«الباركور» رياضة شاقة تستقطب هواة الإثارة بقسنطينة تستقطب لعبة» الباركور» التي تعتبر من بين أخطر الرياضات الحديثة في العالم، عدد من هواة الإثارة في قسنطينة الذين يمارسون في أغلب الأحيان رياضات قتالية ك»الكينغ فو» و»الكاراتي»، و فوج الباركور «إيربان إكسبلوجن» بالمركب الجواري ببوالصوف التابع لمدرسة الباركور الشبه العسكرية بالولاية، التي تأسست سنة 2005 لتكون بذلك أول مدرسة معتمدة تعلم هذا النوع من الرياضات الحضرية الحديثة في الجزائر تضم بين صفوفها فتيات أيضا. و» الباركور» هي رياضة حضرية تعتمد على الخفة في التنقل عبر الحواجز و الطرقات في أسرع وقت ممكن و بدون إصابات جسدية، ظهر لأول مرة في فرنسا بفضل رجل الإطفاء دافيد بيل الذي كان يتابع تدريباته مع الجيش الحضري الفرنسي ثم انتقل للعمل في الإطفاء أين استخدم تدريبات و تقنيات هذه الرياضة في الإنقاذ و إطفاء الحريق، قبل أن يدخل عالم السينما من خلال فيلم «ياماكازي» الذي قدم هذه الرياضة لأول مرة قبل أن تعرف باسمها المتداول حاليا الذي أصبح يميز هذه الرياضة التي تجمع بين مهارات التنقل الفنية و بين خفة الجسد و المرونة، كما ارتبط اسمها فيما بعد بالحراقة الجزائريين و المغاربة الذين يعيشون في أوروبا في حالة هرب دائم من الشرطة و السلطات. تعرفنا على حقيقة ممارسة هذه الرياضة عن قرب من خلال فوج الباركور بالمركب الرياضي الجواري بوالصوف، الذي أنشأه مجموعة من هواة الإثارة و محبي رياضة «الجمباز» و «الكينغ فو»، وهو يجمع بين مختلف الفئات العمرية من الأطفال إلى الشباب الذين تصل أعمارهم إلى ثلاثين سنة، كما اخبرنا بلال حكم وطني في الفنون القتالية في الكينغ فو و مدرب الفوج، مؤكدا أن عدد الأشخاص الذين يمارسونها في قسنطينة يصل إلى 350 شخصا بالإضافة إلى واحد وعشرين فتاة تتراوح أعمارهن بين 15 و 21 سنة، يتوزعون على عدة أنواع من بينها « الفيووارينغ» يعتمد أكثر على حركات الجمباز التي تناسب الأطفال و الفتيات بفضل مرونة أجسادهم، و «الباركور نات» و هو أسلوب التنقل عبر الطرقات و مختلف الحواجز بأبسط و أسرع طريقة ممكنة و يستطيع حتى الكبار تعلمه بسرعة. مالك، طفل يبلغ من العمر 11 سنة التحق بفوج بوالصوف منذ حوالي 4 أشهر أخبرنا عن مدى إعجابه بهذه الرياضة الجديدة و المتميزة كليا عن الرياضات التي مارسها من قبل كالكرة الطائرة و الكاراتي: « لقد أحببت رياضة الباركور كثيرا و أريد الاستمرار فيها لأنها علمتني الكثير من المهارات التي أطمح إلى تطويرها من خلال التدريبات في القاعة و خارجها أيضا». و بالإضافة إلى التدريبات الخاصة التي يحظى بها الأطفال، يستفيد البراعم أيضا من العديد من الحصص الأخرى كالمنهجية الرياضية التي يتعلمون من خلالها بعض الأخلاقيات التي يتعهد بها الأولياء في التصريح الأبوي بعدم تنفيذ الحركات و التدريبات التي يمارسونها في الخارج مع أصدقائهم أو داخل أسرهم ، لما تشكله من خطورة عليهم و على أصدقائهم الذين قد يقلدونهم و يتعرضون هم أيضا لإصابات خطيرة. أما بالنسبة للكبار فالأمر مختلف لأنهم يكونون غالبا أكثر