بونة تسحر قادة الكاف والجمهور يُبهر موتسيبي نجحت مدينة عنابة أول أمس، في كسب الرهان وذلك بانتزاعها تقدير واحترام طاقم الكاف برئاسة باتريس موتسيبي، الذي انبهر بالأجواء الخرافية التي صنعها الجمهور في المدرجات، بملعب كان في وقت ليس ببعيد محل تحفظات كثيرة من طرف الاتحاد الإفريقي، وكان على عتبة الشطب من قائمة الملاعب التي ستحتضن الطبعة السابعة من بطولة إفريقيا للأمم، لكن وما أن دقت ساعة الحقيقة حتى تبددت المخاوف، وتحوّلت بين عشية وضحاها إلى إشادة وتنويه، وقد زاد الإقبال الجماهيري القياسي في جمالية المنظر. روبوتاج: صالح فرطاس افتتاح لقاءات المجموعة الثانية من هذه النسخة من "الشان" كان فرصة مواتية للجمهور الرياضي بولاية عنابة، وحتى من ولايات مجاورة خاصة الطارف، قالمة، سوق أهراس وسكيكدة لتسجيل الحضور بقوة، ومتابعة فعاليات هذا العرس الكروي القاري عن كثب، لتكون نتيجة ذلك توافد قرابة 35 ألف متفرج على المدرجات، في سهرة كروية بتوابل إفريقية وهو ما أبهر المتتبعين، خاصة لجان الكاف وكذا الإعلام في مختلف دول القارة السمراء، لأن الأمر يمكن اعتباره سابقة في تاريخ هذه المنافسة، بتسجيل الحضور الجماهيري بشكل كبير، في مقابلة لم يكن منتخب البلد المضيف أحد طرفيها، بصرف النظر عن كون المنافسة هي دورة "الشان"، و"الكاف" اعتادت على تسجيل عزوف جماهيري عن متابعة المباريات حتى في بعض دورات "الكان"، وما حدث في دورة "الكاميرون 2021" يبقى آخر نموذج يمكن الاستدلال به لتجسيد هذا الطرح. ما عاشته عنابة أول أمس، يبقى حدثا تاريخيا في سجل دورات "الشان"، لأن التوافد بكثرة على المدرجات كان منذ المقابلة الأولى، التي جمعت المنتخب الأوغندي بنظيره لجمهورية الكونغو الديمقراطية، وهي المواجهة الافتتاحية للفوج الثاني، وقد جرت مرحلتها الثانية تحت أنظار رئيس الاتحاد الإفريقي موتسيبي، وكذا العديد من أعضاء لجان الكاف، مما جعل المسؤول الأول على أعلى هيئة كروية في القارة السمراء يقف على جدية الأشغال التي أنجزت على مستوى ملعب 19 ماي 1956 في ظرف قياسي، خاصة وأن الاتحاد الإفريقي كان في شهر أكتوبر الفارط قد أعرب عن نواياه الجادة في تجريد "بونة" من شرف استضافة إحدى مجموعات هذه التظاهرة، على خلفية التحفظات التي كانت مسجلة بشأن الملعب، والتخوف الكبير من عدم القدرة على انتهاء أشغال تهيئته في الآجال المحددة، إلا أن عنابة وبناء على الضمانات التي كان رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، قد قدمها تمكنت من الاحتفاظ بشرف تنظيم "الشان"، مع تفعيل وتيرة الأشغال، وإعطائها ريتما أسرع، ليكون الرد الميداني عبارة عن "رسالة" واضحة المضمون، لأن "المستحيل ليس جزائريا"، وأن الإرادة تكفي لرفع التحدي، خاصة عندما يتعلق الأمر بصورة الجزائر على الصعيدين القاري والعالمي، في وجود وعود وضمانات من الرئيس تبون. صور المدرجات ضاهت متعة المستطيل الأخضر واللافت للانتباه أن أجواء ملعب 19 ماي سهرة أول أمس كانت "خرافية"، لأن من قصدوا المدرجات لم يكونوا عبارة عن متفرجين فقط، بل شجعوا وناصروا، وصنعوا فرجة كبيرة في المدرجات، سيما في المقابلة الثانية، التي جمعت المنتخبين الإيفواري والسنغالي، حيث كانت المتعة فوق المستطيل الأخضر وكذا في المدرجات، تحت الأضواء الكاشفة، ولو أن الجمهور العنابي اعتاد على صنع مثل هذا الأجواء في مباريات فريق مدينة "الاتحاد" في مشوار بطولة الرابطة الثانية، والكل يتذكر الأجواء الخيالية التي عايشها المركب يوم 04 ماي 2018، عند نجاح "الطلبة" في العودة إلى الرابطة الثانية، لكن استعادت "النكهة" الإفريقية كان وراء تجاوب الجماهير مع منافسة "الشان". وفي ذات الصدد فإن تزامن جولة رفع الستار لهذه البطولة مع افتتاح ملعب 19 ماي رسميا بحلته الجديدة ساهم بشكل كبير في زيادة درجة الاستقطاب الجماهيري، والأصداء