تواصل الجزائر مساعيها الدبلوماسية لمنع التدخل العسكري وإيجاد تسوية سلمية للأزمة في النيجر، وقد نجحت في استبعاد خيار القوة في الوقت الراهن وفسح المجال أمام الحل السياسي، وقد حاز الطرح الذي حمله مبعوث الرئيس تبون إلى ثلاث دول فاعلة في الاكواس لتسوية الأزمة على تأييد من قادة نيجيريا وغانا والبنين، كما قوبلت المبادرة الجزائرية بترحيب كبير من قبل أطياف واسعة من الشعب النيجيري والتي حملت العلم الجزائري خلال احتفالية احتضنها ملعب العاصمة نيامي قبل يومين. لقيت الأفكار التي طرحها الرئيس تبون لتسوية أزمة النيجر، والتي حملها معه وزير الخارجية أحمد عطاف خلال زيارته إلى دول فاعلة في مجموعة «اكواس»، ترحيبا من قبل قادة نيجيريا وغانا وبنين، ونجحت الجزائر من خلال المبادرة في استبعاد الخيار العسكري الذي كان يتهدد النيجر، وتمكنت من رأب الصدع بين دول المنظمة، وأكدت بما لا يدع أي مجال للشك أن حل الأزمة في النيجر يمر حتما عبر الجزائر. ورمت الجزائر، كما فعلت سابقا، بثقلها لحل الأزمة في النيجر، خاصة وإنها ساهمت بالكثير من مساعي الوساطة والمحاولات لتسوية العديد من النزاعات الدولية، مؤكدة معارضتها لأي تدخل عسكري في النيجر منذ يوم حدوث الانقلاب العسكري وذلك تجنبا «للتداعيات الأمنية والإرهابية التي يمكن أن تترتب على المنطقة». وأكد عطاف خلال الزيارة التي قادته إلى منطقة غرب إفريقيا أن لا حل من دون الجزائر، وصرح قائلاً إنه «لن يكون هناك أي حل من دوننا، نحن أوّل المتأثرين بهذه الأزمة». هذا، واعتبر وزير الشؤون الخارجية أن « الحل السلمي من شأنه الحفاظ على المكاسب التي حققها النيجر خلال العقد الماضي، بترسيخ أسس النظام الديمقراطي. وتجنيب هذا البلد الجار والمنطقة بأسرها مخاطر التدخل العسكري». وكشف عطاف، عن التصور الذي تقترحه الجزائر لإخراج النيجر من أزمتها، وقال بأن التصور المقترح يمر بمراحل مختلفة. أولا: «الاحترام الكامل للإطار القانوني الأفريقي الذي يرفض التغييرات غير الدستورية للحكومات». وثانيا: «العودة إلى النظام الدستوري في النيجر». ثم ثالثا: «ضمان المكاسب التي حققها النيجر خلال العقد الماضي في إطار ترسيخ أسس النظام الديمقراطي». كل هذه المراحل إذا تم احترامها «ستجنب النيجر والمنطقة مخاطر التدخل العسكري التي لا يمكن التنبؤ بها والتي يصعب حصر تداعياتها», وتعد مبادرة الجزائر الوحيدة المطروحة على طاولة المفاوضات، حيث تم التركيز منذ البداية على الحل العسكري من قبل دول مجموعة غرب إفريقيا، بدعم فرنسي لاستعمال القوة بغية استبعاد المجلس العسكري من المشهد، وهو الطرح الذي قوبل بالرفض من قبل غالبية الشعب النيجيري وكذا من قبل بعض أعضاء مجموعة اكواس نفسها على غرار مالي وبوركينافاسو، واقترحت الجزائر بديلا عمليا وتفاوضيا يجنب النيجر الصراع العسكري، عرضها الأمين العام لوزارة الشؤون الخارجية، لوناس مقرمان، على السلطة القائمة وشخصيات وطنية في النيجر، بالتوازي مع المهمة التي أداها الوزير عطاف وشرح خلالها أبعاد المسعى الجزائري لكبار المسؤولين في دول "الإيكواس"، هذا المسعى القائم على قناعة أن اللجوء إلى استخدام القوة ما هو إلا عامل تعقيد للأزمات ولن يمكنه أن يكون حلا من الحلول. وخلال تحركاتها، رافعت الدبلوماسية الجزائرية بقوة لصالح التصور الذي قدّمه الرئيس، عبد المجيد تبون، المبني على احترام الإطار القانوني للاتحاد الإفريقي الذي يحظر ويرفض التغييرات غير الدستورية للحكومات، وضرورة العودة إلى النظام الدستوري من جهة، ومن جهة أخرى، تجنّب التدخل العسكري الأجنبي، وذلك بهدف الحفاظ على ما حققه النيجر خلال السنوات الفارطة في مجال الممارسة السياسية وبناء النظام الديمقراطي. وكشفت جولات المشاورات التي أجراها عطاف مع كبار المسؤولين في نيجيريا والبنين وغانا التي كانت أخر محطة ضمن جولته إلى دول غرب إفريقيا، وجود توافق كبيرا على تفضيل الحل السياسي لأزمة النيجر، في انتظار ما ستسفر عنه الاتصالات الجارية على الأرض، بما فيها مع الحكومة في نيجر لبلورة تصور نهائي يفضي إلى استبعاد خطر التدخل العسكري نهائيا.