تستعد كلية علوم الطبيعة والحياة بجامعة الإخوة منتوري في قسنطينة لفتح تكوين في طور الدكتوراه في تخصص المعلوماتية الحيوية خلال الموسم الدراسي الجاري بعد الحصول على موافقة وزارة التعليم العالي، حيث يعتبر الأول من نوعه عبر التراب الوطني، فيما احتضنت أمس ملتقى وطنيا حول المجال عرف عرض أبحاث جديدة بعدة جامعات. وسجل الملتقى الوطني حول التكنولوجيات الحيوية والمعلوماتية الحيوية مشاركة 146 متدخلا من جامعات وطنية مختلفة، حيث قدّموا 72 مداخلة مسموعة و74 مداخلة بالملصقات، كما عرف الملتقى مشاركة طلبة ماستر ودكتوراه ومتخرجين من الجامعة. وأشرف على افتتاح الملتقى رئيس جامعة الإخوة منتوري، شول بن شهرة، ومدير مركز البحث في العلوم الصيدلانية، البروفيسور عبد الحميد جكون، في حين صرحت لنا الدكتورة أمال ضافري المشرفة على تنظيم الملتقى الذي يأتي للمرة الأولى بعد عامين من التوقف بسبب جائحة كوفيد-19، أنه يستهدف إتاحة مجال للتبادل للطلبة الباحثين والأساتذة في المجالين المذكورين. وقدّم البروفيسور عبد الحفيظ حميدشي المداخلة الافتتاحية الأولى حول "دعم المعلوماتية الحيوية لمجال التكنولوجيات الحيوية: تصحيح أخطاء تسلسل الجينوم بنموذج ماركوف الخفي"، حيث قدم فيها تعريفا لإعداد التسلسل الجيني للجينوم والأخطاء المسجلة خلال العملية، ليتم تصحيحها بالاعتماد على نماذج رياضية وإحصائية ومعلوماتية حيوية. وأوضح البروفيسور في تصريح لنا أن الأخطاء في عملية إعداد التسلسل الجيني في التحاليل تؤدي إلى تبعات سلبية، خصوصا في استعمالاتها في المجال الطبي، لذلك شدد على ضرورة الدقة في التعامل معها، منبها إلى أن عدم مراعاة ذلك قد يؤدي إلى أخطاء في التشخيص، تحطم نفسية المريض. واعتبر محدثنا أن الجزائر تسير في طريق تبني المعلوماتية الحيوية، على غرار معهد باستور في العاصمة، فضلا عن بعض الجامعات التي أخذت تقتحم هذا المدخل، مشيرا إلى أن المعلوماتية الحيوية تتطلب توفير الآلات الخاصة بتحديد التسلسل الجيني، لكن محدثنا شدد على أن الجزائر قد وضعت إستراتيجية في المجال، إلا أن هذه التكنولوجيا متقدمة جدا، موضحا أنه من الضروري اقتناء أرضيات إعداد التسلسل الجيني وتكوين المشتغلين عليها، فالهدف يتمثل في الوصول إلى إعداد بنوك معلومات جينية وطنية. وقدم البروفيسور محمود قيطوني مداخلة حول التكنولوجيات الحيوية والجزيئات الحيوية ذات المنشأ الميكروبي، حيث تلاها نقاش حول الجوانب الأخلاقية التي تنطوي عليها الأبحاث في هذا المجال، في حين أشار المتدخل إلى أن جميع التكنولوجيات الحيوية تلتقي في الصناعة، معتبرا أنها دون تطبيقات فعلية لا تعني شيئا. وأضاف نفس المصدر المشكلة المطروحة في أبحاث التكنولوجيات الحيوية التي تحول إلى مشاريع استثمارية، تكمن في التمويل الذي يمثل حلقة محورية لنجاحها. وشمل النقاش سؤالا من طرف أحد الطلبة حول الكائنات المعدلة وراثيا وتبعاتها السلبية، حيث رد المتدخل بأن الاعتماد عليها يكون في الحالات التي تنعدم فيها خيارات أخرى. من جهته، ذكر عميد كلية علوم الطبيعة والحياة بجامعة الإخوة منتوري، البروفيسور العيد دهيمات، في تصريح للنصر، أن الملتقى الذي يستمر إلى غاية