على من يتحدث بالسوء عن المغتربين أن يسأل نفسه ماذا قدم للجزائر؟ يرى المدرب الجزائري نور الدين زكري، بأن إبعاد محرز و زملائه يعد جريمة في حق المنتخب الوطني، مشيرا إلى أن الخوف أصبح ينتاب لاعبينا الدوليين عند تلقي دعوة الخضر، كما تحدث زكري عن رأيه في الكرة الجزائرية، و عدة أمور أخرى تكتشفونها في هذا الحوار الشيق الذي خص به النصر. حاوره: مروان/ ب كيف تعلق على نكسة إقصاء الخضر المبكر من تصفيات مونديال روسيا 2018؟. كنت أتوقع الإقصاء المبكر منذ سحب القرعة، ومعرفة المنتخبات المنافسة لنا، بالنظر إلى عديد العوامل والمعطيات، كما أن الانتكاسة كانت منتظرة بعد انطلاقتنا السيئة في التصفيات، حيث حققنا نتيجتين سلبيتين، أمام كل من الكاميرونبالجزائر ونيجيريا خارج الديار، ليكمل ألكاراز و زطشي بعدها مهمة القضاء على كافة الأحلام بالتأهل إلى المونديال المقبل، الخيبة كانت تحصيل حاصل، بالنظر إلى الفوضى الموجودة داخل المنتخب، حيث أصبح الجميع على قناعة بأننا نملك لاعبين جيدين جدا، ولكن لا نملك منتخبا قويا. إبعاد محرز و سليماني و بن طالب جريمة في حق المنتخب الوطني بصراحة هل كنت تتوقع الخسارة بعقر الدار أمام منتخب بحجم زامبيا ؟. لم أكن أتوقع الهزيمة في مقابلة العودة، ولكنني كنت أنتظر صعوبة المأمورية بقسنطينة، خاصة في ظل التغييرات الكثيرة الحاصلة بالمنتخب الوطني مؤخرا، ناهيك عن الفوضى الفنية التي لاحظها الجميع، ولكن أن يخسر المنتخب ذهابا وإيابا أمام منتخب بحجم زامبيا فهذا أمر لم يخطر على بالي، بالنظر إلى الفروقات الكبيرة بيننا. صدقوني لم أتوقع الفوز ذهابا وإيابا للمنتخب، ولكن على الأقل الفوز في لقاء العودة كان أقرب للمنطق، خاصة وأننا نلعب بأرضية ميداننا وأمام جمهورنا، الذي غصت بهم المدرجات رغم كل شيء. هل كنت تنتظر هذا التراجع الرهيب للكرة الجزائرية، خاصة وأننا كنا قبل سنوات قليلة من أقوى المنتخبات في القارة السمراء؟. تراجع المنتخب الوطني كان منتظرا لعدة أسباب، فعندما لا تعمل من منطلق صحيح قوامه الشفافية والصدق وروح المسؤولية، توقع مثل هذه النتائج المخيبة. يجب أن نقر بأننا لا نعمل بالطرق العلمية، والأكثر من ذلك نحن نتبع سياسة «البريكولاج» في كل شيء، وهو ما تسبب في انتكاسة المنتخب الوطني، الذي فقد الكثير من بريقه، وبات في مأزق حقيقي، لأنه دخل نفق مظلم، ولن يكون من السهل إيجاد المخرج. أصبح من هب ودب يتكلم عن المنتخب ما رأيك في من يشكك في وطنية بعض المغتربين، إلى درجة المطالبة بضرورة إبعادهم من المنتخب الوطني؟. لا يحق لأحد التشكيك في وطنية اللاعبين، والرسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ما أمرت أن أشق على صدور الناس»، نحن لا نعلم ما في قلوب هؤلاء اللاعبين، وعلى من يتكلم على المغتربين بالسوء، عليه أن يحاسب نفسه ماذا قدم لهذا الوطن خلال هذا الظرف. كفانا من رمي الناس بالباطل لأن ذلك لا ينفعنا بقدر ما يضرنا. ما تعليقك على اتهامات مبولحي بعد نهاية لقاء زامبيا بقسنطينة، لبعض العناصر الحالية في المنتخب بالتخاذل وافتقاد الرغبة في الانتصار؟. حسب ما ذكرت، فإن تصرف وتصريحات الحارس مبولحي تؤكد كلامي. نحن نعيش في فوضى، وهو ما انعكس بالسلب على أداء اللاعبين، الذين فقدوا الرغبة في اللعب