الآفلان والأرندي وجها لوجه بعد غد بدأ العد العكسي لانتخابات التجديد النصفي لأعضاء مجلس الأمة التي ستجري بعد غد السبت في 48 ولاية، وسط صراع واضح ومحموم بين الغريمين حزب جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي، المرشحان للفوز بغالبية المقاعد على الرغم من تقدم العديد من الأحزاب والأحرار لهذا الاستحقاق. وإذا كان التجمع الوطني الديمقراطي قد حاز على أكبر عدد من المقاعد في آخر انتخابات من هذا النوع في ديسمبر من سنة 2015 ولو بفارق قليل جدا، فإن الآفلان عازم هذه المرة على العودة بقوة، وهو ما يستشف من خطابات قيادة الحزب في الأسابيع الأخيرة، خاصة ما قاله معاذ بوشارب منسق هيئة تسيير الحزب يوم الاثنين الماضي خلال لقاء له بمنتخبي العاصمة من أنه لا يجب أن يذهب ولا صوت واحد من أصوات الحزب لمترشح آخر غير مرشحه. وعلى الرغم من أن القيادة الجديدة للحزب العتيد ما فتئت تؤكد في كل مناسبة أن الحزب سيفوز في هذا الاستحقاق دون شك، إلا أن الواقع يقول إن الصراع سيكون محتدما مع غريمه التجمع الوطني الديمقراطي الذي رمى هو الآخر بكل ثقله في هذه المعركة الانتخابية، وقد أعطى الأولوية في ذلك لأصحاب المال وذوي النفوذ من مناضليه حتى يتمكنوا من الإلمام بكل خيوط اللعبة التي تفرضها مثل هذه الاستحقاقات. لكن التجارب السابقة أثبتت أن منتخبي التجمع الوطني الديمقراطي أكثر انضباطا من نظرائهم في حزب جبهة التحرير الوطني، هذا الأخير الذي ما تزال الصراعات الداخلية تمزق صفوفه في العديد من الجهات، بفعل ترسبات السنوات السابقة التي عرف فيها شرخا هيكليا لم يعرفه من قبل، لتبقى لعبة التحالفات في متناول كل من يتقنها. وفي المجموع فإن الآفلان هو الحزب الوحيد على المستوى الوطني الذي قدم مرشحين له في 48 ولاية، يليه التجمع الوطني الديمقراطي بمرشحين في 46 ولاية، وجبهة القوى الاشتراكية في 8 ولايات، وهناك أحزاب أخرى قدمت مرشحين عنها في بعض الولايات على غرار حركة مجتمع السلم والتجمع من أجل الثقافة والديمقراطية وحركة المواطنين الأحرار، كما تقدم المنتخبون الأحرار أيضا في بعض الولايات بمجموع 41 مرشحا. وحسب الأرقام التي قدمها وزير العدل حافظ الأختام الطيب لوح قبل أسبوع فإن 23 حزبا سياسيا تقدموا لهذه الانتخابات، بمجموع 206 ملفات تم قبولها من طرف الهيئات المختصة، من أصل 232 ملف ترشح قدمت لها في بداية الأمر. وسيشرف على علمية الانتخابات حسب وزير العدل دائما 736 قاضيا عبر 72 مكتب انتخاب موزعة عبر كامل ولايات القطر الوطني. ويتمتع الآفلان في الوقت الحالي بأغلبية بسيطة داخل الغرفة العليا للبرلمان حيث يحوز على 48 عضوا، مقابل 43 عضوا لغريمة التجمع الوطني الديمقراطي، أما المعارضة فهي ممثلة بنائبين فقط عن جبهة القوى الاشتراكية، ويحوز الثلث الرئاسي على 48 عضوا هو الآخر، مع الإشارة إلى أن الأرندي كان قد فقد عضو له بسبب الوفاة. وكانت الجهات الإدارية قد أسقطت ثمانية مرشحين للأرندي في بداية الأمر أعادت منهم اثنان فقط بعد الطعن، بينما أسقطت مرشحا واحدا فقط للآفلان. وواضح الآن أن الصراع سيكون كبيرا بين مرشحي الأرندي المتكئين على المال والنفوذ بالدرجة الأولى وعلى قاعدة انتخابية منضبطة وبين مرشحي الحزب العتيد الذي اعتمد على الشباب، وعلى المال أيضا في بعض الولايات وعلى شبكة التحالفات، علما أن العديد من المنتخبين المحليين كانوا قد التحقوا بصفوف الآفلان مباشرة بعد الانتخابات المحلية الأخيرة في نوفمبر من العام الماضي وهو ما يزيد من حظوظه في كسب أصوات إضافية.