سيدات يؤلفن سيناريوهات للزج بأزواجهن في السجون بعد مرور أيام من احتفال المرأة الجزائرية، على غرار نساء العالم بيومها العالمي ، ارتأت النصر دخول أروقة محكمة الجنح بوهران للإطلاع على القضايا التي تقود النساء إلى أروقة المحاكم، و كانت المفاجأة خلال الجلسة التي حضرناها يوما كاملا، أن النساء هن اللائي يكتبن سيناريوهات مختلفة للزج بأزواجهن الحاليين أو السابقين في السجون، حقائق ربما تعكس التحولات التي يعيشها المجتمع أو تأثير الأفلام على الواقع المعاش لأن بعض القضايا سبق وأن شاهدناها في أفلام عرضت على الشاشات، لم يكن اهتمامنا بالجانب الجزائي، أي الأحكام القضائية، بل بالجانب الاجتماعي للملفات التي استقينا عينة منها. إحدى السيدات كانت تجلس إلى جانبي في المحكمة رفقة ابنتها التي لم تكن تتجاوز 10 سنوات، اعتقدت أن الملف يتعلق بالنفقة أو أمر آخر، لكن تفاجأت بأنها جاءت لتصر على إدخال زوجها السجن، الوقائع حسب ما سمعناه في الجلسة، تتعلق بمناوشات كلامية بين الزوج و زوجته حول ابنهما الذي يبلغ حوالي 16 سنة من عمره والذي كان يريد أن يهاجر بطريقة غير شرعية «يحرق» رفقة أصدقائه لكنه فشل، وكانت والدته تشجعه على ذلك، وعند عودته إلى البيت ثار والده وأراد ضربه، لكن والدته دافعت عنه وهرعت لحمايته لكنها سقطت فوق دراجة نارية كانت متوقفة داخل فناء المنزل، مما سبب لها جروحا متفاوتة، قال عنها الطبيب الشرعي بأنها بسبب آلة حادة، و قالت الزوجة بأنها جروح ناجمة عن محاولة طعنها بسكين من طرف زوجها، وأصرت على أقوالها أمام القاضي الذي أصدر في حق الزوج حكما بالحبس النافذ لمدة سنة، و عندما رجعت الزوجة لتجلس بجانبي في مكانها السابق سمعتها تقول لابنتها الصغيرة «لقد أدخلته السجن وارتحنا منه». قضية أخرى ارتبطت بحوادث الاختطاف التي كانت تحرك الشارع الجزائري في وقت سابق، حيث لجأت سيدة لإيداع شكوى ضد طليقها و اتهمته بأنه وراء عملية اختطاف ابنهما البكر البالغ من العمر 11 عاما. و في جلسة المحاكمة تبين أنها كانت تريد فقط الزج بزوجها السابق وراء القضبان، و على مدار 6 سنوات منذ صدور حكم الطلاق وهي تختلق التهم لتحقيق غرضها، وفق ما ورد في الملف، وفي هذه المرة اعترف الزوج بأن الابن لجأ إليه بعد أن هرب من بيت والدته التي يرفض العيش معها، و أنه أبلغها بذلك في الحين حتى لا تقلق عليه، لكنها أرادت تلفيق تهمة له و لم تستطع مواجهته أمام القاضي، كونها فعلا كانت تعلم أن ابنها فر منها، وأن أبوه أخبرها بأنه موجود عنده، و لا يوجد شيء يبرر فعلتها، سوى أنها كانت تقصد فعلا إدخال طليقها السجن انتقاما منه، لأنه طلقها بعد رفضها العيش مع والدته، فهو معاق حركيا ولا يستطيع توفير مسكن خاص لهما و ترك والدته وحدها. وفي ذات السياق، نظرت هيئة المحكمة في ملف سيدة أخرى رفضت العيش مع حماتها، فاختلقت سيناريو الضرب و الجرح العمدي و السب والشتم، من أجل جر زوجها إلى الحبس، لأنه رفض ترك والدته لوحدها. تفاصيل القضية، وفق ما ورد خلال الجلسة، بدأت حين تفاقمت الخلافات بين الزوجة و