- الجزء الثالث من عاشور العاشر سيكون جاهزا في رمضان القادم uمنتجون يقدمون أعمالهم مجانا وممثلون دون تكوين يكشف، جعفر قاسم المخرج و المنتج الجزائري، في هذا الحوار، مع النصر عن تفاصيل الجزء الثالث المنتظر من سلسلة عاشور العاشر، أين يعكف منذ أشهر على كتابة السيناريو بالاشتراك مع كتاب آخرين، للخروج كما قال بعمل في مستوى تطلعات المشاهدين، مشيرا إلى إشراك 12 ممثلا جديدا في السلسلة التي ستبث في رمضان القادم، مرجعا سبب غيابه عن الإنتاج الرمضاني لعامين متتاليين، إلى انشغاله بتصوير و إنتاج فيلم هيليوبوليس، و تفضيله التريث كقاعدة لإنتاج عمل في المستوى بدل الارتجال و التسرع. - أجرى الحوار : عثمان بوعبدالله بداية توجه انتقادات حادة لما يعرض من برامج تلفزيونية في رمضان هذا العام، فما رأيك؟ لا أستطيع أن أدلي برأيي في الأعمال المعروضة عبر القنوات، لأنني مخرج و منتج و بالتالي لا يمكن أن انتقد من ينافسني، و علي أن احترم ما يقدم، كما أننا في ظرف خاص و استثنائي يتزامن و وباء كورونا، لذا فلكل عمل ظروفه و كل منتج له حججه . تعوّد المشاهد على متابعة أعمالك وانتظارها بشغف كل عام، فما سر غيابك عن الإنتاج الرمضاني لعامين متتاليين؟ ربما هو غياب عن تقديم الجديد في شهر رمضان، لكنني أشتغل دائما، حاليا أعكف على كتابة سيناريو الجزء الثالث من سلسلة عاشور العاشر، وكان لدي فيلم سينمائي مطول اسمه (هيليو بوليس) يتحدث عن أحداث 08 ماي 1945 بقالمة و سطيف لكن في الفيلم ركزنا أكثر على الأحداث التي وقعت في قالمة وبالضبط بمدينة هيليوبوليس، التي قمنا بالتصوير فيها، فالعمل أخذ منا الكثير من الوقت، حيث شرعنا في التصوير منذ 2018 والمونتاج والتحميض وكل ما يتعلق بتوضيب العمل بدأ السنة الفارطة وتزامن كل ذلك مع الحراك، لذا لم نتمكن من تقديم مسلسل أو منتوج تلفزي في رمضان هذا العام، وذلك حرصا على ذوق المشاهد، حيث لم يكن لدينا الوقت الكافي لتحضير سيناريو في مستوى سلسلة عاشور العاشر، وهذا نابع أيضا من تجربتي و ايماني أن السيناريو المحترم لأي انتاج تلفزيوني يتطلب على الأقل ستة أشهر إلى ثمانية أشهر وقد يصل لمدة عام حسب المضمون سواء كان العمل فكاهة أو دراما،السيناريو يتطلب وقتا و التحضير والتصوير يأخذان وقتا أيضا،لذا لم نتمكن من الخروج بإنتاج في مستوى تطلع المشاهد الجزائري لهذه السنة . بمعنى أن أي انتاج و مهما كان، يحتاج إلى عمل متكامل ودقيق بعيدا عن الارتجالية، عكس ما نشاهده في بعض الأعمال؟ الإنتاج التلفزيوني أو السينمائي عمل متكامل، يتطلب ميزانية كبيرة، و لابد أن تكون لديك قناة تلفزيونية أو ممول ليدعمك، و حتى إذا كان المشروع جاهزا، لا نترك للممثلين والفنانين مكانا للارتجال لأن كل الأمور مضبوطة من الديكور إلى الاضاءة و اختيار زوايا التصوير و كذلك النص، فنحن نتعب للخروج بسيناريو و حوار مضبوط، لكن في بعض الأحيان نترك بعض الحرية للممثلين الأكفاء لتطعيم المشهد بما يعطي إضافة للعمل، وتنحصر هذه الحالة على بعض المشاهد بنسب تتراوح بين 05 إلى 10 بالمائة،و ليس 90 بالمائة! على ذكرك للتمويل شاهدنا في عديد الأعمال والحلقات أنك تقحم بعض الومضات الاشهارية لمنتجات أو خدمات في المسلسلات،هل هذا راجع إلى نقص التمويل؟ على كل حال، لو نشاهد المسلسلات التركية والمصرية فالومضات الإشهارية تطغى على المشاهد، لأنهم هم من يمولون المشاريع، نحن كمنتحين همنا و مشكلنا من يمول المنتوج، فلا ننسى أن الإنتاج الخاص لا يمول بالمال العمومي، ما عدا الإنتاج الموجه للتلفزيون الجزائري بقنواته الست ، لكن القنوات الخاصة والمنتجين بشكل خاص بحاجة إلى البحث عن موارد، و ( السبونسور) من خلال عقد اتفاقيات مع مؤسسات و شركات مختصة مثلا في التغذية أو متعاملي الهواتف النقالة، ولا يخفى على الجميع أن المنتج ولكي يضمن الجودة، يصبح لزاما عليه توفير ميزانية ضخمة لمشروعه، ما يدفعه إلى الاستعانة بالممونين وهم يضعون شروطهم لتمرير ومضات إشهارية متفق عليها، سواء قبل أو بعد العمل أو أثناء مشاهد المسلسل، لكن الأهم أن الومضات لا يجب أن تأخذ حصة الأسد، أو أن تؤثر على أحداث المسلسل بل يجب أن تكون متناغمة معها، كما يتوقف ادراجها من عدمه على نوعية المسلسل و العمل في حد ذاته، إن كان فكاهيا أو دراميا أو سينمائيا . لديك تجربة في الخارج، بحكم اشتغالك في قنوات أجنبية و احتكاكك بمنتحين و مخرجين كبار، برأيك ما الذي ينقص الإنتاج الجزائري حتى بلغ هذه الدرجة من السطحية و الضعف بشهادة النقاد و المشاهدين؟ لا أعتقد أن المشكل ينحصر في المنتجين و المخرجين، بل هو من الأساس،لا توجد استراتيجية و سياسة واضحة من الدولة، فيما يتعلق بكل ما له علاقة بالإنتاج السمعي البصري و السينمائي، و لا بد للجهات الوصية و الدولة أن تعطي الفرصة و تهتم بمجال إنشاء مراكز و مدن الإنتاج التلفزيوني و مدارس و معاهد للتكوين ...لغاية اليوم نعاني من نقص في مهندسي التصوير والصوت والتقنيين وكتاب السيناريو في الدراما و الفكاهة، و هذا ما يتسبب في المهازل التي نشاهدها، فأنا تكونت في الجزائر منذ زمن، لكن اليوم لا توجد مراكز و لا معاهد للتكوين، و هذا سبب ضعف الإنتاج التلفزيوني و السينمائي . و ماذا عن معهد السمعي البصري بأولاد فايت و معاهد الفنون الجميلة؟ لا أعتقد أنها بقيت تكون التقنيين، وحتى و لو تخرج منها تقنيون فبعدد لا يكفي ، كما أن التكوين المتخصص و طويل المدى يلعب دورا في مثل هذه التخصصات المهمة في فن التصوير و الاضاءة و الصوت و حتى الديكور. ميدان العمل صعب جدا، و يحتاج لتكوين متخصص و دقيق على أعلى مستوى، و لا بد من انشاء معاهد متخصصة ، بعقد اتفاقية بين وزارة التكوين المهني و وزارة التعليم العالي، لتكون الشهادات الممنوحة جامعية و معترف بها و من معاهد متخصصة، مثلها مثل المعاهد التي يتخرج منها الأطباء و المهندسون، حتى تمنح لهم امكانية لدخول عالم الشغل في القنوات التلفزيونية و مؤسسات الإنتاج التلفزي و السينمائي، في القطاعين العمومي و الخاص، لو نحصي في الجزائر سنجد حوالي 200 شركة إنتاج، لكن لا توجد مدرسة تكوين للفنانين و الممثلين، و نكتشفهم في أغلب الحالات بتنظيم مسابقات الانتقاء العشوائية(الكاستينغ)أي أن أغلبهم يدخل عالم التمثيل بالارتجالية و من دون تكوين . ربما هذا السبب الذي يدفع بالمنتجين إلى اللجوء لتقنيين و مخرجين أجانب و من تونس على وجه الخصوص، ما رأيك؟ حتى المنتجين لا توجد لديهم المؤهلات،و علينا أن نطرح تساؤلات من أين أتوا و كيف دخلوا المجال ، معظمهم كانوا يشتغلون في مجالات أخرى و اقتحموا عالم التمثيل،فيمكن لأي كان أن يضع سجلا تجاريا حاليا لإنشاء شركة انتاج، وإذا كانت لديه علاقة مع أصحاب القنوات الخاصة، فلا يهم حسب ما هو ملاحظ على الساحة الفنية،إن كان ذلك المنتج قد تلقى تكوينا أو على الأقل اطلع على أساسيات الإنتاج و لا توجد لديه المؤهلات لمعرفة الدراما والكوميديا، أو كيف تنتج و لذلك وصلنا اليوم لهذه الصورة و المستوى الهابط في الإنتاج التلفزيوني. و للنهوض بالقطاع و الإنتاج التلفزيوني الجزائري، على الجهات الوصية و الدولة قبل كل شيء، أن تبني الاستراتيجية و تضع الأساس و سنعمل و نجني الثمار بعد سنتين أو ثلاث سنوات، حاليا نلمس نية من قبل الوزارة وحتى الرئيس الجديد لديه نية في التغيير الشامل و النهوض بواقع السينما و الثقافة بشكل عام، و نحن نأمل أن يجسد هذا الخطاب على أرض الواقع، و يستمر حتى يسهل لنا انشاء معاهد التكوين