اليوم، يستهدف مناقشة مواضيع وأبحاث علمية تعتبر منصة للوقوف على تطور المعلوماتية الحيوية والتكنولوجيات الحيوية، كما أشار إلى أن القائمين على الملتقى يسعون إلى تثمين نتائج الأبحاث التي أجريت في المجالين وتبادل الآراء من حيث تقييم المعلومات والتجارب وتصويبها. تخصص جديد في الميكروبيولوجيا التطبيقية أما بخصوص مجال المعلوماتية الحيوية، فأوضح عميد الكلية أن فكرة فتح فروع تكوين في هذا المجال تعود إلى عام 2012، حيث شرع فيها بأقل عدد ممكن من الطلبة كتجربة أولى، لينطلق التكوين في موسم 2013-2014 أين كان عدد الطلبة يتراوح بين 25 إلى 30 وظل بنفس الوتيرة كل سنة، في حين فُتح التكوين في التخصص في طور الماستر بعد ذلك بعدد قليل في السنوات الأولى، بينما يتراوح عدد طلبة الدفعات في هذا التخصص اليوم ما بين 50 إلى 60 طالبا. ونبه محدثنا أن الكلية تسعى حاليا إلى فتح تكوين في طور الدكتوراه في تخصص المعلوماتية الحيوية، حيث قدمت مشروعا للوزارة الوصية وتنتظر حصوله على التأهيل ليتم تنظيم المسابقة وفتح التكوين فيه خلال الموسم الجاري. واعتبر نفس المصدر أن التكوين في المعلوماتية الحيوية هو الأول من نوعه على المستوى الوطني، لكنه أوضح أن جامعة عبد الحميد مهري قد سبقتها إلى استحداث مسار تكوين في الإعلام الآلي الحيوي، إلا أنه يركز بشكل أكبر على الإعلام الآلي، على عكس ما هو موجود في كلية علوم الطبيعة والحياة بالإخوة منتوري، أين يتم التركيز على ربط المعلوماتية الحيوية بالبيولوجيا في مجالات التغذية والصحة والبيئة وغيرها. وقال محدثنا أن الكلية تتبنى استراتيجية فتح تخصصات جديدة في كل سنة، حيث باشرت نظام ال"ألمدي" بأربعة تخصصات فقط في الليسانس، كما دخلت بعد ذلك بثلاث سنوات في طور الماستر بتخصصين فقط، لكنها تضم اليوم 14 تخصصا في مرحلة الليسانس و20 في طور الماستر، فضلا عن نفس عدد التخصصات تقريبا في طور الدكتوراه. ونبه نفس المصدر أن علوم الطبيعة والحياة تأتي بعد الطب وطب الأسنان والبيطرة من حيث الإقبال عليها من طرف حاملي شهادة البكالوريا الجدد، حيث كانت الكلية تستقبل في السنوات الأولى لإنشائها بين 500 إلى 600 طالب سنويا، لكنها اليوم أصبحت تستقبل أكثر من 1300 طالب جديد، فضلا عن المحولين من ميادين أخرى. وقد فتحت الكلية تخصص الميكروبيولوجيا التطبيقية خلال هذا الموسم أيضا. وعرضت المداخلات الملصقة التي وضعها الطلبة والباحثون في بهو قاعة 500 مقعد بيداغوجي، وشملت أبحاثا أجريت على مستوى جامعات قسنطينة، من بينها بحث بيوتكنولوجي حول سرطان الثدي أجري بالمستشفى الجامعي ابن باديس من طرف باحثين في مخبر البيولوجيا الجينية وعلم الجينات الجزيئي، إلى جانب دراسة حول تأثير الوزن الزائد على أمراض القلب والشرايين، حيث أجريت من طرف باحثين على مستوى مخبر بيولوجيا الخلايا والجزيئات بجامعة الإخوة منتوري، كما تضمنت دراسة منجزة في جامعة الإخوة منتوري بالتعاون مع البنك الوطني للجينات في تونس حول "تقييم التنوع الجيني لأصناف القمح اللين المزروعة في البيئات الجزائرية شبه الجافة بالاعتماد على التكرارات المترادفة القصيرة"، حيث أخذت عيناتها من المزرعة النموذجية بقسنطينة.