باريس تعترف رسميا بأن التدخل العسكري في ليبيا "استثمار" برّر وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبي أول أمس التكاليف المرتفعة التي تدفعها بلاده كفاتورة لتدخلها العسكري في ليبيا والبالغة مليون أورو يوميا، بالقول أنها "استثمار للمستقبل". اعتراف جوبيه الذي جاء في تصريح لجريدة "لوباريزيان"، يعد الأول من نوعه لمسؤول غربي سام، يكشف الغطاء عن الأهداف الحقيقية التي دفعت البلدان الكبرى إلى التدخل بقواتها في ليبيا بأنها ليست لنصرة المعارضة و إسقاط نظام القذافي الذي تعاملت معه طيلة عقود، بل طمعا في اقتسام ثروات ليبيا والظفر بأكبر قدر منها من خلال التموقع لنيل حصة الأسد من النفط الليبي، على اعتبار أن الثروات الليبية تمثل متنفسا للبلدان الأوربية في ضّل الأزمة الخانقة والركود الاقتصادي الكبير الذي يهدّدها، وفي هذا الصدد فمن المقرّر -حسب جوبي- أن يقوم كل من الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون بزيارة طرابلس قريبا كما سيعرجان على بنغازي ومصراتة. ومع عودة قطاع النفط في ليبيا للعمل مرة أخرى والذي كان ينتج حوالي 1.6 مليون برميل يوميا، فإن كبرى الشركات النفطية الأوربية على غرار "إيني" الايطالية،"ريبسول" الاسبانية و"توتال" الفرنسية، و"بي بي" البريطانية، ستحاول الفوز بأكبر عدد من صفقات التنقيب عن النفط، لكن أشد تنافس يبرز بين مجمّع "إيني" الايطالي الذي يسعى للاحتفاظ بموقعه كأكبر منتج للنفط في ليبيا، ومجمّع "توتال" الفرنسي الذي من المقرّر أن يحظى بمعاملة تفضيلية من الحكومة الجديدة في طرابلس، نظرا للدور الكبير والقيادي الذي لعبته باريس في الحملة العسكرية التي قادها "الناتو" منذ مارس الماضي. وقد أكد مسؤولون في المجلس الانتقالي للمعارضة في وقت سابق أن الدول التي شاركت في الضربات العسكرية على ليبيا، ومن بينها بريطانيا وفرنسا وقطر سوف يتم "مكافأتها"، وستحظى بمعاملة تفضيلية في صفقات النفط وإعادة الإعمار، وذلك على حساب دول أخرى عارضت التحركات الدولية ضد القذافي، مثل روسيا والصين والبرازيل. من جهة أخرى، يشير العديد من الملاحظين إلى المكاسب السياسية التي يرغب الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي في تحصيلها من خلال استثمار الوضع في ليبيا، سيما وأن استطلاعات الرأي كانت قد أظهرت تراجع شعبية الرجل الأول في الاليزيه لدى مواطنيه الفرنسيين، ويؤكد هؤلاء المراقبون أن ساركوزي يهدف بالدرجة الأولى إلى محو الصورة السيئة للدبلوماسية الفرنسية في عهده وتأييده غير المشروط لنظامي حسني مبارك وزين العابدين بن علي، فضلا عن محو صورة الاستقبال الكبير الذي أقامه للقذافي عام 2007، كما أن مساندة المعارضة الليبية ومساعدتها في مساعيها لإسقاط نظام القذافي لا يمكن إلا أن تظهره بمظهر القائد القوي وتساعده في الاستحقاقات الانتخابية المقبلة على مقعد رئاسة الجمهورية. هشام-ع