التي يمكن أن تفتح من طرف الخواص، و ليس بالضرورة معاهد عمومية، أو على الأقل تنظيم و إقامة ورشات تكوينية لستة أشهر، حاليا نحاول الاستعانة ببعض التقنيين ولا ندري حتى أين تم تكوينهم، أغلبهم هواة، يشارك بعضهم كمساعد الصوت أو الصورة، و منهم من تضع فيهم الثقة إلى أن تصدم في النهاية بعمل بدون معنى، و اللافت أنهم و منتجون من أمثالهم يقدمون أعمالا و تحظى بالموافقة و تعرض على المشاهد في رمضان و منهم من يقدمون أعمالهم بالمجان. نعود لسلسلة عاشور العاشر في جزئها الثالث، هناك من يقول إن التصوير تأخر بسبب الحجر الصحي وكان من المفروض أن تعرض في رمضان هذا العام لكنها تأجلت، فأين وصلتم في هذه السلسلة؟ عاشور العاشور أخذت صدى كبيرا، و فيه طلب متزايد عليها من قبل الجمهور حسب الأصداء التي تصلنا، لذا كمنتج أحاول أن أعطي للعمل قيمته الحقيقية في الجزء الثالث، لكي يكون في مستوى أو أفضل من الجزء الثاني، و هذا يتطلب وقتا، ليس من عادتي أن أقدم الأعمال المستعجلة و الارتجالية، و الحجر الصحي بدأ في شهر فيفري و نحن نعمل منذ سنة 2019 ، أين شرعنا في كتابة السيناريو منذ أشهر، فحتى لو لم يكن مشكل الوباء لم يكن بوسعنا إنتاج العمل لرمضان هذا العام و هو مبرمج لرمضان القادم. هل ننتظر مشاهدة وجوها جديدة في الجزء الثالث؟ طبعا، ستكون فيه وجوه جديدة، مع الاحتفاظ بأغلب الممثلين المشاركين في الجزأين السابقين، سيكون حوالي 12 ممثلا من الجيل الجديد معروفين، و بعضهم كان في انتاجات أخرى سيدخلون في حلقات الجزء الثالث. تحدثت من قبل عن انشغالك بفيلم هيليوبوليس، من هم أبطال العمل؟ الممثل الرئيسي هو عزيز بوكروني و مهدي رمضاني و سهيلة معلم إلى جانب آخرين و ممثلين أجانب. قلت إنه يدور حول مجازر الثامن ماي، فهل هو فيلم تاريخي؟ لا، هو فيلم خيالي مستوحى من أحدث حقيقية في مجازر 08 ماي 1945 التي وقعت بقالمةوسطيف، القصة تحكي عن حقبة من معاناة الجزائريين من سنة 1940 إلى غاية 08 ماي 1945، و تتناول يوميات الجزائريين في تلك المرحلة مع المستعمرين، و تعرج أيضا على جوانب سياسية وبالأخص الجوانب المتعلقة بنضال وكفاح فرحات عباس، و فرنسا التي دعت الجزائريين إلى الاندماج في صفوفها و المشاركة في الحرب العالمية الثانية، مقابل نيل الاستقلال لتظهر في الأخير أنها أكبر خدعة. نخرج قليلا من أجواء العمل، لنتعرف على جعفر قاسم الإنسان و رب العائلة، كيف تقضي يومياتك في هذا رمضان الذي تزامن و جائحة كورونا ؟ أقضيها كأي مواطن جزائري، بين المنزل و الواجبات ، استغل فترة الحجر الصحي لكتابة السيناريو، أين نتبادل الآراء ونأخذ الوقت الكافي في الكتابة و تعديل النقائص و إثراء الحوار. نفهم من كلامك أن كتابة السيناريو مشتركة ؟ نعم، في الأعمال الفكاهية عادة ما اعتمد على الكتابة المشتركة، نكون مجموعة من أربعة أو خمسة كتاب، نختار من بينهم صحفيين و ممثلين و سينمائيين، فكل يسهم برأيه و من زاويته، لنضع الفكرة العامة، وبعدها نشرع في تبادل الآراء ونقتبس أيضا من الأحداث الاجتماعية و السياسية لدمجها في السيناريو، حتى نطور العمل و نجعله متماشيا مع الحياة العامة و يوميات المشاهدين. ما الذي تفضله على مائدة الافطار و كيف تقضي سهرات رمضان؟ هذا العام، لا توجد سهرات، أبقى مع عائلتي وأولادي و كما تعلم نحن محرومون من الخرجات بسبب الحجر الصحي، فأصبح لزاما علينا البقاء في البيت، و هو ما نستغله في مشاهدة الأفلام أو القراءة، دون أن نقصر في حق العائلة و الأولاد. أما عن الجزء الثاني من السؤال فأنا لست من النوع الذي يتردد كثيرا على المطبخ، اكتفي بشراء جميع المستلزمات، و أحب طبق المثوم كثيرا، وما أتمناه أن نتجاوز هذه الجائحة في أقرب وقت و بأقل الأضرار.