أسدل الستار قبل أيام، على فعاليات الطبعة 52 لمعرض الجزائر الدولي، الذي عرف مشاركة محلية و أجنبية واسعة، إذ شهدت أروقة قصر المعارض الصنوبر البحري، إنزالا اقتصاديا وسط استحسان الأجانب لمستوى ونوعية المشاركة و خيبة أمل المتعاملين الجزائريين من شح الطلب على مختلف المنتجات عدا الحرفية التي استعرت الاهتمام ، بينما شهدت أجنحة التذوق تدافعا كبيرا بلغ حد المشاحنات. معرض الجزائر الدولي، الذي جرت فعالياته في الفترة الممتدة بين 19 و 23 جوان الجاري، سجل حضور 20 دولة أجنبية، بالإضافة إلى مئات المتعاملين الجزائريين . وجاءت الطبعة تحت شعار «التنويع الاقتصادي و فرص الشراكة المرتقبة»، و تميزت بحضور مكثف للمنتجين المحليين فاق كل الطبعات السابقة، حيث عرفت مشاركة أكثر من 500 عارض جزائري في مختلف التخصصات، على غرار الصناعات الميكانيكية و الإلكترونية و الغذائية و الحرف و مجالات أخرى، نافست منتجاتها ما عرضه متعاملون أجانب مثلوا 20 دولة، و نزلوا بكل ثقلهم في المناسبة التي تعتبر فرصة لربط شراكات جديدة و إبرام اتفاقيات للتوسع والتطوير. النصر، زارت الفضاء وقفت على التنوع الكبير في المنتجات، خصوصا الصناعية الثقيلة من مركبات و حافلات و شاحنات و آلات تصنيع، خصصت لها الساحة الرئيسية للمعرض، بغرض إبراز حجم التنوع الاقتصادي الموجود، و الذي لا يقل شأنا عن الثراء الثقافي الذي عكسته أروقة العرض الخاصة بالحرفيين المحليين و الأجانب ، وهي فضاءات شكلت الاستثناء من حيث الإقبال و الحركية التجارية، بالنظر للعدد المعتبر من الزوار الذين ترددوا عليها. استطلعنا آراء عدد من العارضين الدائمين، بخصوص فعاليات هذه الطبعة، فخلص جلهم إلى التأكيد، على أن حجم الٌإقبال كان ضئيلا جدا مقارنة بالطبعات السابقة، التي وصفها جزائريون وأجانب بالخيالية، فحسب السيد ديمان شريف، صاحب شركات لصناعات الشوكلاطة و البسكويت، فإن عددا قليلا فقط من المواطنين زاروا المعرض منذ افتتاحه و حتى خلال نهاية الأسبوع التي جاءت مخيبة جدا للآمال. مواطنون يتنزهون و آخرون يصطادون التخفيضات على غير العادة، لم نلاحظ هذه السنة، تلك المظاهر الصادمة للتسوق الجنوني للجزائريين الذين يغادرون المعرض عادة محملين بشتى أنواع السلع أو يتنقلون بين أروقة العرض و هم يجرون عربات تفوقهم طولا، إذ اكتفى الزوار بمشتريات قليلة بينما كان الغالبية يتجولون في الفضاء حاملين قصاصات إشهارية لا غير،وقد علق الكثيرون على الوضع بالقول، بأن القدرة الشرائية للمواطن منهارة في هذه الفترة تحديدا، فبعد شهر رمضان و عيد الفطر، لم يتبقى للأسرة الجزائرية ما تنفقه، وهو ما رجح كفة النزهة في المعرض على حساب التسوق، و حتى المنتجات الكهرومنزلية، التي كانت تسجل أكبر نسبة مبيعات في كل طبعة، لم ينجح عارضوها في استقطاب اهتمام الزوار، ما عدى فئات قليلة من الفضوليين، وقد فسر السيد أحمد الذي كان حاضرا هناك، الأمر بالقول، بأن بعض هذه الشركات تعرض منتجاتها بأسعار تفوق الأسعار المتداولة في السوق، و هو ما نفر الزبون و جعله يكتفي بالمشاهدة فقط، بالمقابل ركز زوار آخرون على اقتناص فرص التخفيضات و ابتاعوا منتجات معينة دون غيرها. وحتى المنتجات واسعة الاستهلاك، عرفت أيضا تراجعا في الطلب، بالرغم من أن أروقة عرضها كانت وجهة أولى لزوار المعرض خصوصا ما تعلق بالمواد الغذائية و مواد التنظيف، وهي منتجات عرضت إقبالا معتبرا للمواطنين الذين شدتهم العروض التي قدمتها مختلف الشركات، خاصة فيما يتعلق بالتخفيضات. الحرف تصنع الاستثناء جناح الحرف و الصناعات التقليدية، شكل الاستثناء إذ عرف إقبالا معتبرا بفضل تنوع السلع و البلدان التي شاركت بمنتجاتها التقليدية خاصة المصنوعة يدويا مثل الألبسة و الرخام و الحلي و المفروشات و الصناعات الجلدية، و هي منتجات شدت الجزائريين و الأجانب الذين سجلوا حضورا ملفتا هذه السنة، معتبرين المناسبة فرصة للحصول على قطع فنية أصلية بأسعار معقولة. خلال جولتنا لاحظنا، بأن الجزائريين يحبون كثيرا طاولات التذوق و الزوايا الإشهارية الخاصة بالمواد الغذائية، فهي الفضاءات الوحيدة التي عرفت كثرة الزوار و تدافعا و مشاحنات وملاسنات سببها في الغالب قطعة جبن صغيرة أو قارورة ماء معدني مجانية، وحسب عارضين كثر، فإن هذه السلوكيات أصبحت جزء من ديكور المعرض السنوي، إذ تعودوا عليها في كل طبعة، وباتوا يعرفون بأن هنالك من يقصدون المعرض خصيصا من أجل طاولات التذوق المجانية، أو عروض الطبخ المباشرة التي تنظمها شركات صناعة المطابخ الجاهزة أو مؤسسات الأجهزة الكهرومنزلية. الغبار و الحصى يحاصران حرفيي الجزائر خلال جولتنا بين أجنحة المعرض، لفتت انتباهنا تلك الخيام البيضاء المنصوبة في الجهة السفلى من المعرض، و التي تبين لدى زيارتنا لها، بأنها مخصصة لحرفيين جزائريين يعرضون منتجاتهم وسط الغبار و الحصى، و تحت درجات حرارة فاقت الثلاثين، وهي ظروف انتقدها الحرفيون المقدر عددهم ب30 فردا، تابعين لغرفتي الصناعات التقليدية و الحرف بتيزي وزو و تيبازة، مؤكدين بأنهم دفعوا مبلغ 3 ملايين سنتيم كرسوم للمشاركة، لينصدموا بظروف وصفوها بالسيئة و قالوا بأنها حالت دون وصول الزوار إليهم، و تسببت في تلف منتجاتهم.كما تحدث الحرفيون، عن تعرضهم للتهميش و التمييز مقارنة بغيرهم من العارضين ، قائلين بأنهم وضعوا عمدا في فضاء هو في الأصل حظيرة لركن السيارات.