أسهم تكاثر الفضائيات في السنوات الأخيرة، في بروز جيل جديد من نجوم الشاشة، الذين يزاحمون الفنانين و الفاعلين في المشهد الكروي الوطني، و زادت شعبية رواد بلاطوهات التلفزيون بنوعيه العمومي و الخاص، منذ ولوج كرتنا عالم الاحتراف، فلا تكاد تمر أمسية دون أن يزور بيوتنا عشرات النقاد و المحللين دون استئذان، في محاولة لتوضيح الصورة و فك طلاسم الخطط التكتيكية، والوقوف بالصورة و الصوت عند "عورات" و هفوات اللاعبين و المدربين و الحكام. و لئن كان التحليل الرياضي بمفهومه الأكاديمي، يسهم في إشاعة الثقافة الكروية لدى المشاهدين، و يعتبره الكثيرون " مكملا غذائيا " يوصي به لعلاج الكثير من أمراض الساحرة المستديرة، على رأسها التعصب و عدم تقبل تفوق الآخر، فإن امتعاض السواد الأعظم من المتتبعين، و حتى الفاعلين على من يوصفون بنجوم "بلاطوهات" الرياضة، لما لهؤلاء من تأثير على الرأي العام الرياضي، و قدرة على توجيه الجماهير، و حتى رفع أسهم اللاعبين و المدربين في سوق الانتقالات الصيفية و الشتوية، فلا تكاد تخلو "مجالس" التحليل الرياضي من إبراز محاسن و مهارات لاعبين و مدربين دون آخرين، ما يعطي الانطباع بتحول المحلل أو النجم الكروي "التلفزيوني" إلى وكيل أعمال همه الترويج لبضاعته، ما جعل الكثير من الأصوات تتعالى بمناسبة و دونها، للتنديد بتصاعد "دخان" تصفية الحسابات، و السعي لترجيح كفة طرف على حساب آخر، سواء تعلق الأمر بحسابات البطولة بخصوص صعود منصات التتويج، أو ركوب المصعد في اتجاه الطابق الأسفل. و بين من يرون في التحليل الرياضي علما قائما بذاته، و طرفا مهما في معادلة اللعبة، لما يقدمه الناقد الكروي أو المحلل من معلومات للمشاهد تقربه من الصورة و تساعده على حسن قراءة المباريات، و من ثمة التمتع بفنيات و سحر الكرة، و هو ما ذهب إليه نجم الكرة الجزائرية و الناخب الوطني رابح ماجر، الذي رد على منتقديه و المعارضين لتوليه دفة تسيير الشؤون الفنية للخضر، بحجة ابتعاده عن الميادين لعشرية كاملة، بأن حجتهم واهية وادعاءاتهم باطلة، مستدلا بتوليه مهمة التحليل الرياضي في بلاطوهات عديد القنوات طيلة تلك المدة، ما أبقاه على اتصال مباشر بعالم الكرة، و مطلعا بشكل جيد على التحولات التي تعرفها اللعبة. يبرز في الطرف الآخر منتقدون "لموضة التحليل"، من خلال اتهامهم رواد البلاطوهات بالافتقار إلى الموضوعية و الحياد، وانتهاج سياسة الشعبوية، مستدلين بغياب لغة الأرقام و الإحصائيات في التدخلات، و كذا افتقار القنوات التلفزيونية للوسائل التكنولوجية الكفيلة بإقامة الحجة و تأكيد الطرح، عند الإشادة بقدرات لاعب أو فريق، و حتى عند التعرض لسلبيات و نقائص ذات الأطراف، و تتصاعد حدة اللهجة كلما تعلق الأمر بتقييم الحكام، و التوقف عند الحالات التحكيمية المثيرة للجدل، أين تحضر عادة عبارة الصورة غير واضحة و وضعية الكاميرا لا تساعد على إصدار الحكم بشرعية أو عدم شرعية القرار المتخذ ! نورالدين - ت لخضر عجالي للنصر انسحبت من «البلاطوهات» التي باتت تشبه المقاهي الشعبية كشف الدولي السابق لخضر عجالي، بأنه لن يعود إلى «البلاطوهات»، التي شبهها بالمقاهي، بالنظر إلى المستوى المتدني لغالبية المحللين الرياضيين، مشيرا بأن الأمور بحاجة إلى المراجعة، من أجل تقديم وجه مشرف للكرة الجزائرية التي تعاني على كافة الأصعدة والمستويات. ما رأيك في ظاهرة التحليل الرياضي في الجزائر، التي قدمت لنا ما يسمى بنجوم «البلاطوهات»؟ تود الصراحة التحليل الرياضي في الجزائر غير موجود أصلا، بالنظر إلى عديد العوامل، أبرزها ضعف المستوى، وغياب التكوين، إلى درجة تجعل المشاهد الكريم يشعر بالنوم عند مشاهدته لأحد برامجنا الرياضية، نحن نفتقد لثقافة التحليل الرياضي، ولا أشاطركم الرأي بخصوص وجود نجوم»البلاطوهات»، التي لم تنجح في جلب الإضافة للكرة الجزائرية. هل صحيح أن نجوم «البلاطوهات» باتوا يؤثرون بالسلب على المشهد الرياضي؟ للأسف هناك شعبوية كبيرة في طريقة تسيير القنوات الوطنية، ما انعكس بالسلب على برامجنا الرياضية، التي تفتقد لأدنى المعايير المطلوبة، نحن بعيدون كل البعد عن الاحترافية، ولا يمكن أن نقارن أنفسنا ببلدان أخرى سجلت تطورا ملحوظا في هذا المجال، بالنظر إلى الاهتمام الكبير الذي توليه للتحليل الرياضي، الذي لا يلجأ إليه كل من هب ودب، بل هو مهنة منحصرة على المختصين، القادرين على إفادة الجمهور الرياضي. ألا تعتقد بأن القنوات الرياضية تتحمل جزءا كبيرا من المسؤولية، كونها لا تعتمد على الأكفاء والمختصين ؟ بطبيعة الحال القنوات الرياضية في الجزائر تلام بشدة، كونها فتحت المجال أمام من هب ودب، وهو ما أثر بالسلب على المشهد الرياضي، الذي بات متعفنا، إلى درجة تجعلك تشعر بتواجدك في الشارع، بالنظر إلى المستوى المتدني، خاصة مع ظهور بعض المحللين، الذين يبحثون على الدفاع عن مصالحهم الشخصية، أكثر من بحثهم عن تقديم معلومات مفيدة للجماهير الجزائرية. لم نعد نشاهدك بكثرة عبر «بلاطوهات» القنوات، لماذا؟ بعد عودتي من فرنسا، أين درست بجامعة ليل، وعملت مع نادي محترف بحجم أميان، تفاجأت بالمستوى الهزيل الذي وصلت إليه كرتنا على كافة الأصعدة، بما في ذلك الإعلام الرياضي، الذي عوض أن يأتي بالإضافة ساهم بقسط وافر في تراجع كرتنا، من خلال ما يقدمه من برامج دون المستوى، لقد عملت لفترة وجيزة كمحلل رياضي في بعض القنوات الخاصة، ولكنني قررت أن أضع حدا لمشواري، في ظل عدم اقتناعي بالرسالة المقدمة للجمهور الرياضي، لقد انسحبت من «البلاطوهات» دون رجعة، كونها باتت تشبه المقاهي الشعبية. إذن هؤلاء النجوم لم يجلبوا شيئا للكرة الجزائرية ؟ كما قلت لكم لا يوجد أصلا تحليل رياضي، في ظل المستوى الهزيل لكرة القدم الجزائرية، فعوض أن تحلل مباريات تكتيكية قوية، تجد نفسك تتحدث عن أشياء لا تجدي نفعا، على غرار الكولسة والعنف وما شابه ذلك، صدقوني عندما يتطور مستوى لاعبنا، وبطولتنا المحلية، سيكون بمقدورنا الحديث عن محللين أكفاء، خاصة وأن الجزائري أثبت نجاحه في الخارج، بدليل امتلاكنا لعديد المختصين في أكبر القنوات العالمية. ما هي الخصائص والمواصفات التي يجب أن تتوفر في المحلل الرياضي النجاح؟ يتوجب على المحلل الرياضي أن يكون لديه تاريخ، سواء كلاعب سابق أو مدرب أو مسير، لأن ذلك سيساعده بشكل مباشر في عمله كمحلل رياضي، دون أن ننسى التكوين الناجح والمستمر، خاصة وأن كرة القدم في تطور مستمر، أنا لن أعود إلى هذا المحيط المتعفن، إلى غاية مراجعة الكثير من الأمور على مستوى كرتنا. حاوره: مروان. ب محمد زكريني (محلل التحكيم) للنصر لا أبالي بما يقال ومهمتي الدفاع عن جميع الحكام أعرب الاختصاصي في تحليل الحالات التحكيمية بالتلفزيون الجزائري، الحكم الدولي السابق محمد زكريني، عن استيائه الكبير من الوضع الذي آلت إليه «بلاطوهات» التحليل في مختلف القنوات التلفزيونية، خاصة بعد تجاوز الخطوط الحمراء في الكثير من الحصص، بتوجيه اتهامات مباشرة للحكام، في غياب الأدلة المادية التي تكفي لاثبات التهم الموجهة. زكريني و في حوار هاتفي أكد بأن تواجده في بلاطوهات التلفزيون العمومي يبقى المسعى منه محاولة تأطير القدرات النظرية لكل المتتبعين، بالاعتماد على الحالات التحكيمية المبهمة التي يتم تسجيلها في كل جولة، و هذا كما قال «من خلال الوقوف على الحالة، ومدى تطابقها مع القوانين المعمول بها، ثم اجراء مقارنة مع القرار الذي اتخذه الحكم، وهو أمر تعتمده كل الدول في العالم، سعيا لإثراء قوانين التحكيم، وتوسيع دائرة الإطلاع عليها إلى مختلف الأطراف الفاعلة، لأن هناك مناصرون على دراية بقوانين التحكيم، لكن روح القانون تبقى هامش المناورة الذي يمتلكه الحكم عند توليه إدارة مقابلة معينة». من هذا المنطلق أوضح زكريني بأن الوضع في الجزائر حاد عن إطاره القانوني، على اعتبار أن الكثير من البلاطوهات في قنوات خاصة أصبحت الفضاء الذي تستغله بعض الأطراف لتصفية الحسابات الشخصية، باتخاذ حرية التعبير كغطاء للحديث بكل تلقائية، دون مراعاة الحدود التي كان من المفروض أن تبقى بمثابة حواجز في مثل هذه المناقشات، وشخصيا كما أردف « فإنني لا أبالي بكل ما يقال، لأن هذه الجلسات سمحت لأبواق الفتنة بتسجيل حضورها بصورة تكاد تكون منتظمة في العديد من القنوات، في محاولة لمغالطة الرأي العام الرياضي، من خلال المساس بسمعة وكرامة أشخاص آخرين، رغم أن أخلاقيات مهنة الاعلام تمنع مثل هذه الخرجات، لكن الأمر في الجزائر تجاوز كل الحدود في الفترة الأخيرة». وفي رده على الاتهامات التي وجهت له شخصيا جدد زكريني التأكيد على أن الانتقادات التي تطاله مصدرها بعض الأشخاص الذين لم يتمكنوا من التواجد في الكرسي الذي يشغله أثناء التحليل، ولو أنني على حد تعبيره « أعمل على تشريح الحالات التحكيمية المعقدة والشائكة بكل موضوعية، و وفق ما تنص عليه القوانين، دون