4000 أستاذ جديد في الجامعات    بداية عملية نقل الأساتذة    غزة: استشهاد 100 فلسطيني منذ فجر يوم الأربعاء في قصف صهيوني متواصل على القطاع    كرة القدم/ترتيب الفيفا: المنتخب الجزائري في المركز ال38 عالميا    سجّاتي ومولى يبلغان نصف نهائي ال800 متر    هذا جديد الأطلس اللساني الجزائري    اجتماع مجلس السلم والأمن الإفريقي: الجزائر تدعو إلى التسريع لصياغة الموقف الإفريقي المشترك لرفع التحديات المناخية في القارة    مجلس الأمن الدولي يصوت اليوم على "مشروع قرار" جديد بشأن غزة    سعيود ودربال في زيارة عمل وتفقد إلى ولاية البليدة    بداية الاحتجاجات في فرنسا وسط توقعات توقف وشلل في العديد من القطاعات    الاحتلال يستميت في قتل وجرح وترويع الشعب الفلسطيني    إرهابي يسلم نفسه للسلطات العسكرية    التكفل براحة المواطن و رضاه من أولى أولويات القطاع    مهمتنا حماية القدرة الشرائية وتوفير بيئة تجارية شفافة    البيض : هلاك 4 أشخاص وإصابة 4 آخرين    إيداع شخص الحبس المؤقت بتهمة ترويج المخدرات    إبادة صحيّة ممنهجة تقتضي تدخل دولي عاجل ج/1    اختتام فعاليات الطبعة 27 للأسبوع الوطني للقرآن الكريم ببومرداس    إقرار جملة من الإجراءات لضمان "خدمة نموذجية" للمريض    "لوجيترانس" لتسيير المعبر الحدودي "مصطفى بن بولعيد"    تعزيز التواصل بين المؤسّسة التشريعية وممثلي المجتمع المدني    التكفّل التام بضحايا حادثة عضّات الكلب بأم البواقي    مهرجان عنابة يكرّم لخضر حمينة ويخاطب المستقبل    فرنسا على موعد جديد مع "رياح خريف" الغضب    أشغال عمومية: جلاوي يعقد عدة لقاءات لبحث وضعية المشاريع الإستراتيجية الكبرى للقطاع    دعوة لترسيخ ثقافة السلام والتسامح في العلاقات الدولية    الصالون الدولي للصناعات الغذائية بموسكو: حركية مكثفة ولقاءات ثنائية بالجناح الجزائري    كرة القدم/رابطة ابطال افريقيا/الدور الأول التمهيدي (ذهاب): م.الجزائر و ش.القبائل في حملة السعي نحو استعادة المجد الافريقي    استعدادات نفسية وتربوية بعنابة    شاهد آخر على بشاعة وهمجية الاستعمار    110 ألف قنطار من البذور تم تحضيرها للموسم الجديد    دعوة لإعادة تكوين السواق وصيانة الطرقات للحد من حوادث المرور    سفير زيمبابوي في زيارة لجامعة باجي مختار    قانون الإجراءات الجزائية محور يوم دراسي    رعاية الأمومة والطفولة: التكوين المتواصل عاملا محوريا في تحقيق الجودة واليقظة المستمرة    الإعلام الافتراضي أحد الأدوات الرئيسة في الصراع العالمي    التناقض يضرب مشوار حسام عوار مع اتحاد جدة    بن سبعيني يتألق أوروبيا ويثير أزمة بسبب ضربة جزاء    "الألسكو" في الجزائر لبحث سُبل حماية تراث العرب    إحياء التراث بالحركة واللوحةُ رسالة قبل أن تكون تقنيات    بجاية: العثور على 120 قطعة نقدية من العصور القديمة    براهيمي ينتظر تأشيرة العمل لبدء مشواره مع سانتوس    زرّوقي يتفقّد المدرسة العليا للتكنولوجيات    خدمات جديدة لاقتناء التذاكر إلكترونياً    تحية إلى صانعي الرجال وقائدي الأجيال..    