الشقق المفروشة "موضة" تلهب أسعار العقار بقسنطينة يعرف سوق العقار بقسنطينة، معدلات قياسية لكراء وشراء الشقق والعقارات والأراضي، رغم تراجع المبادلات و البيع، في ظل الوضع الاقتصادي العام للبلاد، حيث بلغ ثمن شقة بسيطة مكونة من ثلاث غرف، سقف 750 مليون سنتيم، بينما تتجاوز ذات ال 4 غرف مبلغ المليار، و بالرغم من توزيع آلاف السكنات مؤخرا و برمجة المزيد حتى نهاية العام الجاري، بمختلف الصيغ، إلا أنَّ الأسعار تواصل الارتفاع أو تحافظ على مستواها في أحسن الحالات، و هو ما يرجعه أصحاب الوكالات إلى عوامل عدة منها تزايد الطلب خاصة من طرف الأزواج الجدد. تحقيق: فاتح خرفوشي ويطرح الراغبون في شراء العقارات والأراضي وحتى كراء الشقق، بسبب الطلب المتزايد على السكن بمختلف صيغه، والتأخرات في الإنجاز على مستوى بعض الورشات، أسئلة عديدة بخصوص الأسعار و أسباب استمرار ارتفاعها مع أنَّ العرض متوفر نظريا، و هي أسئلة تجيب عليها النصر من خلال هذا التحقيق الميداني، الذي تتقصى فيه أسعار البيع والكراء، سواء للشقق أو الأراضي الصالحة لتشييد البنايات الفردية، و ذلك من خلال جولة عبر عدد من وكالات الأعمال والعقارات الموجودة بالولاية. الأزواج الجُدد يلهبون الكراء و5 ملايين لشقة بسيطة! البداية كانت بوكالة عقارية تقع بوسط المدينة، أجاب صاحبها بأنَّ سوق العقار في الجزائر، وقسنطينة تحديدا، عرف ارتفاعا خلال العامين الفارطين، حيث لم تنخفض الأسعار دون معرفة سبب واضح لذلك، لكنّه يرى أن الإقبال الكبير للمتزوجين الجدد على اكتراء شقة، مهما كان الثمن، نظرا لتحول غالبية الأزواج للعمل معا، وليس الزوج فقط، جعل الطلب متزايدا على السكن الفردي، بل وأدى إلى رجوع العديدين من الملاك لسكناتهم القديمة وتأجير شققهم الجديدة بأسعار مرتفعة. وقال صاحب الوكالة إنَّ سعر كراء شقة بسيطة بوسط المدينة، لن يقلَّ في مجمل الأحوال عن 30000 دج (3 مليون سنتيم)، في الأحياء القديمة والشعبية، وقد يكون أقل في البنايات الآيلة للسقوط مثل السويقة وسيدي الجليس، والمدينة القديمة عموما، كما يتراوح بين 35000 دج و55000 دج في التجمعات السكنية الجديدة والعمارات خاصة، مثل أحياء بوالصوف والزيادية وزواغي والدقسي وغيرها، فيما يقرّر البعض الآخر التوجه بعيدا في الضواحي وكذا المدينة الجديدة علي منجلي، بحثا عن شقق وطوابق بفيلات صارت تكترى بشكل جماعي، و بأثمان أقل مقارنة بالشقق والمنازل الواقعة في وسط المدينة، لتوفر كل الظروف والقرب من التجمعات التجارية والإدارات وأماكن العمل. وحسب ذات المتحدث، فقد تدخلت عوامل أخرى لتغليب الكفَّة بالتوجه لاكتراء شقق من طرف الأزواج الجدد، رغم الثمن الباهظ، وهي القرب من مقرّ سكن إحدى العائلتين، خاصة أسرة الزوجة، وهذا للمساعدة على الاعتناء بالأولاد وقضاء بعض الحوائج والانتباه للمنزل بعد غياب الزوجين والخروج للعمل، صباحا، وهو عامل جدُّ مهمّ صار يدخل في اختيار الشقة ومكان السكن الجديد، بل وصار شرطا أساسيا لا يقلُّ أهمية عن الثمن والحي الهاديء وحسن الجيرة. الأثات و الثلاجة لزبائن «في.