سكان الحي تحركوا من أجلها.. تضامنا وسط مروج خضراء وأشجار كرز تغطي مساحة واسعة من منطقة الجلولية ببلدية الحامة بوزيان بولاية قسنطينة تعيش عائلة محرومة من أبسط ضرورات الحياة فقرا مدقعا داخل كوخ من الطين ، هو آخر خيط يربطها بهذه الأرض الزراعية التي عادت إلى مالكها . انعشتنا رائحة الأرض في نهار مشمس بعد عدة أيام ممطرة ، وخطواتنا تغوص في طينها الخصبة ، في طريقنا إلى مكان إقامة عائلة عيمر بوبكر التي اتصل بنا فاعل خير على أمل نقل معاناتها إلى المسؤولين من أجل أن يتحركوا لإنقاذها من البؤس الذي يجثم على أنفاسها منذ وفاة رب العائلة ومعيلها الوحيد. لم نصدق عندما وصلنا إلى المكان الذي دلنا عليه بعض المارة من سكان الجلولية أن تكون هناك أسرة فقيرة تعيش في هذه الأرض الفلاحية ، وكدنا نعود أدراجنا والبنايات المشيدة فوقها تدل على رفاه ساكنيها ، إلى أن أوقفتنا قريبة تقطن بجوارهم ، وقادتنا إلى بيتهم . وأمام كوخ تشققت جدرانه الطينية منزو عن الأنظار ، رصت بفنائه القصديري الصغير مجموعة من قارورات بلاستيكية مملوءة بالماء تم جلبها من العين العمومية المتواجدة عند مدخل أرض بن تشيكو يعود إلى عهد الخماسة ،لم يعد يربطه بالمالك الذي استعاد أرضه أي شيء ، وقفنا على مأساة عائلة تصارع ظروفا اجتماعية صعبة زادت وضعيتها الصحية المتدهورة من تفاقمها . وكم كانت صدمتنا كبيرة ونحن نتفاجأ برد ربة البيت التي سارعت إلى الإختفاء خلف الباب عندما رأتنا نقف على عتبته ، و حاولت دفعنا عندما اقتربنا منها للحديث معها ، حيث علمنا من جيرانها بأنها تقضي يومها في عزلة داخل الكوخ بسبب إعاقة الصمم التي ولدت بها ، و أن انقطاعها عن العالم الخارجي لفترة طويلة خاصة بعد وفاة زوجها أدى إلى حدة طباع ربطها من حولها بتدهور قواها العقلية. لكن العجوز تقوم بالإعتناء بإبنيها الشابين ، وتعد لهما ما تيسر من الطعام ، ولحظة دخولنا إلى الكوخ سارعت إلى غلق مفتاح موقد « الطابونة» الذي كان فوقه إناء ماء يغلي . وهي لا تؤذي جيرانها كما أكدوا لنا ، حيث تقضي يومها بمفردها في انتظار عودة ولديها من ورشات البناء وغيرها من الأعمال اليومية لدى الخواص التي يقتاتون من مردودها الهزيل ، وأحدهما حسب المعلومات التي تحصلنا عليها من السكان مصاب باختلال عقلي. وبؤس هذه العائلة كان أحد الأسباب التي حركت الشارع بحي الجلولية كما أكد لنا بعض السكان ، للمطالبة برفع الغبن عنهم ومنحهم سكن لائق ومصدر رزق يكفيهم شر الفاقة . فقررت بلدية الحامة بوزيان إدراجهم ضمن قائمة المستفيدين من إعانة الدولة لإقامة مسكن ريفي بقيمة 70 مليون سنتيم بتاريخ 2011/08/18 ، وسلمتهم قرار هذه الإستفادة يحمل رقم 315 ، اصطدم كما أخبرنا الجيران برفض صاحب الأرض إنجازه ، ليظل مجرد حبر على ورق يحمل ختما رسميا لا قيمة له . وفي انتظار حل هذا الإشكال الذي تعاني منه مثل هذه الإستفادات على أراض فلاحية متنازع عليها ، حيث أكد نائب رئيس البلدية المكلف بالشؤون الإجتماعية الذي اعترف بوجود هذا الرفض في مناطق أخرى ، بأن رئيس الدائرة قرر منح حق الإستفادة من القطع الأرضية التي يقطن بها المستفيدون من السكن الريفي استنادا إلى قانون الحيازة بالتقادم ، نقول للسلطات المحلية بأن هذه العائلة بحاجة إلى رعاية صحية واجتماعية عاجلة ، لمنع الأذى عنها ، وتخفيف وطأة الفاقة التي تجعل ربة هذه العائلة العجوز تكتفي بسلق حبات بطاطا يجود بها بعض المحسنين من أهل البر ، أو يبيتون جائعين فوق أرض كان يحرثها الآباء والأجداد لم تعد تمنحهم خمسا يسد رمقهم . صفية /ب تصوير:ع / عمور