الرابطة الثانية هواة لكرة القدم/الجولة الثانية : فرصة لبعض الأندية للتأكيد ولأخرى للتدارك    المعرض العالمي بأوساكا: الجزائر تنظم ندوة علمية حول الاستراتيجية الوطنية لتطوير الطاقة المتجددة والهيدروجين    المهرجان الثقافي الدولي للسينما إمدغاسن: فيلم "نية" من الجزائر ينال جائزة أحسن فيلم روائي قصير    يعكس التزام الدولة بضمان الأمن الدوائي الوطني    تمكين المواطنين من نتائج ملموسة في المجال الصحي    انطلاق الحفريات العاشرة بموقع "رجل تيغنيف القديم"    حضور جزائري في سفينة النيل    صناعة صيدلانية : تنصيب أعضاء جهاز الرصد واليقظة لوفرة المواد الصيدلانية    أبو أيوب الأنصاري.. قصة رجل من الجنة    الإمام رمز للاجتماع والوحدة والألفة    تحوّل استراتيجي في مسار الأمن الصحّي    من أسماء الله الحسنى (المَلِك)    }يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ {    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الكاتب والباحث الأكاديمي الدكتور عيسى بخيتي للنصر: على المؤسسات المؤهلة أن تُخطط لمشروع ثقافي يرتكز على القيمة المعرفية للكِتاب
نشر في النصر يوم 14 - 03 - 2021


rالمناهج الحالية لا تشجع على فعل القراءة والمطالعة
تحدث الكاتب والأستاذ المُحاضر بالمركز الجامعي عين تموشنت، الدكتور عيسى بخيتي، في حواره مع النصر حول المناهج وأزمة المطالعة والقراءة، مؤكدا أنّ الخلل في تراجع المقروئية و تدني مستواها لا تتحمله المناهج التعليمية وحدها، بل المجتمع ككلّ يتحمل هذه المسؤولية، اِنطلاقًا من عصرنا المادي الّذي تزاحمت فيه الوسائل التكنولوجية الحديثة و ما تفرزه من لهوٍ وإدمانٍ و من زخم وفوضى غير مقيّدة.
حاورته/ نوّارة لحرش
وفي ذات الوقت يرى أنّ المناهج تُعاني من خلل على مستويات التنظير والتوظيف، لأنّها لم تراع الخصوصية، والواجب -حسب رأيه- أن تتكيّف مع الوضع الاِجتماعي و الثقافي وليس العكس، حتّى نضمن المبدأ على الأقل، و لا تنزل عند مستوى التفكير السلبي للمجتمع ولا تترفع عن خصوصية المجتمع في الآن نفسه، وألاّ تجعل من موادها حلقات للتجريب في وقت ضائع بنقل تجارب الأمم بحذافيرها نقلة عشواء، ضرها أكبر من نفعها. ولهذا يجب على المؤسسات المؤهلة أن تعطي الأهمية البالغة للكِتاب وتُخطط لمشروع ثقافي يرتكز على ما يتضمنه الكِتاب من قيمة معرفية تضمن الوفاق بين القارئ والكتاب.
. النصر: هل المناهج الدراسية المتعاقبة والمتتالية في الجزائر تُشجع على المطالعة والقراءة، و ما الأهمية التي يُشكلها المنهج؟
عيسى بخيتي: في اِعتقادي أنّ المناهج الدراسة الحالية في الجزائر لا تُشجع على المطالعة و القراءة، بل بالعكس، إنّ ما تشهده المنظومة التربوية و الجامعية على السواء، يُشير إلى أنّ هناك دفعًٌا كبيرا نحو هجر القراءة، و هذه المناهج التربوية المُطبقة حاليًا، عبارة عن شعارات مُقيّدة لا تُغني في وظيفتها شيئا ولا تستهدف أي جدوى، وما نُلاحظه ونحسّ به في الوقت نفسه، هو التراجع الرهيب في المستوى العلمي والمعرفي والثقافي، و ضآلة في درجة الاِستيعاب بشكلٍ كبير.. وعوضته بالأرقام بداية من التضخّم في نسب النجاح، فأضحت فيه المصداقية الهاجس الأكبر لهذا الوافد الّذي أريد له النجاح بالعنوة لا بالإرادة، كما أنّ الأستاذ لم يعد يهوى ويعشق وظيفته، بل أصبحت حرفة حتمية لسدّ العوز.. وبينه وبين أصحاب اليد العُليا في شقاق معلن أحيانا، ومضمر أحيانا أخرى.