حماسا و اندفاعا مما يعرضهم أكثر لبعض الإصابات الطفيفة أثناء التدريبات خاصة خارج القاعة، و في الهواء الطلق كغابة و حظيرة جبل الوحش التي تعتبر الأنسب بالنسبة لهم بسبب توفر العديد من الحواجز فيها، كما قال لنا الشاب صدام حملاوي، 21 سنة يمارس الباركور منذ حوالي 7 سنوات، إلى جانب رياضة الكينغ فو التي ساعدته كثيرا في التدريبات: « بدأت رياضة الكينغ فو مبكرا في سن 13 سنة مع المدرب بلال في قاعة الدقسي، و معه اكتشفت هذه الرياضة من خلال أحد أصدقائنا الذي شارك في فيلم الياماكازي و هو الذي حدثنا عن الباركور و بدأنا في ممارسته منذ ذلك الوقت ثم التحقنا فيما بعد بفوج بوالصوف». بالنسبة لآدم ( 20 سنة) الباركور هو أمتع شيء يمارسه في حياته لأنه يستطيع من خلاله التعبير عن ذاته و إخراج كل طاقته بحركات رياضية ممتعة: « بالإضافة إلى التدريبات الأسبوعية في القاعة يومي الجمعة و السبت، أحيانا نذهب لنتدرب طيلة النهار بجبل الوحش في الغابة أو حظيرة التسلية، و من كثرة استمتاعنا بما نفعله لا نشعر بالوقت و لا بالتعب أبدا». كلثوم ( 23 سنة) هي الفتاة الوحيدة التي التقينا بها في فوج بوالصوف والذي التحقت به منذ حوالي سنة، فاجأتنا كثيرا بسبب إصرارها الكبير على تعلم كل الحركات الخطيرة و المغامرة التي يقوم بها زملاؤها الذكور: « أعجبتني رياضة الباركور لأنها تعلمني الشجاعة و روح المغامرة كما أنني أشعر بالغيرة من الشباب الذين يمتلكون مهارات أكثر مني و ينفذون الحركات بطرق أفضل و أحسن مني»، و أضافت أنه لا يزعجها أبدا أن تأتي إلى التدريب بمفردها كفتاة وحيدة ضمن المجموعة لأنها اعتادت على الأمر في تدريبات الكاراتي الذي ارتقت فيها إلى غاية الحزام البني خاصة أنها تتفوق على الشباب في الحركات التي تعتمد على المرونة و اللياقة البدنية. بسبب حركاتها السريعة و قفزاتها الاستعراضية التي لا تخلو من الخطورة، يكون الكثير من الناس فكرة خاطئة عن رياضة الباركور، و ينظرون إليها كوسيلة لتعلم كيفية تسلق الجدران و العمارات من أجل السرقة و الهرب دون ترك أثر، و الغريب في الأمر أن بعض الذين يرغبون في تعلمها يذهبون لقاعات التدريب بهذه النية كما أكد لنا كل من بلال و صدام و آدم، الذين أخبرونا أن هناك بعضا من زملائهم الذين صارحوهم بنيتهم في تعلمها، فانسحبوا مبكرا و لم يستمروا في التدريبات أو غيروا فكرتهم عنها و أصبحوا يمارسونها كرياضة تساعدهم على الاعتدال و الاستقامة من الناحية النفسية و الاجتماعية لا غير ،كما قال بلال : «يتضح في بعض الأحيان أن بعض المسجلين الجدد على المجموعة لديهم نية سيئة وراء تعلمهم للباركور، فنقوم في هذه الحالة بمحاولة توجيههم و تغيير خطتهم من الاتجاه السلبي إلى الإيجابي، من خلال تعلقهم بالرياضة كممارسة جسدية و أخلاقية دون أغراض سيئة، و قد نجحنا في الكثير من الحالات في نزع هذه الفكرة السيئة من عقولهم». ويحتاج الباركور إلى بدلة مناسبة يجب أن تكون عريضة و مريحة ليتمكن الرياضي من القيام بكل التدريبات و القفزات الخطيرة ، و خاصة الحذاء الخاص. أمينة جنان تصوير: الشريف قليب