حماتها، ولم يتدخل الزوج بينهما، لأنه يرى بأن هذه الخلافات النسائية ستلهيه عن أعماله و انشغالاته، باعتباره صاحب محل تجاري. ذات يوم لم تجد الزوجة من حيلة سوى رفع صوت التلفزيون لأنها تعلم بأن حماتها العجوز متمسكة بالهدوء، ونشبت بينهما مثل العادة مشادات كلامية، لكنها كانت هذه المرة شديدة اللهجة، مما إضطر أحد الأبناء للإسراع إلى محل والده وإخباره بالأمر، وعندما دخل الزوج نقلت الزوجة الشجار من حماتها إلى زوجها، فصفعها من شدة الغضب من الوضع الذي وجدها عليه، وهنا لجأت الزوجة إلى خدش وجهها وبعض الأماكن من جسمها وهرعت لإيداع شكوى جاء فيها بأنها تعرضت للضرب والجرح من طرف زوجها، لكنها لم تستطع الدفاع عن موقفها أمام القاضي الذي واجهها بالوقائع، وكأنها كانت تريد فقط الانتقام من زوجها الذي أصبح طليقها بعد أن أدخلته أروقة المحاكم. سيدة أخرى أرادت تلفيق جناية لزوجها فقط لأنه طلقها، لقد كان يوفر لها كل احتياجاتها لأنه تاجر معروف ولديه عدة محلات و لا ينقصه أي شيء من الناحية المادية، لكن شاءت الأقدار أن لا تستمر الحياة بينهما، فطلقها و تركها مع أبنائهما في الفيلا التي كانت الأسرة تقيم بها، حتى لا يحرم أولاده من شيء و يبقي وضعهم مستقرا على الأقل من ناحية المأوى، لكن الزوجة لم يهدأ بالها لأن طليقها صار حرا طليقا، و بدأ يفكر في إعادة الزواج، فخططت مع عشيقها للإطاحة به، حتى لا تذهب الأموال والأملاك الباقية لزوجة أخرى، فدبرا له مكيدة بوضع كمية معتبرة من المخدرات في أحد محلاته بالمدينة الجديدة، و أبلغا رجال الأمن الذين ضبطوا المخدرات بحوزته و ألقوا عليه القبض، لكن الزوج نجا من المكيدة بفضل الكاميرات التي ثبتها في محلاته و التي أظهرت شخصا يدس المخدرات في المحل، و لدى القبض عليه و التحقيق معه تبين أن الزوجة وعشيقها وراء القضية، فوجدت الزوجة نفسها وراء القضبان، عوض تربية أبنائها. قضايا أخرى، صادفناها في المحكمة، لكن ليس لأزواج، فأحدها لسيدة أرادت الإيقاع بزوج أختها، للاستيلاء على سكنه الفوضوي و الظفر بسكن عند الترحيل من طرف السلطات المحلية، حيث اتهمته بالسب و الشتم المتواصل ضدها، مما سبب لها انهيارات عصبية، كونها تسكن مع أختها في بيتها القصديري، و واصلت السيناريو بانهيارها أمام القاضي لتورط زوج أختها أكثر، لكنه تحصل على البراءة، لأنه لم يضربها و يوجد شهود على اعتدائه عليها بالسب و الشتم. بينما أصدر القاضي حكما بالحبس النافذ لمدة شهرين في حق أخ زوج إحدى السيدات التي اتهمته بأنه يسبها يوميا ويشتمها بعبارات مسيئة ويكسر لها الأواني والأبواب، و أحضرت شاهدة وهي زوجة أخيه الثاني التي تسكن معها، فأكدت أقوال «سلفتها» على ما يبدو أن الشخص المعني مصاب بمرض عصبي، مما اضطر زوجة أخيه لإبعاده عن البيت عن طريق إتهامه بسبها وشتمها، وفعلا نجحت في الزج به في الحبس على الأقل لمدة شهرين. هذه عينة من مآسي المجتمع الذي يتخبط في عدة مشاكل أوصلت العديد للسجن، لأسباب تبدو ظاهريا تافهة، لكنها عميقة كونها تفكك الروابط العائلية وتؤدي إلى آفات عديدة.