لم تعد بلدية الحدائق بولاية سكيكدة تلك الجنة الخضراء التي يقصدها الزوار للتنزه والاستمتاع بجمال الطبيعة، فالبوابة الخضراء للساحل الشرقي و التي عرفت بعبق الورود و النباتات النادرة ورائحة الحمضيات الفواحة وأشجارها الشاهقة اليانعة ، اكتسح الإسمنت بساطها الأخضر و ابتلع البناء الفوضوي بساتينها، مخلفا منظرا مشوها ومدينة ممزقة يغرق سكانها في المشاكل، إلى درجة أن الصورة الجميلة للحدائق تكاد تمحى من الذاكرة. تتربع بلدية الحدائق على مساحة تقدر ب 582 كيلومتر مربع بتعداد سكاني يصل إلى 26 ألف نسمة بعدما كانت في حدود 18 ألف نسمة في 2008 ، تمتاز بخصوصية فلاحية وتشتهر بحقول وبساتين الحمضيات ومختلف الأشجار المثمرة، البلدية تحتل موقعا استراتيجيا هاما تتوسط به الجهات الأربع، فهي منفذ لعاصمة الولاية شمالا و يحدها شرقا بلديتا حمادي كرومة وبني بشير وغربا عين زويت وبوشطاطة وبلديات صالح بوالشعور ورمضان جمال والحروش جنوبا. بارونات نهب العقار يفقدون الحدائق بساطها الأخضر رئيس البلدية أكد للنصر بأن المنطقة تعرضت إلى ما أسماه باجتياح كبير في السنوات الأخيرة لعائلات من مختلف بلديات الولاية لم يرافقه تنمية مقارنة بحجم تزايد النمو السكاني، معترفا بأن الحدائق فقدت فعلا من خصوصيتها في السنوات الأخيرة، مرجعا ذلك إلى ظاهرة نهب العقار الفلاحي ، حيث كانت المنطقة عبارة عن بساط أخضر يتشكل من مساحات واسعة من الحدائق و بساتين و حقول الحمضيات التي تشتهر بها بينها نباتات نادرة في العالم، وذلك انطلاقا من الجزء الممتد من مخرج سكيكدة إلى غاية المعهد الفلاحي وصولا إلى مخرجها على الحدود مع بلدية رمضان جمال، لكنها تحولت خلال السنوات الأخيرة، حسب المير وبالتحديد منذ أن تم حل المستثمرات الفلاحية إلى ما يشبه قلعة للاسمنت، حيث بدأ الوضع العام للمنطقة يتدهور شيئا فشيئا فاقدة بذلك جمالها وخصوصيتها الخضراء ولم تعد الحدائق التي عرفناها من قبل، طحيث بيعت تلك المستثمرات للخواص الذين قاموا بالتصرف فيها مثلما شاءوا وعاثوا فيها فسادا بعد أن أقدموا على بيع تلك المساحات والبساتين للمواطنين، ما ساهم في بروز ظاهرة نهب العقار الفلاحي». وقال المسؤول أن العقار أصبح يباع أمام مسمع ومرأى السلطات المعنية بما فيها مديرية الفلاحة إلى درجة أصبحنا نشاهد بنايات شاهقة تخرج من حين لآخر وسط البساتين، وتأكدنا فيما بعد بأن مواطنين يقومون بتشييد بناياتهم بترخيص من مديرية الفلاحة وآخرون بطريقة فوضوية، مضيفا بأن البلدية عملت كل ما في وسعها لمحاربة الظاهرة من خلال تهديم البنايات الفوضوية لكن العملية حسبه لم تتوقف وهي في تزايد مستمر، وهنا أكد «المير» وأحد أعضاء المجلس وجود تواطؤ من بعض الأطراف مهمتها تقديم المساعدة والتسهيلات ل «بارونات» العقار على البناء داخل البساتين، مشيرا إلى وجود العديد من البساتين لا تزال مهملة كان من المفروض منحها لمستثمرين قادرين على إعادة تنشيطها وتطويرها. علما أن جامعة سكيكدة في إطار المنفعة العامة إلى جانب مختلف المشاريع و البرامج التهمت العشرات من الهكتارات. وأضاف رئيس البلدية بأن الظاهرة شجعت على التمادي في نهب العقار في الأحياء السكنية، والبناء الفوضوي، والبلدية ما فتئت تقوم بعمليات تهديم لكن لا يمكن بأي حال إحكام السيطرة على «بارونات» العقار والغريب، حسب ما علمنا من المواطنين أن المنطقة تفتقد إلى حديقة أو فضاء أخضر للترفيه