي تضمن عملية توفير الإنتاج، بل يتحمّله، حسبه، التجار الذين يعزفون عن التبليغ عن الاختلالات الحاصلة سواء لمديرية التجارة أو للمصنع، مشيرا إلى أن مصالحه ستحقق في الأمر من أجل معاقبة المخالفين للقوانين، بحسب تعبيره.