نجح سهرة أمس المنتخب الوطني في اقتطاع تأشيرة التأهل إلى المربع الذهبي لمنافسة كأس العرب «الفيفا 2021» في نسختها الرسمية الأولى تحت مظلة الاتحاد الدولي، وذلك عقب فوزه على نظيره المغربي في قمة لقاءات ربع النهائي، في «ديربي» مغاربي وفى بكامل وعوده سواء من حيث الإقبال الجماهيري من الجانبين، أو الإثارة والتنافس فوق المستطيل الأخضر، مع اهتزاز الشباك في 4 مناسبات، على مدار 120 دقيقة، وهي المدة التي لم تكن كافية للحسم في هوية المتأهل، بل تم الاحتكام إلى ركلات الترجيح، والتي بفضلها حجز «الخضر» مقعدا في نصف النهائي، لملاقاة منتخب البلد المنظم قطر سهرة الأربعاء القادم بملعب الثمامة. المقابلة سارت منذ انطلاقتها على وقع اندفاع بدني كبير من الجانبين، مع ظهور معالم الصراع التكتيكي بين المدربين بوقرة وعموتة، بسعي كل طرف للاستحواذ على منطقة وسط الميدان، الأمر الذي جعل البداية حذرة، قبل أن تفرض العناصر الوطنية سيطرتها على مجريات اللعب، بالتوجه صوب منطقة الهجوم، بالاعتماد على خبرة الثنائي بلايلي وبراهيمي، ولو أن المدرب المغربي لجأ إلى فرض رقابة لصيقة على هذا الثنائي في محاولة لشل نشاط القاطرة الأمامية للنخبة الجزائرية. تواجد بلايلي تحت رقابة الحداد لم تحد من نشاطه في صنع اللعب، بالمراهنة على مهاراته الفردية العالية، والتي قدم على إثرها كرة على طبق إلى الشاب زروقي، لكن نقص خبرة مهاجم نادي بارادو حالت دون ترجمة الفرصة التي أتيحت، في أول ظهور له كأساسي في هذه المنافسة. مع مرور الدقائق احتدم الصراع في حدود الدائرة المركزية، على وقع اندفاع بدني كبير، قبل أن يأخذ المنتخب المغربي بزمام المبادرة، والتوجه نحو الهجوم، بالاعتماد على التوغلات على مستوى الرواقين الأيمن والأيسر، وقد كانت أخطر الفرص تلك التي صعنها رأس الحربة أزارو، إلا أن براعة مبولحي أبطلت مفعولها، لتشهد الدقيقة 26 أخطر فرصة للنخبة المغربية برأسية الكرتي، والتي اضطر من خلالها حارس عرين الخضر إلى إظهار كامل رشاقته لإنقاذ مرماه من هدف محقق. التشكيلة الوطنية كسرت ركودها الهجومي في الأنفاس الأخيرة من المرحلة الأولى، بصناعة بلايلي فرصة ثمينة، قدم من خلالها كرة إلى مزياني، غير أن هذا الأخير لم يحسن استغلال الفرصة التي أتيحت له، لتكون نهاية الشوط الأول بفرصة أهدر على إثرها براهيمي فرصة ثمينة لمنح الأسبقية في النتيجة للنخبة الجزائرية. «فيزيونومية» اللعب تغيرت مع بداية النصف الثاني من اللقاء، لأن المدرب بوقرة قام بتغيير تكتيكي، بإخراج المهاجم زروقي وتعويضه بلاعب الاسترجاع دراوي، مع تكليف بلايلي بالمهام الهجومية في منصب رأس حربة، وهو التعديل الذي ساهم في خلق مساحات في الدفاع المغربي، بدليل أن «الخضر» كانوا قادرين على تسجيل هدفين في الدقائق الخمس الأولى من الشوط الثاني، بالنظر إلى الفرصة الذهبية التي أهدرها مزياني، في الدقيقة 47، والتي نتجت عن تخلص بلايلي من الرقابة على الجهة اليمنى، وتقديمه كرة على طبق إلى مزياني، الذي وجد نفسه وجها لوجه مع الحارس المغربي الزنيتي، غير