والتنزه والعائلات تجد نفسها مجبرة على التنقل إلى سكيكدة أو المكوث في المنازل. عيوب تقنية تعلق توزيع سكنات اجتماعية الحدائق كغيرها من البلديات عرفت نهضة تنموية نسبية في السنوات الأخيرة بالموازاة مع تزايد لافت للكثافة السكانية، حيث انتقلت من 18002 ألف نسمة في 2008 إلى أزيد من 26 ألف نسمة حاليا، حيث أصبحت مقصدا للكثير من العائلات في السنوات الأخيرة من كل مناطق الولاية لعوامل عديدة أبرزها، توفرها على فرص العمل وأيضا لقربها من عاصمة الولاية التي تتواجد بها المنطقة الصناعية التي تعتبر عامل جذب لعدة مزايا خاصة منها فرص العمل، فضلا عن سهولة إيجاد سكن. ورغم كل هذا فإن الحدائق تبقى تعاني حسب ما صرح به رئيس البلدية عجزا في مجال السكن الاجتماعي، فمنذ الاستقلال لم تستفد من برامج مشاريع كبيرة تتناسب مع الأزمة التي تعاني منها المنطقة في هذا المجال عدا حصص صغيرة بين 20 و50 سكنا كل 5 سنوات ما حال دون فك الأزمة. وتتوفر الحظيرة السكنية على مشاريع منها 80 و 150 مسكنا اجتماعيا في طور الانجاز، و100 توقفت بها الأشغال بسبب انسحاب المقاول و60 وحدة سكنية لم تنطلق بها الأشغال، وكما هو معلوم أن سكيكدة تعاني من عدة عوامل أدت إلى تأخر الانجاز، منها افتقار الولاية إلى مؤسسات الانجاز، وديوان الترقية يعاني من عزوف المقاولين ولهذا السبب تعرف هذه المشاريع تأخرا كبيرا. ويطرح سكان المنطقة قضية السكنات الجاهزة التي تأخر توزيعها منذ أزيد من 5 سنوات بسبب عيوب في الانجاز ما جعلها مهددة بالانهيار، وأرجع «المير» تأخر عملية توزيع هذه السكنات إلى مشكلة انزلاق في الأرضية، ما أدى إلى انفصال جدار عمارة عن أخرى وهي غير صالحة حاليا للسكن وتبقى تحت المراقبة من طرف مصالح الخبرة التقنية المخولة قانونا للفصل في القضية، حيث تقرر وضعها تحت المراقبة ولا أحد له الجرأة على اتخاذ قرار و الفصل في أمر الهدم أو التوزيع ، وأعترف المير بأن العملية تأخرت وكان من المفروض الفصل فيها منذ وقت طويل. وفي صيغة السكن المدعم و رغم وجود تأخر لكن هناك مشاريع عديدة منها 130سكنا و 60 وحدة وكذلك وحدة 20، وغيرها ما من شأنه تخفيف الطلب، والملاحظ أن أغلبية المرقيين يرغبون في البحث عن أرضية مستوية لأنهم ملزمون بالأسعار الإدارية ويعزفون عن الأرضية الصعبة التي تتطلب تكاليف للتهيئة. وفي صيغة الترقوي المدعم هناك مشاريع وبرامج لا تزال قيد الانجاز مثل 374 و170 مسكنا . 70 و60 مسكنا وهي الصيغة التي تلقى إقبالا من طرف فئة معينة من المواطنين لكن الهم الأول يبقى للنوع الاجتماعي. أما البناء الريفي فيسجل به عجز نظرا للطلب المتزايد خاصة من طرف العائلات نظرا للطبيعة الفلاحية للمنطقة ، ورغم أن البلدية قامت بتوزيع حصة بحوالي 400 وحدة لكنها تبقى غير كافية نظرا للطلب المتزايد، لا سيما من الأحياء والمناطق شبه الحضرية على غرار كسار التي أصبح سكانها يعيشون على أمل الاستقرار بالريف، والبلدية تبقى كما قال رئيسها في حاجة إلى دعم من السلطات الولائية في صيغة السكن الاجتماعي والريفي للتخفيف من العجز المسجل في هذا المجال. و يطرح المواطنون وخاصة فئة الشباب بشدة قضية تأخر توزيع المحلات المهنية، وكذا عدم فتح السوق لأسباب غير معروفة بعد أن كان الشباب لاسيما التجار، ينتظرون بفارغ الصبر الإفراج عنها، إلى جانب نقص التهيئة الحضرية وتدهور المحيط خاصة بحي زغدود مجيد، وأكد «المير» في هذا الخصوص