مذكرات التخرج بالجامعة.. أخطاء لغوية و سرقات علمية تعد مذكرات التخرج في الجامعة الجزائرية من بين المواضيع التي كثيرا ما تثير جدلا ،خصوصا إذا ما تعلق الأمر برمي عدد منها في المزابل و نشر الصور على مواقع التواصل، أو فضائح السرقات العلمية التي طالت مؤخرا وزير الخارجية المغربي الأسبق سعد الدين العثماني، ما اضطر جامعة الجزائر للاعتذار منه، فضلا عن ذلك، يؤكد المختصون بأن هذه المذكرات لا تقدم شيئا و لا تضيف للجامعة الكثير، سبب مستواها الضعيف تقنيا و افتقارها لعنصر البحث العلمي المثمر. نور الهدى طابي بحوث تخرج من مقاهي الإنترنت تكمن القيمة العلمية في مذكرات نهاية المسار الدراسي في مختلف الرتب، سواء تعلق الأمر بالماستر أو الدكتوراه، في إثبات مدى تحكم معدها في مجال تخصصه الجامعي و تبيان قدرته على التحول إلى شق الإنتاج، لكنها بالنسبة للكثير ممن سألناهم من الطلبة، لا تعدو كونها عبئا، فهي تنجز عادة خلال السداسي الثاني من السنة و تتطلب وقتا يستحيل توفيره بالشكل المطلوب بالتزامن مع الدراسة و الامتحانات، لذلك فإن انجازها يتم عادة بشكل سريع و دون تنسيق دائم، فكثيرا ما يتم تقسيم محاور العمل على أعضاء المجموعة الواحدة وعددهم 2 إلى 3 طلبة، ليعد كل واحد الجزء الخاص به، قبل أن تجمع الأعمال في مذكرة واحدة.خلال حديثنا إلى عدد من الطلبة، لاحظنا بأنهم يميلون إلى الاستعانة بالإنترنت في جمع المعطيات، و بعضهم قالوا بأنهم يسندون مهمة إتمام بعض الفصول لأصحاب مقاهي الإنترنت، الذين يقومون بتجميع المعطيات المطلوبة عن طريق الشبكة مقابل مبلغ 500 دج، علما بأن المذكرة ككل تكلف الطلبة من 3000 إلى 5000 دج و أكثر.أما أهم المراجع التي يعتمد عليها، فهي الكتب الجامعية و الإنترنت، فضلا عن نتائج التكوين الميداني، و كثيرا ما يكون استخدام المراجع المكتبية عن طريق نسخ فصول أو صفحات كاملة، وليس مجرد اقتباس، وهو ما يؤكده أساتذة بعدد من الكليات بقسنطينة، مشيرين إلى أن التعامل مع المذكرات أمر في غاية الإرهاق لعدة أسباب. الدكتور يوسف وغليسي من كلية الآداب و اللغات مذكرات طلبة الآداب تعج بأخطاء في النحو و الصرف يعتبر الأستاذ الدكتور يوسف وغليسي من كلية الآداب بجامعة قسنطينة، بأن مستوى المذكرات عموما لا يرقى إلى المعيار المطلوب، خصوصا ما تعلق بمذكرات الماستر، بداية بنوعية المواضيع المطروحة للبحث و التي يتم اختيارها، كما قال، بطريقة عشوائية، و وصولا إلى الأخطاء اللغوية في النحو و الصرف التي تعج بها هذه المذكرات، إذ كثيرا ما يضطر الأستاذ إلى أداء دور المدقق اللغوي . من الناحية المعرفية ينفي الأستاذ صفة النجاعة عن معظم البحوث المنجزة في الجامعات، فهي بعيدة جدا عن مستوى البحوث العلمية المرجعية. ويرجع المتحدث السبب في ضعف المستوى عموما، إلى عوامل عديدة لها علاقة بالمنظومة التربوية ككل و مستوى الباكالوريا، فضلا عن التعامل السطحي للأساتذة مع المذكرات بسبب الضغط، فالأستاذ الذي يشرف حسبه على 30 مذكرة في السنة، لا يستطيع التحكم فيها. من جهة ثانية، فان للإنترنت سيئاتها، لأنها ساهمت في تسهيل عملية الاقتباس و السرقة، مع أنها وضعت أيضا سبيلا لمكافحتها، خصوصا بعد قرار الوزارة بإلزام الطلبة بنشر مذكراتهم عبر الشبكة المعلوماتية. أساتذة بمعهد الاقتصاد غياب المدققين اللغويين و ضيق الوقت يؤثران سلبا يؤكد أساتذة بكلية الاقتصاد بجامعة قسنطينة، بأن معظم المذكرات التي يعدها طلبة الماستر بعيدة عن المستوى المطلوب، خلافا لمذكرات الماجستير أو الدكتوراه التي تكون عادة أكثر اتقانا، نظرا لأهمية مناقشتها في المسار العلمي للطالب. و حسب الأستاذة فوزية غربي، فإن السبب يعود أولا لضيق الوقت المخصص لإعدادها، و تأجيل الطلبة لمهمة إتمامها الى غاية الثلاثي الأخير من السنة، بالرغم من أن مواضيعها تحدد عادة