لوبيات تتحكم في الخدمات الجامعية و تدفع الطلبة للاحتجاج أساتذة من تونس لسد العجز في كلية الفنون سنحارب المحاباة في نشر البحوث العلمية يكشف رئيس جامعة قسنطينة 3 أحمد بوراس في حوار مع النصر، بأن «لوبيات» تتحكم في الخدمات الجامعية و تحرّك الطلبة خدمة لمصالحها، كما يؤكد تراجع مستوى الطالب مقارنة بما كان عليه قبل سنوات، و يرى بأن المحيط الإقتصادي غير قادر حاليا على استيعاب المتخرجين، لكنه أوضح بأن الجامعة تسعى إلى مواكبة حاجة المؤسسات بخلق تخصصات جديدة، مُتعهدا بمحاربة سياسة "المحاباة" في نشر البحوث العلمية. أجرى الحوار: لقمان قوادري عرفت الجامعة خلال الموسم الجاري موجة من الإحتجاجات الطلابية في العديد من التخصصات، ما هو تعليقكم؟ موجة الإحتجاجات و التحركات عادة ما تحدث في كل بداية عام جامعي و هي أمر طبيعي، لأن الطلبة الجدد ولجوا عالما جديدا و صادفتهم أشياء مختلفة و مرحلة التأقلم مع الحياة الجامعية تتطلب هذا الحراك، لكن لابد أن يكون داخل إطاره البيداغوجي و العلمي، أما إذا خرج عن هذه الأطر العلمية و الخدماتية فالجامعة لا تستطيع أن تؤطر أو تقدم حلولا لهذه الانشغالات. أساتذة من تونس لسد العجز في التأطير بكلية الفنون بالنسبة للحراك الذي قام به طلبة الصيدلة و جراحة الأسنان، فإننا لو ندرسه حالة بحالة، قد نلاحظ بأن لائحة المطالب تعتبر في غالبيتها تعجيزية و ليست من اختصاصات و صلاحيات الجامعة، فمثلا عندما يطلب الطالب الذي هو في مرحلة التكوين بسحب الإعتماد من الصيدلي بعد 32 سنة من العمل، فإننا هنا أمام مطالب لجهات أخرى، نظرا لعدم منطقيتها خاصة و أن الصيدلة تصنف من المهن الحرة، التي لا يمكن أن تحدد بسن محددة على خلاف الوظيف العمومي، كذلك بالنسبة لمطلب تسقيف عدد المناصب البيداغوجية، ربما و على حسب اعتقادي، المطلب الذي يمتلكون الحق فيه و الوزارة الوصية أكدت بأنها ستتكفل به، هو رفع السلم الترتيبي من 13 إلى 16، لأن هؤلاء الطلبة يحملون شهادة دكتور و هو أمر منطقي. و فيما يخص حركة المدرسة العليا للأساتذة فأود أن أوضح بأنها غير تابعة لجامعة قسنطينة 3، لكن المعلومات التي أحوز عليها و أؤكدها هي أن الطلبة يمتلكون حق مواصلة مسارهم التعليمي في جميع الأطوار و النصوص القانونية واضحة، غير أن المعلومة لم تكن واضحة في أذهان الطلبة و المعلومة كانت توجه لديهم بشكل خاطئ. قلت إن جهات أخرى حرّكت الطلبة، فمن تكون هذه الجهات؟ الهدف الأساسي للطالب هو التحصيل العلمي و البيداغوجي بأكبر قدر ممكن، و لابد عليه التركيز و أن لا يتحدث عن أمور خارج الإطار العلمي، لابد أن لا تكون أنانية في أوساط الطلبة، و عليهم التفكير و التركيز على التحصيل العلمي فقط، هذه الإنشغالات في غالبيتها لا تخص الطلبة بل تتعلق بآخرين تخرجوا و لم يجدوا مجالا لطرح مشاكلهم فاستخدموا الطلبة لتحقيق مطالبهم، أظن بأن هذا هو التفسير المناسب لما حدث، و على الطلبة أن لا يتسرعوا، لابد أن يتعاملوا مع الأمر مرحلة بمرحلة. طُرح بحدّة نقص الوسائل و التجهيزات البيداغوجية على مستوى العديد من الكليات، كيف ستعالجون هذه المشكلة؟ صحيح أن الوسائل التقنية جد ضرورية و الحاجة إليها تزداد كل سنة، لأن الطلبة في تزايد مستمر و عددهم يتضاعف في كل عام، لكن جامعة قسنطينة 3 هي الآن في مرحلة التأسيس، فمثلا كلية الفنون حديثة و لها أهمية و عناية خاصة، و جميع الوسائل متوفرة حسب تقديري، و العجز الذي تعاني منه هو في مجال التأطير باعتبارها الوحيدة على المستوى الوطني، و الجزائر تفتقد إلى أساتذة مختصين في المجال، لذلك استعنا بمؤطرين من جامعة مستغانم و دولة تونس، حتى نقوم بتخفيض حدة العجز في التأطير أبرمنا إتفاقيات مع التونسيين، و نتمنى أن تأتي أكلها و نغطي العجز. تخصصات للتكوين عن بعد العام المقبل كما سنحقق من خلال ذلك هدفين، الأول نضمن فيه تكوينا نوعيا أما الثاني فهو يتعلق بجانب الوسائل، فبعض الأساتذة غير مختصين و يجهلون الوسائل العلمية و البيداغوجية التي يجب اقتناؤها، و لو تطبق هذه الإتفاقية سنضمن تكوينا جديدا و جيدا لهم و لكي يساهموا من خلاله في اقتناء وسائل حديثة. بالنسبة لكلية الطب، أبرمنا مؤخرا صفقات لإقتناء أجهزة علمية و تقنية ستساعد كثيرا في تحسين التحصيل العلمي و البيداغوجي للطلبة و هذه المخابر العلمية التي أنجزناها مؤخرا ستقلص من الفجوة بشكل كبير، بالإضافة إلى الصفقات لكلية هندسة الطرائق التي ستستفيد مخابرها من وسائل علمية لا تتوفر عليها معظم الجامعات الجزائرية، و ستساعد على إنجاز الأبحاث العلمية مستقبلا. أطلقت الوزارة الوصية مشروعا لتكوين الطلبة عن بعد في طور الماستر، هل فكرتم في إطلاق الفكرة بجامعتكم؟ سننطلق العام المقبل في هذا التكوين الذي سيخدم الطالب و الجامعة على حد سواء، حيث من شأنه أن يجعل الطالب لا يصب جل اهتمامه على نيل شهادة الماستر بل يوسعها إلى الإهتمام بالتوظيف. نحن بصدد التفكير في تحديد التخصصات التي سنفتحها العام المقبل، لكن الأمر يتطلب إمكانيات و تقنيات كبيرة، لقد قمنا بفتح مركز للتعليم المكثف في اللغات و جناح للسمعي البصري بكلية الإعلام و الإتصال و كذا مركز التكوين عن بعد و ما يسمى بالمحاضرة المرئية، التي تعتبر أساس التكوين عن بعد، و مع اقتناء التجهيزات اللازمة الأخرى، سننطلق في وضع عروض التكوين في شهر فيفري.. ربما نستطيع أن نفتح التكوين في مجال الإعلام و الإتصال باعتبار توفر الإمكانيات و كذا في العلوم السياسية أيضا، أما في تخصصي الهندسة المعمارية و الكيمياء، فالتكوين بهما يتميز بطابع خاص، باعتبارهما يتطلبان توفر مخابر و تكوين في الأعمال التطبيقية، إذ سنقوم بفتح المخابر خلال أيام العطل الأسبوعية و السنوية لإتاحة الفرصة للطلبة. ما هي الإجراءات التي تنوون القيام بها لتحسين علاقة جامعتكم بالمحيط الخارجي، لاسيما بالقطاع الإقتصادي؟ بادرنا للقيام بأيام مفتوحة حول الجامعة و أخرى في كلية هندسة الطرائق، و حضر مسؤولو مؤسسات اقتصادية و كل من له علاقة بالمحيط الإقتصادي، حتى أن هناك مؤسسات حديثة ناشئة حضرت و عرضت آفاقها المستقبلية التي تتوافق مع تطلعات الطلبة و تفتح لهم الرغبة في الإنخراط بهذه المؤسسات، و ما يمكن ملاحظته هو وجود تفاعل كبير من طرف الطلبة و الفاعلين الاقتصاديين، حيث كانت أسئلة الطلبة جد دقيقة، و سنسعى إلى جعلها لقاءات دورية، قمنا أيضا بإبرام اتفاقيات مع هيئات المهندسين المعماريين في مجال تكوين و تدريس الطلبة و كذا مساعدتهم في اقتراحات نهاية الدراسة. ألا ترون أن مستوى التحصيل في الجامعة قد تراجع مقارنة بما كان عليه قبل سنوات؟ فعلا المستوى تراجع، لكن ليس بالصورة التشاؤمية التي يروج لها، فبعض الذين درسوا معي أو درستهم الآن أصبحوا إطارات ذوي كفاءة كبيرة، رغم أنهم كانوا من ذوي المستوى المحدود، للأسف أقولها بالرغم من توفر الإمكانيات البيداغوجية و المادية و العلمية، مقارنة بما كانت عليه، فإننا لسنا في المستوى المطلوب، فمثلا مكتبة الجامعة كانت تغلق في السنوات السابقة على الساعة العاشرة ليلا، اليوم أصبحت تغلق في الثانية زوالا و تجدها فارغة.. مستوى الطالب تراجع مقارنة بالإمكانيات الضخمة المتوفرة قبل سنوات كانت الجامعة مكانا لصقل المواهب، اليوم ربما المواهب لم تستطع البروز نظرا للزخم الكبير الذي تعيشه الجامعة و العدد المتزايد للطلبة، لكن أؤكد بأن الجامعة الجزائرية ماتزال تزخر بالمواهب، فقد حضرت مؤخرا عروضا لمسرحيات و أنشطة شعرية وجدنا فيها طلبة في الطب ممتازين في الأدب و الشعر، و آخرين مثلوا مسرحيات رائعة و نظموا قصائد رائعة، و لهذا لا يمكننا إطلاق حكم مطلق، إذا نخلص إلى نتيجة هي أن العدد الكبير و المتزايد للطلبة صعّب من اكتشاف المواهب و النوابغ، و جعل الإدارة تصب جل جهدها في المشاكل اليومية التي تأخذ جهدا كبيرا. تقع جامعة قسنطينة 3 بمدينة جامعية تعد الأكبرأكبر على المستوى الإفريقي، متى نراها منافسة على المستوى العلمي و المعرفي؟ لكي تكون الجامعة ضمن الجامعات الرائدة لابد من إنتاج علمي، على الأقل لابد أن تتوفر على مجلة عليمة محكمة، للأسف نحن لا نمتلكها إلى حد الساعة.. نظمنا في هذا الخصوص لقاء حضره زملاء و فاعلون من مديرية البحث العلمي و خرجنا فيه بتوصيات تتعلق بإستحداث مجلتين إحداهما علمية و تكنولوجية لجميع الباحثين، و أخرى للعلوم الإنسانية، سنراعي فيها الجدية و نوعية الأعمال، و عندما تتكون لدينا هاتين الواجهتين، يمكن أن تكون لنا إضافة في ترتيب و تصنيف الجامعات، رغم أنني لاعترف كثيرا بالتصنيفات الدولية لأن الهدف من غالبيتها هو الربح المالي. ناقلون يدفعون أموالا للطلبة من أجل غلق الجامعة نسعى على الأقل، لإنجاز مجلة علمية جيدة بعد ثلاث سنوات على الأقل، حيث قمنا بتنصيب الهيئة التحريرية و العلمية و لدينا إصداران الأول سيكون في جوان 2017، و نهدف إلى التصنيف في سنة 2020.. هو أمر ليس صعب المنال.. الجامعة الجزائرية تمتلك قدرات لكن على أساتذتها الإلتزام بالرسائل التي يحملونها، لأن أساتذة كانوا هنا و ينشرون الآن بحوثهم في مجلات عالمية و يتركون مجلات بلدانهم، لابد أن تتكون لدينا غيرة علمية و أن تكون لجنة التحرير و الهيئة العلمية صارمة في نشر البحوث و المقالات العلمية، كفانا من سياسة المحاباة في نشر البحوث العلمية. أين وصل مشروع إنجاز هيئة لتسيير المدينة الجامعية؟ هناك ضرورة ملحة لوجود هيئة لتسيير القطب الجامعي أكثر من أي وقت مضى، الجميع يظن أن القطب هو جامعة قسنطينة 3 في حين أنها تشكل جزءا فقط من القطب المتكون من المدرسة العليا للأساتذة و المتعددة التقنيات و البيوتكنولوجيا، ..المدينة الجامعية لو أخذنا بعدد روادها و المتواجدين بها يوميا، فإنها تتطلب و بشكل استعجالي هيئة مستقلة تسهر على الأمن و النظافة و الإهتمام بالمساحات الخضراء و صيانة المنشآت، لأننا الآن و بكل صراحة لا نستطيع التحكم جيدا في الأمن لأن عدد الوافدين كبير جدا، و حتى الموظفون و الأساتذة و الطلبة لا يساعدون رجال الأمن على القيام بمهامهم من خلال ما يقومون به من سلوكات غير مقبولة. القطب الجامعي يعرف نقصا في الأمن و الصيانة لا توجد عناية جيدة بالمساحات الخضراء فقد بدأت تتدهور لنقص الصيانة، لكننا استدركنا الأمر و أنشأنا هيئة مؤقتة لتسيير القطب الجامعي تتكون من مدراء الخدمات الجامعية و جامعة قسنطينة 3 و باقي المدارس العليا، في انتظار قرار وزير التعليم العالي الذي تحدثت معه بخصوص الأمر حيث وعد بزيارة للقطب.. لابد أن تتشكل هيئة مستقلة ماليا تتولى هذه المهام، لكن يبقى الأمن مسؤولية الجميع، كما أذكر بأنني وجدت نقطة سوداء بوسط الجامعة تتمثل في سكنات هشة ازداد عددها مؤخرا على أمل أن يتحصل مستغلوها على سكن، حيث كان ممكنا منذ البداية تفادي الأمر، و لا يعقل وقوع ضريح ولي في مدخل جامعة تزروها وفود أجنبية علمية، ما من شأنه أن يقدم صورة سوداء عنها. ما تزال هناك اختلالات في الخدمات الجامعية بحسب ما طرحته بعض التنظيمات الطلابية؟ كيف تفسرون ذلك؟ الشيء الذي لاحظته سواء في إقامات الذكور أو البنات، هو أن الظروف جد حسنة و في بعض الحالات بعض الوجبات لا نجدها حتى في بيوتنا، وقفنا أيضا على سلوكيات تبذيرية و غريبة، فتجد الطالب يتحصل على أكثر من ثلاث وجبات من أجل علبة ياغورت و يرمي بقية الطعام و الخبز في القمامة، للأسف فإن الخدمات الجامعية و مهما تبذل من مجهودات، فإنها لن تصل إلى مستوى رضا الطلبة، كما أود أن ألفت إلى وجود لوبيات كبيرة جدا تتحكم في النقل أو الإطعام و هي التي طالما تحرك الطلبة. كيف تُحرّك اللوبيات التي تحدثت عنها الطلبة و من تكون؟ على سبيل المثال في النقل يقوم الناقلون بإحداث الفوضى عن طريق خلق تذبذبات في بعض الخطوط و يصل بهم الأمر إلى دفع أموال لبعض الطلبة من أجل غلق أبواب الجامعة، و هي حالات سجلناها و الهدف منها الضغط على إدارة الخدمات لزيادة عدد الحافلات، كما سجلنا حالات تتعلق بممونين بأم البواقي و لكي يفوزوا بصفقة للتموين بالخضر أو المواد الغذائية، قاموا بقطع الطريق على ممون و سرقوه، حتى يفوتوا عليه المشاركة في المناقصة و يتمكنوا من وضع قوانينهم التي تخدم مصالحهم.