منذ عقود طويلة ظل جبل البوشاق، المطل على مدينة حمام دباغ بقالمة، يشكل غابة كثيفة من أشجار الضرو و الريحان و «الزبوش» و النباتات البرية الأخرى، و ظل مكانا موحشا تسكنه الكائنات البرية من طيور و حيوانات، لكن حاله تغير اليوم، و صار جبلا من نوع آخر يثير الدهشة و الفضول، و يبرز قوة الطبيعة و سخائها، و قدرتها على تغيير مكوناتها، فهو الآن جبل التين الشوكي الذي بدأ يتشكل بشجرتين على منحدر صخري حاد، و تحول اليوم إلى غابة جديدة من التين الشوكي تتوسع بسرعة و تكتسح مزيدا من مساحات الضرو و الريحان، في تحول مثير للدهشة و التأمل. لم يغرس أحد من البشر شيئا في هذه الغابة الجديدة من التين الشوكي، فالطبيعة وحدها أنجزت المهمة و شكلت هذا الجبل المثمر في غضون سنوات قليلة، و غيرت طبيعة جبل البوشاق الذي يعد بمثابة حاجز طبيعي لسد بوحمدان الكبير. قال عمال السد و سكان القرية الصغيرة التي تنام على ضفافه الزرقاء، بأن التين الشوكي أو «الهندي» كما يطلق عليه المواطنون، بدأ ينمو هنا بسرعة في السنوات الأخيرة، و لا يعرفون كيف انتشر بكل هذه السرعة ليحتل مزيدا من غابات البوشاق، معتقدين بأن الحيوانات و الطيور التي تتغذى على هذه الفاكهة الخريفية اللذيذة ، ربما تكون هي العامل الرئيسي المتسبب في نمو مزيد من أشجار التين و انتشارها، و هذا إلى جانب الأمطار و الرياح التي تنقل بذور الفاكهة التي تسقط على الأرض في نهاية الخريف، و عندما تجتمع عوامل التربة و الرطوبة و الحرارة ، تتحول هذه البذور إلى شجيرات صغيرة تنمو بسرعة، و تتحول إلى أشجار منتجة لإحدى أجود الفواكه الموسمية بالجزائر و حوض المتوسط. و قد تحول جبل التين الشوكي على ضفاف سد بوحمدان، إلى مورد اقتصادي للعديد من سكان المنطقة الذين يتوقعون أن تتوسع غابة التين الشوكي خلال السنوات القليلة القادمة و تزيح من طريقها أشجار الضرو و الريحان و نباتات برية أخرى، ظلت تنمو هناك منذ عقود طويلة. و يتربع جبل البوشاق على مساحة 23 هكتارا تقريبا، و ترتفع أعلى قمة فيه نحو 450 مترا عن سطح البحر، و هو يتوسط 3 أقطاب سكانية، هي مدينة حمام دباغ و قرية السد و قرية الراقوبة، و يعد جبل التين الشوكي الذي ظهر للوجود في غضون سنوات قليلة، بمثابة الخط الحدودي الفاصل بين بلديتي حمام دباغ و بوحمدان. و تخضع المنطقة لمراقبة مستمرة، نظرا لتواجد منشآت إستراتجية بها، مما أدى إلى تراجع الحركة و ابتعاد رعاة البقر عن جبل البوشاق، و هو ما ساعد على نمو الحياة البرية بكل مكوناتها النباتية و الحيوانية، و ربما يعد هذا أيضا من بين العوامل الرئيسية التي ساعدت على ظهور جبل التين الشوكي و توسعه باستمرار، مشكلا مصدرا للعيش و ظاهرة إيكولوجية جديدة، تدعم بيئة سد بوحمدان التي تواجه تحديات مناخية و ديموغرافية مثيرة للقلق.