آي.بي» واصلنا البحث في موضوع كراء الشقق وبيع العقارات بالجزائر، على مستوى ولاية قسنطينة، وفاجأنا أحد مسيري مكاتب الأعمال والعقارات بوجود زبائن جدد من نوع «في.آي.بي»، الراغبين في كراء شقة، وحتى عارضي هذا النوع من الخدمات، وهي السكنات المفروشة، مؤكدا أنَّ البحث عن الإيجار لم يعد يقتصر على محدودي الدخل والفقراء غير القادرين على شراء شقة أو بناء منزل فردي يضمُّ العائلة الصغيرة. وصار الإعلان عن كراء شقة مفروشة أمرا ضروريا لزبائن جدُّ «خاصين»، موجها أساسا لرجال الأعمال الذين يغيرون مقرات إقامتهم دوريا، تبعا للمشاريع والأعمال التي يسيرونها، وكذا الأزواج الجدد من ذوي الدخل الثنائي المرتفع و أصحاب ملفات السكن الذين ينتظرون فقط الحصول على شققهم، حيث يبحث هؤلاء عن سكنات مجهزة بكامل الأثاث ولوازم البيت من الأجهزة الكهرومنزلية الضرورية كالثلاجة و آلة الطبخ و المكيف، إضافة إلى الأفرشة و جهاز التسخين و غيرها، و ذلك حفاظا على أثاثهم الخاص، لكن الفاتورة ستكون باهظة، حيث يبدأ سعر الكراء من 55000 دج وصولا إلى 75000 دينار. الأحياء البعيدة لمحدودي الدخل انتقلنا بعد ذلك نحو القطب الحضري الأكبر بالضفَّة الأخرى، وهو علي منجلي، المدينة الجديدة التي تضمُّ حوالي 400 ألف نسمة ومدينة جامعية، و التي باتت محجَّ الكثيرين القاصدين للمساحات التجارية الضخمة للتسوُّق واقتناء الحاجيات، حيث طرحنا السؤال بأول وكالة عقارية صادفتنا في رحلة البحث عن جواب كاف، بخصوص أسعار الكراء والبيع والشراء للعقار، عامة، فأجابت العاملة بالوكالة أنَّ الطلب على كراء الشقق من فئة غرفتين وثلاثة، خاصة، يتزايد يوميا، حيث تتراوح الأسعار بين 2,5 مليون إلى 3,5 مليون سنتيم، حسب موقع الشقة وقربها من المحلات والمؤسسات التربوية، وسمعة التجمع السكاني والوحدة الجوارية. وذكرت مسيِّرة الوكالة العقارية أنُّ الشقق البعيدة نسبيا عن وسط مدينة علي منجلي، والتي باتت على مشارف عين اسمارة، هي الأكثر طلبا بالنسبة لمحدودي الدخل والباحثين عن سكن لا يتجاوز ثمن تأجيره المليونين ونصف سنتيم، فيما يبقى الشرط الأول هو دفع مبلغ الكراء مقدما لمدة سنة، على الأقل، نظرا للعدد الهائل للباحثين عن مأوى بعيدا عن الأكواخ القصديرية والبيوت التي تضمُّ العائلة الكبيرة، حيث تعتبر محدثتنا علي منجلي المقصد رقم واحد بالولاية لمكتري المنازل. وقال صاحب وكالة عقارية أخرى، سألناه بخصوص أسعار بيع الأراضي في المدينة الجديدة، بأنَّ هذا الأمر صار ضربا من الخيال، فلم تتبقّ قطعة واحدة بالقرب من التجمعات السكانية والوحدات الجوارية، معروضة للبيع، مضيفا أن أقلها سعرا، بيعت منذ أعوام بأزيد من مليار سنتيم، مضيفا أنه توجد حاليا عروض لأراض بعيدة نسبيا