أن تكون هناك حسابات مسبقة ومقترنة بمصلحة فريق على حساب البقية، لأن التحليل في مجال التحكيم مقيّد بقوانين واضحة وصارمة، ولا تدع اي مجال للشك، لكن بالمقابل تبقى هناك بعض القرارات المعلقة على السلطة التقديرية للحكم، وهذا هو روح اللعب، والقاعدة المعمول بها عالميا في التحكيم تنص على أن الحكم الناجح هو من يرتكب أقل عدد ممكن من الأخطاء في قراراته، وبالتالي فإن الحكم يخطئ حتما أثناء إدارته لأي مباراة». وختم زكريني حديثه مع النصر بالقول بأنه يضع كل الحكام في نفس الكفة، ومهمتي كما صرح « تتمثل في الدفاع عن الحكم، بصفتي من هذا السلك، وتشريح أي وضعية معقدة أو قرار لا يعني محاولة كشف الأخطاء المرتكبة من طرف الحكم، حتى تسلط عليه اللجنة الفيدرالية العقوبة، أو تضعه في «الثلاجة»، بل أن الهدف من ذلك السعي لتنوير الرأي العام الوطني بخصوص قرارات الحكام في كل جولة، بعيدا عن الحسابات الشخصية الضيقة، كما أنني أدافع دائما عن الحكام من الاتهامات التي توجه لهم من طرف المدربين ومسيري النوادي في مختلف تصريحاتهم، لأن الحكم أصبح بمثابة المشجب المفضل التي تعمد كل الأطراف إلى تعليق فشلها الميداني عليه، وبالتالي فإنني أقف إلى جانب الحكام، وما قاموا به في نهاية الأسبوع الفارط أمر كان لا بد منه، لأن الاتهامات تعدت الحدود، وكأن الحكم أصبح العدو الأول لكل فريق، بصرف النظر عن الحديث غير المبرر عن قضايا الرشوة، التي تبقى مجرد «سيناريوهات» مفبركة، لأن قوانين الفاف واضحة، وتلزم أي مسير في النادي باللجوء مباشرة إلى العدالة إذا ما كان يحوز على الدليل المادي بشان هذه الاتهامات». ص / فرطاس الإعلامي والناقد الرياضي حسين جناد للنصر المحلل الجزائري يغرد خارج السرب ولا يلبي طلبات المشاهد أشار الإعلامي والناقد الرياضي حسين جناد، بأن غالبية محللينا يفكرون في كيفية الظهور على شاشة التلفزيون، أكثر مما يفكرون فيما يقدمونه للمشاهد، مضيفا بأن القنوات التلفزيونية باتت تستنجد بمن هب ودب، ما جعلنا نشهد حالة من الفوضى، التي أثرت بشكل مباشر على المشهد الرياضي. وقال جناد في حديثه للنصر بأن هناك العديد من الأسباب التي جعلت الأمور لا تسير بالشكل المطلوب:»مع بروز عدد كبير من القنوات التلفزيونية الخاصة، وتخصيصها حصصا في كرة القدم، التي تستقطب عددا كبيرا من المشاهدين، كان لا بد لهذه القنوات أن تعود لأهل الاختصاص، سواء لاعبين سابقين أو إعلاميين أو حكام ومدربين لتظهرهم على «بلاطوهاتها» للتحليل وإبداء الرأي، ولكن وبما أن هذه الخطوة هي استنساخ لما تقوم به قنوات فضائية وزنها ثقيل، فلا يمكن بأي حال من الأحوال أن توفر قنواتنا الخاصة ما توفره هذه الفضائيات العالمية من إمكانيات ضخمة، سواء لمحلليها أو للمشاهدين، فإذا كان وصول المشاهد لإحدى الفضائيات العربية مثلا، لا يكلفه أكثر من الضغط على زر التحكم عن بعد، فإن نفس العملية يقوم بها للوصول لقناة محلية لا تملك من الإمكانيات إلا الشيء القليل، وإذا كانت القنوات الأجنبية تدفع الكثير لمحلليها وتستقدمهم من بلدان بعيدة، مع توفير النقل والمبيت والأكل وما شابه ذلك فإن قنواتنا الخاصة وعلى كثرتها وتمركزها في العاصمة، وعدم قدرتها على استقدام محللين من مناطق بعيدة من داخل البلاد، تجد نفسها أمام حتمية إظهار من هب ودب على قنواتها، وهنا يظهر الفارق والمستوى بين المحلل عندنا والمحلل عندهم، وبما أن أغلب المحللين عندنا يحللون بدون مقابل تجد أغلبهم يفكرون في كيفية الظهور على الشاشة، أكثر مما يفكرون في ما يقدمونه للمشاهد». وتابع الصحفي السابق حديثه للنصر:» المحلل عندنا لا يلبي في غالب الأحيان ما ينتظره منه المشاهد، وعوض أن يكون حياديا في تحليلاته تجده يغرد خارج السرب، يمدح من يحب وينتقد من لا يحب، وهذا أكبر خطأ تقع فيه للأسف أكثر القنوات، التي تصبح لا توصل رسالتها كما يجب». وبخصوص اتهام بعض المحللين بتوجيه الملفات الحساسة حسب أهوائهم قال جناد: «حتما هناك صنف من هذا النوع من المحللين، وليس الكل وهذا يعود بالدرجة الأولى لعدم مهنية البعض، الذين لا يهمهم من التحليل إلا خدمة مصالحهم، وإرضاء أطراف على حساب أخرى». وفي رده عن الخصائص والمواصفات التي يجب أن تتوفر في المحلل الناجح قال:» أولا لا بد أن يكون ملما بحقائق وقواعد ما هو مكلف بتحليله، ثانيا لا بد أن يكون ذا مستوى علمي وثقافي وله من التجربة ما يكفي، ثالثا وهو الأهم أن يقوم