ناهيك عن التواطؤ المحض بين التلميذ وأستاذه في طريقة إعداد البحوث، حيث أصبح البحث يُشترى جاهزا من محلات النت، مُخلفا عجزا ذهنيا وخمولا في الاِستيعاب والتحليل. وهذه السلبية ليست دعوة للتخلي عن تجديد المناهج، بل تجديدها مطلوب وشرطٌ لازم تماشيًا و مواكبةً لروح العصر وما عرفه من تحديات. إذن أين يكمن الخلل؟ حينها يجب أن نُراعي في المنهج أن ينطلق ويتأسس على مبدأ لا يشذّ عن ثوابت الأمة وأن يُراعي الخصوصية الثقافية لهوية الجزائريين ذات التاريخ العريق. وليس المسارعة إلى اِستيراد مناهج جاهزة خُلقت لبيئتها وثقافتها الغيرية من جهة والتي تتمركز على بيئة ثقافية راقية مؤهلة للتفاعل مع مخططاتها، ثم نطبقها على بيئة مخالفة ومختلفة أفقيًا وعموديًا.
.وماذا عن القراءة في الوسط المدرسي والجامعي؟ هل هذا الجيل من الطلبة و التلاميذ يُطالع حقًا وله علاقة وطيدة أو طيبة مع القراءة؟
مِمَا يُؤسف له أنّ فِعل القراءة في الوسط المدرسي والجامعي نسبته تؤول إلى الاِنعدام، مِمَا يُسبب قلقًا على مشروع النّخبة مُستقبلاً، فالتلميذ يكتفي بإتمام ما عليه من واجبات لأجل الاِمتحان، ثم هو مخوّل بعدها لمؤسسات الفراغ الاِجتماعي الّذي يأخذ أكثر من وقته.. إنّ هذا الجيل من الطلبة و التلاميذ ليست له علاقة بالقراءة أو هي ضئيلة جداً، لا تجعلنا نأمل فيها خيراً.. كما أعتقد أنّ الأهداف حسب المشاريع، إذا كنا نأمل في جيل قارئ، فإنّ علينا أن نتجنّد لمشروع يجعل من الطفل، فالشاب، مرتبطا بالكِتاب، كما أنّه في اِعتقادي (دائمًا) أنّ الكِتَاب له علاقة سحرية يفرضها على قارئه، فهو سهل التمكّن منه حينما يدرك القارئ قيمته، لذا يجب على المؤسسات المؤهلة أن تعطي -هي- الأهمية البالغة للكِتاب، وتُخطط لمشروع ثقافي يرتكز على ما يتضمنه الكِتاب من قيمة معرفية تضمن الوفاق بين القارئ والكتاب، بالإضافة إلى إمكانيات أخرى مُتاحة ومُتعدّدة لو صدق العزم، كاللجوء مثلاً، إلى اِستحداث منصب للمكونين في التنمية البشرية دائمين في كلّ المؤسسات التربوية، يقومون بحصص مستقلة في مجالات توعوية على مستويات مختلفة ومنها القراءة، كما يجب توفير الجو و البيئة المناسبتين، حتّى يتكيّف القارئ الجديد و تصير له القراءة عادة، والأهم من ذلك الدعوة إلى التحفيز من خلال مهرجانات للقراءة و الجوائز و الاِعتبارات المختلفة، وأن نُلزم التلميذ على التحضير الجدي، اِنطلاقا من الكِتاب (تحليلاً و تلخيصًا، وامتحانًا).
