يحتفي الحراك الشعبي، غدا الجمعة، بمرور عام كامل، على خروج الشعب الجزائري، في مسيرات سلمية، للمطالبة بالتغيير، ليتمكن في أقل من عام، من تغيير نظام حكم، عمر لعشرين سنة متتالية، وقد تجسد نجاح الحراك، بفضل إصرار الجزائريين على السلمية، والأكثر من ذلك بفضل الأخوة والتلاحم، اللذين ميزا مرافقة القيادة العليا للجيش الوطني الشعبي، لمختلف أطياف الشعب، فكان النجاح من خلال تنظيم أول انتخابات رئاسية، تحت إشراف سلطة وطنية مستقلة للانتخابات، وانتخاب الرئيس عبد المجيد تبون، الذي قرر أمس، إعلان يوم 22 فيفري يوما وطنيا. الحراك الشعبي، يكون غدا، قد أتم عامه الأول بحصيلة إيجابية لمسار نضالي سلمي بامتياز، صنع الاستثناء وأعاد عبر 53 أسبوعا من التظاهر الحضاري تحت حماية الجيش الوطني الشعبي قطار الجزائر إلى سكته الصحيحة وأنقذ الدولة الوطنية. الشعب الجزائري صنع الاستثناء، من خلال حراكه، بالمقارنة، مع الثورات التي سبقته إليها، بعض الشعوب العربية، على غرار سوريا ومصر وليبيا، أو التي جاءت بعد الحراك الجزائري، مثل السودان والعراق، وقد تجسد الاستثناء، في عدم سقوط أي ضحية خلال المسيرات الشعبية، التي تكررت خلال كل جمعة، منذ 22 فيفري 2019، عبر كافة ولايات الوطن، رغم محاولات الاختراق والتآمر التي كشفتها وجابهتها مختلف المصالح الأمنية بقيادة الجيش الوطني الشعبي. فقد كشفت المديرية العامة للأمن الوطني، في حصيلة لنشاطاتها لسنة 2019، أن مصالحها قامت بتأمين المسيرات الشعبية بكل احترافية وكفاءة وخبرة عالية لحماية المتظاهرين، وأنه تم خلال هذه المسيرات توقيف 223 شخص أجنبي من مختلف الجنسيات تسللوا داخل المسيرات الشعبية سواء بحسن نية أو لأغراض أخرى، وقد تم إطلاق سراح أغلبية الموقوفين من الأجانب، فيما تم طرد 24 منهم وإحالة 10 آخرين على القضاء. ويظهر الاستثناء أيضا في اللحمة الوطنية التي توطدت بين الجزائريين في مواجهة مخططات داخلية وخارجية، تجسد البعض منها علنا، على غرار خطوة البرلمان الأوروبي، التي اصطدمت بهبة شعبية ورسمية منقطعة النظير تمكنت من إفشالها. وكان رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، المنتخب عبر اقتراع شعبي، يوم 12 ديسمبر الماضي، قد دعا الحراك الشعبي، مباشرة بعد انتخابه رئيسا للجمهورية، إلى حوار جاد، من أجل جزائر «لا يظلم فها أحد، تحارب الفاسد والفاسدين»، كما تعهد بالعمل على إنصاف كل من ظلم من طرف العصابة. ويتم العمل حاليا على تجسيد مطالب الحراك، بداية بمشروع عبر تعديل الدستور، إذ نصب الرئيس تبون فور توليه مهامه لجنة خبراء مكلفة بصياغة مقترحات مراجعة الدستور، وقد انتهت هذه اللجنة من صياغة مقترحاتها وشرعت في مناقشة الأفكار التي جاءت بها بغية التوصل إلى صياغة تقنية وقانونية لها. وستعرض المسودة الأولى من الدستور، على رئيس الجمهورية وبعدها على المجتمع المدني والأحزاب والرأي العام ووسائل الإعلام لتتم مناقشتها وإثراؤها، ثم تعود تلك الاقتراحات والأفكار إلى لجنة الخبراء مجددا التي بدورها ستجري بعض التعديلات والإضافات، قبل عرض المسودة على البرلمان وبعدها على الاستفتاء الشعبي. وقد تعهد الرئيس تبون مؤخرا، باستكمال تحقيق مطالب الحراك، مشيرا إلى أن «هناك مطالب تحققت وهناك ما يتحقق آنيا وهناك آفاق سياسية أخرى»، مشددا على «تجسيد كل المطالب المتعلقة بتعديل الدستور والقوانين وتعديل جذري لأسس الديمقراطية في الجزائر وبناء ديمقراطية حقة ومحاربة الإقصاء بكل أوجهه ومحاربة الفساد وأخلقة المجتمع». ق.و/واج