بمهمته بضمير مهني خالص، دون التفكير في إرضاء فلان أو الانتقام من علان». وبالنسبة للمحلل وإن كان لا بد أن يكون لاعبا سابقا أو صحفيا متمرسا أو مدربا أو مسير فقد أشار جناد بأنه حبذا لو تتوفر هذه الشروط، لأن أهل مكة أدرى بشعابها. أما عن الإيجابيات التي جلبها هؤلاء ومدى تأثيرهم على الصحافة الرياضية:» أعتقد أن بروز القنوات التلفزيونية الخاصة وبكثرة وغزو وسائل التواصل الاجتماعي لبيوتنا بصفة عامة، أصبح له تأثير كبير على الصحافة الرياضية، ليبقى أكبر مشكل يصعب على القنوات الخاصة أن تلبي من خلاله رغبات المشاهدين، هو تمركزها في منطقة واحدة من الوطن واعتمادها على المحللين القاطنين بالوسط وخاصة العاصمة إضافة للمداخيل الشحيحة لهذه القنوات، كل هذه العوامل تجعل من الصعوبة بمكان أن يكون التحليل الرياضي عندنا في المستوى المطلوب». مروان. ب المحلل التلفزيوني عبد العالي إيريدير ليس شرطا أن ينحصر التحليل على الدوليين السابقين الملاحظ في السنوات الأخيرة مع ظهور القنوات التلفزيونية الخاصة بروز نجوم القنوات، ما تأثير هؤلاء على المشهد الرياضي؟ أرى بأن تأثير محللي القنوات التلفزيونية الخاصة سلبي على طول الخط، لأنهم لا يستقصون الحقائق، ولا يمتعون المشاهد بأشياء جديدة، بل يلعبون دور المعلق، وليس المحلل، كما أنهم لا يتمتعون بالحيادية ويظهرون انتماءهم إلى أندية معينة، وهو أمر غير مقبول إطلاقا، كما أن بعض المحليين يتدخلون في ما لا يعنيهم ويتحدثون في الأمور التحكيمية، كما أنهم ينتهزون الفرص لانتقاد لاعبين لأسباب خاصة، و هو ما يجعل تأثير هؤلاء المحللين سلبيا و ليس إيجابيا. هناك أطراف مثل الحكام والتقنيين عبروا عن امتعاضهم من خرجات هؤلاء، ما رأيك؟ طبعا، وأنا متضامن معهم، لأنه من غير المعقول أن ننتقد فقط من أجل الانتقاد، صحيح في بعض الأحيان يجب أن نتحدث عن الأمور السلبية و لكن بموضوعية، ويجب أن يتذكر محللو القنوات الخاصة بأنه يمكن أن يكون هذا البرنامج يحظى بمتابعة من طرف عرب آسيا أو إفريقيا، وعليه يجب أن نسوق صورة جميلة عن الجزائر. البعض يتهم هؤلاء المحللين بتوجيه الملفات والقضايا الحساسة،هل هذا صحيح، وبماذا تفسر ذلك ؟ إذا حدث ذلك فعلا، فأنا اعتبره نوعا من الغيرة والابتعاد عن الواقعية و محاولة فرض أشياء على المشاهد، من خلال تزييف الحقائق و محاولة تفسير الأمور على هواهم، وكأن كرة القدم لعبة بلاي ستايشين، ويجب أن يكون المحلل خزانا من المعلومات. من موقع تجربتك ما هي الخصائص والمواصفات التي يجب أن تتوفر في المحلل الناجح ؟ أعتقد بأن أهم شيء يجب أن يتوفر في المحلل الناجح، هو التكوين وأن يملك عينا ثاقبة وثقافة كروية، وأهم نقطة هي اختيار المصطلحات، على سبيل المثال عندما تسمع محلل يقول بأن الفريق الفلاني يلعب كرة صغيرة، هذا المصطلح غير مقبول رغم أنني أفهم بأنه يقصد اللعب بسرعة، وأنا شخصيا كانت لي تجربة مع المنتخبات القطرية، أين فهمت بأنه يجب وضع الماضي في طي النسيان وعدم العيش عليه، بل أنت مطالب بالعيش على الحاضر بالتكوين وتجديد معلوماتك، وكنت محظوظا في 2009 عندما تنقلت لمعايشة فريق أي سي ميلان وتابعت مباراتين في منافسة رابطة أبطال أوروبا، الأولى بين ميلان و ريال مدريد و ميلان ومرسيليا، وحصل لي الشرف بأنه كان إلى جانبي لتوجيهي المدرب القدير والأسطورة الكروية أريغو ساكي، وأتذكر جيدا كنت أتابع معه لقاء أسي ميلان و مرسيليا ويومها أبناء الجنوب الفرنسي كانوا في أمس الحاجة إلى الفوز، في الوقت الذي يكفي ميلان التعادل للترشح، وطبعا من جانب الإحصاء تحصلت على النتائج، أين كان فريق مرسيليا الذي كان يدربه ديشان مستحوذا على الكرة، وهددوا مرمى المنافس في أكثر من مناسبة، لكنهم لم يتمكنوا من التسجيل، وما بين الشوطين قال لي أريغو ساكي ماذا سجلت. ماذا قلت له؟ قلت له الإحصائيات التي تحصلت عليها بأن مرسيليا كان الأخطر، وهدد المرمى في عديد المناسبات، فرد علي بأن كل هذا أمر معلوم، وعليك أن تأتي بالجديد من أجل إفادة المشاهد وحتى المدرب، يجب عليك البحث عن أمور أخرى لتؤكد مستواك التحليلي، والابتعاد عن الأمور المعلومة التي يمكن لعامة الناس ملاحظتها، وعلى سبيل المثال لماذا لم تقل بأن ميلان لا يدافع جيدا وانتهى، ومن هنا ستفيد مدرب ميلان، الذي سيضع برنامجا لتحسين الجانب الدفاعي. هل يتوجب على المحلل الرياضي أن يكون لاعبا سابقا أو صحفيا متمرسا أو مدربا أو مسيرا؟ ليس من الضروري أن يكون المحلل لاعبا أو مدربا سابقا، لأن التحليل هو تكوين بحد ذاته، ومن دون تكوين لا يمكننا أن نكون محللين، وثاني نقطة المحلل بدون استثناء سواء الصحفي أو اللاعب أو المدرب، يجب أن يكون حياديا ولا يكون لديه انتماء إلى ناد معين، عكس ما نلاحظه في بلاطوهات بعض القنوات، سيما الخاصة منها، لأننا نلاحظ أشياء غريبة، وهناك من لا يفرق بين محلل ومعلق، لأن الأخير يقوم بالوصف، الذي لا يحتاج المحلل الحديث عنه، ويجب على المحلل أن تكون لديه أفكارا جديدة. *ماذا تقصد بالضبط؟ أنا كنت محللا في القناة القطرية "بين سبورت"، وأعرف ما معنى التكوين، هناك برنامج يسمى "بروزون" وهو برنامج بريطاني كبير، وحتى جل الأندية العالمية حاليا في صورة ريال مدريد وبرشلونة وميلان تلجأ إليه، لأنه يمنحك إحصائيات دقيقة، كما أود أن أضيف نقطة. تفضل... عندما قلت بأنه ليس من الضروري أن يكون المحلل لاعبا سابقا، ليس معنى ذلك بأنه لا يمكن للاعب دولي سابق أن يكون محللا ناجحا، لكن لا يجب أن يكون التحليل حكرا على اللاعبين الدوليين السابقين. ما هي الإيجابيات التي جلبها هؤلاء النجوم، وهل أثروا على الصحافة الرياضية من خلال جلب أمور جديدة ؟ للأمانة أرى بأن المحللين أثروا بشكل كبير سواء على المنتخب الأول، أو المنتخب المحلي، حيث يريدون صناعة نجوم من العدم، وصراحة حطموا المنتخب الوطني الأول، الذي كان في وقت ليس ببعيد يصنع أفراح الجزائريين، وأكثر من ذلك ظلموا أندية في البطولة. حاوره: بورصاص.ر شكلت مع الحكام تكتلا موحدا الفاف ترسم خارطة طريق للتصدي لأصحاب «البلاطوهات» رسمت الاتحادية الجزائرية لكرة القدم خارطة طريق للتعامل مع كل ما يتم تداولته في مختلف «بلاطوهات» التحليل الرياضي عبر القنوات التلفزيونية، ببعث مشروع لجنة أخلاقيات الرياضة على مستوى الفيدرالية، و هي الهيئة التي ستسند لها مهمة متابعة القضايا التي توجه فيها التهم مباشرة سواء لمسؤولي الفاف أو مختلف الرابطات وحتى الحكام، على أن يكون التحقيق على مراحل، واللجوء إلى الجهات القضائية يصبح أمرا حتميا، بجر كل من يبادر إلى الاتهام إلى أروقة العدالة. هذا الإجراء كان رئيس الفاف خير الدين زطشي قد كشف عنه خلال جلسة العمل التي جمعته بحكام النخبة منتصف الأسبوع الماضي، خاصة بعد التصريحات النارية التي أدلى بها الناطق الرسمي لاتحاد بسكرة إبراهيم ساعو، والتي فجرت غضب الحكام، ليكون رد فعل رئيس الاتحادية بالتأكيد على قرار تفعيل لجنة أخلاقيات الرياضة على مستوى الفاف، وتوليها مهمة الدفاع عن الحكام. وامتدادا لهذه الخطوات الميدانية أقدم حكام النخبة على تنظيم وقفات احتجاجية في جميع مباريات بطولة الرابطة المحترفة بقسميها الأول والثاني التي جرت نهاية الأسبوع المنصرم، بالوقوف دقيقتين قبيل إعطاء إشارة انطلاق كل لقاء، للتعبير عن رفض الاتهامات التي توجه لكل الأطراف الفاعلة في سلك التحكيم، وكذا للتضامن مع الفاف بخصوص الحملة التي تستهدفها من طرف بعض الجهات، التي ما فتئت تتخذ من منابر القنوات التلفزيونية أو حتى مواقع التواصل الاجتماعي فضاءات مواتية لنشر غسيل زطشي وطاقمه، و الحديث عن الكثير من القضايا السلبية، وكشف العديد من النقائص في تسيير شؤون المنظومة الكروية الجزائرية. تكتل الفاف والحكام في جناح واحد جاء كرد فعل على الانتقادات الشديدة التي أصبحت توجه للقائمين على سلك التحكيم، وكذا أعضاء المكتب الفيدرالي، خاصة وأن العديد من المواقع المختصة في الشأن الكروي حصرت انشغالها في الآونة الأخيرة بكل ما ترتكبه الاتحادية من هفوات لتفجير القضايا مباشرة إلى الرأي العام، وكذلك الشأن بالنسبة للحكام، وكيفية إدارتهم للمباريات في جميع الأقسام، وكأن «الفايسبوك» أصبح بمثابة المجهر الذي تراقب عدساته كل ما يدور في محيط المكتب الفيدرالي، وكذا الأخطاء التي يرتكبها الحكام. وتأتي هذه الخطوة موازاة مع الحملة الشرسة التي باشرتها بعض الوجوه الفاعلة في الساحتين الكروية و الاعلامية على الصعيد الوطني عبر منابر «بلاطوهات» التحليل في العديد من القنوات التلفزيونية، وحتى على صفحات الجرائد، في شكل انتقادات لسياسة العمل المنتهجة من طرف الفاف منذ قرابة سنة من تولي زطشي مسؤولية رئاسة الاتحادية، ليدخل الحكام دائرة الاتهام، بسبب الأخطاء المرتكبة في كل جولة، ولو أن موجة الغضب على التعيينات بلغت الذروة هذا الموسم، ليكون الهجوم