تشهد الكثير من مساجد قسنطينة ظاهرة غريبة وصفها البعض بغير اللائقة بحرمة بيوت الله و المتمثلة في مرافقة الأطفال الصغار لأمهاتهم في صلاة التراويح، جاعلين من المكان أشبه برياض الأطفال، لما يصدره الصغار من قهقهات و جري بين المصلين محدثين ضجيجا يصعب معه التركيز و يستحيل معه الخشوع. و سجل مسجد الأمير عبد القادر بقسنطينة على سبيل المثال لا الحصر في الأيام الأولى من رمضان قدوم عدد معتبر من الأطفال الذين جاءوا رفقة أمهاتهم لأجل حضور صلاة العشاء و التراويح. و كان منظر الذكور بالقمصان و الإناث بالخمارات الطويلة يبعث على الإعجاب و التأمل، قبل أن يتحوّل إلى مصدر استياء المصلين و غضبهم، جراء الفوضى التي أحدثها هؤلاء بتحويلهم بيت الله إلى فضاء للعب يركضون وراء بعضهم البعض تارة، و يضحكون بصوت مرتفع تارة و يبكون تارة أخرى أو ينادون أمهاتهم من حين إلى آخر ، مما اضطر بعض المصليات إلى تغيير مكانهن عدة مرات بحثا عن الهدوء. و الغريب أن بعض الأمهات التي جلبن معهن أطفال تقل أعمارهم عن الأربع سنوات لم يحرّكن ساكنا لتهدئتهم أو توبيخهم، و كأنهن غير معنيات بالأمر، و واصلن صلاتهن ببرودة أعصاب رغم تأفف البعض و انتقاد البعض الآخر بين كل ركعتين. حتى المرشدات بالمسجد عجزن عن احتواء الأمر و السيطرة على الضجيج الذي أصدره الأطفال لكثرة عددهم ، و ما كان أمامهن سوى الطلب من المصليات في نهاية الصلاة عدم اصطحاب الصغار إلى المسجد مستقبلا، لكن لا حياة لمن تنادي، حيث تكرر نفس المشهد في اليوم الموالي، مما زاد من ضجر و استياء البعض. و عن سبب تزايد ظاهرة اصطحاب الأطفال إلى المساجد قالت إحدى الأمهات التي كانت برفقة حفيدتها ذات الأربع سنوات، أنها تحاول ترسيخ حب الصلاة في حفيدتها الصغيرة. و بررت ثانية أن من حرص على أداء صلاة التراويح مع الإمام يكتب له قيام رمضان و عليه فإنها تحضر ابنها الرضيع معها لأنها لا تجد من يعتني به في غيابها" ابني هادئ الطبع عادة، و قد استغربت أنا شخصيا من حركته المفرطة اليوم "و أرجعت سبب سلوك طفلها إلى وجود أطفال مشاغبين شجعوه على اللعب داخل المسجد. و تأسفت إحدى السيدات المسنّات على استمرار الظاهرة و تضاعفها من سنة إلى أخرى دون اتخاذ القائمين على المسجد لإجراءات تنظيمية للحد منها، لما ينجم عنها من إساءة و انتهاك لحرمة بيت الله. و استطردت جارتها معلقة :"و الله خلت نفسي في روضة للأطفال" منتقدة العادات الجديدة التي التصقت بالشهر الفضيل، أهمها سهر الأطفال سواء كان ذلك داخل المسجد أو في الشارع و اعتبرت ذلك تهاونا و تخل عن المسؤولية من قبل الآباء و الأمهات على وجه الخصوص. و اقترحت سيدة أخرى اصطحبت طفليها معا، فتح أقسام خاصة بتحفيظ الأطفال القرآن الكريم و الأحاديث الشريفة ليلا لتمكين الأولياء من الصلاة بكل هدوء، بدل حرمانهم من هذه الفرصة التي لا تتوفر إلا مرة في السنة.