بكل حماس، وتحفيز من أجل تحقيق الانتصارات التي تسعد الجماهير الجزائرية الشغوفة بالمنتخب الوطني. محللو القنوات يتحدثون بغيرة و حسد و بغضاء لماذا يختلف أداء لاعبينا بين أنديتهم والمنتخب الوطني، على غرار ما يحدث مع بن طالب وغلام وبراهيمي، الذين خيبوا كافة الظنون في آخر المباريات مع الخضر؟. اختلاف أداء اللاعبين في المنتخب، مقارنة بالأندية يعود بالدرجة الأولى إلى توفر ظروف العمل الجيدة مع فرقهم، وكذا وجود المشروع الفني والرياضي القائم على أسس صحيحة، ناهيك عن مستوى التسيير والإدارة، اللذين يجعلان اللاعب لا يفكر سوى فوق أرضية الميدان، أما في المنتخب الوطني فالفوضى السمة الأبرز على كافة المستويات، وهو ما لا يساعد اللاعب على الظهور بنفس المستوى الذي يقدمه مع ناديه، إلى درجة أن اللاعبين أصبحوا عندما يتلقون استدعاء المنتخب يتملكهم الخوف، وهذا لعدة أسباب، منها الحصار الغير مفهوم، حيث يتعرضون لضغوطات كبيرة من محيط المنتخب، وحتى الظروف أصبحت غير مريحة بشهادة الجميع، وليس كما ينقله الإعلام الجزائري للجمهور. اعتقد بأن هذه العوامل كفيلة بأن تجعل الاختلاف موجود في الأداء، وهنا أريد أن أحدثكم عن نقطة مهمة. الانتقادات الموجهة للمدافع المحوري عيسى ماندي فهي ظالمة، وأقول وأعيد من ينتقد ماندي لا يفقه شيئا في كرة القدم، لأن لديه تكوين من أعلى مستوى ويحسن التمركز، ومشكلته الوحيدة في المنتخب تعود لغياب التحضير النفسي الفردي والجماعي، وهو ما يشعر اللاعب بالخوف والضغط في إفريقيا، فبشرة اللاعب بيضاء وتراه في المقابلة أصفر الوجه، فلا تتعجبوا عندما ترون ماندي يوقف مهاجما بحجم رونالدو، ويؤدي مقابلات كبيرة مع ناديه ريال بتيس الإسباني مقارنة بالمنتخب، حيث هناك من يصفه بالحلقة الأضعف في الخط الخلفي. تصريحات مبولحي تؤكد الفوضى الموجودة داخل المنتخب أنا مع اللاعب المحترف لعديد الاعتبارات التي قلتها من قبل. وأما بخصوص اللاعبين المحليين فيبقى تكوينهم ضعيف جدا، فهم يرتكبون على الدوام أخطاء بدائية ومضحكة، رغم أنهم مهاريون بالفطرة. ما رأيك في العمل الذي يقوم به الناخب الوطني لوكاس ألكاراز؟. الناخب الحالي لا يزال في منصبه، ولا يحق لي الكلام عليه، ولكن المدرب كما هو معمول به عالميا، يقاس بالنتائج التي يحققها، ونتائج ألكاراز سلبية على طول الخط منذ استلامه زمام الأمور، حيث لم نشاهد تكهنات أصحاب «البلاطوهات»، الذين أكدوا بأنه سينجح، بالنظر إلى تشابه طريقة عمله مع طريقة لعب المنتخب، حجتهم في ذلك تشابه الكرة الإسبانية مع الكرة الجزائرية، وهو ما لا أفهمه، لأن الكرة الجزائرية لا علاقة لها على الإطلاق بنظيرتها الإسبانية، ولكن للأسف هناك من تكلم بالإيجاب على ألكاراز، من أجل خدمة بعض الأطراف. هل أصاب رئيس «الفاف» بالإبقاء على ألكاراز بعد نكسة زامبيا ؟. الخطأ الذي لا يغتفر هو جلب هذا المدرب للإشراف على العارضة الفنية للمنتخب الوطني، كما أود أن أقول بأن الفاف ستضع نفسها في ورطة حقيقية لو تفكر في إقالته، وهذا بسبب بنود العقد الموقع من الطرفين، وحتى لو تبقيه «الفاف» في منصبه سترتكب ورطة أخرى، كونه غير قادر على تقديم شيء للخضر، أنا أتحدث بهذه الطريقة لأنني متأثر للوضعية الحالية للمنتخب الوطني، الذي يمثل الجزائر ككل وليس