المعاكس من المكتب الفيدرالي ببعث لجنة أخلاقيات الرياضة، والتي تبقى طريقة عملها واضحة، باستدعاء كل من يبادر إلى اتهام مسؤولي الفاف أو الحكام، ومطالبته بالدليل المادي، على أن تكون الخطوة الثانية إحالة الملف على العدالة، وتقديم شكاوى رسمية لدى الجهات القضائية، وهو الإجراء الذي من شأنه أن يقلص من درجة التهم المتداولة في جلسات التحليل عبر مختلف القنوات. ص / فرطاس سمير زاوي (لاعب دولي سابق) للنصر الحسابات الشخصية تلقي بظلالها على المشهد وغياب الاحترافية سبب الفوضى في البداية ما تعليقكم على ما يدور في بلاطوهات التحليل الرياضي عبر مختلف القنوات، وأنتم من بين المختصين في هذا المجال؟ الحقيقة أن الأمر أخذ أبعادا مغايرة في الفترة الأخيرة، لأن كثرة القنوات التلفزيونية الجزائرية فتح الباب على مصراعيه أمام العديد من الوجوه لتسجيل تواجدها، ولو أن المشكل القائم لا يكمن في هؤلاء الأشخاص، وإنما في البرمجة على مستوى كل قناة، والغالبية تبقى تراهن على جلسات النقاش الرياضي بحثا عن عدد أكبر من المشاهدين، بدليل أن كل الحصص الرياضية تبث في السهرة، حيث يبحث المشاهد الجزائري عن برنامج يتماشى وميولاته، وكل الجزائريين متعلقون بكرة القدم، فكان هذا العامل بمثابة الوتر الذي حاول مسؤولو البرمجة في مختلف القنوات الخاصة اللعب عليه، لكن دون مراعاة المقاييس اللازمة في انتقاء من يجلسون على طاولة النقاش. نفهم من كلامكم بأنكم لستم مقتنعين بالوضع الراهن لهذه الحصص؟ هذا أمر لا نقاش فيه، لأن أغلب البلاطوهات عبارة عن فضاء مناسب لتصفية حسابات شخصية، وهو ما أثر بصورة مباشرة على الساحتين الإعلامية والرياضية، لأن المشاهدين سئموا من المواضيع التي يتم طرحها للنقاش، والتي تبقى في غالبيتها عبارة عن ملفات للفت اهتمام الرأي العام، لكن من دون مراعاة المصلحة العامة، لأن النقاش يكون في الغالب موجها، وغياب أهل الاختصاص يتسبب دوما في الخروج بالملف عن إطاره القانوني، الأمر الذي يفجر موجة غضب عارمة في أوساط المتتبعين، لأن النقاش لا يكون بناء، بل تعمد بعض الأطراف إلى توجيهه حسب الرغبة، والعمل على إيصال الرسالة إلى المشاهد بحسب المضمون المخطط له في «كواليس» الحصة. هل يعني ذلك بأن هذه البلاطوهات تكون موجهة بمجرد برمجتها للنقاش؟ كلا... فهذه الوضعية تبقى مرهونة بمدى قوة شخصية الضيوف، أو حتى اطلاعهم على حيثيات و تفاصيل الملف المطروح للنقاش، ولو أن الوضع الراهن يبقى عبارة عن فوضى عارمة في مجال التحليل الرياضي، لأن كثرة المنابر التلفزيونية عبدت الطريق للكثير من الوجوه على اختلاف تخصصاتها للتواجد في جلسات النقاش، الذي يفتقد في أغلب الأحيان للمصداقية، وهذه الفضاءات تكون فرصة مواتية لتصفية الحسابات الشخصية، بدليل أن الحديث يكون دوما بالأشياء السلبية، الأمر الذي يشوه صورة المنظومة الكروية الوطنية، ويجعلها «سوداوية»، كما أن النقد الهدام يبقى المبتغى الذي يريد منشطو الحصص الوصول إليه، و ذلك عملا بشعار «خالف تعرف». بحكم أنكم تتواجدون في بعض الحصص، هل تتعاملون مع المشاهدين بهذه الطريقة في النقاش؟ تواجدي في البلاطوهات من حين لآخر لا يعني بأنني أبحث عن مكانة تحت الأضواء، في وجود عدسات كاميرات التلفزيونات، لأنني والحمد لله لدي اسم في الساحة الكروية الجزائرية من خلال المشوار الطويل الذي أديته مع جمعية الشلف، ومع المنتخب الوطني في الفترة الذهبية للسنوات الأخيرة، وبالتالي فإنني لم ولن أسمح لأي منشط حصة بتوجيه النقاش سواء على المباشر أو في «الكواليس»، ومشاركتي في بعض الحصص تجعلني دوما أعبر عن الرأي الذي أنا مقتنع به شخصيا، من دون أن يكون هناك تحضير مسبق للأسئلة والأجوبة. لكنكم ناقمون على الوضع السائد، فما سبب ذلك؟ غياب الاحترافية تبقى السبب الرئيسي في حالة التمييع عبر مختلف القنوات، لأن الضيوف يتم اختيارهم دون معايير موضوعية، بالبحث دوما عن الجناح المعارض، بعيدا عن مسعى الأخذ بآراء كل الأطراف، وترك الفصل في الملف للمشاهد، بل أن الأحكام المسبقة تلقي بظلالها على البرمجة، والحسابات الضيقة تكون السبب في التراشق بالتهم، دون المبادرة إلى البحث عن حلول ميدانية كفيلة بحل إشكالية معينة، والأمثلة كثيرة على هذه الوضعية، ولو أن هناك شيء جد مهم لا بد من الوقوف عنده. تفضل ... ما هو؟ غياب الاختصاص جعل هذه الفضاءات لا تختلف كثيرا عن جلسات النقاش في المقاهي، والدليل على ذلك الشجارات الكلامية التي نسجلها من حين لآخر في بعض الحصص، التي تنتج بالأساس عن اختلاف في وجوهات النظر بخصوص فكرة معينة، ولو أن الغريب في الأمر أن جميع رواد هذه الجلسات أصبحوا يفقهون في سلك التحكيم وحتى في الجانب التقني، لكن الواقع يضع بعض الحواجز عند النقاش، و من غير المنطقي أن يتدخل صحفي في حصة رياضية ويتناول الحديث عن خطة تكتيكية، وهذا كله ناتج عن غياب الاحترافية، كما أن الحسابات الشخصية الضيقة تنعكس بالسلب على النقاش. برأيكم، ما هي الحلول التي تقترحونها لوضع حد هذه الفوضى السائدة؟ شخصية الانسان تبقى المعيار الرئيسي الذي يجب أن نأخذه بعين الاعتبار لضبط قائمة المحللين، كل في اختصاصه، لأن المشاهد الجزائري متشبع من حيث الثقافة الرياضية، وأي مناصر مهما كان مستواه الدراسي أو الثقافي، يتوفر على معلومات شاملة، وبالتالي فمن العيب أن يسجل مشاهد بعض الأخطاء لمحلل في قناة تلفزيونية، وهذا ما نقف عليه كثيرا في الجزائر، لكن الغريب في الأمر أن جلسات النقاش في أغلب القنوات أصبحت عبارة عن فضاءات لنشر الغسيل، والتراشق بالتهم بين مختلف الأطراف، وهذه الذهنيات هي السبب المباشر في تدني مستوى النقاش، والخروج من هذه الوضعية يحتم علينا التضحية كثيرا، لأن وضع الحسابات الضيقة على الهامش قد يتسبب في فقدان «البلاطو» الطعم المعتاد عليه، في غياب الثقافة التي تسمح بتلبية رغبة المشاهد، وعليه فمن الضروري التضحية لبلوغ مستوى التطلعات، والغربلة تبقى حتمية لتلميع صورة المحللين، على اختلاف تخصصاتهم، والإعلامي لا يمكن أن يكون محللا. حاوره: صالح فرطاس الدكتور والمحلل رشيد محيمدات المحللون تحكمهم الميولات الشخصية الذاتية الملاحظ في السنوات الأخيرة مع ظهور القنوات التلفزيونية الخاصة بروز نجوم القنوات، ما تأثير هؤلاء على المشهد الرياضي؟ أعتقد أن التحليل الرياضي هو سلاح ذو حدين، وبالتالي فإن تأثيره على المشهد الكروي قد يكون إيجابيا أو سلبيا، إذا كان التحليل المقدم منطقيا وواقعيا وتغلب عليه العقلانية فإن التأثير من دون شك سيكون إيجابيا مفيدا، أما إذا كان التحليل لا يلتزم بالحياد والموضوعية وتغلب عليه العاطفة والتعصب فإن التأثير في النهاية سيكون سلبيا على طول الخط. وما أريد تأكيده أن التحليل الفني الرياضي في يومنا هذا هو علم قائم بذاته، ويعتمد على الملاحظة الدقيقة والمتابعة اليومية لآخر المستجدات، والأكثر من ذلك فإن المحلل يشترط فيه توفر عدد من المقاييس والمعايير، لأنه ليس من هب ودب يأتي إلى الأستوديو ويقدم التحليلات أمام الملايين من المشاهدين، وفي اعتقادي أن أهم ما يشترط في المحلل إجادة التواصل مع الجمهور بكلمات محترمة. هناك بعض الأطراف مثل الحكام والتقنيين عبروا عن امتعاضهم من خرجات هؤلاء المحللين، ما رأيك؟ نعم أوافقهم في كثير من الأحيان، وذلك لأن بعض المحللين يفضلون التخندق في جهة معينة ضد باقي الجهات الأخرى، حيث يتحول المحلل لأداء مهمة الناطق الرسمي لجهة ما، وهو ما يفقده المصداقية في تناول كثير من الملفات، حيث يكون ذلك سببا في استياء كثير من أطراف اللعبة، وبالتالي فإني أدعو ثانية إلى ضرورة الالتزام بالقواعد الخاصة بالتحليل الاحترافي الذي يساهم في تطوير معارف المشاهدين. البعض يتهم هؤلاء المحللين بتوجيه الملفات والقضايا الحساسة،هل هذا صحيح، وبماذا تفسر ذلك ؟ التفسير الوحيد أننا لم نحترم أسس التحليل الرياضي، المتعارف عليها التي تعتمد أساسا على المعرفة التخصصية، حيث وفي بعض الأحيان نقف على تناول مواضيع أقل أهمية من ملفات رئيسية لأسباب ذاتية وشخصية، وما تابعناه هو عدم الاهتمام إطلاقا باختيار الكلمات المناسبة في التحليل، حيث تطغى العاطفة بشكل كبير، وهو ما لا يؤثر إيجابا في نفسية المتفرج. من موقع تجربتك ما هي الخصائص والمواصفات التي يجب أن تتوفر في المحلل النجاح ؟ وجب الإشارة أولا أن التحليلات الموجودة في مختلف البلاتوهات التلفزيونية تحكمها الميولات الشخصية الذاتية، وهو ما يفقد التحليل معناه الحقيقي، حيث وجب الالتزام بشرطي الحيادية والموضوعية، والأمر لا يختلف كثيرا عن ما نلاحظه حتى في أداء المعلقين الإذاعيين أثناء وصف المباريات، حيث تجد مثلا المعلق ودون شعور يشجع الفريق المحلي على حساب الفريق الزائر، وبالتالي وجب على المحلل أو المعلق تطبيق رقابة الذات لأن التحليل والتعليق لجميع الجزائريين وليس لفئة قليلة. هل يتوجب على المحلل الرياضي أن يكون لاعبا سابقا أو صحفي متمرس أو مدرب أو مسير؟ المعيار الأول هو امتلاك المحلل للغة السليمة لإيصال المعلومات بشكل جيد للمتلقي، ولا يهم إن كان لاعبا سابقا أو من المتمرسين في المجال الأكاديمي الكروي، ومثلما يقال ليس شرطا أن يكون العالم أستاذا لأنه لا يجيد لغة الاتصال، وأفضل أن يكون المحلل متخصصا في الجانب الأكاديمي، حتى يكون على دراية بكثير من الزوايا العلمية المهمة مثل الفيزيولوجية والتشريح، وذلك حتى يقدم مادة علمية دسمة للمشاهدين. ما هي الإيجابيات التي جلبها هؤلاء النجوم، هل أثروا على الصحافة الرياضية من خلال جلب الأمور الجديدة؟ أعتقد أن الإيجابيات قليلة جدا مقارنة بالنقاط السلبية، في ظل غياب الحيادية في تقديم التحليلات، وذلك لأن المحللين عندنا تحكمهم الميولات الشخصية، وأعتقد أن البعض يطمح فقط لاستقطاب أكبر عدد من المشاهدين مع الاعتماد على لغة يغلب عليها المزاح أكثر من الجدية، والصحافة الرياضية تأثرت سلبا لأن التحليلات لم تساهم في تطوير الأداء الإعلامي من الناحية الايجابية. حاوره: أحمد خليل مساعد الناخب الوطني السابق نبيل نغيز المحلّلون عندنا بحاجة إلى تكوين مستمر كيف ترى واقع التحليل الفني في مختلف القنوات التلفزيونية الجزائرية؟ أولا التحليل الرياضي في الوقت الحالي هو مهنة قائمة بذاتها، و دعني أسميه مثلما يقول كثير من المدربين « كرة القدم الصحافية «، حيث يشترط على المحلل متابعة آخر الأخبار و مطالعة التقارير المختصة بشكل يومي، و يمتهن التحليل اللاعبون السابقون أو المدربون ممن يتواجدون في بطالة دون فرق، أو حتى النقاد الرياضيين ممن يمتلكون معلومات كبيرة عن المجال، و مع مرور الوقت أصبح التحليل «موضة» في جميع البلدان تقريا، و بخصوص سؤالك فإن التحليل عندنا في الجزائر يشرف عليه اللاعبون السابقون ممن يقدمون التحليلات، حسب الخبرة التي اكتسبوها عند ممارستهم هذه الرياضة، و قليل منهم من يخضع للتكوين المستمر في المجال، و ذلك لأن كرة القدم كل يوم تتطور خاصة من الجانب الخططي التكتيكي، و في اعتقادي أن كثير من التحليلات تفتقد للموضوعية التي تعتبر شرطا هاما في القيام بمهنة التحليل. بعد تجربتك الأخيرة في الدوري السعودي بإشرافك على نادي أحد، ما تقييمك للتحليل الفني هناك في القنوات التلفزيونية مقارنة بما يحدث عندنا في الجزائر؟ التحليل في القنوات السعودية يختلف كثيرا عن ما يجري عندنا، بسبب فارق الإمكانات اللوجيستية، حيث أن المحلل في القنوات هناك يكون على علم بكل كبيرة أو صغيرة بإمكانات كل فريق، و الأكثر من ذلك إطلاعه على آخر الأخبار و المستجدات في كل فريق، و الاهتمام بشكل كبير بموضوع الإحصائيات و تطبيقات الإعلام الآلي لتقييم أداء كل لاعب من جميع الجوانب، و هو ما يسمح في النهاية بتقديم تحليلات في المستوى، أما عندنا ففي كثير من الحالات تتفاجأ إن كان المحلل الفني قد شاهد نفس المباراة التي لعبت في الميدان، وذلك بسبب غياب الموضوعية في تقديم التحليلات الجيدة. هل يتوجب على المحلل الرياضي أن يكون صاحب اختصاص في المجال؟ ما يهمني بالدرجة الأولى هو خضوع المحلل بشكل مستمر إلى التكوين المتواصل، و ذلك لأن عالم كرة القدم يتطور بشكل مذهل خاصة في السنوات الماضية، و الأكثر من ذلك ضرورة إجادة التواصل لتطوير معارف المشاهد البسيط، كما أنني أدعو دائما إلى ضرورة الاهتمام بالدرجة الأولى لما يحدث في أرضية الميدان، و الأهم الالتزام بالموضوعية و الحياد عند تناول مختلف القضايا. وما قولك في تفضيل البعض للخبراء الأكاديميين؟ أؤيد هذا الطرح لأن التحليل يعتمد على الجوانب النظرية أكثر منها تطبيقية، و الأكثر من ذلك فإن التحليل يعتمد اليوم على الوسائل التكنولوجية الحديثة، لكن وجب على الدارسين أكاديميا في هذا المجال، إجادة التواصل لتسهيل عملية تقديم المعلومات لجميع المشاهدين الذين ينتمون لجميع المستويات. هناك بعض الأطراف عبرت عن امتعاضها من هؤلاء المحللين، ما رأيك؟ صحيح، لأن كرة القدم فيها أطراف متعددة من لاعبين و مسيرين و مدربين و حكام و مسؤولي أندية و أنصار، و دائما تحليلات البعض لا تلقى إعجاب البعض الآخر، لأن إرضاء الجميع غاية لا تدرك، لكن وجب الإشارة أن البعض يتعمد إلى توجيه السهام نحو أشخاص بعينهم، و هو ما يؤثر على مصداقية تلك التحليلات، و سجلنا في السابق الكثير من حالات الصدام بين هؤلاء المحللين وعدد من أطراف اللعبة.