التي سبقت هذه التظاهرة كانت كلها قد صبت في خانة وقف الملعب بتحفة "عالمية"، بعد أشغال التجديد التي خضع لها بمقاييس وموافقات مستنسخة من ملاعب في بلدان أوروبية، إضافة إلى الاعتماد على تجربة العشب الهجين بين الاصطناعي والطبيعي لأول مرة في الجزائر، وهي عوامل كان لها دور بازر في جلب اهتمام الجمهور، لأن الرغبة الكبيرة في اكتشاف الملعب بحلته الجديدة دفع بالكثير إلى التوافد على المدرجات، دون التقليل من قيمة المنافسة، لأن المجموعة الثانية التي تنشط على مستوى مدينة عنابة تتشكل من منتخبات بارزة في الساحة القارية، وحتى العالمية، مادام الأمر يتعلق بمدرستي السنغال وكوت ديفوار، المشتهرتين بالتكوين والعمل القاعدي، وكذا منتخب جمهورية الكونغو الديمقراطية، الذي يبقى من أكبر المرشحين للتنافس على التاج الإفريقي، لأنه يعتمد في تركيبته على نواة تتشكل من عناصر "مزيج" بين أندية تي بي مازامبي، فيتا كلوب وموتيما بيمبي، والتي تصنع الحدث في منافسات الأندية على الصعيد الإفريقي، فضلا عن منتخب أوغندا، الذي كان على الورق الحلقة الأضعف لهذه المجموعة، إلا أنه يعد من الزبائن التقليديين، باعتبار أنه يسجل سادس مشاركة له في هذه الدورة، لتكون هذه المعطيات كافية لتمكين "بونة" من استعادة ذكريات دورة "كان 1990"، لما استضافت الفوج الثاني، بتركيبة ضمت منتخبات الكاميرون، زامبيا، السنغال وكينيا، ولو أن الأجواء التي شهدتها المدرجات سهرة أول أمس كانت رائعة جدا، لأن "لاهولا" حضرت بقوة، والتفاعل مع اللقطات كان كبيرا، وكأن الأمر كان يخص مباراة لاتحاد عنابة أو المنتخب الوطني، وهذا في وجود العشرات من أنصار كوت ديفوار، وقرابة 100 مشجع سنغالي، بحضور ممثلين عن الإعلام الأجبني. زفيزف : الإقبال الجماهيري فاجأ موتسيبي وإطارات الكاف أكد رئيس الفاف جهيد زفيزف في تصريح أدلى به للإعلاميين على هامش مباراة منتخب السنغال وكوت ديفوار بأن رئيس الكاف موتسيبي لم يخف انبهاره من الأجواء التي شاهدها بمدرجات ملعب 19 ماي. وأشار زفيزف في تصريحه إلى أن الإقبال الجماهيري القياسي على المدرجات لم يكن متوقعا وفاجأ طاقم الكاف، خاصة في ظل التجاوب الكبير مع اللقطات، الأمر الذي جعله يبدي تفاؤله بكسب المزيد من النقاط في السباق على نيل شرف تنظيم دورة "كان 2025"، لما أوضح بأن منافسة "الشان" انطلقت وقد تم تجاوز محطتها بالنسبة للجزائر، والتفكير حسبه " يبقى مرتكزا على ما بعد هذه التظاهرة، تحسبا لاستحقاقات أخرى". والي عنابة بريمي : الجزائريون يحتضنون المنافسات الرياضية بعفوية اعتبر والي عنابة جمال الدين بريمي الأجواء التي عاشها ملعب 19 ماي بمثابة مؤشر ميداني على جاهزية "بونة" لاحتضان تظاهرات ومنافسات كروية قارية، خاصة ما يتعلق برهان الجزائر على احتضان "كان 2025"، وأكد بأن الصور التي صنعها الجمهور في لقاء السنغال وكوت ديفوار كانت مميزة واستثنائية، وفاجأت مسؤولي الكاف. وأوضح والي عنابة بأن رئيس الاتحاد الإفريقي باتريس موتسيبي لم يتردد لحظة في إبداء إعجابه الكبير بالملعب والظروف التي تجرى فيها منافسة "الشان"، لكن مفاجأته كانت حسب تصريحه " كبيرة بالإقبال الجماهيري القياسي على المدرجات، وما صنعه المناصرون من لوحات، وهي نقاط يمكن أن تكون إضافية للجزائر، لأننا لا بد أن نتفاءل بحظوظ بلدنا في نيل استضافة كأس أمم إفريقيا في طبعتها المقررة سنة 2025، وهذا بالنظر إلى ما تزخر به الجزائر من هياكل ومرافق رياضية، فضلا عن الإرادة السياسية التي أبدتها السلطات العليا للبلاد في القدرة على احتضان هذا العرس الكروي القاري، دون تجاهل التجاوب الشعبي الكبير مع مثل هذه التظاهرات، لأن الجزائريين يحتضنون المنافسات الرياضية بعفوية كبيرة، والدليل على ذلك دورة ألعاب البحر الأبيض المتوسط في الصائفة الماضية وكذا فعاليات دورة "الشان" الجارية حاليا".