المجاهد الوردي قتال يروي جوانب خفية من صفحات الثورة في تبسة تدعمت المكتبة الوطنية والتاريخية على وجه الخصوص، هذه الأيام بكتاب جديد يروي مذكرات أحد أبطال معركة الجرف التاريخية ، المجاهد الوردي قتال المدعو عراسة، وهي المذكرات التي شاءت الأقدار أن تظهر في شكل كتاب يوم وفاة صاحبها الجمعة الماضية عن عمر ناهز 93 عاما. وتأتي أهمية الكتاب الجديد في أنه أماط اللثام عن جزء مهم من الثورة التحريرية في تبسة، فبعد أن آثر الفقيد الصمت لأكثر من ربع قرن من الزمن، قرر أن يفتح علبته السوداء ويروي سيرته والأحداث التي عايشها و الأبطال الذين احتك بهم، انطلاقا من بشير شيحاني إلى مصطفى بن بو العيد ومن دباغين إلى الرئيسين عبد الناصر وبن بلة، وفي هذا الشأن يقول الوردي قتال في تقديمه لمذكراته، بأنها جاءت بإلحاح من رفاق سلاحه، كم جاءت طلبا للحقيقة التي لها، كما أكد، وجه واحد وإن تعددت الأفكار والآراء. الكتاب المعنون « مذكرات المجاهد الوردي قتال مسيرة رجل وتاريخ نضال» جاء في 170 صفحة من الحجم المتوسط، وبحلة أنيقة تضمنت عدة صور عن تلك الحقبة، وحرص الأديب الطيب عبادلية الذي أشرف على كتابة هذه المذكرات، على إخراجها بأسلوب شيق وسلس وبلغة سرد مشوقة و تبويبها وتدعيمها بالصور، مشيرا إلى أن تدوينها قد استغرق سنوات لانشغال المجاهد الوردي قتال بالرد على بعض المجاهدين في الجرائد تارة، ولسقوطه بين مخالب المرض تارة أخرى، مضيفا بأنه كان يتمنى أن يرى هذه المذكرات في شكل كتاب قبل وفاته، غير أن الموت قد حال دون تحقيق هذه الأمنية ، بعد صراع مرير مع المرض. الكتاب الصادر عن دار الألمعية بقسنطينة، يسلط الضوء على مرحلة من جهاد منطقة الأوراس النمامشة ، وكذلك سوق أهراس، كما يسلط الضوء على مشاركة الطلبة الجزائريين في القضية الوطنية ومنهم المجاهد الوردي قتال، الذي تعرض للسجن والإقامة الجبرية، كما صودرت وثائقه التاريخية ، بعد الانقلاب الفاشل الذي قاده آنذاك الطاهر الزبيري، وهو الذي كان يتولى منصبا حزبيا ساميا. وتضمنت المذكرات نشأة الوردي قتال وتعليمه والتحاقه بالثورة ، انطلاقا من ناحية ششار في ديسمبر 1954، ومشاركاته في المعارك وأشهرها معركة الجرف وارقو والقعقاع، فيما تضمن فصل آخر من فصول الكتاب، مساهمة الراحل في فض النزاعات بين أفراد الشعب، وخاصة ما تعلق بمبالغة البعض في طلب الإعانات الموجهة لتدعيم الثورة، وعرجت المذكرات على بعض الأخطاء المعزولة التي حدثت إبان ثورة التحرير، وخاصة تلك المتعلقة بالاغتيالات التي سرد بعضها و ربطها بصراع الزعامات وبالإديولوجيا ، وليست لها علاقة بالثورة، و لم يهمل الكتاب رفقاء السلاح الذين حاربوا إلى جانب الراحل، أو ساهموا في تلك الحقبة في الثورة التحريرية. و ركزت المذكرات أيضا على اتصالات القيادة بقلعة الجرف الأشم، وتسليح الشمال القسنطيني، وفي الكتاب تفاصيل دقيقة عن معركة الجرف التي تعد أكبر معارك ثورة التحرير التي دامت 08 أيام متتالية، كما عرج على مشاركة المجاهد الوردي قتال في الثورة وإشرافه على مهمة قيادة منطقة سوق أهراس بداية من عام 1956، فضلا عن ذهابه إلى القاهرة إلى غاية 1962، ومشاركته في مؤتمر طرابلس، كما أفرد صفحات للتعريف ببعض الأبطال والشخصيات التي تعامل معها في تلك الفترة.