قسنطينة تحتفي بمائوية تدشين سيدي راشد و سيدي مسيد تحتفي مدينة الجسور المعلقة قسنطينة المتطلعة لترك بصمتها الخاصة على ثامن جسر عملاق بها في القرن الواحد و العشرين، بمائوية تأسيس أكبر و أعرق جسرين بها، سيدي راشد و سيدي مسيد المدشنين يوم 19أفريل 1912. المناسبة حملت النصر إلى التفتيش في ذاكرة المدينة و ألبومات صورها القديمة لاستعادة أهم محطات تشييد هذين المعلمين منبع فخر سيرتا التي وجدت في الجسور أفضل حل لتطويع قساوة طبيعتها و الجمع بين صخرتيها التي شقها أخدود وادي الرمال العميق. جسور قسنطينة التي كانت و لا زالت مثار إعجاب و إلهام الكثيرين في مجال الأدب و الفن التشكيلي و الغناء نذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر الرسام الفرنسي الأصل الجزائري المولد «بول جوبير» الذي كما ترك بصمته المميّزة على سقوف بلدية قسنطينة بلوحاته الرائعة التي حوّلت المكان إلى بستان من الورود، ترك من اللوحات ما يخلّد جسور المدينة التي اختارها أن تكون مرقده الأبدي يوم 24مارس. و نفس الولع و الحب لمدينة الجسور المعلقة حمله الرسام بيير ليباج الذي برز جسر سيدي راشد في إحدى لوحاته الخالدة، بالإضافة إلى ميشال فورنيل و بيير جوزلان فضلا عن الكثير من الفنانين الجزائريين الذين خصوا جسور قسنطينة بالاهتمام و منحوها حيّزا كبيرا في مجموعاتهم كالفنان بشير بوشريحة و بشيري خوجة، و آسيا بوقرة...و غيرهم. كما برزت الجسور بأغلب أغلفة الكتب المؤلفة عن قسنطينة قديما أو حديثا باعتبارها أهم معالم المدينة ، و من تلك المؤلفات «من سيرتا إلى قسنطينة»، «ذكريات من هناك ، قسنطينة و القسنطينيين» لمؤلفته إيليزابيت فيشنير، «ذاكرة الكلمات» و « قليل من الشمس في الظل»لجيزيل كلوزيل. و رغم ما كتب و أبدع عن جسور قسنطينة لا زال البعض يجهلون الكثير عنها و عن مصمميها كسد سيدي مسيد المحتفظ ببصمة أشهر مهندس و مصمم الجسور المعدنية المعلقة بأوروبا الفرنسي «فاردينون آرنودان» ( -1845 1924) الذي خلدته فرنسا في طوابع بريدية كما تحصل على الكثير من الأوسمة عن مجمل إنجازاته المهمة في مختلف الدول و بأوروبا بشكل خاص. و تم تجسيد المشروع من قبل شركة وايت. و يعتبر جسر سيدي مسيد أعلى جسور المدينة و بالقارة الإفريقية أيضا، حيث يقدر ارتفاعه ب175م وطوله 164م، و يزيد عرضه عن ال5.50م، و يتحمل طاقة استيعاب تصل ال17طنا. و فرض فكرة إنشائه المستشفى الجامعي الذي افتتح أبوابه للمرضى عام 1876، حيث كان المتوجهين إليه يضطرون لسلك الطريق الطويل من جهة جسر القنطرة، مما دفع السلطات حينها إلى التفكير في استغلال و استثمار قساوة الطبيعة و تطويعها لصالح السكان، فكان مشروع إطلاق جسر يجمع شعاب الصخرتين، و خصص له آنذاك غلاف مالي يزيد عن 500000فرنك فرنسي. و استفاد سكان المدينة من جسر على شكيلة الجسور الغربية القائمة على كوابل فولاذية ضخمة تتدلى من فوق برجين من الكتل الحجرية عكس الجسور القديمة التي كانت أغلبها جسورا صخرية أو حجرية مثلما ه شأن جسر سيدي راشد الذي تم بناءه بين سنتي 1908و1912 من قبل المهندس أوبان إيرود بمساعدة بول سيجورني الذي قام