أمّا ما تشهده بعض المؤسسات تُجاه الكِتاب، فهي لا تقيم لما تدّعيه وزنا، بل تجعل من الكِتاب حصّة هامشية كغطاء لمشاريع سياسية لا تخدم الكِتاب ولا الثقافة، لأنّها لا ترعاه حق الرعاية، ولا تحتضنه اِحتضان الأم لولدها، فما دام هذا النفاق تُجاه الكِتاب الّذي يُشكّل الرمز المُقدس لدى جميع العلوم والمعارف عند جميع الأمم، فإنّه بات مفضوحًا أنّ تسييس الثقافة يُؤدي إلى قتلها، ولعلّ المُثقف هو الزبون الوحيد للكِتاب فإذا قُتلت الثقافة قُتل الزبون.
. هل هناك مناهج تساهم في تفعيل المطالعة كما يجب، وفي شحن وتحريض الحس القرائي لدى الفرد؟ وما الخلل الّذي يجعل المقروئية متدنية وفي تراجع مستمر، ما الخلل الذي تعانيه المناهج؟
في اِعتقادي أيضا أنّ الخلل في تراجع المقروئية وتدني مستواها لا تتحمله المناهج التعليمية وحدها، بل المجتمع ككلّ يتحمل هذه المسؤولية، اِنطلاقًا من عصرنا المادي الّذي تزاحمت فيه الوسائل التكنولوجية الحديثة وما تفرزه من لهوٍ وإدمانٍ ومن زخم وفوضى غير مقيّدة، إضافة إلى التفكير الأسري السلبي الّذي أصبح يخشى من الثقافة، وما يهمها (الأُسر) إلاّ نجاح أبنائها في مسارهم التعليمي مستثنى من كلّ إضافات ثقافية، وعدم السماح لرغبة وميول الأبناء في اختيار شُعَبهم التعليمية المتماشية مع طموحاتهم وفطرتهم، وصب ذلك في شُعَب بعينها تارة بحجة ضمان المستقبل، وأخرى بسبب الرتبة الاِجتماعية التي تحتلها هذه الوظائف أو التخصصات، وهو الّذي أخلط أوراق المجتمع وأصبح لدينا جيل غير مهتم ولا مبال فهو مفصوم ثقافيا.
وفي ذلك تُعاني المناهج من خلل على مستويات التنظير والتوظيف، لأنّها لم تراع الخصوصية، والواجب أن تتكيّف هذه المناهج مع الوضع الاِجتماعي والثقافي وليس العكس، حتّى نضمن المبدأ على الأقل، بحيث لا تنزل عند مستوى التفكير السلبي للمجتمع ولا تترفع عن خصوصية المجتمع في الآن نفسه، وألاّ تجعل من موادها حلقات للتجريب في وقت ضائع بنقل تجارب الأمم بحذافيرها نقلة عشواء، ضرها أكبر من نفعها.
. لماذا أزمة المطالعة متفشية في خارطة الفرد الجزائري/الطالب والتلميذ، هل هي أزمة مناهج، أم أزمة قراءة وشغف قرائي وكفى؟
بالنظر إلى ما آلت إليه القراءة والمقروئية من تفشي العزوف عند شريحة التلاميذ والطلبة، فقد نوهنا سلفًا لهذه الأسباب، و أمرها للأسف يتحمله المُتواطئون جميعهم اِبتداءً بالأسرة ثم المنظومة التربوية وبدائية التحكم في وسائل التكنولوجيا وغيرها من الأسباب الظاهرة والمضمرة، المباشرة وغير المباشرة. ونخلص بعد هذا إلى القول بأنّ أزمة القراءة نتيجة حتمية لما آل إليه الوضع الاِجتماعي والثقافي ثم عامل المناهج الّذي كان عليه أن يضبط العملية لصالح القراءة ببرنامج إلزامي يتماشى مع روح العصر وخصوصية التلميذ والطالب على حد سواء، وليس الاِرتجال المُجرّد من الأهداف.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.