بأن البلدية استفادت بعمليات تحسين واسعة للنقاط السوداء التي كان يصعب على المواطن السير فيها بسبب الأوحال على غرار، مجيد زغدود، وهي عمليات أعطت وجها مغايرا للمدينة، لكن سرعان ما عاد الوضع إلى سابق عهده بفعل عمليات الحفر لمشروع الشبكة الجديدة للماء وكذا التسربات الناجمة عن اهتراء الشبكة القديمة التي يعود تاريخها للحقبة الاستعمارية، ولمواجهة المشكلة أخذت البلدية على عاتقها تخصيص فرقة من العمال لتصليح التسربات ورغم صعوبة المشكلة لكن الوضعية ستتحسن مع مرور الوقت. مشروع لإنهاء عطش عمره سنوات استفادت البلدية حسب رئيسها من مشروع جديد وهام لتجديد شبكة مياه الشرب الذي سيزود سكان المنطقة بعد الانتهاء من الأشغال على مدار 24 ساعة وبذلك سيتخلص السكان من أزمة عطش حادة كانت السمة الغالبة على حياة العائلات على مدار السنة. كما تشتكى فئة الشباب من مشكلة الملعب البلدي لكرة القدم الذي ظل مغلقا منذ سنوات طويلة ، نتيجة توقف أشغال تغطيته بالعشب الاصطناعي مما تسبب في حرمان الفريق المحلي من الانخراط في البطولة الولائية، وأعرب العديد من الشباب عن تذمرهم من استمرار هذه المشكلة في ظل غياب أي مرافق للممارسة الرياضة والترفيه، وذكر رئيس البلدية بأن توقف الأشغال بالملعب كان بسبب تحفظات مديرية الشباب والرياضة بكون ميدانه يصلح للتدريبات فقط وليس للمنافسات الرسمية، ما جعل البلدية تطلب إعادة توسعته، وعندما باشر المقاول الأشغال اصطدم بكتل صخرية فانسحب وترك الورشة مهملة، ما حتم إعداد بطاقة تقنية لإعادة بعث دراسة خاصة بجدار السند والتهيئة العامة للملعبز المشكلة تم عرضها على والي الولاية في زيارته الأخيرة للمنطقة وتم إيجاد الحلول ومن المنتظر أن تستأنف الأشغال من جديد، واعترف «المير» بوجود نقص فادح في المرافق الرياضية بالبلدية، مشيرا إلى أنه تلقى وعودا من مديرية الشبيبة والرياضة لتغطية الملاعب الجوارية بالعشب الاصطناعي، كاشفا بأن مشاريع تم برمجتها لانجاز مسبح و قاعة متعددة الرياضات، لكن مسها قرار التجميد. أما في قطاع الصحة فيتواجد مستوصف يقدم خدمات صحية بسيطة والمرضى يضطرون إلى التنقل إلى عاصمة الولاية للعلاج، لكن تبقى الحدائق في حاجة ماسة إلى مشروع عيادة متعددة الخدمات. في مجال الغاز تحقق المنطقة اكتفاء ولم يعد المشكل مطروحا سوى على مستوى بعض التجمعات السكانية على غرار كسار، الحواس و سعدي صالح و تيربولي و ملفات الدراسة الخاصة بمشروع تزويدهم بالغاز على مستوى مديرية الطاقة. حسب محدثنا أن الطبيعة الفلاحية للمنطقة المحاصرة بالأراضي الزراعية صعبت مهمة إيجاد أوعية عقارية لتوطين المشاريع ولكون العملية تتطلب إجراءات معقدة في نقل وتحويل ملكية الأراضي، و الأمل يظل معلقا حسبه على منطقة التوسع الجديدة أو ما يعرف القطب العمراني «الماجن» الذي يتسع ل 14 ألف وحدة سكنية على مساحة 200 هكتار بجميع المرافق، المشروع يوجد في مرحلته الأخيرة من الدراسة ومن شأنه فك الحصار عن المدينة، بالإضافة إلى مشروع منطقة نشاط جديدة بمساحة 80 هكتارا قادرة على بعث حركة تجارية واقتصادية بالمنطقة وفتح مناصب شغل، ويعرف سوق النساء الذي تم ترسيمه قبل ستين رواجا كبيرا بعد أن صار مقصدا للمتسوقين من كل ربوع الولاية، خاصة بعد توقيف التجارة الفوضوية بعاصمة الولاية، ويعتبر حسب «المير» المورد المالي الوحيد للبلدية و قد بلغ سعر كرائه هذا العام 220 مليون سنتيم.