لا يقل ثمن المتر الواحد منها عن 10 ملايين سنتيم، وهو مبلغ منطقي، حسبه، مقارنة مع أسعار العقارات المماثلة التي تباع «عرفيا»، وهي أراضي الشيوع والورثة والتي كانت مساحات فلاحية، أو مهملة، ولم يتمّ إدراجها في مخططات مسح الأراضي. سكنات اجتماعية للبيع ب 400 مليون و»آف 4» تصل المليار! وجَّهنا سؤالنا مجدّدا لمسيرة الوكالة عن أسعار بيع العقارات، ومنها الشقق، بالمدينة الجديدة علي منجلي، وهنا أخبرتنا أن هناك شققا استفاد منها أصحابها في إطار السكن الاجتماعي معروضة للبيع، وفق طريقة «الوعد بالبيع» و «البيع بالمفتاح» فقط، دون تمليك، حيث يتراوح السعر بين 300 و380 مليون سنتيم، وهي بأعداد هائلة وتزيد يوميا العروض الخاصة بها من طرف المستفيدين، وهو أمر غير قانوني لكنه موجود، تضيف المسيرة، فيما يقبل زبائن على الشقق الاجتماعية التي استفاد أصحابها مؤخرا من قانون خاص يتيح لهم البيع، و يشمل من مُنِحت لهم السكنات قبل سنة 2003، حيث يقدّر متوسط بيع الشقة المتكونة من غرفتين ب 340 مليونا، و يبدأ من 440 مليون سنتيم لذات الثلاث غرف. وقفز سعر الشقق على مستوى بعض الوحدات الجوارية القريبة من وسط المدينة الجديدة علي منجلي، ومنها «أوبيالاف» وبن صالحية، كما تعرف بين الوكالات العقارية وساكني المدينة، إلى مستويات خيالية، حيث يصل ثمن سكن بغرفتين بالموقعين المذكورين، إلى 600 مليون سنتيم، ولدى استفسارنا عن السبب وراء ذلك، أجابت المسيرة بالقول «عوض شراء شقَّة عبر وعد بالبيع وإمكانية التعرض للخداع، أو خسارة مبالغ لا تقلُّ عن 30 مليون سنتيم، كل عام، و تسديد مقدم الكراء، فإنَّ الكثيرين أصبحوا يفضلون العيش مع العائلة الكبيرة و اقتصاد هذه الأموال ، رغم الصعوبات، وحتى استلاف بقية المبلغ، من أجل شراء شقة مهما كانت ضيقة ومرتفعة الثمن». عمليات بيع وكراء في المقاهي و قد بلغ سعر الشقق ذات ثلاث وأربع غرف بمواقع ذات سمعة طيبة بعلي منجلي، المليار سنتيم، بل وتجاوز هذا المبلغ، ومقارنة مع هذا الثمن، فإن أصحاب وكالات يتوقعون أن سعر الكراء أيضا سيرتفع، تلقائيا، حسب قانون العرض والطلب البسيط و المتعارف عليه بين المواطنين، كون الزبون وصاحب الشقة متعاملان عاديان لا يحتكمان لقانون واضح بهذا الخصوص. خالد محمد و هو صاحب مكتب للأعمال ووكالة عقارية، بوسط مدينة قسنطينة، قال إن هذه المهنة تتعرض للقرصنة، على حد تعبيره، و ذلك من طرف دخلاء لا همَّ لهم سوى الربح السريع وأخذ الأموال من مكتري الشقق والبائعين وأصحاب العقارات، حيث تعمل هذه الفئة بالمقاهي والشارع، دون ضمان حقّ الطرفين، فيما يتعرض أصحاب الوكالات والمكاتب النظامية للضغوط والغرامات المالية، وغيرها، مشيرا إلى أنُّ الوكالة أحسن طريقة لتقريب صاحب العقار والمكتري، وفق عقد يخطُّه، قانونا، الموثق المعتمد. ف/ خ نائبة رئيسة الفدرالية الوطنية للوكالات العقارية بوروبة وردة أسعار العقار