أنه فشل في هز الشباك، ليتكرر نفس السيناريو بعد ذلك بدقيقتين، مع تبادل الأدوار بين بلايلي ومزياني، إلا أن الحظ حال دون اهتزاز الشباك. الأفضلية التي اكتسبها «الخضر» كشفت عن ارتباك كبير في الدفاع المغربي، خاصة على مستوى المحور، مع غياب التغطية في الرواقين، وهو ما استغله بلايلي ليتوغل بمهاراته في منطقة العمليات، وسقوطه في الدقيقة 58 إثر احتكاك جسماني مع المدافع المغربي الشيبي أجبر الحكم البرازيلي ويلتون سامبايو على اللجوء إلى «الفار»، وقد أبانت تقنية الفيديو عن تعرض بلايلي لعرقلة، ليعلن الحكم عن ضربة جزاء للمنتخب الوطني، تولى تنفيذها براهيمي بنجاح، مفجرا فرحة هيستيرية في أوساط الجماهير الجزائرية التي كانت حاضرة بقوة في المدرجات. الفرحة بالأسبقية في النتيجة لم تدم طويلا، لأن رد فعل المنتخب المغربي كان قويا وسريعا، وقد تمكن من إعادة الأمور إلى نصابها بعد دقيقتين فقط، إثر تسجيل نهيري هدف التعادل برأسية محكمة، مستغلا غياب التغطية على مستوى القائم الثاني. هذا «السيناريو» جعل العناصر الوطنية تمر بفترة فراغ، وقد كاد على إثرها الطرف المغربي أن يقلب الموازين لولا براعة الحارس مبولحي، الذي تصدى ببراعة لكرة البديل البركاوي، لتستعيد التشكيلة الجزائرية توازنها مع مرور الدقائق، وقد تزامن إقحام بوتمان مع تسجيل انهيار نسبي في الجانب البدني للعناصر المغربية، وقد كان بوتمان قريبا من هز الشباك في الدقيقة 80 لولا نقص التركيز، كما أهدر فرصة ثمينة لتسجيل هدف التفوق في الدقيقة الأخيرة، إلا أن تدخل الحارس الزنيتي حرم «الخضر» من حسم الأمور في الوقت الرسمي للمباراة، لأن صافرة الحكم البرازيلي كانت على نتيجة التعادل، مما أجبر المنتخبين على الاحتكام إلى شوطين إضافيين. المرحلة الإضافية الأولى شهدت بدايتها ركون النخبة الوطنية إلى الدفاع، سعيا لتفادي الانهيار البدني، مما فسح المجال أمام المنتخب المغربي لخلق بعض الفرص عن طريق البديلين البركاوي ورحيمي، لكن دون تشكيل خطورة على مرمى مبولحي، قبل أن تعرف الدقيقة 101 نجاح «المايسترو» بلايلي في البصم على هدف «عالمي»، بتسديدة من على بعد 45 مترا استقرت في عمق الشباك، كونه لاحظ تقدم الحارس الزنيتي عن خط المرمى، فسدد مباشرة في الشباك، مفجرا فرحة عارمة في جناح الجماهير الجزائرية. الفشل في المحافظة على التفوق كانت ميزة النخبة الوطنية في هذه المواجهة الحاسمة، لأن الدقيقة 110 شهدت نجاح المنتخب المغربي في تعديل النتيجة من جديد، وبنفس الكيفية، حيث تمكن المدافع بانون من الوصول إلى شباك مبولحي برأسية محكمة، جراء سوء تعامل الدفاع الجزائري مع الكرات الثابتة للمنافس، وهو الأمر الذي حال دون الحسم في مصير تأشيرة التأهل بعد 120 دقيقة، لأن الاحتكام إلى ركلات الترجيح كان لأول مرة في «مونديال العرب». «السوسبانس» كان كبيرا في ضربات الحظ، بنجاح كل المنفذين في التسجيل، لكن مبولحي تصدى للركلة الرابعة التي نفذها اللاعب البركاوي، مما ألقى بمسؤولية كبيرة على عاتق توقاي، الذي وفق في التسجيل لتكون تأشيرة التأهل جزائرية.