يطرح أساتذة جامعيون و مسؤولون في البيداغوجيا، العديد من المعوقات التي يرون أنها تعترض الطلبة خلال إنجاز أطروحات التخرج، في ظل غياب علاقة متينة بين الجامعة و المحيط الخارجي و نقص العمل الميداني، كما يُقرّون بوجود تكرار في عناوين البحوث و بضعف الاهتمام من قبل العديد من الطلبة الجدد، و هي وجهات نظر جمعتها النصر على هامش اليوم الإعلامي الذي نظمته أمس الأول جامعة عبد الحميد مهري قسنطينة 2، لفائدة طلبة الدكتوراه الذين تحدث بعضهم عن اختلالات في التكوين القاعدي. أعدّ الندوة: عبد الله بودبابة رئيس جامعة قسنطينة 2 محمد الهادي لطرش الاهتمام بالوظيفة أبعد مسجلي الدكتوراه عن البحث العلمي شدّد رئيس جامعة عبد الحميد مهري البروفيسور محمد الهادي لطرش، على ضرورة إيلاء أهمية كبيرة للبحث العلمي من طرف الطلبة، معتبرا أن ارتباط بعضهم بالوظيفة التي يمارسونها، تحوّل إلى عبء و قلّل من تركيزهم على إعداد أطروحة التخرج. و أضاف البروفيسور لطرش أنه و بحكم خبرته الطويلة في الجامعة، وقف على الكثير من الحالات، التي دفع فيها الباحثون ثمن قلة التركيز و توزيع الجهد بين الدراسة و المجالات الأخرى، معتبرا أن الباحثين من طلبة الدكتوراه ليس لهم الحق للتحجج بمثل هذه الأعذار، كما أقر أن هذه النقطة تُعتبر من بين الأسباب التي تجعل المردود ضعيفا. و بالمقابل طالب لطرش من الأساتذة التركيز على التقييم المتواصل و الدوري للطلبة كل ستة أشهر مثلما ينص عليه القانون، و ذلك من خلال متابعة الباحث و مدى استجابته للتوجيهات المقدمة له، و كذا إنجازه للبحوث التي تُطلب منه، و هو ما من شأنه أن يضع أساتذة المستقبل على السكة الصحيحة، كما وصف ذات المتحدث العلاقة بين المؤطر و الطالب بالمقدسة و أساس البحث العلمي السليم، لما لها من تأثير مباشر على ظروف العمل طوال المسار الذي يدوم لثلاث سنوات على أقل تقدير، إلى جانب أن الطلبة مطالبون دوما بتقديم بحوث مبدعة تسمح بالحصول على معلومات جديدة. و بخصوص البعثات العلمية إلى الخارج، طلب رئيس جامعة قسنطينة 2 من الباحثين الجدد عدم التركيز كثيرا على مثل هذه الأمور و ضرورة البحث عن بدائل أخرى، على غرار خلق علاقات وطنية و دولية و شبكات تبادل معرفية مع باحثين آخرين ضمن صيغة رابح رابح، لما لهذه العلاقات من تقديم ديناميكية و حركية للبحث العلمي و إعطاء نظرة جديدة لصاحبها. نائب رئيس الجامعة المكلف بالعلاقات الخارجية و التعاون بعض البحوث ليست سوى إعادة لمواضيع سابقة اعترف نائب مدير جامعة قسنطينة 2 المكلف بالعلاقات الخارجية و التعاون الأستاذ عميروش بوالشلاغم، أن بعض المواضيع التي عالجتها رسائل التخرج و أطروحات طلبة الدكتوراه، ليست سوى إعادة لمواضيع قديمة. و من أجل تجاوز هذه الإشكالية، أكد المسؤول أن الجامعة تعكف حاليا على تكوين قاعدة بيانات توافق متطلبات البحث لمستوى الدكتوراه و تتناسب مع احتياجات القطاع الاقتصادي و الاجتماعي، مضيفا أن النصوص التنظيمية الجديدة الخاصة بتنظيم الدراسة في مسار الدكتوراه، تشجع مثل هذه المقاربات، و ذلك انطلاقا من اختيار مشرف يتماشى مع الموضوع المختار. و بالمقابل أكد الأستاذ وجود مؤشرات إيجابية تخص مستوى بعض البحوث و المداخلات التي قدمها باحثون شباب، و انبثقت من أطروحات للدكتوراه قدمت بالخارج، خاصة ما يتعلق بتخصصات الإعلام الآلي و الاقتصاد و علوم التربية، لكنه أشار إلى ضرورة توفير الجو الملائم و ظروف العمل المناسبة لهؤلاء الطلبة، كما ذكر الأستاذ المتخصص في الاقتصاد أنه و مع شح الموارد المالية، فإن على الطلبة التوجه إلى مقاربة خلق علاقات مع باحثين أجانب، زيادة على المجهود الذي تقوم به الجامعات في إطار التعاون و الاتفاقيات مع نظيراتها في دول أخرى، حيث أكد على أن جامعة عبد الحميد مهري مثلا، تتعاون مع جامعات من كندا و تونس و قد قطعت شوطا كبيرا في هذا المجال الذي أضحى، حسبه، «ممرا إجباريا». المكلف بالبحث العلمي بجامعة قسنطينة 2 القرار الوزاري الجديد سينقل الأطروحات من النظري إلى الواقع أكد الأستاذ محمود