بمخطط الاقواس و أكمل بناء الجسر الذي يطل هو الآخر على وادي الرمال و يربط وسط المدينة بمحطة القطار. و كان جسر سيدي راشد آخر إنجاز ميداني للمهندس أوبان إيرود قبل اختياره مجال التعليم بجامعة أوكسفورد. و صنّف سيدي راشد قديما كأكبر جسر في أوروبا من حيث التصنيف العمراني، لطوله الذي يصل إلى 447م و أقواسه ال25التي ستوسطها قوسا كبيرا بقطر 70مترا و علو105م. و قد عانت هذه التحفة الفنية الكثير من المشاكل بسبب انزلاق التربة، حيث خضع لأول ترميم له عام 1946، و لا زال حتى اليوم مفتوحا لأشغال ترميم متكررة. و عكس سيدي راشد الصلب يشعر العابر على جسر سيدي مسيد خاصة عندما تهب الرياح بالدوار و الخوف لتحركه، و مع هذا يبقى من أكثر الجسور تسجيلا لهواة تصوير المناظر الطبيعية الخلابة الذين يستغلون علوه الباهر لالتقاط صور بانورامية عن قسنطينة الآسرة باعتباره شرفة تطل على أجمل معالم قسنطينة كالكونيش و الرمال و الحامة و نصب الأموات»مونيمون مور»...و غيرها من اللوحات الطبيعية المثيرة للإعجاب. مريم/ب فيما غابت القصبة والتهوال والوعدة زردة أولاد سلطان تعود ب"النفقة" لجمع الأهل وتوزيع اللحم على العائلات أعاد دوار أولاد سلطان نهار أمس الأول إحياء تقليد الزردة التي تنسب إلى عرشهم و احتضنها دوار النكاكعة عند بئر بوعطية في بلدية عين عبيد ولاية قسنطينة وذلك بإقامة «النفقة" فيما غابت مظاهر وطقوس كانت سائدة من قبل منها الحرج والقصبة والبندير والتهوال والوعدة ، بعيدا عن الشعوذة والدجل وهو ما وقفنا عليه. «مقدم الزردة «وشيخها (ق/ميلود) باعتباره وارث ذلك عن أبيه وكبير البيت الذي كان يحتضن طقوسها ، قال للنصر أن الهدف من العودة إلي إحياء هذا التقليد عند بئر بوعطية هو بنية جمع الأهل والأقارب والأحباب بعد أن فرقت هموم الحياة ومشاغلها بينهم ، ولم يعودوا يلتقون ونسي بعضهم البعض ، فتكون الزردة فرصة لتجديد أواصر التعارف وإعادة اللحمة بين أهل العرش دون أن تكون هناك أهداف أخرى . وقد اشترك أبناء العرش في جمع تكاليف «النفقة «من معظم البلديات الجنوبية للولاية بما فيها عاصمتها بعد أن علموا بالعودة إلي هذا التقليد الذي قال عنه أنهم ورثوه عن الأجداد دون نية تقديس المكان الذي تقام فيه ، ولكن بنية توزيع اللحم على العائلات التي لم يعد باستطاعتها شراءه ، لأن النفقة حسب مفهومه جمع مبلغ من المال من المساهمين يتم توجيهه لشراء عجل أو أكثر وتقسيمه بينهم على أن يكون هناك نصيب لغير القادرين علي الاشتراك فيها . لتقوم كل عائلة بتحضير طبق الشخشوخة أو الثريد أو الكسكسى في بيتها بدل الطبخ الجماعي سابقا في بيت الشيخ ، والذي كانت تعقبه الحضرة والقصبة والبندير والتهوال وتقدم فيها الوعدات والتي كان يدعى لها بعض مشايخ الطرق الصوفية للزوايا للحضور فقط دون المشاركة فيها. وحسب ذات المتحدث فإن مظهرا آخر للزردة قد اختفي ويتمثل في زيارة جد العرش المسمى «بوترعة" المدفون في منطقة «سبعة مزاير" المتواجدة في بلدية عين تراب ولاية قالمة ، وذلك بتوجيه ركب كبير من الرجال والنساء انطلاقا من المكان الذي تجري فيه النفقة اليوم ، يتقدمه ثور ضخم «يبخرون له" حسب محدثنا الذي أكد لنا أنه حضر هذا الركب سابقا ، ورأى الثور يتوجه مباشرة إلى المكان المقصود في عين تراب ، وبمجرد وصوله يمد رقبته للنحر ، فيقام حفل آخر في مرقد الجد الذي توفي فيه قديما ، ويقضون ليلهم عنده وقد قاموا بتحضير الطعام لكل الوافدين بما فيهم أبناء المنطقة ، وتقام ليلا «زردة أخرى" بكل تفصيلها ليعود الركب صباحا من حيث أتى على أمل العودة السنة القادمة.