كشف وزير المجاهدين وذوي الحقوق، العيد ربيقة، أمس الاثنين، أن اللقاء الذي جمعه بكاتبة الدولة الفرنسية المكلفة بقدماء المحاربين والذاكرة، باتريسيا ميراليس، في الجزائر حول ملف الذاكرة '' كان مثمرا''. وأوضح ربيقة في تصريح حصري للنصر، على هامش ندوة تاريخية حول مظاهرات 17 أكتوبر 1961، بالعاصمة أن '' اللقاء الذي جمعنا بكاتبة الدولة الفرنسية المكلفة بقدماء المحاربين والذاكرة، باتريسيا ميراليس، خلال مرافقتها لرئيسة الوزراء الفرنسية، إليزابيث بورن التي قامت بزيارة إلى بلادنا مؤخرا (كان مثمرا)، حيث تم التطرق خلاله إلى مختلف النقاط المتعلقة بالعناصر المشكلة لملف الذاكرة، سيما ما تعلق منها باستكمال تسليم باقي جماجم المقاومين الجزائريين المتواجدة في متحف الإنسان بباريس، إلى جانب ملف الأرشيف، والكشف عن مصير المفقودين خلال ثورة التحرير، وأيضا ملف التفجيرات النووية الفرنسية. وأكد الوزير عن استعداد الجزائر للخوض في دراسة كل الملفات على حدة، والسعي لتشكيل لجان مشتركة من أجل الشروع في أقرب الآجال في دراسة تلك الملفات '' دراسة علمية تاريخية بحتة''، معربا عن يقينه بأن المسار يبدو ملائما الآن للخوض في دراسة هذه الملفات''. مظاهرات 17 أكتوبر 1961 كانت ردا عمليا مباشرا على محاولات عزل الثورة وكان وزير المجاهدين وذوي الحقوق قد أشرف على ندوة تاريخية موسومة ب " 17 أكتوير 1961..رمز التضحية و عربون وفاء للوطن" بالنادي الوطني للجيش ببني مسوس بحضور مستشار رئيس الجمهورية المكلف بالعلاقات الخارجية عبد الحفيظ علاهم وعدد من أعضاء الحكومة وإطارات الدولة ومجاهدات ومجاهدين وأساتذة وطلبة قسم التاريخ. وفي كلمة له، أكد ربيقة أن ما قامت به جبهة التحرير الوطني داخل تراب الاستعمار كان بمثابة الرد الاستراتيجي العملي والمباشر على المخططات المتعاقبة التي كانت ترسمها الدوائر الاستعمارية الحاكمة والتي من بينها محاولة عزل الثورة أو الادعاء بأن ما يجري على أرض الجزائر هي أعمال محدودة ومعزولة، معتبرا أن ذكرى يوم الهجرة المخلد لمظاهرات 17 أكتوبر 1961، هي مناسبة متميزة في مسيرة الكفاح الوطني وتضحيات الشعب الجزائري من أجل الحرية والاستقلال. وأبرز الوزير بأن هذه المناسبة، تذكر بالكفاح النوعي الذي خاضه الجزائريون المهاجرون في ديار الغربة، من أجل التمكين للقضية الوطنية ومناصرة ثورتهم التحريرية بالدعم وبالدم وبكل جهد يعزز الثورة التحريرية ويقوي عودها ويسمع كلمتها بالرغم من وجودهم في أرض العدو الذي قال أنه، لم يدخر خطة أو وسيلة أو مؤامرة إلا ووظفها وحرص على تنفيذها بكل ما لديه من قوة وإمكانيات. وأشار ممثل الحكومة إلى أن السلطات الفرنسية آنذاك فرضت حظر التجول وعزلت الجزائريين في محاشر تنعدم فيها شروط الحياة وجندت القانون والقضاء وكل ما من شأنه أن يجعل كل جزائري مدان على هويته، إلا أن ذلك لم يمنع المهاجرين الجزائريين من مجابهة المخططات الفرنسية، وأساليبها الرامية لخنق الثورة، مضيفا '' إن ما خاضه المهاجرون الجزائريون من كفاح كان نعم السند وكان الحلقة التي لا بد منها لإنجاز الحسم القاطع في معركة التحرير على أرض الميدان". كما اعتبر ممثل الحكومة أن يوم الهجرة سيظل يوما للشرف، والكرامة والتحدي الذي أوصلته الجثث المكدسة إلى الضمير الإنساني وإلى المنظمات الدولية فحملتها على التعاطف مع الشعب الجزائري في محنته ومقاومته إلى أن حقق ذلك النصر المبين بفضل الله وبفضل صمود الشعب الجزائري، وإيمانه بعدالة قضيته. من جهة أخرى ذكّر وزير المجاهدين وذوي الحقوق أنه تخليدا لهذه الذكرى، أقر رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون خلال السنة الماضية الوقوف دقيقة صمت في مثل هذا اليوم من كل سنة ترحما على أرواح الشهداء ضحايا تلك المجزرة المروعة ووفاء لذاكرتنا المجيدة وتخليدا لتضحياتهم في سبيل استعادة الحرية والاستقلال. ودعا ربيقة أبناء الجزائر إلى ضرورة التمكن من المعارف التاريخية المتعلقة بماضي ملاحم أمجادهم ومفاخر سلفهم لتعزيز ارتباطهم بوطنهم وتمتين التواصل مع ذاكرتهم المجيدة لتظل الجزائر شامخة حرة أبية تفتخر بتاريخها وحاضرها ومستقبلها الذي يتم رسم معالمه اليوم بحكمة وبصيرة في كنف الجزائر الجديدة بقيادة رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون انطلاقا من مراحل التجديد الوطني، وتعزيز عودة بلادنا لمكانتها اللائقة في محفل الأمم واسترجاع دورها الريادي في خدمة السلم والأمن في العالم ضمن إطار الاحترام المتبادل والتعاون والتكامل مع الشعوب التي نتقاسم وإياها مراجع عدة في محيطنا الإقليمي والدولي. وأضاف الوزير بأن ''الجزائر ظلت وفية لمبادئها المستمدة من ثورتها المظفرة ومن بيان أول نوفمبر 1954 من حيث مؤازرة الشعوب الشقيقة التي تكافح وتناضل من أجل التحاقها بركب الشعوب المستقلة والتضامن مع كل القضايا العادلة في العالم، وحيا بهذه المناسبة الجيش الشعبي الوطني سليل جيش التحرير الوطني، حامل لواء النجاحات والانتصارات في كل معارك الأمة من أجل حماية أمنها واستقرارها وسيادتها، كما نوه بالدور الذي تقوم به كافة قوات الأمن في السهر على أمن الوطن والمواطن. وتم في ختام هذه الندوة التاريخية تكريم عدد من المجاهدين من طرف وزير المجاهدين ومستشار رئيس الجمهورية وعدد من أعضاء الحكومة وذلك اعترافا بتضحياتهم وجهودهم في معركة التحرير الوطني.