خلال بداية السداسي الثاني. من جهة ثانية، فإن الانتقال إلى نظام «أل ام دي»، أثر سلبا على أداء الطلبة، بسبب ضيق الوقت، مقارنة بحجم البرنامج البيداغوجي، فضلا عن ذلك فإن عدد الطلبة كبير، مقارنة بعدد الأساتذة المشرفين على تقييم البحوث، إذ يناقش الأساتذة و الطلبة بقسم الاقتصاد سنويا، بين 65 إلى 90 مذكرة تخرج لا يتعدى تقديرها 15 من 20. بدوره تحدث نائب عميد كلية الاقتصاد، عن تسجيل أخطاء كارثية تتعلق باللغة و الأسلوب، فيضطر المشرف إلى تصحيحها أحيانا أو التجاوز عنها، بسبب غياب مدققين لغويين يمكن للطلبة اللجوء إليهم لتمحيص البحوث قبل تسليمها. من ناحية ثانية، فإن مشكل السرقات العلمية يطرح دائما، حتى في مذكرات الماجستير، فهناك مواضيع مكررة و أخرى يتعدى الاقتباس فيها الفقرة إلى فصل كامل من كتاب أو بحث سابق، و أحيانا يلجأ الطلبة الى الترجمة لكن حرفيا. الأستاذة سكينة محمد العابد من كلية الإعلام و الاتصال نظام «أل أم دي» و عدد الطلبة أثرا على مستوى البحوث تقول الأستاذة بكلية الإعلام و الاتصال سكينة العابد « نظام «أل أم دي» يعد السبب الرئيسي في ضعف مستوى المذكرات،و أتحدث هنا عن مذكرات الماستر خصوصا ، حيث أن نظام السداسيات واختصار مدة الدراسة لا يساعدان في تكوين الطالب من جميع الجوانب العلمية والمنهجية، فحسب ملاحظتي أثناء الإشراف على الطلبة ،لاحظت أن مستوى من درسوا النظام الكلاسيكي أفضل بكثير من مستوى الطلبة الذين تأطروا بنظام أل ام دي». وتضيف الأستاذة الباحثة، بأن الضعف اللغوي الذي يعاني منه معظم الطلبة راجع لقلة المطالعة، إضافة الى أن معظم الطلبة ، حسبها، يرون في المذكرة من ضرورات التخرج فقط، ولا يعطونها قيمتها كبحث علمي يعبر عن الطالب. مع ذلك تقول المتحدثة « هناك بعض النماذج الرائدة و الجيدة، لكن قليلة ونادرة، لكن عموما فإن الأستاذ يشرف على العديد من المذكرات، بما لا يمنحه فرصة المراجعة الدقيقة، مثلا عن نفسي أشرف سنويا على 6 إلى 8 مذكرات و أناقش و أقرأ أكثر من 20 مذكرة في أحيان كثيرة، بسب العدد الكبير لطلبة الدفعات، مع أن ذلك لا يتوافق وفلسفة نظام ال ام دي الذي يوجب الإشراف على أقل عدد ممكن، وهو واقع كثيرا يصيب الأستاذ بإرهاق شديد». رئيس جامعة قسنطينة 3 محمد الهادي لطرش وقفنا على سرقتين علميتين في مذكرتين عاليتي المستوى حسب رئيس جامعة قسنطينة محمد الهادي لطرش3، فإن هناك سعي لمحاربة السرقات، فقد سجلت جامعة صالح بوبنيدر حالتين لسرقات تتعلق بأطروحات عالية المستوى، مشيرا إلى أن الجامعة بمختلف كلياتها تحصي سنويا قرابة 1200 مذكرة و أطروحة، لذلك فإنها تحاول بكل جدية إيجاد حلول لمحاربة مشكل الغش فيها، بما في لذلك تشجيع الأساتذة على الاعتماد على بعض التطبيقات الحديثة لتجميع المذكرات والرسائل العلمية الأكاديمية والبحوث الميدانية الجزائرية والدولية في كل اختصاص، ضمن بنك معلوماتي يمكن من كشف أي سرقات، و لو أن تعميم استخدام هذا النوع من التطبيقات في الجامعة، أمر مستبعد لأنه يعتمد على برنامج مكلف جدا.من جهة ثانية فإن وزير التعليم العالي والبحث العلمي الجزائري الطاهر حجار، كان قد اعترف بوجود سرقات علمية، خلال إشرافه على افتتاح السنة الجامعية 2017/2016 ببسكرة، و تطرق إلى أهمية وأد الظاهرة في مهدها عن طريق تفعيل آليات الرقابة والوقاية وتسليط العقاب، إن استدعت الضرورة. جامعات تصنع الاستثناء صنف مؤخرا المعهد العالي العالمي للدراسات العليا جامعة أبو بكر بلقايد بتلمسان في المرتبة 801 من أصل 980 جامعة ، صنفها كأفضل الجامعات في العالم لسنة 2016/2017. وتعد هذه المرة الأولى التي تخرج فيها جامعة جزائرية من ذيل أسوأ الجامعات في العالم منذ سنوات، ليوضع بذلك اسمها إلى جانب أسماء الجامعات الأميركية والبريطانية، حسب تقرير نشرته شبكة «زدني» العلمية العربية.