وهي مظاهر اختفت مع الزمن بما فيها من وعدة وتعليق للإعلام وطقوس أخرى. شيخ الزردة أوضح وأكد أن هدف النفقة إدخال الفرحة للعائلات دون اعتقاد بأن من مات يقضي حاجة أحفاده الذين يدعون له بالرحمة والمغفرة وهي أخر خطوة في هذه العادة بعد قراءة الفاتحة. وللإشارة يتم التحضير لها بأسابيع يجمع خلالها ثمن عجل أو أكثر حسب عدد المساهمين فيها ويتكفل بذلك الشيخ وبعض مساعديه ثم يتوجهون إلي سوق الخروب لاقتناء العجلين ويتم ذبحهما صباحا ويوزع اللحم قسمات في شكل أكداس من كل أجزاء الجزرة ويوزع بالقرعة في حضور حشد كبير ، يأتون لمشاهدة تلك اللحظات التي يتخللها ضحك ولعب ولهو بريء وهم يتناولون وجبة «العيش « في قصعة كبيرة اعتاد حميد القريب بيته من مكان إقامة الزردة تقديها للحضور . حسب الباحثة المختصة في الانتربولوجيا ممي دليلة الحضرة كانت منتشرة كثيرا قبل وأثناء الفترة الاستعمارية وفي اتصال بالباحثة ممي دليلة في المركز الوطني للبحوث في عصور ما قبل التاريخ وعلم الإنسان والتاريخ مركز عين مليلة وأستاذة الانتربولوجيا بجامعة خنشلة قالت بأن الاحتفال يفسر من منظور المختصين على أنه يحمل عدة رسائل موجهة ، ولذلك فإن المحتفلين في مثل هذه الظاهرة يعبرون عن وحدة اجتماعية أكثر من تجمع عادي ، ليبين المحتفلون أنهم مجتمعا أكثر من مجموعة باستعمال عدة أشياء منها الكلمة والغناء والدعاء وحتى الصمت. وحسب رأي الباحثة المختصة في الانتربولوجيا ، فالظاهرة المعروفة بالحضرة كانت منتشرة كثيرا قبل وأثناء الفترة الاستعمارية نظرا للمستوى الثقافي في تلك الفترة ، حيث تقام احتفالية «بوغنجة «مثلا من أجل طلب الماء في أوقات الجفاف كما تزار الأضرحة من أجل طلب الرزق والماء والولد ، وكل ما يحتاج إليه الإنسان يطلبه من الأولياء ويتخذ كل وسيلة من أجل الحصول علي مراده ، ومع الوعي والمستوي الثقافي الذي عرفته البلاد انحسرت الظاهرة في العديد من المناطق ، غير أنها لازالت موجودة وفاعلة ، حيث عادت بتنظيم محكم وتحت لواء الجمعيات الثقافية باسم جديد وهو"التظاهرة" لقد أصبحت الظاهرة تواكب التطور التكنولوجي ولا يستغرب مستقبلا إذا اجتمع زوار الأضرحة والمحتفلين بالحضرة عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي"الفيس بوك".لتبقى الظاهرة التي عادت بقوة بعد تخليها عن بعض المظاهر و الطقوس التي تتنافى والشريعة الإسلامية إلى دراسة وبحث وتنقيب في أسباب عودتها تحت أسماء عديدة وبصفة قانونية تحت غطاء الجمعيات كما هو الشأن لأكبر مؤطر للظاهرة وهو الزوي التي انخرط فيها وقادها مثقفون ورجال فكر وأصبحت تحظى الفعاليات التي تقيمها بالتغطية الإعلامية بأثقل وسيلة التلفزيون .