بالجزائر من بين الأغلى في العالم شقق لا تتعدى قيمتها 600 مليون تُباع بمليار سنتيم ترى نائبة رئيسة الفيدرالية الوطنية للوكالات العقارية، وردة بوروبة، أنَّ العقار بالجزائر يشهد تجاوزات لا مثيل لها، وتداخلا في الصلاحيات والقوانين، إلى جانب عدم تنظيمه، مؤكدة أن الحلّ يكمن في مراسيم إجرائية قالت إنها ستنهي الفوضى، في حال قامت بها وزارة السكن وبقية الشركاء، خاصة الوكلاء العقاريّون والموثقون. و ذكرت السيدة بوروبة أنه يوجد سلم عالمي واضح ومعروف لدى جميع المتعاملين في هذا المجال، يُمكن من خلاله تحديد ثمن أيِّ عقار سواء كان شقة أو فيلا، مع الأخذ بعين الاعتبار مكان تواجدها والتعديلات بخصوص الشقق، لكنّ هذا الأمر لا يحترم تماما في الجزائر، فنجد سعر شقة متكونة من 3 غرف يتجاوز المليار سنتيم، وهو في الحقيقة لا يتعدى 600 مليون، على الأكثر، في أحسن الأماكن رفاهية وتحضرا بقسنطينة، مثلا، لو طبِّق السلم العالمي. ويتجاوز العقار في بلادنا أسعار المنازل ببلدان سمعتها عالمية وسياحية من الدرجة الأولى، على غرار إسبانيا وتركيا، التي لا يزيد ثمن الشقق بها عن 750 مليون سنتيم في أرقى الأحياء، كما أن فيلات على شكل قصور ببلاد الأندلس تباع بذات السعر تقريبا، لكنها تكلف الملايير في الجزائر، تضيف بوروبة. وقالت المكلفة بالاتصال والعلاقات العامة بالفيدرالية المذكورة، إنَّ وزارة السكن قادرة على حلِّ الإشكال نهائيا، عبر تبني مجموعة من الإجراءات والقوانين التي تلزم الشاري والمكتري بالمرور عبر الوكالات العقارية، كونها الرقم واحد في تنظيم هذا المجال، مضيفا أنه وبعد الاتفاق، ينجز عقد يحرره الموثق ويمضي فيه صاحب الشقة والعقار، وكذا الوكالة والموثق، وفي حال غياب أحد هذين الأخيرين، يكون العقد مخالفا ولاغيا بشكل آلي. وانتقدت محدثتنا عدم تطبيق القوانين والحرص على إتمام الإجراءات السليمة لدى عملية البيع والشراء، وحتى الكراء، بين الأطراف المعنية، ما جعل أصحاب العقارات اليوم يفرضون منطقهم وسعرهم على الشاري أو المكتري، وتعليق الإعلانات بالمقاهي والشوارع والمحلات، ما خلق فوضى كبيرة في مجال الوكالات العقارية، دون معاقبة للفاعلين، وأضافت بوروبة «بتنا نرضخ للمنطق الخاطئ للبائعين والشراة في بعض الأحيان، حتى أمام اقتناعنا بأنَّ الإجراء خاطئ، ولكن ما نفعله يساير الواقع وحتى تستمر المهنة رغم كل التحفّظات». وعدّدت نائبة رئيسية الفيدرالية الوطنية للوكالات العقارية في اتصال بالنصر، جملة المخالفات التي تقع في هذا الصدد، مؤكدة عدم احترام قوانين المهنة وفرض أسعار خيالية للعقارات، وكذا تواطؤ بعض الموثقين بتسجيل بيع شقة أو فيلا بغير سعرها الحقيقي، تهربا من الضرائب، دون نسيان عدم حضور الوكيل العقاري في العملية، نهائيا، وهو ما جعل هذا المجال يغرق في المخالفات ويجعل العقار بالجزائر من بين الأغلى في العالم، رغم انخفاض الدينار والنقائص الأخرى.