التقاعد المسبق يكلّف الصندوق 405 ملايير دينار سنويا دافع وزير العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي، محمد الغازي، عن مشروع القانون المعدل والمتمم المتعلق بالتقاعد، وقدم كل المبررات الموضوعية والمادية التي جعلت الحكومة تقدم على تعديله، وأكد أن التطورات الاجتماعية والاقتصادية و الديمغرافية أثرت على النظام الحالي للتقاعد، و هو ما يتطلب تكييفه بالشكل الذي يرمي إلى الحفاظ عليه، و ضمان توازناته المالية، وديمومته للأجيال الحالية والقادمة. عرض وزير العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي، محمد الغازي، أمس الأحد، أمام نواب المجلس الشعبي الوطني في جلسة علنية مشروع القانون المعدل والمتمم المتعلق بنظام التقاعد. وقدم الوزير في البداية عرضا للأسباب التي دفعت الحكومة إلى مراجعة هذا النظام في الوقت الحالي، وعليه أوضح أن التطورات الاجتماعية والاقتصادية و الديمغرافية أثرت على النظام الحالي للتقاعد، ونظام التقاعد عندنا يعتبر أحد الركائز الأساسية للتضامن، سيما التضامن بين الأجيال، إذ أن العمال النشطين حاليا يموّلون من خلال اشتراكاتهم معاشات ومنح تقاعد الجيل السابق، هذا الجيل الذي موّل في وقته منح تقاعد الجيل الذي سبقه. و عليه أوضح المتحدث أن الإشكال الذي يواجه هذا النظام في الوقت الحالي يتمثل في أثر الجهاز الذي أحدث في سنة 1997 بموجب الأمر 97/13 و الذي جاء في ظروف خاصة أنداك في إطار برنامج التصحيح الهيكلي الذي تم تجاوزه منذ سنوات، وهو الجهاز الذي نص على التقاعد دون شرط السن و التقاعد النسبي( 50 سنة للرجال، و45 سنة للنساء)، مشيرا أن هذا الجهاز الذي كان ذو طابع انتقالي والذي لا يزال سائدا إلى اليوم أثر بصفة معتبرة على نظامنا التقاعدي بحيث تم إحصاء أكثر من 916 ألف متقاعد مبكرا، أي ما يمثل 52 من المئة من العدد الإجمالي للمتقاعدين، بما يوافق نفقات سنوية تبلغ 405 مليار دينار. واليوم وبالنظر لتطور الأمل في الحياة لدى الجزائريين الذي انتقل من 60 سنة في 1983، ثم 72 سنة في 2000 و 77 سنة في 2015 ، فإن انعكاسات هذا الجهاز تبدو أكثر من مهمة، وعليه فإن الحكومة ورغبة منها في الحفاظ على النظام الوطني للتقاعد بادرت بمشروع هذا القانون لإصلاح نظام التقاعد تطبيقا لبرنامجها الذي صودق عليه في سنة 2014، بعد مشاورات مع الشركاء منهم الاتحاد العام للعمال الجزائريين ومنظمات أرباب العمل وفقا لما تم الاتفاق عليه في إطار الثلاثية ال 19 للخامس جوان الماضي. ثم قدم محمد الغازي التعديلات الواردة على القانون والتي تتمثل في العودة إلى السن القانونية للتقاعد في 60 سنة، و55 سنة للنساء، بموجب القانون 83/12 وإلغاء الأمر 97/13 مع الأخذ بعين الاعتبار خصوصية بعض المهن الشاقة، وهذا بهدف إنقاذ النظام الوطني للتقاعد من خطر الإفلاس في إطار الإنصاف والعدالة الاجتماعية بتقاسم الأعباء بين جميع الأطراف. ويمنح المشروع المعروض حقا للعمال بمواصلة نشاطهم إراديا في حدود خمس سنوات تسمح لهم باعتماد سنوات عمل إضافية، وبالتالي رفع معاشاتهم، كما يضع المشروع قواعد خاصة للذين يشغلون مهن ومناصب جد شاقة ستحدد لاحقا بمرسوم تنفيذي، وهناك أيضا قواعد خاصة بالمناصب والمهن ذات التأهيل العالي والنادر التي ترمي إلى نقل المعارف والمهارات بين الأجيال. و أوضح الوزير أن هذه الآليات عالمية، و معدة على أساس دراسات جد متخصصة، وهي معتمدة في كل البلدان التي تعتمد على نظام التقاعد المرتكز على مبدأ التضامن بين الأجيال، وهي تطبق على كل جيل باستثناء المهن الشاقة. وقدم الغازي مقارنة بين نظام التقاعد المعتمد في العديد من الدول الأوروبية، و دول الجوار ، فقال مثلا إن التقاعد في اسبانيا يعتمد عند سن 65، وفي ألمانيا بين 65 و 67 سنة مع ووجود مشروع لرفعه إلى 69 سنة، وفي البرتغال بين 63 و 65 سنة، وفي المغرب في حدود 63 سنة، وفي تونس في سن 62، مشيرا إلى أنه في التقاعد بعد سن الستين يمكن لمنحة التقاعد أن تصل إلى نسبة 80 بالمائة مع احتساب أجر أفضل خمس سنوات عمل.