فتحت عيني على أنامل أمي مخضبة بالطين قال إن صناعة الخزف مهنة مغرية تتطلب الموهبة والصبر لأن الطين والصلصال يكونان طوع أنامل تجيد فن الإبداع..أبواب الرزق فيها غير محدودة بحسب كفاءة الحرفي وشطارته وحتى محيطه..إنه الفنان رقيوع حسين الذي فتح عينيه ليجد والدته منهمكة في تمليس إناء طيني وتحف تزخرفها بألوان زاهية فكانت مدرسته الأولى.. التي قال أنه تعلم فيها أشياء كثيرة وما ساعده في ذلك ترعرعه في مدينة اشتهرت بصناعة الخزف منذ مئات السنين و انتشار (المياشر) بميلة القديمة التي كانت تزخر بالأفران التقليدية الخاصة بصناعة القرميد يؤكد وفرة المادة الأولية لهذه الصناعة التي تعتمد على نوعية خاصة من مادة الطين. وقال في الستينيات عندما جئنا إلى ميلة وجدنا عائلتين أو ثلاثة فقط من تحترف مهنة صناعة الخزف التي كانت في أواخر سخائها وعطائها لأن العائلات الميلافية لم تعد تهتم بها كثيرا لظروف مختلفة،وكانت الوالدة حرفية في مجال صناعة الخزف حيث استغلت هذه الظروف لمواصلة هذه الهواية من أجل إعالة أسرتها المتكونة من أربعة أطفال لأن الوالد توفي ونحن صغار، حيث نشأنا وكبرنا على هذه الحرفة التي وجدنا أنفسنا نمارسها ونحن أطفالا. مهنة مغرية والرزق فيها غير محدود ويرى أن هذه المهنة مغرية حقيقة إذا كانت كل الشروط متوفرة كالتشجيع وتهيئة مجال العمل فالحرفي يجد نفسه مجبر على تقديم منتوج مقبول سواء من الناحية الجمالية أو من الناحية التجارية ،حيث يبتكر تحفا تترك الزبون مفتونا بجماليتها وبالتالي ستكون محل طلب عليها وهذا يكون مشجع للعمل والمواظبة في تحسين المنتوج. وبخصوص نوعية المنتوج وخصوصيته يرى بأن الفخار يقترن بالعادات والتقاليد الخاصة بكل منطقة،وأنهم حريصون على التواصل مع هذه العادات لكسب ثقة زبائنهم و أن لمدينة ميلة خصوصية كغيرها من المدن الجزائرية التي تتميز بهذا المنتوج مثل منطقة القبائل ومداشر الأوراس حيث يمكن للزبون اكتشاف الطابع الخاص الذي تتميز به صناعة الفخار بميلة. صناعة الفخار بميلة لها طابع مميزعن منطقة الأوراس وعن مصدر المادة الأولية،قال أنها موجودة بوفرة في المنطقة في مكان يسمى»بونقوش»وهو غير بعيد عن مدينة ميلة لذلك فإنه لايجد أي صعوبة في الحصول عليها،ونوع آخر يأتي به من الميلية،وقال أنه يستعمل الطين الأحمر أكثر وهو متوفر بالمنطقة. أما بخصوص الظروف التي يعمل فيها قال أنه متواجد بمحل منحته البلدية من فترة طويلة لوالدته يوجد داخل ثكنة عسكرية قديمة،و أن جو العمل داخل هذا المحل غير لائق لضيقه من جهة وكذلك عدم توفره على الشروط الضرورية للعمل خاصة وأنه يحتاج إلى محل يكون واسع لأن الإنتاج الذي يتكدس يصبح معرض لكل الأخطار مع مرور الوقت،وقال أن البلدية لو تسمح للحرفيين بعرض منتوجهم في الفضاءات القريبة من المحيط العمراني سيساعدهم ذلك على ترويج هذا الإنتاج الذي قال أنه لايعرض سوى في المناسبات فقط. وعن الدور الذي يلعبه في هذا المجال قال أنه أنشأ سنة 2004جمعية تدعى(جمعية حماية الفنون التقليدية)وقبلها كان تحصل سنة88-89 على دعم مادي عبارة عن عتاد يقدر ب350مليون سنتيم من الإتحاد الأوروبي في إطار برنامج(ج.ن.0)2 لتجهيز ورشة بالمركز البيداغوجي للمعوقين بميلة خاصة بإنتاج المواد الخزفية. الحرفي حسين رقيوع قال إن الفضاء الثقافي الوحيد بميلة المعروف باسم دار الثقافة مبارك الميلي يحتضن دوريا إنتاج الحرفيين وذلك بالمناسبات المختلفة غير أنه يعتبر ذلك قليلا مقارنة بأهمية هذا النشاط الذي لازال وفيا للتراث المحلي الذي يعتبر نافذة على هذا الكنز الفني يتوارثه الأحفاد عن الأجداد.