نادي معين. لا تتعجبوا عندما ترون ماندي يوقف مهاجما بحجم رونالدو كثر الحديث في «البلاطوهات» عن المنتخب الوطني، حيث أصبح هناك من ينتقد لمصالح شخصية، ما تعليقك حول ما يحدث مؤخرا؟. منذ فتح هذه القنوات الفضائية، أصبح من هب ودب يتكلم، بدون علم ولا حتى خبرة ميدانية، ودون أية إستراتيجية أو منهجية، فالكل يبحث عن مصلحته الشخصية، على حساب المنتخب الوطني، كما أن حديث المقاهي أصبح الميزة الأبرز لبعض القنوات الخاصة، ومن يستضيفونهم بهدف التحليل يتكلمون بغيرة وحسد وبغضاء وإقصاء، وبالمقابل هناك من الصحافة وبعض المحللين من يضلل ويهلل لمدربين، ولاعبين ومسيرين من أجل مصالحهم الضيقة. ماذا ينقص المنتخب الوطني حتى يعود إلى سابق عهده؟. ينقص المنتخب مشروعا رياضيا كبيرا هدفه النهوض بالكرة الجزائرية محليا، مع توفير الجو الملائم للعمل والنجاح، وهذا لن يكون إلا بمنح الفرصة لأهل الاختصاص، من خلال إنشاء مديرية فنية من كل ربوع الوطن، حتى تتم الدراسة بمعايير علمية. رؤساء أنديتنا يصنعون أشباه المدربين بشراء المباريات ما رأيك في القرارات التي اتخذها رئيس الفاف باستبعاد محرز وسليماني وقديورة ومجاني وبن طالب عن مباراة الكاميرون المقبلة؟. ربما التاريخ يعيد نفسه، فإلى حد اليوم لا نعلم السر الحقيقي وراء استبعاد كريم زياني ورفاقه رغم الخبرة التي اكتسبوها، لقد صرحت من قبل وقلت بأنها جريمة في حق المنتخب، واليوم نفس الشيء ينطبق على قرارات «الفاف» بإبعاد هؤلاء اللاعبين، حيث يعد الأمر جريمة في حق المنتخب، وليس من حق ولا صلاحية الإداري، سواء كان رئيسا أو مسيرا أن يبعد لاعبا مهما، على اعتبار أن الأمر من صلاحية الطاقم الفني فقط. ماجر و بلومي و عصاد صنعهم مدربون صارمون لماذا أصبحت البطولة الجزائرية ضعيفة ولم تعد تنجب لاعبين كبار كما كانت عليه في السابق؟. ضعف البطولة أسبابه مطابقة للأسباب التي ذكرناها بخصوص المنتخب، فالأندية لا تملك كذلك المشاريع الرياضية، ولا تهتم بالتكوين، وتختبئ وراء الفريق الأول، والأكثر من هذا مسؤولينا ينتدبون ممرنين برتبة مدربين على الورق، أما داخل غرفة تغيير الملابس، فلو تضعون كاميرات خفية لضحكتم قليلا وبكيتم كثيرا، وعرفتم سبب عدم إنجاب البطولة للاعبين كبار كما كان في السابق. فماجر وبلومي وعصاد صنعهم مدربون صارمون وأصحاب قرار وكفاءة وتكوين، وليس مدربين يقودون أندية بالحظ وطرق ملتوية، على غرار الشعودة والسحر، وهنا أقولها وأعيدها بأن رؤساء أنديتنا يصنعون أشباه المدربين بشراء وبيع المقابلات. فكيف تنتظرون من هؤلاء الممرنين أن يطوروا كرة القدم، وهم لا يمتلكون لا العلم ولا الكفاءة ولا الشخصية، التي تؤهلهم لقيادة فرق من المستوى العالي. الخوف أصبح يتملك لاعبينا عند تلقي دعوة الخضر تبدو غير معجب بالطريقة التي تسير بها الكرة الجزائرية؟. الغريب أن بعض وسائل الإعلام تهلل وتطبل لهم، وتشجعهم على ذلك وتقوم بالتسويق لهم، رغم أنهم من أهم أسباب الفساد والتدهور الذي تعاني منه البطولة الجزائرية، وفي الأخير أنا دائما أتكلم حبا وغيرة على بلدي، وسأبقى وفيا لمهنتي ووطني، فأنا أتكلم دون حسابات. هل من كلمة أخيرة؟. في الأخير أشكركم على الاستضافة، وتحية رياضية مني لكل الجمهور الجزائري، الذي لا يستحق كل هذه النكسات.
