نظمت أمس، جامعة عبد الحميد مهري قسنطينة2، بالتنسيق مع دار المقاولاتية، يوما دراسيا حول التجربة النسوية في مجال التسيير، تحت شعار «تبادل التجارب بين الإطارات النسوية، الجامعة و المحيط الاقتصادي و الاجتماعي»، حيث تحدثت سيدات من مختلف المجالات المهنية عن تجاربهن، مؤكدات بأن المرأة لا تزال مطالبة بالكفاح أكثر لإثبات ذاتها، كما أنها ملزمة بتقديم أكثر من دليل واحد على كفاءتها المهنية، لتتمكن من افتكاك منصب مسؤولية. كما طرحت المشاركات في اللقاء الذي احتضنته كلية التكنولوجيات الحديثة للمعلومات، إشكاليات تتعلق بالنظرة الدونية للمرأة في بعض المجالات المهنية، مشيرات إلى أنها نظرة يشترك فيها المواطن البسيط مع المثقف و الباحث، على حد وصفهن. اللقاء استهل بمداخلة قدمها مدير جامعة عبد الحميد مهري عبد الوهاب شمام، قال فيها بأن هناك كثيرا من النساء لا يزلن ضحايا رواسب بعض العادات و التقاليد التي تحبس المرأة في خانة ضيقة، و تحد من طموحها، بالمقابل فإن ما حققته الكثيرات في الجامعات الجزائرية، تحديا حقيقيا لكل العقبات، كما عبر، بما في ذلك الذهنيات المحدودة، بدليل أن المرأة تتقلد اليوم مناصب مسؤولية ذات وزن و أهمية، بما في ذلك عمادة الكليات و إدارة المخابر البحثية. من جانبها تحدثت نائب مدير الجامعة المكلفة بالعلاقات الخارجية إلهام قيطوني، عن واقع النساء في مواقع القرار، مشيرة إلى أن مساهمتهن لا تزال ضعيفة، بالنظر إلى محدودية حظوظهن في الوصول إلى هرم السلطة على مستوى المؤسسات الاقتصادية و الاجتماعية، و حتى العالمية ، و ذلك على صعيد عالمي و ليس محليا فحسب، مضيفة بأن الإشكال يطرح أيضا في ما يتعلق بالتمييز في الرواتب بين الرجال و النساء. أما عميد كلية التكنولوجيات الحديثة للمعلومات و الاتصال البروفيسورة زيزات بوفايضة، فقد تطرقت إلى موضوع تأنيث الأسماء المهنية مثل «باحث، باحثة و دكتور، دكتورة»، عند تحديد صفات المستخدمين على مستوى المؤسسات ، مشيرة إلى أن هذا الموضوع يعتبر من بين علامات التمييز بين الجنسين في المجالات المهنية على اختلافها، إذ يشار عادة إلى مسؤول المصلحة أو العميد أو الباحث بصفة المذكر عموما، حتى وإن تعلق الأمر بمنصب تشغله سيدة، و قالت، بأن هذا الجدل لا يزال مثارا في فرنسا على سبيل المثال، رغم وجود مرسوم قانوني صدر سنة 2006 يقر إلزامية تأنيث الصفة المهنية. كما ذكرت المتحدثة ، بأنها رغم كفاءتها كانت مطالبة بالعمل أكثر في كل مرة و الانتظار لسنوات، حتى تمكنت من تقلد منصب مسؤولية، عكس الرجال الذين يتمتعون بامتياز أكبر ، في ما يخص افتكاك المراكز السيادية، وهو واقع لا يمكن إنكاره ، على حد تعبيرها، كما لا يمكن إنكار حقيقة أن النساء لا يزلن إلى غاية اليوم، يتخبطن في مشاكلهن القديمة، بما في ذلك العنف النفسي و الجسدي الممارس ضدهن و انعدام المساواة في الحقوق بينهن وبين الرجال، رغم أن كل الدراسات الحديثة تؤكد ، كما قالت، بأن المشاريع النسوية تصنف باعتبارها الأنجح و الأفضل عالميا، خصوصا في مجال المقاولاتية، كما أن غالبية النساء المقاولات تملكن مستويات علمية أرفع من الرجال. و قدمت مثالا عن أهمية مساهمة العنصر النسوي في الجامعات الجزائرية ، و تحديدا في كليتها التي تحصي 34 دكتورة بين 77 شخصا حاملين لذات الشهادة. و عرجت المتحدثة أيضا خلال حديثها، إلى موضوع المسؤوليات المضافة التي تقع على عاتق المرأة، باعتبارها ربة بيت و زوجة وأم، و هي واجبات ترفع مستوى تحديات النساء وتصعب مهمة تقدمهن مهنيا في نظرها، لأن أي خطوة تتطلب دراسة و قد تستدعي الكثير من التضحيات. نفس الفكرة شاطرتها سيدات أخريات شاركن في اليوم الدراسي، و قدمن لمحات عن تجاربهن الخاصة، من بينهن مسؤولة الاتصال والعلاقات العامة بالوكالة الوطنية لدعم و تنمية المقاولاتية نور الإيمان فيصلي، التي سردت مسارا مهنيا ملهما لطالبة و سيدة استطاعت أن تفرض نفسها في مجال صعب، و أن تنافس زملاءها الرجال و تقدم الكثير من خلال استعدادها للعمل في ظل ظروف صعبة داخل المؤسسات العقابية و في المناطق المعزولة و البعيدة، حيث أكدت المتحدثة بأن جانبا من الفضل يعود لزوجها الذي كان لها سندا. أما هدى مزهود، مديرة مؤسسة مصغرة لخدمات السمعي البصري، فقد شبهت تجربة المرأة في عالم المقاولاتية، بالسباحة رفقة الحيتان، لأنه مجال يتطلب التزاما كليا وتضحيات كبيرة على الصعيد الاجتماعي. و بالنسبة لمديرة مخبر تاريخ التراث و المجتمع الدكتورة نادية حرة، فإن العمل في مجال الآثار و التراث، تحد حقيقي بالنسبة للنساء، سواء على الصعيد الأكاديمي أو الميداني، فالمرأة تواجه نظرة دونية من قبل بعض الرجال، بمن فيهم باحثون وجامعيون لا يزالوا يرفضون فكرة قيادة سيدة لفريق بحث أو للجنة علمية، كما أن المجتمع يميل، حسبها، للتقليل من دور النساء ميدانيا، حتى أن هناك مواطنين يعرقلون أعمال التنقيب و البحث و يصعبون مهمة إنهائها، لأنهم لا يفهمون فكرة عمل المرأة على مشروع مماثل في منطقة نائية و غير