بوفايدة نائب مدير جامعة قسنطينة 2 المكلف بالبحث العلمي و التكوين في ما بعد التدرج، أن هناك تطورا كبيرا في العلاقة بين الباحثين و القطاع الاقتصادي و الاجتماعي، و ذلك بفضل الجهود التي تبذلها الجامعة تبعا لتوجيهات الوصاية في هذا المجال، من أجل إعداد بحوث علمية تتجاوب و الاحتياجات المطلوبة. و من الناحية التشريعية، أوضح ذات المتحدث أن القرار الوزاري الجديد المطبق على دفعة دكتوراه لسنة 2016/2017 واضح، و قد حصر عملية إعداد الأطروحات إما بمخابر البحث العلمي المعتمدة أو لدى مؤسسات القطاع الاقتصادي، وهو ما يجعل مواكبة البحوث لمتطلبات مختلف الشركاء أمرا ضروريا، كما ستسمح هذه العملية بتعزيز العلاقة بين الجامعة و العالم الخارجي و الابتعاد نوعا ما عن البحوث النظرية، مضيفا أن الطلبة يحاولون من جانبهم التأقلم مع هذه المتغيرات و تقديم أطروحات تلامس المشكلات المسجلة على أرض الواقع. وفيما يخص الطلبة المتأخرين عن مناقشة أطروحات الدكتوراه لأزيد من 5 سنوات، صرح الأستاذ محمود بوفايدة بأن القانون الجديد سيطبق عليهم ابتداء من دفعة السنة الحالية، من خلال اشتراط مسار بثلاث سنوات قابل للتمديد لعامين إضافيين بموافقة من عميد الجامعة و اللجنة المكلفة، أما فيما يخص الباحثين في الدفعات الماضية، فقد أصدرت مديرية البحث العلمي تعليمة تقضي بمنحهم مهلة لمناقشة رسائل الدكتوراه في أجل لا يتعدى شهر جوان القادم. الأستاذة و الباحثة الجامعية بوفايدة زيزات ضعف التأطير و كثرة الطلبة لم يسمحا بإنتاج بحوث نوعية ترى الأستاذة بوفايدة زيزات الباحثة بكلية التقنيات الحديثة للإعلام و الاتصال بجامعة قسنطينة 2، أن إدخال التكنولوجيات الحديثة على عملية البحث العلمي و نشر الرسائل عبر المواقع الالكترونية، سيضع الطلبة أمام حتمية تقديم عمل في المستوى، لكنها أرجعت ضعف نوعية البحوث إلى نقص في التأطير يقابله ارتفاع في عدد الطلبة. وتضيف الباحثة أن طالب الدكتوراه أصبح يأخذ بعين الاعتبار أن أساتذة كثر من مختلف دول العالم سوف يطلعون على بحوثه، و بالتالي فإن التقييم لن يكون من قبل أستاذه فقط أو اللجنة العلمية للجامعة، و لهذا فهو يفكر مسبقا في نوعية ما سوف يقدمه، كما أن الشروط التي وضعتها الوزارة الوصية في النصوص التنظيمية الجديدة الخاصة بطلبة الدكتوراه، بضرورة نشر البحوث ضمن مقاييس في مجلات في الصنف «أ» و»أ+»، هو تمهيد يسمح بتطوير و تحسين نوعية أطروحات الدكتوراه. و بخصوص مساري الليسانس و الماستر، أوضحت الأستاذة بوفايدة أن العدد الكبير للطلبة لا يسمح بحصولهم على الاهتمام اللازم، رغم وجود أعمال نوعية، حيث أن أغلبهم، لا يتلقّون، حسبها، التأطير الكافي، ما لا يسمح لهم بتقديم بحوث نوعية تتطابق مع ما ينتظره الأستاذ، مشددة على ضرورة التفكير من الآن في كيفية الرفع من مستوى هذه البحوث. أما عن إشكالية البُعد بين الجامعة و القطاعين الاقتصادي و الاجتماعي، فقد أكدت الأستاذة أن هناك مقاربة في هذا المجال تتبعها معظم الجامعات، و ذلك تبعا للتوجيهات التي قدمتها وزارة التعليم العالي و البحث العلمي، معتبرة أن هناك تجاوبا كبيرا من طرف الباحثين الجدد مع هذه النظرة التي تعتبر حتمية. طالب دكتوراه في علم اجتماع نعاني من نقص التكوين في اللغات ذكر طالب سنة أولى دكتوراه في تخصص علم الاجتماع التربوي، أن أكثر مشكل يؤرق الطلبة خلال مسار التكوين في الجامعة هو ضعف التكوين القاعدي، خاصة ما تعلق باللغات الأجنبية لطلبة العلوم الإنسانية. ويرى الطالب حسين حيون الذي يشغل منصب إطار بمديرية الشؤون الدينية، أن هذا العائق يتسبب في مشكل كبير في عملية تلقي المعلومات، أو في إعادة نشر ملخصات البحوث إما باللغة الفرنسية أو الانجليزية، ليضيف أنهم كباحثين جدد يجدون أنفسهم أمام معضلة كبيرة، كما أن المشاركة في الملتقيات العلمية الدولية و الوطنية تُحتم عليهم كطلبة مواكبة ما يدور من حولهم و التقاط كل المعلومات و التحكم في المصطلحات، وبالتالي فإنهم كباحثين مدعوون للاجتهاد أكثر من أجل الوصول إلى هدفهم المنشود.